آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

«ضباب» يخيم على الإعلام التونسي وأهله غاضبون

اليمن اليوم-

اليمن اليوم- «ضباب» يخيم على الإعلام التونسي وأهله غاضبون

الإعلاميين التونسيين
تونس - اليمن اليوم

عندما تسأل التونسيين عن أبرز ما تحقق من مكاسب إثر ثورة 2011، يجمع معظمهم على أن حرية التعبير تمثل المكسب الأساسي الذي خرج به التونسيون من احتجاجات أطاحت بنظام حكم تواصل لمدة فاقت 23 عاماً. غير أن الكثير منهم سيشيرون بالتوازي إلى مآخذ حرية التعبير والصحافة في تونس، من خلال تدخل عدة أطراف، سواء عن طريق المال أو النفوذ السياسي، في المجال الإعلامي. كما أن الممارسين لمهنة الإعلام في تونس يعددون بدورهم العوائق الكثيرة التي تعترض ممارسة هذه المهنة الشاقة، التي تعتبر سلطة رابعة بعد السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، وعليها أن تلعب دوراً أفضل في تعديل ميزان القوى بين مختلف السلطات.

لا يخفي كثير من المتابعين الانزلاقات الكثيرة التي وقع فيها قطاع الصحافة، ومن بينها الإثارة والبحث المضني عن «السبق الصحافي» بطرق قد تخالف ميثاق شرف المهنة، وتتعارض مع مبدأ احترام الكرامة البشرية.

ويربط المتابعون للمشهد السياسي التونسي بين التدرج في تنفيذ المسار الديمقراطي وتنفيذ مبدأ حرية الإعلام والصحافة، ومن غير المنطقي - على حد تعبيرهم - الحديث عن مناخ ديمقراطي في ظل صحافة الرأي الواحد، والرأي الذي يخدم من ساقه في الركاب.

وتصرح القيادات السياسية المشاركة في الائتلاف الحاكم، وتتعهد في أكثر من مناسبة بـ«دعم قطاع الإعلام ومرافقته»، وتعتبر أنّ «حرية القطاع تعد مكسباً لا يمكن التراجع عنه».

وفي مقابل هذه التعهدات، انتقدت نقابة الصحافيين التونسيين أداء الحكومة تجاه قطاع الصحافة، وأكدت أن الحكومة «قدمت كثير الالتزامات للقطاع، لكنها بقيت حبراً على ورق»، وخالفت تعهداتها في مسألة إنقاذ الصحافة المكتوبة، التي تعاني من أزمة عميقة نتيجة تغير المشهد الإعلامي، وتكاثر وسائل الإعلام المنافسة.

ولم تفِ الحكومة التونسية بتعهد سابق يقضي بإحداث «صندوق لدعم الصحافة المكتوبة»، باعتمادات مالية لا تزيد على 5 ملايين دينار تونسي (نحو مليوني دولار أميركي)، واتهمت نقابة الصحافيين التونسيين الحكومة بعدم الاستجابة لمقترح اقتطاع نسبة من الإشهار العمومي لدعم موارد هذا الصندوق، ومن ثم توفير الدعم المالي للصحافة المكتوبة التي تعاني من مشكلات مالية وهيكلية عويصة.

وفي هذا الشأن، يؤكد ناجي البغوري، نقيب الصحافيين التونسيين، لـ«الشرق الأوسط» وجود مخاوف حقيقية من الردة التي تهدد قطاع الصحافة، ويرى أن مكونات المشهد السياسي التونسي، من أحزاب سياسية مشاركة في الحكم أو في المعارضة، لم تهضم بعد «مبدأ حرية الصحافة»، ولا تطري عليها إلا عندما تخدم مصالحها، وتشيد بإنجازاتها ومواقفها. أما إذا تعرضت الصحافة لأي طرف بالتقييم الموضوعي، على قاعدة «الخبر مقدس والتعليق حر»، فإن مختلف المساوئ ستصب على من تجرأ وأعلن رأيه بكل صراحة.

وفي تقييمه لوضع الصحافة التونسية، أفاد البغوري بأنها ما زالت في حاجة ملحة لعدد من القوانين والتشريعات المنظمة للمهنة، لحمايتها من مختلف التهديدات التي تتربص بها، وأكد أن نقابة الصحافيين تدعم على مدى وجودها جودة المنتج الإعلامي، وتعدد القراءات والمواقف والآراء، فهي الكفيلة بضمان مشهد إعلامي متطور بالفعل.

كانت تونس قد احتلت المرتبة 97 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة لعام 2018، الذي أعدته منظمة «اليونيسكو»، وهي المرتبة ذاتها التي احتلتها خلال السنة الماضية.

ويعاني قطاع الصحافة في تونس من هشاشة الوضعيات المهنية. وخلال الفترة الزمنية الممتدة بين 3 مايو 2017، والتاريخ نفسه من السنة الحالية، سجلت نقابة الصحافيين التونسيين نحو 200 حالة طرد تعسفي للصحافيين من مواقع عملهم، كما أن أجور أكثر العاملين في قطاع الصحافة ما زالت ضعيفة، مقارنة بالأجور التي يتقاضها العاملون في بقية السلطات الثلاث. وللتأكيد على صعوبة وضع الصحافة التونسية خلال هذه الفترة، عقدت النقابة خلال السنة الماضية ما لا يقل عن 120 جلسة تفاوض في مؤسسات إعلامية عمومية وخاصة، تتعلق في معظمها بوضعيات مهنية، وعدم توفر ضمانات قانونية كافية للعاملين في قطاع الصحافة.

ويصطدم قطاع الصحافة بمشكل النفاذ إلى المعلومة، فهي مصدر الخبر والمشكلة لأهم مكوناته. وفي ظروف كالتي تعيشها تونس، من عدم استقرار سياسي كامل وتوفر الأمن، في ظل هجمات إرهابية تطل برأسها من فترة إلى أخرى، فإن الاصطدام بالمؤسستين الأمنية والعسكرية يمثل أهم عوائق العمل الصحافي. وفي هذا الشأن، قال محمود الذوادي، رئيس مركز حرية الصحافة (مركز مستقل)، إن المؤسسات الأمنية والعسكرية هي الأقل تجاوباً عند طلب الحصول على المعلومات، على الرغم من التحسن الكبير المسجل على مدى السنوات الماضية.

وقدم الذوادي نتائج دراسة أجراها المركز حول «محاذير وجود التعاطي مع المعلومة الحساسة والسرية في الإعلام التونسي»، فأكد على أن المؤسسة الأمنية تعد الأقل تجاوباً بنسبة 36 في المائة، تليها المؤسسة العسكرية بنسبة 32 في المائة.

وفي هذا الشأن، قال الذوادي لـ«الشرق الأوسط»: «لقد اتضح أننا في حاجة لفتح نقاش عام حول مصطلحي (المعلومة الحساسة) و(المعلومة السرية) التي لا تتعلق بالأمن والدفاع فحسب، بل يمكن أن تشمل العلاقات الخارجية للدولة والمجالات الاقتصادية المتنوعة».

وأشار الذوادي إلى وجود ضبابية وفراغ قانوني واضح بكل ما يعلق بـ«محاذير حماية الأمن القومي»، وعبر عن خشيته من تأثير هذا الوضع على حرية التعبير وانسياب المعلومات، وتواصل التهديدات والتحديات التي لم تنقطع على حد تعبيره، وظلت تتغذى من التقلبات السياسية والأمنية التي تعرفها تونس.

وللحد من «شراهة» القطاع الصحافي في تعامله مع المعلومات، سنت السلطات التونسية عدة مناشير داخلية، تحظر نشر المعطيات الإدارية أو تسريبها إلى الإعلام، من قبل أعوان القطاع العام في الوزارات والدواوين الحكومية، وهو ما سيضيق الخناق على القطاع الإعلامي، الذي قد يجد الأبواب موصدة في وجهه.

ومثلما يطالب الأمنيون والعسكريون بقانون لزجر الاعتداءات ضدهم، فإن العاملين في قطاع الإعلام يدعون إلى مدونة سلوك تنظم العلاقات بين الصحافيين والقوات الحاملة للسلاح، التي غالباً ما تنقل الأحداث من المواقع نفسها، سواء خلال الاحتجاجات الاجتماعية أو خلال تغطية الأحداث المرتبطة بالإرهاب. وتتخوف الهياكل النقابية المهتمة بواقع الصحافة التونسية من إمكانية حد مشروع قانون زجر الاعتداءات ضد الأمنيين والعسكريين من حرية تحرك الصحافيين وتغطية الأحداث، تحت ذريعة مقاومة الإرهاب، والمحافظة على أسرار الدولة، وحفظ النظام العام.

ونجحت الهياكل المهنية في ربح المعركة الأولى من أجل سن قانون يسمح بالنفاذ إلى المعلومات، ويستجيب للمعايير الدولية، واضطرت الحكومة إلى حذف مجموعة من الاستثناءات، لتتم المصادقة على هذا القانون في شهر مارس 2016. وكانت هذه المحطة مسبوقة بجدل حاد حول مشروع قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال، الذي أدخلت عليه عدة تعديلات تضمن حق الصحافيين في حماية مصادر معلوماتهم عند تناول الملفات المتعلقة بالإرهاب.

وكانت آخر المحطات مشروع القانون الذي تقدمت به نقابة قوات الأمن الداخلي سنة 2015، وهو يتضمن زجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح، وتضمن هذا القانون في بابه الثاني عقوبة تصل إلى السجن لمدة 10 سنوات لمن يكشف عن سر من أسرار الأمن الوطني. وتشمل هذه الأسرار جميع الوثائق والمعلومات والمعطيات المتعلقة بالأمن التونسي، مهما كانت الوسائل المعتمدة لاستعمالها وتداولها. ونجحت النقابات الأمنية في سحب هذا البند القانوني، بعد أن اعتبرته الأخطر في علاقته بالتضييق على حرية التعبير وحرية النفاذ إلى المعلومات.

وحسب المتابعين للمشهد الصحافي بتونس، فإن مختلف هذه الجولات والمحطات يؤكد على الصعوبات التي يعاني منها قطاع الصحافة المكتوبة في تونس، فهو في حاجة أكيدة إلى إعادة هيكلة داخلية، تعيد له النجاعة والمردودية الاقتصادية، ولكن كذلك تعيد الكثير من وسائل الإعلام الخاصة إلى ميثاق شرف المهنة، وضرورة التقيد بالقوانين المنظمة للقطاع. ولا يبدو أن رفع شعار حرية التعبير كاف لضمان تلك الحرية، بل إن الأمر يتطلب سجالاً يومياً مع عدة أطراف مهنية مالية وسياسية وأمنية لضمان هامش الحرية الذي تحقق بعد ثورة 2011.

alyementoday
alyementoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ضباب» يخيم على الإعلام التونسي وأهله غاضبون «ضباب» يخيم على الإعلام التونسي وأهله غاضبون



إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 15:05 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطيب يعلن نيته تحصين الأهلي من سيطرة رجال الأعمال

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 19:02 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

النني .. مدفعجي أرسنال الجديد

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen