تحشد الحكومة السورية في "مثلث الموت"، بين درعا والقنيطرة ودمشق في الجنوب استعداداً لمعركة ترمي إلى السيطرة على مناطق استراتيجية على تخوم منطقة اتفاق "خفض التصعيد"، بين دمشق وحدود الأردن وخط فك الاشتباك في الجولان المحتل.
وقالت مصادر معارضة "إن الفرص قليلة لأن تحقق الحكومة خرقاً في "مثلث الموت"، مؤكدة أن الفصائل "مستعدة، وتملك أفضلية لناحية تمركزها على المرتفعات والتلال في المنطقة خصوصا تل الحارة الاستراتيجي، وهو ما يصعب مهمة النظام لتحقيق أي خرق".
إلى ذلك، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو آخر أظهر عنصرين من "سرايا السلام"، التي هي من فصائل "الحشد الشعبي" العراقي في جنوب لبنان، وجاء نشر الفيديو في وقت لم تنته الردود على زيارة قيس الخزعلي، قائد «عصائب أهل الحق» إلى الجنوب. ودعا أحد ممثلي "تيار المستقبل" في الحكومة اللبنانية، وزير العمل محمد كبارة، إلى القبض على الخزعلي، ومحاكمته "لأنه خرق السيادة اللبنانية".
وعاد الوفد الحكومي السوري إلى جنيف، لاستئناف محادثات السلام مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا ووفد المعارضة، بعد مقاطعة استمرت أكثر من أسبوع، احتجاجاً على موقف المعارضة من بقاء الرئيس السوري بشار الأسد خلال المرحلة الانتقالية، وتبحث الجولة الثامنة من جنيف سلتي الدستور والانتخابات. ويواجه دي ميستورا خمسة أيام حاسمة لتحقيق اختراق وجمع ممثلي دمشق والمعارضة معاً.
وأفادت مصادر متطابقة في المعارضة بأن جدول أعمال الأيام المقبلة سيتحدد اليوم عندما يجتمع دي ميستورا مع وفدي الحكومة السورية والمعارضة على حدة. وبينما أعرب ديبلوماسيون غربيون في جنيف عن تشكيكهم في تحقيق المحادثات اختراقاً، نفى وفد المعارضة ضغوطاً تمارس عليه لإشراك «حزب الاتحاد الديموقراطي» السوري الكردي في المفاوضات.
وكانت المرحلة الأولى من الجولة الثامنة من المحادثات انتهت من دون تحقيق دي ميستورا هدفه الرئيسي بإجراء مفاوضات مباشرة بين الطرفين، وستكون الأيام المقبلة حاسمة في ما يتعلق بقدرته على تحقيق الهدف المعلن من هذه الجولة. في موازاة ذلك، دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة إلى إجلاء فوري عاجل لـ137 طفلاً سورياً يواجهون خطر الموت في الغوطة الشرقية، في ضواحي دمشق، بسبب النقص الحاد في وسائل الرعاية الصحية نتيجة الحصار المفروض على الغوطة.
ووصل الوفد الرسمي السوري برئاسة بشار الجعفري صباحاً إلى جنيف، آتياً من بيروت. ورفض الجعفري الإدلاء بأي تصريحات لدى وصوله. ومن المقرر أن يلتقي رئيس الوفد السوري اليوم مع دي ميستورا وفريقه للبحث في تفاصيل جدول أعمال الأيام المقبلة. وسيكون وفدا النظام والمعارضة تحت المجهر خلال هذه الجولة التي من المفترض أن تُختتم في 15 الشهر الجاري.
وحذر دي ميستورا الطرفين نهاية الأسبوع الماضي من أنه سيبتّ في ما إذا كان أي من وفدي النظام والمعارضة يحاول «تخريب جنيف»، قائلاً إن هذا سيكون له «أثر سيء جداً في أي محاولة سياسية أخرى تجرى في أي مكان آخر»، وذلك في إشارة ضمنية إلى مسار جديد تحاول موسكو ودمشق تدشينه في «سوتشي» على البحر الأسود.
إلى ذلك، نفى وفد المعارضة ضغوطاً تمارس عليه لإشراك ممثلين عن أكراد سورية في مفاوضات جنيف، وقال الناطق الرسمي باسم وفد «الهيئة العليا للمفاوضات» يحيى العريضي أمس إنه «لا صحة لما يشاع حول ذلك».
وكانت مصادر متطابقة قد تحدثت عن ضغوط أميركية وأوروبية على وفد المعارضة لتجميد مطلب رحيل الأسد خلال المرحلة الانتقالية، والقبول بمشاركة الأكراد في المحادثات، وحول إمكان التفاوض المباشر بين وفدي المعارضة والنظام، لم يشر العريضي إلى احتمال ذلك، لكنه أوضح أن جدول أعمال المفاوضات خلال الأيام المقبلة سيتضح اليوم عندما يجلس المبعوث الأممي مع الطرفين.
وقال ديبلوماسي غربي بارز لوكالة «رويترز» إن «المعارضة كانت إيجابية جداً... إنها في وضع صعب إذ تتعرض للانتقادات داخلياً وللضغوط نتيجة قصف الغوطة الشرقية ومناطق أخرى».
واكتفى المبعوث الأممي الأسبوع الماضي بالتنقل بين غرفتي الوفدين، وتقديم وثيقة مبادئ أساسية جديدة من 12 نقطة خضعت لتعديلات عن الوثيقة السابقة التي قدمها خلال الجولات الماضية تحت عنوان «اللاورقة».
ميدانياً، وبعد ساعات من دخوله الحدود الإدارية لمحافظة إدلب، شمال سورية، طرد «داعش» مجدداً من إدلب بعد هجمات شنتها «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً)، وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «تحرير الشام» تمكنت بعد هجمات معاكسة وعنيفة، من طرد «داعش»، واستعادة المواقع التي تقدم إليها التنظيم في منطقة باشكون داخل الحدود الإدارية لإدلب. كما استعادت «تحرير الشام» السيطرة على قريتين حدوديتين، لتعاود تأمين حدود محافظة إدلب من دخول عناصر التنظيم إليها.
ومنذ خسارة معاقله الرئيسة في الرقة ودير الزور منذ منتصف العام الحالي، سعى «داعش» إلى موطئ قدم في إدلب، إلا أن جهوده فشلت حتى الآن بسبب الخلافات السياسية والأيديولوجية الكبيرة بينه وبين فصائل المعارضة في إدلب والتي ترتبط غالبيتها بـ «جبهة النصرة» التي أعلنت الولاء لـ «القاعدة»، العدو اللدود لـ «داعش».
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر