موسكو ـ ريتا مهنا
أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثات، في الكرملين الأربعاء، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ركزّت على تطورات الوضع في سورية، بخاصة في منطقة الجنوب، في إطار المطلب الإسرائيلي بخروج القوات الإيرانية والقوات الحليفة لطهران من كل الأراضي السورية ووضع ترتيبات لضمان الالتزام باتفاق فك الاشتباك الموقع مع الحكومة السورية في العام 1974.
وأثار تزامن الزيارة مع وصول مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي إلى موسكو الأربعاء، تساؤلات بشأن احتمال أن تقوم موسكو بجهود لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، لكن أوساطًا روسية أكدت أن المحادثات تجري بشكل منفصل مع كل طرف، رغم أن الأجندة المطروحة للبحث متشابهة، وهي تتمحور مع الجانبين بشأن تطورات الوضع في سورية، ومصير الاتفاق النووي الإيراني بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية منه.
وكان رغم أن لقاء بوتين مع نتنياهو جرى مساء الأربعاء خلف أبواب مغلقة، فإن المعطيات التي تسربت عنه أشارت إلى أن نتنياهو أصر على طرح "المبدأين الأساسيين للسياسة الإسرائيلية؛ وهما منع الوجود الإيراني في كل الأراضي السورية، وإلزام دمشق بتنفيذ اتفاق فك الاشتباك في الجولان بحذافيره". و سعى الكرملين إلى تثبيت التفاهمات الروسية - الإسرائيلية السابقة التي اشتملت على انسحاب القوات التابعة لإيران من المنطقة الحدودية، وتأجيل مناقشة مسألة خروج كل القوات الأجنبية من سورية إلى حين انطلاق مسار التسوية السياسية الشاملة.
ولم تستبعد مصادر روسية أن يكون بوتين سعى إلى تقديم ضمانات إلى نتنياهو بأن إسرائيل لن تتعرض لهجوم أو استفزاز من جانب القوات الحكومية السورية أو القوات الرديفة لها. كما تطرق البحث إلى دور يمكن أن تقوم به الشرطة العسكرية الروسية لضمان عدم وقوع احتكاكات في الجولان، إلى حين إعادة قوات الفصل الدولية التي انسحبت من المنطقة بسبب الحرب السورية.
وانطلقت أوساط روسية الأربعاء من قناعة بأنه "من دون الاتفاق مع إسرائيل، فلن يكون استمرار عمل الجيش السوري في جنوب البلاد سهلاً".
ورأت أن "مطالب إسرائيل بشأن الانسحاب الإيراني تتطابق تمامًا مع الموقف الأميركي، الذي يتم التعبير عنه بانتظام في المفاوضات مع الجانب الروسي، ويلقى دائمًا ردًا مراوغًا من موسكو" وفقًا لمصادر صحيفة "كوميرسانت" الروسية الرصينة، التي أشارت أن إمكانية سحب القوات الموالية لإيران من الحدود الإسرائيلية إلى عمق 80 كلم جرت مناقشتها مع إسرائيل. إلا أن الأطراف لم تتوصل إلى اتفاق بعد.
ورأت المصادر أن "التنازل الوحيد لإسرائيل، الذي تسمح به روسيا لنفسها، هو عدم الرد على ضرب المنشآت العسكرية التي تعدها تل أبيب إيرانية في سورية. كما تواصل روسيا الحوار مع الإسرائيليين حول قضايا تكتيكية، من بينها، عملية الجيش السوري المقبلة لبسط السيطرة على محافظة القنيطرة، المتاخمة لهضبة الجولان المحتلة".
واتخذت أجواء زيارة نتنياهو التي وصفها في وقت سابق بأنها ستكون بالغة الأهمية، بعدًا آخر بسبب تزامنها مع وصول ولايتي إلى موسكو. ورغم أن مسؤولين روس أكدوا عدم وجود خطط للقاء ثلاثي، فإن أوساطًا دبلوماسية أشارت إلى جهد تقوم به موسكو لتخفيف الاحتقان بين الجانبين ومحاولة التوصل إلى تفاهمات تقلص من مجالات وقوع احتكاكات، في إشارة إلى سعي روسي لإقناع الإيرانيين بضرورة الانسحاب إلى عمق الأراضي السورية ومغادرة المناطق الحدودية.
وكان لافًتا أن المصادر الإيرانية ركزت على أن عنصر البحث الأساسي خلال زيارة ولايتي الذي يحمل رسالة من المرشد الإيراني إلى بوتين، هو الملف النووي الإيراني، وليس الوضع في سورية.
وقال مدير قسم آسيا في وزارة الخارجية الروسية زامير كابلوف إن ولايتي سيجري بالإضافة إلى لقائه مع بوتين عددًا واسعًا من اللقاءات مع مسؤولين روس في قطاعات مختلفة. وزاد أن اللقاءات التي تجرى اليوم، ستركز على العلاقات الثنائية، والاتفاق النووي، والوضع الإقليمي وبالدرجة الأولى في سورية. وبالإضافة إلى الملفات السياسية، يشغل ملف صادرات إيران النفطية حيزًا مهمًا في أعمال الزيارة؛ إذ من المقرر أن يلتقي ولايتي، أيضًا، وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك لبحث ملف صادرات النفط الإيراني في إطار مواجهة التحركات الأميركية للتضييق عليها.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر