ذكرت مصادر حزبية يمنية، أن الرئيس عبد ربه منصور هادي، نجح في استمالة عدد من كبار قيادات حزب المؤتمر الشعبي، الموجودين في القاهرة والمحسوبين على الجناح الموالي لسلفه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، وذلك بعد لقائه بهم مساء الاثنين الماضي على هامش زيارته الرسمية لمصر.
إزالة أسباب النفور بين قيادات الحزب وأجنحته المنقسمة
وفي حين ألقى هادي خطابًا في حشد من قيادات الحزب، من بينهم نواب في البرلمان وأعضاء بارزون وزعماء قبليون، أكدت المصادر لـ"الشرق الأوسط"، أن زيارة هادي قطعت شوطًا لإزالة أسباب النفور بين قيادات الحزب وأجنحته المنقسمة في ولاءاتها، وذلك تمهيدًا للتوافق من أجل إعادة ترتيب أوضاع الحزب بقيادة هادي وإفساح المجال لأقارب سلفه والقيادات الموالية له من أجل لعب دور محوري في مستقبل الحزب.
و زار هادي، الثلاثاء، غداة وصوله إلى العاصمة المصرية القاهرة، مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، كما زار مقر البرلمان المصري، في سياق المساعي اليمنية التي يقودها لتعزيز التعاون مع الجانب المصري على مختلف الصعد، وفي المقدم منها الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية.
لقاء الرئيس اليمني بالأمين العام لجامعة الدول العربية
والتقى الرئيس اليمني الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وأكد خلال اللقاء على الدور والمكانة التي تضطلع بها الجامعة العربية في تعزيز العمل العربي المشترك باعتبارها بيت العرب الأول، والمعنية بتعضيد لُحمتهم في مجابهة التحديات والمخاطر التي تتربص بالأمة العربية قاطبة.
وأفادت المصادر الرسمية بأن هادي ثمّن للجامعة العربية وأمينها العام دورهما في دعم اليمن وشرعيته الدستورية، من خلال مواقفها الأصيلة والثابتة المنددة بتدخلات إيران في المنطقة وشؤون اليمن عبر أدواتها الانقلابية ممثلة بميليشيات الحوثي الانقلابية في مختلف التجمعات والمحافل الإقليمية والدولية.
أبو الغيط يؤكد حتمية مساندة اليمن وشرعيته الدستورية
وبحسب ما نقلته وكالة "سبأ" الحكومية، أشار أبو الغيط من جهته إلى أنه "يتحتم على الجميع مساندة اليمن وشرعيته الدستورية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي والتنديد بالانقلاب الحوثي، والتأكيد على السلام وفق المرجعيات المرتكزة على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرارات الأممية ذات الصلة وفِي مقدمتا القرار 2216، وذكرت المصادر، أن الرئيس هادي وجّه دعوة لكافة قيادات وأعضاء حزبه "المؤتمر الشعبي العام" إلى نبذ الخلافات والتكاتف ورص الصفوف لمواجهة ميليشيات الحوثي الانقلابية واستعادة النظام الجمهوري ومؤسسات الدولة وبناء اليمن الاتحادي الجديد.
هادي يترأس اجتماعًا للقيادات الموجودين في القاهرة
وترأس هادي، بحسب المصادر، اجتماعًا للقيادات الموجودين في العاصمة المصرية القاهرة للوقوف على أوضاع "المؤتمر" وتعزيز نشاطه ومكانته التي يحظى بها باعتباره تنظيمًا رائدًا للعمل السياسي والوطني والجماهيري على الساحة الوطنية.
وقال هادي خلال اللقاء "لم يكن المؤتمر في أي من مراحله حزبًا إقصائيًا أو سلاليًا أو مناطقيًا أو جهويًا، وهو ما اُكسبه قاعدته الجماهيرية العريضة في طول البلاد وعرضها، والتي قد يفقدها إن تخلى أو حاد عن تلك الخصائص والطباع والموجهات التي بني ونشأ وعمل من أجلها". وأضاف أن ما نحتاج إليه اليوم هو الابتعاد عن استحضار محطات الخلاف والاختلاف، ومغادرة الذاتية والأنانية، والتجرد من الولاءات أو الحسابات الضيقة، والمضي للانتصار للوطن وثورته وجمهوريته ووحدته ومخرجات حواره الوطني، والانتصار لأنفسنا ولتنظيمنا الرائد المؤتمر الشعبي العام قيادة وقواعد".
وعدّ الرئيس اليمني حالة الشتات التي شهدها حزب المؤتمر مؤخرًا، "سحابة صيف ويجب أن تنتهي"، مؤكدًا أن الحزب أمانة في أعناق الجميع، ولا بد من العودة للعمل المؤسسي وإصلاح التباين والاختلالات القائمة التي لا تستند إلى مرجعيات أو وقائع".
وكان الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، وهو مؤسس حزب المؤتمر وزعيمه حتى مقتله على يد الحوثيين، اختار مساندة الجماعة الحوثية في البداية قبل أن يفض تحالفه معها قبيل مقتله، نكاية منه بالرئيس هادي ومكونات الحكومة الشرعية المسنودة من التحالف الداعم لها، وفي حين انقسم الحزب وقياداته بين مؤيد لصالح وبين مناصر للشرعية التي يقودها هادي، أقدم قيادات الجناح الموالي لصالح في صنعاء على إقالة هادي من منصبه الحزبي نائبًا لصالح وأمينًا عامًا له، إلى جانب إقالة قيادات أخرى، وهو الأمر الذي رد عليه في حينه جناح الشرعية بتنصيب هادي رئيسًا للحزب، وبعد مقتل صالح على يد الميليشيات الحوثية التي نكلت بأقاربه وأنصاره، ازدادت أوضاع الحزب تعقيدًا، مع مساعي الجماعة الحوثية في صنعاء لفرض نسخة منه موالية لها وخاضعة لإمرتها بقيادة صادق أمين أبو راس.
وبينما توجه شطر من القيادات الموالين لصالح إلى صف الشرعية، بقي عدد من كبار قيادات الحزب الموجودين في الخارج على موقفهم المتباعد مع هادي والرامي إلى إعادة ترتيب أوضاع الحزب بما يضمن حضورًا قويًا لأقارب صالح في قيادته، وبخاصة نجله الأكبر أحمد علي صالح، المقيم في أبوظبي منذ الانقلاب الحوثي.
هادي يخاطب أعضاء حزبه
واستطرد هادي مخاطبًا أعضاء الحزب بقوله، "لا يخفى عليكم ما يمر به الوطن من متاعب وتحديات ضاعفت مِن أزماته وجراحه؛ وذلك نتاج لانقلاب ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران على توافقه الوطني وإجماعه الشعبي في استكمال المسار السياسي والانتقال نحو تطبيق مخرجات الحوار وبناء يمن اتحادي عادل ومستقر".
وأضاف إنه لن بخوض في تداعيات سنوات مضت ومواقف مختلفة وجهود توحدت بعد أن تكشفت مرامي وأهداف الميليشيات الإيرانية على حقيقتها، حيث ترفع شعارات زائفة للإغواء والتغرير على الأبرياء، حيث يتنافى القول والفعل وما يعلنون عما يضمرون، وأبلغ دليل على ذلك غدرهم بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، ومحاولاتهم اجتثاث وتطهير المؤتمر الشعبي العام وقياداته والإبقاء على أشخاص موالية لهم رغبة أو رهبة.
هادي يدعو قيادات الحزب إلى التوحد والتماسك
ودعا هادي قيادات الحزب إلى التوحد والتماسك وتوحيد الكلمة وإعادة اللحمة السياسية المتمثّلة في المؤتمر الشعبي العام، والعمل على إعادة الثقة بين أوساطه وقواعده بعيدًا عن الرغبات الشخصية التي قال إنها ستؤدي في النهاية إلى إضعاف الحزب وتحقيق أهداف الانقلابيين الحوثيين التي يراهنون عليها، معتقدين في ذلك أن المؤتمر حزب سلطة وسينتهي مع فقدان تلك العلاقة والمنافع والمصالح.
هادي ويسعى إلى وطن عادل وآمن ومستقر
وأشار هادي إلى أن الحزب الذي كان أسسه صالح في ،1982 وبقي حاكمًا لليمن قرابة ثلاثة عقود تنظيم وطني انبثق من الشعب ولا يحمل آيديولوجية متعصبة، وبرنامجه وأهدافه واضحة، ويسعى إلى وطن عادل وآمن ومستقر ويمارس العملية السياسية، ويدافع عن الحرية والكرامة، ويسلك حرية الرأي والرأي الآخر، ويلتزم بأهداف الثورة والديمقراطية والوحدة الاتحادية نهجًا وسلوكًا.
وأكد أنه ينطلق من هنا لإعادة اللحمة وبناء بيت المؤتمر ليتعافى وينتصر الوطن معه وبه، وأنه بالتعاون والشراكة الفاعلة مع كل القوى السياسية على الساحة الوطنية التي يتشارك معها اليوم الدم في معركتنا الشريفة للدفاع عن وطننا وأحلام أبنائنا، لإيقاف عبث الكهنوت وميليشياته الانقلابية.
هادي يكشف عن وجود توجه دولي يراهن على مستقبل حزب المؤتمر
وكشف هادي عن وجود توجه دولي وإقليمي يراهن على دور مستقبلي لحزب المؤتمر، قال إن العالم اليوم ينظر إلى المؤتمر الشعبي العام ولديه أمل كبير أن يلمّ شتاته ويجمع صفوفه على قواعد ثابتة لا مجال للانحراف عنها، ومن ذلك مقاومة الانقلاب ومساندة الشرعية الدستورية للوصول إلى إنهاء الانقلاب واستعادة العملية السياسية والاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات.
ووجه هادي رسالة إلى قيادات الحزب التي لا تزال على موقفها الرافض له، وبخاصة التي قاطعت حضور اجتماع القاهرة قائلًا، "أوجه لكم هذه الدعوة الصادقة من القلب وأقول يكفي ما مضى من خلافات أو تباينات ، الوطن أكبر منا جميعًا، والأوضاع تحتاج إلينا جميعًا، ترفّعوا عن أي خلافات، فالمؤتمر يحتاج إلى كل المخلصين الصادقين الوطنيين، ورسالتي هذه موجهة للجميع، لمن حضر ولمن لم يحضر.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر