تمكّن علماء روس وسويسريون، من تركيب جهاز استشعار كيميائي ليزري شديد الحساسية على رقاقة سيلكون عادية صغيرة الحجم.
وعلق على التجربة العالم، أندريه فولوشين، من المركز الروسي لفيزياء الكم، من خلال مقال نشرته مجلة "Nature Communications"، وقال "أصبح بالإمكان الآن تركيب منظومة بأكملها في جسم يبلغ حجمه أصغر من سنتيمتر مكعب واحد، والأهم من هذا، هو أن تلك المنظومة لا تحتاج طاقة لتشغيلها أكثر من 1 واط فحسب. بالإضافة إلى توافق هذه المنظومة مع تقنيات تصنيع الإلكترونات القياسية، ونظرا لبساطة شكلها وتكلفتها المنخفضة، فسوف تصبح قابلة للإنتاج تجاريا على نطاق واسع".
وكان المدير العلمي للمركز الروسي لفيزياء الكم التابع لجامعة موسكو، البروفيسور الراحل، ميخائيل غوروديتسكي، قد تمكن منذ عامين من صنع رقاقة فوتون صغيرة للغاية، تسمح بالحصول على شعاع من ليزر ذي طيف غير معتاد، يشبه في شكله المشط، وهو ما كان يتطلب من قبل أجهزة كبيرة الحجم للحصول عليه.
وصرح غوروديتسكي آنذاك، بأن التكنولوجيا التي طورها فريقه العلمي سمحت بتصغير هذا الجهاز "100 ألف مرة"، حيث كانت الأجهزة التقليدية التي تؤدي نفس الوظيفة عبارة عن مكعب يبلغ حجمه مترا مكعبا، أما جهازه وفريقه فيبلغ حجمه سنتيمترا مكعبا.
إقرأ أيضًا :تعرف على مراحل تطور التكنولوجيا من الحاسوب إلى الهواتف الذكية
وتمثل هذه النبضات "المشطية" قضية مثيرة لاهتمام العلماء والمهندسين لكونها تسمح بـ "تحويل" إشارات الراديو من الطيف إلى النطاق البصري وبالعكس، وهو ما يرفع من دقة مستقبلات "GPS" والساعات، وأجهزة قياس الطيف، والأجهزة الفلكية بشكل ملحوظ. وقد حصل كل من جون هول، وتيودور هينش، عام 2005، على جائزة نوبل في الفيزياء لاكتشافهما هذا الأسلوب في تشكيل هذا "المشط" باستخدام الليزر.
ويعتمد الجهاز بشكل أساسي على رنان فائق الصغر "Micro Resonator"، وهو ببساطة خاتم من مادة خاصة مثل نيتريد السيليكون، أو فلوريد المغنيسيوم، بحيث يتحرك الضوء في حلقات، وينعكس على جدران هذا الجهاز/ الخاتم، وتصنع جدران الجهاز على نحو تتعاظم فيه نبضات معينة، وتخفت أخرى، وهو ما يسمح بالحصول على نبضات ليزرية ذات طيف "مشطي". وقد حقق البروفيسور، غوروديتسكي وفريق عمله العام الماضي إنجازا كبيرا في التنفيذ العملي لهذه التكنولوجيا، وتمكّنوا من تطويعها للعمل مع مصادر ضوء "رديئة"، بما في ذلك الصمامات الثنائية الليزرية صغيرة الحجم، وهو ما تسبب في خفض هائل لتكلفة هذه التكنولوجيا، وأتاح للعلماء فرصة التفكير في التنفيذ العملي لهذه الفكرة.
لكن مشكلة أخرى كان على الفريق العلمي حلّها، وهي فهم كيفية تصنيع كافة مكونات الجهاز البصري من مواد تتناسب مع إمكانيات وأساليب "طباعة" الخرائط متناهية الصغر، واستبدال مكونات الجهاز المعقدة مثل العدسات أو المرايا، التي لا يمكن صناعتها على نطاق واسع، وهنا، تمكن العلماء الروس وشركاؤهم السويسريون من المدرسة العليا للتكنولوجيا في لوزان من تجاوز كل تلك العقبات، باستخدام صمامات ثنائية ليزرية صغيرة تستند إلى الإنديوم والفوسفور، وكذلك رنانات فائقة الصغر مصنوعة من سبيكة السيليكون والنيتروجين باستخدام تكنولوجيا الطباعة بأسلوب الطبقات.
وباستخدام هذا المنهج، تمكن العلماء من التوصل إلى رنان ذي خواص شبه مثالية، يبلغ حجمه ميلليمترا واحدا، وتمكنوا من تشغيله مع الليزر بنجاح، بحيث تمكن هذا الجهاز من توليد شعاع ليزري مستقر ذاتيا، تصل قدرته إلى 100 ميللي واط، دون أن يحتاج لطاقة تزيد عن 1 واط، بحيث يدور جزء من هذه الأشعة التي تدور بداخل الرنان فائق الصغر إلى الصمام الثنائي من جديد، وهو ما يوفر اتصالا بصريا عكسيا سريعا، وتمكن هذه العملية التي تسمى في علم "الفيزياء اللاسلكية" بظاهرة "التراجع" النظام من العمل كجهاز مولّد لليزر قوي مستقر، بينما يتولد في الرنان فائق الصغر "مشط بصري" بدرجة عالية من التماسك.
ويؤكد العلماء على أنه من الممكن تثبيت تلك الأجهزة المشعة في الرقاقات التي تستخدم ليس فقط في صناعة أجهزة الاستشعار والتحليل الكيميائية، وإنما قد تستخدم في صناعة أجهزة الاتصالات فائقة السرعة، والرادارات الليزرية، وأجهزة أخرى تعتمد على خصائص بصرية "مشطية" عالية الدقة.
ويعتزم العلماء أيضا في هذا السياق اختراع مقياس مدمج للطيف، ومصدر ليزري ضيق النطاق متعدد التردد. ولكن، يتعيّن لذلك تطوير تكنولوجيا صناعة الأجهزة الفوتونية المتكاملة، وتخطي بعض العقبات الهندسية.
قد يهمك"عُشاق الألعاب" على موعِدٍ مع "نظارة مايكروسوفت" في ثوبها المُتطور
غالبية الشركات في الشرق الأوسط تبدأ التحوّل إلى "السحابة" خلال 2019
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر