يسمع العالم الكثير عن شبكات الجيل الخامس للاتصال اللاسلكي 5G منذ فترة، ألا وهو الاتصال اللاسلكي السريع بالإنترنت، ويمكن القول إن عام 2018 سيكون فرصة للبعض ليبدأوا على الأقل بالتعرّف على ماهيّة هذه السرعة الجديدة. يزمع إجراء الاختبار الأول لاتصال الجيل الخامس اللاسلكي في فبراير (شباط) خلال ألعاب الأولمبياد الشتوية في بيونغ يانغ في كوريا الجنوبية، إلا أن تجاربه الأولى واستخداماته الناشئة بدأت فعلاً في الولايات المتحدة.
ولكن يفضّل ألا يرفع المتابعون سقف توقعاتهم لأنهم لن ينعموا بفرصة تجربة الاتصال اللاسلكي بالإنترنت من الجيل الخامس على الأجهزة المحمولة، ليس بشكل كامل على الأقل، لأن الاستخدامات الأساسية للجيل الخامس ستظهر فيما يعرف بـ"الاتصال اللاسلكي الثابت"، وخصوصا إدخالها في بدائل شبكات النطاق العريض في المنازل، على أن تبرز شبكات الجيل الخامس المحمولة في وقت لاحق.
أعلنت شركة "فيرايزون" الأميركية في وقت مسبق عن خطط لتوفير خدمة الجيل الخامس التجارية في نحو من ثلاث إلى خمس أسواق أميركية خلال 2018، مع الكشف عن اسم منطقة ساكرامنتو فقط. وقدّرت الشركة أن يبلغ حجم سوق خدمات الجيل الخامس للنطاق العريض في المناطق الأميركية السكنية 30 مليون منزل. وتبعت "AT&T " طى "فيرايزون" نفسها وهي تسارع نحو إجراء تجاربها الخاصة في مجال الجيل الخامس، وتخطط "تي موبايل" لطرح خطة عملها الخاصة بالخدمة في 2019 وما بعده.
تجمع السوق على أنه عندما تصبح خدمات الجيل الخامس حقيقة واقعة، سيتجاوز دورها توفير سرعة خارقة لاستخدام الهواتف الذكية، وستنخرط في كلّ شيء من السيارات ذاتية القيادة وإنترنت الأشياء إلى الواقع الافتراضي والطب البعيد.
مساعدات ذكية
لا شكّ في أن الناس اليوم باتوا يألفون استخدام مساعد أليكسا الصوتي الذكي من أمازون أو مساعد غوغل أو مكبرات غوغل هوم الصوتية، ومكبرات الطرف الثالث الموجودة على منضدة المطبخ وإلى جانب الطاولات. هذه الأجهزة العاملة بالصوت لا تبلغ الناس بأحوال الطقس والأخبار وتشغل الموسيقى وتجيب على أسئلة أساسية فحسب، بل أيضاً تساعدهم في زيادة اعتماد منزلهم الذكي على الإدارة الصوتية.
يمكنكم هذا العام أن تتوقعوا استمرار انتشار هذه الأجهزة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ومنها كورتانا من مايكروسوفت وسيري من آبل وبيكسبي من سامسونغ، مع توسع نطاق عملها ليشمل جميع الأجهزة كالتلفزيونات والثلاجات والساعات الذكية وسماعات الرأس والسيارات وحتى أماكن العمل. شهد هذا المجال حتى اليوم الكثير من النشاط، ويتوقع أن نرى المزيد من التحديثات والنماذج في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية التجاري في لاس فيغاس.
كيف ستتطور أجهزة المساعدة الذكية؟ بالنسبة للأجهزة المبتدئة، ستصبح أقرب إلى البشر، وسيصبح المستهلكون قادرين على إجراء شيء يشبه المحادثة الحقيقية معها. فقد تمكّن مساعد غوغل حتى اليوم من تلبية عدة طلبات في وقت واحد: إذ يمكن للمستهلك مثلاً أن يقول حسناً غوغل، أطفئ الأضواء وشغّل الموسيقى، ليستجيب المساعد فوراً وينفذها بنجاح.
الجهود أيضاً مستمرة في مساعدة الأجهزة على معرفة المستهلكين بشكل أفضل: عن مزاجهم والمهمات التي يحاولون إتمامها.
وفي تقرير اتجاهات المستهلكين الإلكترونية المهمة لعام 2018، قال ميشال بجورن، رئيس قسم البحث في شركة إريكسون إن أكثر من نصف مستخدمي أجهزة المساعدة الصوتية الذكية يعتقدون تماماً بأنهم سيستخدمون لغة الجسد، وضبط نبرة الصوت، واللمس، والحركات اليدوية للتفاعل مع التقنية، تماماً كما يفعلون مع البشر.
وتوقع ستيف كونيج، مدير البحث السوقي في جمعية مستهلكي التكنولوجيا المسؤولة عن تنظيم معرض الإلكترونيات الاستهلاكية، توسع عمليات التبضع عبر الأجهزة الصوتية الذكية خلال العام الجديد، واعتبر أنّ هذه الأجهزة هي قناة المبيعات الرابعة بعد المتاجر والمواقع الإلكترونية والأجهزة المحمولة.
وتستمر فئة الأجهزة الذكية المسيّرة بالصوت في جذب الأنظار، ومن المتوقع أن تسلّط الأضواء على جهاز هوم بود المتميز من آبل (349 دولارا)، الذي كان من المفترض أن يصدر عام 2017 ولكن تأجل إصداره. وتقول التقارير إن سامسونغ أيضاً تعمل على تصنيع جهازها الصوتي الذكي بيكسبي الذي قد يطلّ على الناس في منتصف العام. تتوقع شركة غارتنر أن تصل قيمة سوق مكبرات الصوت الذكية اللاسلكية إلى 2.1 مليار دولار بحلول 2020، بعد أن بلغت 360 مليون دولار عام 2015.
والسمع المعزز. إن أهمّ الميزات المثيرة التي تحملها سماعات غوغل بيكسل الجديدة، والتي تعتبر ميزة مثيرة للخيبة أحيانا - هي الترجمة الآنية التي تحصل بواسطة تطبيق الترجمة من غوغل. يرى بجورن من إريكسون أن مجال السمع المعزز سيرى تطورات ملحوظة هذا العام.
ويجب ألا ننسى تقنية عزل الضوضاء التي ظهرت قبل عدة سنوات في صناعة سماعات الرأس لعزل الأصوات المشتتة في الخلفية. ولكن ماذا إن أصبحت السماعة قادرة على معرفة أي من الأشخاص الموجودين في الغرفة نريد أن نستمع إليهم بوضوح أكبر، وأي منهم لا نريد سماعهم أبداً؟ اعتبر بجورن أن تحوّل تطور مماثل إلى حقيقة سيحتاج إلى صناعة سماعات أكثر إدراكاً لنيات المستهلك توفر له قدرة أكبر على السيطرة، متوقعاً أن نصل يوماً إلى النوم مع سماعات تعزل الضوضاء الناتجة عن شخير الشريك.
الواقع المعزز. في الوقت الذي يبدو فيه وكأن اهتمام الناس بتقنية الواقع الافتراضي قد تراجع إلى حد ما، من المتوقع أن تتصدر تقنية الواقع المعزز المشهد خلال عام 2018، خاصة وأن آبل وغوغل وضعتا ثقلهما في منصات ARKit و ARCore للتطوير، إلى جانب تخصيص كلّ من أمازون وفيسبوك ومايكروسوفت ميزانية خاصة لتقنية الواقع المعزز.
يقول كونيغ إن معرض الإلكترونيات الاستهلاكية 2018 هو المكان الذي ستتصدر فيه تقنية الواقع المعزز الأضواء، متوقعاً أن تكتسح تطبيقات الواقع المعزز المعرض. وأضاف: أظنّ أننا نعيد تصميم تجربة الهاتف المحمول رأساً على عقب، عبر إضافة وتعديل بعض الديناميكيات لمزيد من التطور والتوجيه للواقع المعزز. تسمح تقنية الواقع المعزز لمستخدمها بالتفاعل مع الرموز والأشياء التي تبدو وكأنها في الداخل، مع أنها لا تزال مرئية في المحيط الحقيقي.
ولا أظنّ أن الواقع المعزز يحتاج إلى دعم من بعض التطبيقات الشبيهة بـبوكيمون غو التي تصدرت عالم التكنولوجيا عام 2016، إلا أنها لن تضرّ إن توفرت. بدلاً من هذه التطبيقات، يجب أن نتوقع ظهور ميزة جديدة في مجال الألعاب وتطبيقات التجارة الإلكترونية التي يستخدمها الناس بشكل منتظم ولكن دون واقع معزز.
وعلى الرغم من فشل نظارات غوغل غلاس وسناب سبيكتاكلز، يجب ألا نستبعد تطوير بعض النظارات الجديدة التي تعتمد على هذه التقنية، ولكن لم يتضح بعد أن كانت ستظهر عام 2018 أو في السنوات المقبلة.
روبوتات اجتماعية. لا طالما أذهلت الروبوتات وبجميع أنواعها الناس من جميع الفئات العمرية. واليوم، بات بإمكاننا أخيراً القول إننا سنرحب بالإنسان الآلي في منازلنا. والحقيقة هي أن غالبية الروبوتات التي تستخدم في المنازل اليوم هي إما ألعاب أو على شكل رومبا وغيرها من أجهزة التنظيف.
ولكن جيلا من الروبوتات الاجتماعية إلى جانب كوري من مايفيلدز روبوتيكز وبادي من بلو فروغ روبوتيكس وجيبو من شركة جيبو سيغيّر قواعد اللعبة. تستطيع الروبوتات الاجتماعية من مختلف الأنواع أن تلتقط الصور العائلية وأن تذكر الجدّة بتناول أدويتها وأن تقرأ بصوت عال لأحد الأولاد.
حالياً، لن يبالغ الناس كثيراً إن فكروا أن بعض المساعدين الرقميين قد يجسدوا قدراتهم العقلية وشخصياتهم على شكل روبوتات. إلا أن كونيغ طرح سؤالاً مهماً: في أي نقطة يمكن لهذه الأحاديث التي نجريها مع المساعدين الرقميين أن تتحول إلى علاقات؟.
وليس على الناس أن يتابعوا التكنولوجيا عن قرب ليدركوا التأثير العميق الذي بلغته الحوسبة السحابية على المجتمع خلال العقد الماضي. فقد تمحورت أجهزة الكومبيوتر بشكل كبير على الإنترنت أو ما يعرف بالسحابة تحت مظلة الحوسبة السحابية. ولكن انتشار إنترنت الأشياء، وأجهزة الاستشعار المتصلة، والسيارات الذاتية القيادة، والتوصيل عبر الطائرات دون طيار، يدفع خبراء التكنولوجيا إلى التطلع أكثر إلى يعرف بـالحوسبة المطلقة، حيث تنتشر الحوسبة في أرجاء المكان، وتقرّب الذكاء محلياً أو إلى المصدر، وغالباً باسم السرعة. لا أحد يتوقع اختفاء الحوسبة السحابية، ولكن بوب أودونيل، المحلل في تيك أناليسيس للأبحاث يقول إن الطريقة التي تتم بها هندسة الحوسبة والوسائل التي نتفاعل بها معها تدلّ على أن التحول نحو الحوسبة المطلقة هي مرحلة مهمة ستغير كل شيء بشكل جذري.
الأمن البيومتري
سواء أعجبنا أم لا، كانت فكرة التخلّص من زرّ البصمة في هاتف آيفون إكس لصالح تقنية هوية الوجه أو التعرف على ملامح الوجه، خطوة جريئة من شركة آبل. من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه الفكرة ستعتمد في جميع هواتف آبل المقبلة. لا تزال هواتف سامسونغ المتفوقة تتيح لمستهلكيها استخدام بصمة الإصبع للتعريف عن هويتهم، وتوفر في الوقت نفسه برامج مسح القزحية أو التعرف إلى الوجه.
أظهر تقرير جديد صدر في أوائل هذا الشهر أن سامسونغ تقدمت بطلب براءة اختراع لنظام جديد يمكنه التعرف على صاحب الجهاز عبر قراءة راحة يده. وقد نرى هذا في هاتف غالاكسي 9 الذي يتوقع أن يكشف عنه النقاب في النصف الأول من 2018. ولكن في حال دخلنا اليوم في عصر قراءة راحة اليد، أعتقد أن أي شيء بات ممكناً.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر