كشف مصدر يمني مطلع على وجهة النظر البريطانية حيال اليمن أن لندن تسعى إلى الاستحواذ على الملف المرتبط بهذا البلد وذلك انطلاقا من تسوية لقضية ميناء الحديدة.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن هذه التسوية تستند إلى خروج الحوثيين من الميناء ووقف تهديدهم للملاحة في البحر الأحمر من جهة، ومن دون أن يعني ذلك حرمانهم الكامل من عائدات مصدرها الحديدة من جهة أخرى.
وذكر المصدر أن كلام مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث يعبّر بشكل عام عن مثل هذا التوجّه البريطاني. ويصبّ هذا التوجّه في جعل بريطانيا تمسك بخيوط التسوية المتعلقة بالحديدة بما يسمح لها بإيجاد موقع ثابت لها في البحر الأحمر وقرب باب المندب.
وأشار إلى أن بريطانيا تسعى للعودة إلى منطقة غادرتها في العام 1967 لدى خروجها من عدن.
وقال إن بريطانيا تدرك حاليا أنّ ليس في استطاعتها العودة إلى ميناء عدن الذي كان في مرحلة معيّنة، بسبب موقعه الاستراتيجي وعمق مياهه، أحد أهمّ الموانئ العالمية.
ومن بين الأسباب التي تحول دون العودة البريطانية إلى عدن الوضع غير المستقر في المدينة والمناطق المحيطة بها.
وأكّد أن البريطانيين يستعينون بغريفيث لتنفيذ سياسة تقوم على إحلال الحديدة مكان عدن وذلك تمهيدا لدور بريطاني جديد في منطقة الخليج. لكن المصدر اليمني أكّد أيضا أن المشكلة التي تواجه بريطانيا هذه الأيّام تكمن في الحاجة إلى من يموّل وجودها المستقبلي في الحديدة في إطار خطة دولية لحماية الملاحة في البحر الأحمر والسفن التي تدخله عبر باب المندب.
واعتبرت مصادر خليجية فرصة البريطانيين ضعيفة في العودة إلى اليمن نتيجة أن التحالف العربي يمسك الملف بقوة ولن يسمح لأحد بأن يتدخل بنوايا مصلحية ضيقة.
وبدا واضحا أن المبادرة التي عرضها غريفيث الخميس أمام مجلس الأمن تعيد المفاوضات إلى نقطة الصفر، وتقفز على جهود المبعوثين الأمميين السابقين جمال بن عمر وإسماعيل ولد الشيخ أحمد، وتطلق حوارا جديدا دون ضمانات أو ضوابط.
استرالتيجية الميناء تثير مطامع بريطانيا
وقال متابعون للشأن اليمني إن مبادرة غريفيث تساوي بين طرفي الأزمة وكأن الصراع بين بلدين متجاورين وليس بين حكومة معترف بها دوليا، وميليشيات سيطرت على الحكم بقوة السلاح وترتبط بإيران، المتهمة دوليا بتهديد الأمن في الشرق الأوسط، لافتين إلى أن التشخيص المبني على مقاربة مغلوطة ينتهي دائما إلى نتائج مغايرة للمأمول.
ولاحظ هؤلاء أن المبادرة التي قدمها المبعوث الدولي تركت أهم ملف تشد إليه الأنظار اليمنية والدولية معلقا، وهو ملف الحديدة، متجاوزا فكرة استلام الأمم المتحدة مهمة الإشراف على ميناء المدينة لضمان دخول المساعدات، فضلا عن تأمين حركة الملاحة الدولية.
ولفت غريفيث إلى أنه رغم عدم توفّر أرضية اتفاق حول محافظة الحديدة، إلا أن فجوة الخلاف تم تضييقها دون تقديم توضيحات.
وأضاف المبعوث الأممي في إفادته أمام مجلس الأمن “لا تتوفر أرضية اتفاق حول الحديدة ولكن فجوة الخلاف تم تضييقها، ودعا مجلس الأمن إلى دعم جهود خفض التصعيد واستئناف العملية السياسية”.
ومن شأن هذا الغموض في المبادرة أن يعطي رسالة طمأنة للحوثيين بالاستمرار في سياسة احتكار الميناء وما يتبعه من تهديد لأمن الملاحة، فضلا عن استمرار تدفق الأسلحة الإيرانية إلى الجماعة المتمردة بدلا من التضييق عليها لدفعها إلى الجلوس إلى طاولة التفاوض.
ويعتقد مراقبون أن هذا الموقف لن يرضي دول التحالف العربي التي تتمسك بتحييد الميناء ومنع المتمردين من السيطرة عليه، وهو ما يعني اضطرار التحالف والقوات اليمنية إلى الاستمرار في الحسم العسكري. كما أنه لن يرضي دولا مثل الولايات المتحدة التي تسعى لتأمين الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وأن تقبل بترك ميناء استراتيجي بيد الجماعة المتمردة وكأنها تمكن إيران من نقطة قوة لمواجهة الضغوط الدولية المتزايدة عليها، وآخرها دعوات جديدة لتشكيل تحالف دولي للحفاظ على أمن المضائق المائية في البحر الأحمر ومضيق هرمز.
وقال غريفيث أمام مجلس الأمن الدولي إن “هذه المشاورات ستوفّر الفرصة للأطراف لمناقشة إطار عمل للتفاوض، والإجراءات المتصلة ببناء الثقة وخطط محددة لتحريك العملية قدما”.
وتوقفّت المحادثات السياسية التي رعتها الأمم المتحدة حول اليمن في العام 2016.
وذكر المبعوث الأممي الذي عُيّن العام الماضي لقيادة جهود السلام، أنه “لا يزال يحاول” التفاوض توصّلا إلى اتفاق لتفادي اندلاع معركة واسعة داخل مدينة الحديدة، لكنه أشار إلى أنّ الحل في المدينة يجب أن يكون جزءا من “حل سياسي شامل”.
وعبّر عن قلقه لأنّ الحديدة قد تكون “نقطة ساخنة” تُقوّض جهود عقد محادثات في سبتمبر، ودعا المجلس إلى دعم جهود خفض التوتر في المدينة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر