تواصلت الاشتباكات المتقطعة وغارات التحالف الجوية في مناطق متعددة من محافظة الحديدة غربي اليمن، بالتزامن مع قيام ميليشيا الحوثي بحملات الاختطافات والاعتقالات العشوائية التي لم تشهدها مدينة الحديدة من قبل .وقالت مصادر محلية ان حملة الإختطافات طالت شباباً وشيوخاً ومراهقين خلال مداهمات لأحياء ومنازل بتهمة التعاون مع القوات الشرعية. واضافت المصادر ان الميليشيا تواصل اقتحام المنازل واحتلالها وتفخيخ المباني والأحواش في أحياء وشوارع "7 يوليو والتسعين والربصة". واكدت المصادر ان الحوثيين ، فخخت مدرسة " 22 مايو" وفجرتها في منطقة الجاح. وأعلنت ان مليشيا الحوثي تفجر عشرات البنايات في محافظة الحديدة.
وعلى الرغم من الضغوط الدولية بوقف القتال في محافظة الحديدة، التي تلت زيارة وزير الخارجية البريطاني الى المملكة العربية السعودية والامارت، إلا أن وكالة "رويترز" نقلت عن مسؤولين عسكريين في التحالف العربي، ان الحكومة الشرعية نفت صحة تلك الانباء مشيرة الى ان العملية العسكرية ستتواصل خلال الأيام المقبلة، مبينة أن تحرير المدينة يعد هدفاً استراتيجياً وقومياً ووطنياً لحماية اليمن والممرات الدولية من عبث هذه الجماعة الإرهابية.
ونفى محمد عبدالسلام الناطق الرسمي باسم المليشيات الحوثية ، وقف التحالف العربي للمعارك في مدينة الحديدة، لافتا إلى أن ما يجري هو الاستعداد لـ"جولة عنف جديدة".وأرجع توقف القتال في الحديدة، إلى تمكنهم من "التصدي لزحف القوات الحكومية المشتركة"، مشيرا إلى أن "تلاشي القتال بدون إعلان تهدئة جاء نظرا لطبيعة المعركة على الأرض"، مضيفا أن "التحالف العربي يحاول تقديم الموضوع أنه بناء على ضغوط دولية أو إنسانية، وهذا افتراء، فالحقيقة هو الاستعداد لجولة جديدة يحتاج التجهيز لها وقت إضافي كالعادة" كما قال.
وحذّر السفير اليمني لدى بريطانيا ياسين سعيد نعمان، من التراجع عن تحرير مدينة الحديدة، مشيراً إلى أن "الحوثيين رفضوا كل فرص السلام لأن مشروعهم يقوم موضوعياً على الحرب، وهو ما يعني أن السلام الذي يؤمن الاستقرار لهذا البلد يتعارض مع مشروعهم . "
وأضاف في مقال نشره على حسابه في موقع "فيسبوك"، إن "الحوثيين لن يقبلوا بالسلام إلا إذا فُرض عليهم فرضاً"، مشدداً على ضرورة أن "يفرض السلام عليهم ليس من أجلهم ولكن لإنقاذ اليمن".
وقال نعمان: "إن الطريقة الوحيدة لفرض السلام هي النظر إليهم كسفهاء وغير ذي أهلية في تفاوض جاد يقود إلى سلام دائم بعد أن أثبتوا ذلك بالملموس، ولذلك بالطبع تبعاته التي تجعل استجداء السلام من سفيه مسألة غير مجدية". مؤكدا " أن الدبلوماسية الدولية لم تنصف المترددين، في إشارة منه لتردد الحكومة المعترف بها، في حسم المعركة، مضيفا: "بعد كل هذه التضحيات، لا يجب أن تكون النتيجة هي التضحية بالدولة التي ستحملنا نحو المستقبل بأمان كبقية خلق الله".
واستطرد السفير نعمان: "ليس المهم ما تريده، أو ما تلوح به الدبلوماسية الدولية، المهم هو لماذا قاوم شعبنا الانقلاب على مشروع الدولة وقدم تلك التضحيات الضخمة؟".
واعتبر ناشطون يمنيون ايقاف الحكومة الشرعية، لمعركة الحديدة استهانة بدماء اليمنيين التي سفكت منذ انقلاب الحوثيين.
وقال الناشط الانساني اليمني، مسعد محمد ان اليمنيين ينظرون إلى عملية تحرير الحديدة، انها المنقذة لهم، وستكسر ظهر الحوثيين، مشيرا إلى ان "توقف القوات الحكومية، في محافظة الحديدة، فرصة لمليشيا الحوثي الانقلابية لترتيب اوضاعها من جديد، والاستعداد للمعركة المقبلة".
واكد ان مليشيا الحوثي شرعت في التجنيد الإجباري لسكان مدينة الحديدة ، والانتشار وسط الاحياء السكنية واقتحام المنازل، وتفخيخ الطرقات والمؤسسات الحكومية، مؤكدا انه كلما تأخرت القوات الحكومية، في تحرير الحديدة كلما كانت الفاتورة البشرية اكبر، مشيرا الى ان مليشيا الحوثي نفذت، حملة مداهمات طالت عشرات المنازل بعد ان نزح منها اهلها في مختلف الأحياء بمدينة الحديدة غربي البلاد .
ولفت مسعد الى أن مليشيا الحوثي الانقلابية اقتحمت عددا من المنازل في الحي التجاري ومنطقة الكورنيش وأحياء أخرى في مدينة الحديدة وتمركزوا فيها. واوضح ان مليشيا الحوثي الانقلابية قامت بتحويل المنازل الى مقرات وثكنات عسكرية تابعة لها، وحفر الخنادق وإقامة الحواجز وزرع الألغام قرب منازل أخرى.
أما المحلل السياسي اليمني كريم الشرجبي، فقد اكد ان "معركة الحديدة تعد من أهم المعارك الفاصلة في مسار الحركة الحوثية , وأحد ان مسارات الحسم العسكري التي توليها الشرعية أهمية كبرى ايمانا بأهميتها واستراتيجيتها التي ستغير مسار المعادلة وقلب الموازين .
واوضح الشرجبي ل"العرب اليوم"،ان "المليشيات الحوثية تعلم أن الحديدة وميناءها هو بمثابة حبل الوريد لها، وأي تحرير لمينائها هو بمثابة موت قاتل سيزحف إلى مفاصلهم ومناصبهم .
واكد الشرجبي ان انتزاع الحديدة من ميليشيا الحوثي يعني بداية حرامان المليشيات الحوثية من أكثر من 90% من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة التي كان يتم تهريبها عبر ميناء الحديدة , ما يعني توجيه ضربة قاصمة للمليشيات الحوثية وحرمانهم من أهم مصادر التسليح وعناصر البقاء كمليشيات مسلحة. مؤكدا ان تحرير الحديدة، يحرم العصابات الحوثية من مئات المليارات "ضرائب وجمارك وعائدات الميناء بشكل عام".
ولفت إلى ان "الجمع يعلم أن ميناء الحديدة يعد مخزن عُملة صعبة ومصدر سيولة لا يتوقف ولا ينضب , فهو الميناء الذي يمر من خلاله الغالبية العظمى من واردات اليمن وبنسبة تفوق 80% من عمليات الاستيراد، مشيرا إلى ان انتزاع ميناء الحديدة من أيدي الحوثيين يعني القضاء على مئات الأسواق السوداء التي استحدثوها في عموم المحافظات التي ما زالت تحت سيطرتهم , لافتا الى ان الحوثيين حولوا تلك الأسواق إلى أوكار دخل مالي وتجاري يدر عليهم المليارات شهريا, وهي تجارة قصمت ظهور اليمنيين وأحالت حياتهم إلى جحيم.
وأضاف: "كما أن هناك عدة أسباب أخرى ستعمل على حرمان الحوثيين من مصادر الحيوية والبقاء الصمود , وأهمها حرمانهم من المخزون البشري لمحافظة الحديدة التي تعد ثاني محافظة من ناحية عدد السكان ( بعد محافظة تعز) , حيث يقع فيها أكثر من 5400 تجمع سكني ما بين مدينة وقرية ,ناهيك عن عدد من الجزر اليمنية المنتشرة في البحر الأحمر".
وقال ان سكان الحديدة يمثلون ما نسبته (11%) من إجمالي سكان اليمن تقريباً, وهو مخزون بشري كبير فتح شهية الحوثيين لاجبار أهالي هذه المحافظة بالالتحاق وبالقوة والاكراه للقتال في صفوفهم" .
وفي مدينة صنعاء القديمة ، شيع الاهالي جثث اكثر من خمسين قتيلا حوثيا، سقطوا في مدينة الحديدة خلال الايام الماضية، فيما تحولت مزارع العنب في مديرية بني حشيش، التابعة للعاصمة صنعاء الى مقابر للمليشيا الحوثية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر