عادت المواطنة الكازاخستانية الصينية غولي إلى الصين للمرة الأولى؛ لأن الشرطة كانت تتصل بأمها، وقيل للمواطنة غولي، والتي تعمل في مدينة هورغوس الكازاخستانية، إن الشرطة بحاجة إلى رؤيتها في مقاطعة شينغيانغ الصينية في غرب البلاد، وكانت الفتاة قلقة بشأن المخاطر التي ربما تتعرض لها عائلتها في الصين، إذا لم تمتثل لأوامر الشرطة.
وذكرت صحيفة "الديلي تيليغراف" البريطانية، أن غولي احتُجزت لفترة وجيزة عند عودتها، ولكن سمح لها بالذهاب بعد أن تركت بصمات أصابعها وعينات دم، وكلمة مرور هاتفها، ولكن في المرة الثانية لعودتها لم تكن محظوظة بما فيه الكفاية، إذا لعام كامل، تعرَّضت الأم لأربعة أطفال إلى الضرب، والتقييد وتعذيب لا هوادة فيه يخص السياسة الصينية الشيوعية في معسكر شينغيانغ، وقد تضخمت قدميها بسبب أغلال الحديد.
أقرأ أيضا: بينس ورئيس كازاخستان يبحثان عددًا من القضايا
وقالت غولي التي غيرت اسمها لحمايتها، إلى الصحيفة، "يريدون تدمير والقضاء على جميع الأديان التي تخالف ديانتهم، والقضاء على التقاليد والثقافة وجعل الجميع شخص واحد".
ويُقدَّر عدد المحتجزين في شينغيانع نحو مليون مسلم وهم من الأقلية، ويعتقد أن الغالبية العظمى تنتمي إلى أقلية الإيغور، وهي جماعة تستهدفها الدولة الصينية منذ فترة طويلة، ولكن الآن، امتدت حملة القمع إلى الأقليات المسلمة الأخرى إلى عبر حدود كازاخستان، مما يمثل منعطفا في نطاق القمع الصيني العرقي.
وقال سيرخان بيلاش مدير مجموعة أتاغورت، وهي مجموعة مناصر تدعو إلى إطلاق سراح المعتقلين، في هذا السياق، "إن شهادة غولي واحدة من آلاف الشهادات المتشابهة التي جمعتها المجموعة".
وفر العديد من الكازاخستانيين من الصين في الستينات، هاربين من الإصلاحات التي يقوم بها الحزب الشيوعي، وتهدف إلى القضاء على طريقة حياتهم، ولكن العديد من العائدين عادوا في السنوات التي تلت ذلك، وكان من الشائع أن يتحرك الكازاخستانيون من البدو بحرية بين البلدين، ويتزوجون ويعملون من كلا الجانبين.
وتُعد هذه الروابط التي يبدو أنها وضعت العرقية الكازاخستانية داخل الصين في خطر، مما يجعلها هدفا لتجديد الشكوك من جانب الدولة الصينية، وتعتبر الاتصالات مع كازاخستان، المدرجة على قائمة من 26 دولة تعتبرها السلطات الصينية حساسة، بما في ذلك روسيا وتركيا، جريمة يعاقب عليها القانون.
وتقول أينا شورمانباييفا رئيسة المبادرة القانونية الدولية في كازاخستان، وهي منظمة غير حكومية تساعد العائلات في توجيه نداء إلى موظفي الأمم المتحدة والمسؤولين الكازاخستانيين بشأن أقاربهم المفقودين "حتى أن المكالمات أو الرسائل من الخارج تكفي لتدين السلطات الصينية شخصا بأنه جاسوس مزدوج".
ويقول رون ستينبرغ الخبير في شؤون شينجيانغ بجامعة كوبنهاغن "هم المجموعة الثانية، المجموعة الثانية في الخط إذا جاز التعبير، حين يتعلق الأمر بالأويغور".
وأكد أنه في ظل القوة الصاعدة في آسيا الوسطى، أصبحت كازاخستان دولة قوية تقف بجانب المواطنين في منطقة شينغيانع، وهذا ما يجعل بعض المسؤولين في الإقليم قلقين.
وقامت الصين بعد فترة طويلة من إنكار وجود المعسكرات، بتشريعها في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وبدأت منذ ذلك الحين حملة دعائية ضخمة تدافع عنها باعتبارها "تدريبا مهنيا" ومراكز "إعادة تعليم" والتي تعيد تأهيل المسلمين المعرضين لخطر أن يصبحوا متطرفين، ولكن مقابلات التيلغراف مع ثمانية معتقلين سابقين رسمت صورة مختلفة إلى حد كبير، إذ يقول السجناء إنهم يخضعون لتلقين سياسي شديد وضغط نفسي كبير.
ويغطي دوسنبيك نورسيديك، 45 عاما، جدران مكتبه في ألماتي، أكبر مدن كازاخستان، بصور لأفراد عائلته المفقودين، ويقول إنه لم يرى زوجته منذ نحو عامين، بعد الانتقال مع أطفالهم الثلاثة من كازاخستان في عام 2013، وقد عاد الزوجان لزيارة أسرهما، ولدى وصولهما إلى الصين، جمعت السلطات بيانات بيومترية منهما، وأوقفت طلبه بإلغاء تسجيل أسرته الصينية، ثم قال مسؤولان أمنيان إنهما بحاجة إلى استجواب زوجته، مختار بخارغول.
سألهم لماذا، قال إنهم سيتصلون به في وقت لاحق، وأجبروا زوجته على الركوب في سيارة ثم غادروا، وكان ذلك في مايو/ أيار 2017، ومن ذلك الحين، قالت السلطات الصينية "إنها تخضع للتحقيق، ونقلتها إلى السجن دون تفسير".
وعلى الرغم من الانتصارات الصغيرة كونه أب وحيد، حيث اكتشف نورسديك مدى صعوبة تسريح شعر ابنتع الصغيرة البالغة من العمر 4 سنوات، يكافح ليشرح لأطفاله المكان الذي ذهبت إليه أمهم.
وتكشف هذه الزيارة لغزا دبلوماسيا لكازاخستان، حيث تربطها بمبادرة حزام واحد طريق واحد، المشروع التجاري الصيني الذي أعلن عنه الرئيس الصينيي في العاصمة أستانا، في عام 2013، وتقول شورمانباييفا "إن كازاخستان تتعرض لضغوط من كلا الجانبين، حيث الشعب والحكومة؛ لأن لديها علاقات اقنصادية وثيقة للغاية مع الصين، وفي نفس الوقت لا يمكنها إغماض هينها عن هذا الانتهاك الجماعي لحقوق الإنسان".
وعلى الرغم من أن المسؤولين الكازاخستانيين لا يصرحوا علنا إلا بالقليل، فقد توصلوا بهدوء إلى اتفاق مع بكين للسماح بالإفراج عن 2000 من الكازاخستانيين من الصين، والذين سيتم منحهم الجنسية الكازاخستانية، ولم ترد وزارة الخارجية الكازاخستانية على طلب للتعليق، يوم الخميس.
وقال السيد أورازولي، "على عكس الإيغور لدى الكازاخستانيين بلد يحميهم، وربما لم تتوقع الصين أن يتحد الكثير من الأفراد والنشطاء ويبدأوا في الإبلاغ عن هذه الحالات".
ومع ذلك، لا تزال الحرية بعيدة المنال حتى عند إطلاق سراحهم، فقد أُجبر البعض على العمل في المصانع مقابل أجر قليل أو بدون أجر، ويظلون رهن الإقامة الجبرية، ويخضعون لمراقبة مستمرة جسدية ورقمية، ولا يستطيعون استرداد جوازات السفر أو وثائق الهوية، كما أنهم مجبرون على التوقيع على أوراق معلنين أنهم لن يتحدثوا أبدا عن المخيمات.
قد يهمك أيضًا: الفلبين تكشف عن قلقها من احتمال توريط واشنطن لها في حرب مع الصين
كازاخستان تستضيف محادثات روسية وتركية وإيرانية حول سورية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر