مثلت الجهود المكثفة التي سارعت بها مصر بهدف الوقف الفوري للتصعيد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، بوادر لمخرج من الأزمة ومحاولة لوقف نزيف الدم، تعول عليها الأطراف الإقليمية والدولية. ورغم إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رفضه أي وساطات في الوقت الحالي، توقع قياديون في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وخبراء متخصصون في الشأن العربي والفلسطيني، أن تسفر مساعي القاهرة عن خفض تدريجي لحدة الأزمة، ووقف التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة وعلى الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس.
وبادرت مصر بإرسال وفد أمني للتدخل لدى الفصائل الفلسطينية والجانب الإسرائيلي، في محاولة للوصول إلى مخرج للأزمة المتصاعدة التي وصلت ذروتها في آخر أيام شهر رمضان ومع حلول عيد الفطر، وسط توقعات بأن يتم التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار بين إسرائيل وغزة برعاية مصرية أميركية خلال 48 ساعة.
كما أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالا بنظيره الإسرائيلي جابي أشكنازي، مساء الأربعاء، أكد خلاله على "ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، وأهمية العمل على تجنيب شعوب المنطقة المزيد من التصعيد واللجوء إلى الوسائل العسكرية".
وقال القيادي في حركة "فتح" أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس جهاد الحرازين، إن "مصر لم تتأخر في الوقوف إلى جوار الشعب الفلسطيني منذ اندلاع الأزمة، بل تحركت منذ اللحظة الأولى للعدوان في سبيل التهدئة، وعبر اتصالات ومباحثات مع الفصائل الفلسطينية والجانب الإسرائيلي والأمم المتحدة ومجلس الأمن، لكن للأسف فشل الأخير في إصدار بيان ُطالب الاحتلال بوقف العدوان على شعب فلسطين".
وتوقع الحرازين في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن تسهم التحركات المصرية المكثفة للتهدئة في قطاع غزة، في التوصل إلى وقف إطلاق نار خلال اليومين المقبلين.
ويوضح القيادي في "فتح" أن مصر تواصل مساعيها عبر "ضغط كبير" على كافة الأطراف من أجل توفير الحماية للفلسطينيين ووقف العدوان، لافتا إلى أن "واشنطن أعلنت إرسالها مسؤول الملف الإسرائيلي الفلسطيني بوزارة خارجيتها لمساعدة مصر في الضغط على كافة الأطراف لوقف إطلاق النار".
ويصف الحرازين إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي برفض الاتفاق على التهدئة أو وقف إطلاق النار بأنه "تعنت إسرائيلي، وضرب بكل المناشدات الدولية عرض الحائط".
ومن جهة أخرى، اعتبر أن "الاجتياح الاسرائيلي البري لقطاع غزة غير وارد لأنها تعلم أنه سيكلفها الكثير، وستدفع الثمن باهظا حال إجرائه، لكن من المتوقع استمرار القصف الجوي والمدفعي ما يعني مزيدا من التهجير والتشريد للشعب الفلسطيني".
وأكد الحرازين على أن "كافة الفصائل المقاومة الفلسطينية أكدت التزامها بوقف إطلاق النار حال إيقاف الاحتلال هجومه على غزة، لكن الأمر على أرض الواقع أن الشعب الفلسطيني الأعزل لا يزال يتلقى ضربات بشكل متتالي، وبأسلحة إسرائيلية متطورة".
وفي السياق ذاته، يقول رئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية سمير راغب إنه "لا وقف إطلاق نار إلا بجهود مصرية، ومصر تتحرك بقوة في هذا الصدد"، لافتا إلى أن القاهرة لها معابر استراتيجية مع غزة، وهي "عنصر فاعل في أي مفاوضات تتدخل فيها لحل أي أزمات طارئة".
ولفت الخبير المصري إلى أن "مصر منفتحة على كافة الفصائل الفلسطينية، ولديها اتصالات مع الجانب الإسرائيلي، مما يؤهلها لتكون طرفا فاعلا في المفاوضات".
وتوقع راغب أنه "في أعقاب وصول الوفد الأمني والدبلوماسي المصري إلى قطاع غزة، سيكون هناك خفض نسبي في التصعيد لكن غير معلن، خوفا من إصابة أحد بنيران غير مقصودة"، موضحا أن "خفض التصعيد سيعقبه التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار برعاية مصرية، ثم عملية تثبيت لوقف إطلاق النار".
ويشدد رئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية، على أن "توعد نتانياهو بعمليات قاسية خلال الأسبوع المقبل سيواجه بمزيد من التحركات المصرية من أجل الضغط لتقييد تلك العمليات العدائية المحتملة، خصوصا أن العرب والمسلمين يقضون حاليا مناسبات دينية لها قدسيتها".
ويتابع راغب قائلا إن "مصر كانت على مستوى الحدث في التعامل مع الأزمة، سواء بإرسال مذكرة لأمين عام الأمم المتحدة أو مجلس الأمن"، متوقعا أن يسرع دخول الجانب الأميركي في مسار المفاوضات مع المسؤولين المصريين والإسرائيليين والفلسطينيين وأطراف أخرى، مفاوضات وقف إطلاق النار.
ويشير إلى أن "لهجة وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال اجتماع جامعة الدول العربية، والأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، حملت رسائل مباشرة بأن مصر لن تسمح باستمرار نزيف الدماء والخسائر والعدوان على الفلسطينيين، وهو ما يتضح في حديث شكري عن ارتكاب جرائم مخالفة للقانون الدولي".
قد يهمك أيضـــــــًا :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر