توعّد قائد جماعة متطرفة في مدينة درنة الليبية المشير ركن خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، بـ"مصير مشابه" للرئيس الراحل معمر القذافي، بسبب قصف قوات الجيش الوطني معاقل للمتشددين التابعين له هناك، وتزامن ذلك مع إغلاق مسلحين حقل الفيل النفطي، وسط اتهام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "الناتو" بـ"التسبب في انتشار الإرهاب في ليبيا، ودول أخرى مجاورة".
وتحاصر قوات الجيش الوطني مدينة درنة، الواقعة على ساحل البحر المتوسط (شمال شرقي البلاد)، منذ أكثر من عام، بهدف القضاء على متشددي ما يسمى "مجلس شورى ثوار درنة". وقال محمد المنصوري المتحدث باسم تلك الجماعة، في مداخلة تلفزيونية، إن "ما فعله الشعب الليبي بالقذافي سيفعله مع حفتر إذا تمادى، ولكن المدة لن تكون مثل بقاء القذافي".
وقصفت قوات الجيش الوطني الليبي مواقع تابعة بـ"مجلس شورى درنة"، التي تعتبر معقل جماعات متشددة شرق البلاد، في إطار التحضير لعمل عسكري موسع بهدف تحرير المدينة نهائياً. وهو ما جعل المدينة تعيش وضعا مأساويا. وفي هذا السياق قال سالم الدُوليّ، أحد سكان المدينة، إن "درنة تعاني حصاراً خانقاً، وقوات غرفة عمليات عمر المختار على أبوابها منذ أكثر من سنة"، مضيفاً لـ"الشرق الأوسط" أن "الأهالي يعيشون حالة من الذعر عندما يسمعون صوت إطلاق القذائف. إلى جانب معاناتهم من نقص بعض المواد الغذائية".
من جهة ثانية، تسبب احتجاج حرس المنشآت النفطية في إغلاق حقل الفيل النفطي، جنوب غربي البلاد، لكن مصدراً وصفته "رويترز" بالمطلع، قال إنه تم إغلاق الحقل الذي كان ينتج 70 ألف برميل يومياً، صباح أمس بسبب وجود مجموعات مسلحة في المنطقة. وجرت مفاوضات أول من أمس بهدف إنهاء احتجاج القوة الأمنية في الحقل، والذي أدى لإجلاء الموظفين غير الأساسيين في اليوم السابق، وفقا لما ذكرته مصادر.
ميدانيا، حمّل المجلس الأعلى لورشفانة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس "قيام قوة الردع الخاصة، التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوفاق، بالدخول لمصرف الماية (غرب طرابلس) وإطلاق النار، ما نتج عنه سقوط قتلى أبرياء في عمليات عسكرية غير مبررة، ولا تعكس حسن التصرف والحكمة من المجلس الرئاسي والقوات التابعة له"، لكن المتحدث باسم القوة نفى لـ"الشرق الأوسط" ذلك.
وأضاف المجلس الأعلى في بيان أمس أن الواقعة تمثل "جريمة ضد الإنسانية راح ضحيتها عدد من الأبرياء" في عمل وصفه أنه "همجي وخارج عن القانون"، داعياً المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين. وسبق لـ"قوة الردع" اعتقال عدة مسلحين، قيل إنهم سيطروا على مصرف الصحاري فرع الماية (غرب طرابلس)، بعد مقتل شخص وإصابة آخرين من المهاجمين.
وسعياً منه لحلحلة الأزمة في البلاد، والعودة إلى الحوار، عقد سلامة سلسلة لقاءات مع نواب وأعضاء في المجلس الرئاسي في طرابلس، خصصت لبحث الأوضاع المتردية في البلاد، بما في ذلك ملفي التعليم والصحة. وقالت البعثة الأممية في تعليق على "تويتر"، إن سلامة التقى أحمد معيتيق، النائب الأول لرئيس المجلس الرئاسي، لمناقشة نتائج لقاءاته الأخيرة عن ليبيا.
من جهته، أوضح معيتيق عبر صفحته على "فيسبوك" أن اللقاء الذي عقد بديوان رئاسة الوزراء، تضمن مناقشة أهم المواضيع على الساحة الليبية، وخطوات المرحلة المقبلة، وأولويات تنفيذها "لضمان تحقيق الاستقرار في مختلف المجالات". وبعيداً عن مشاكل السياسة، أبدى سلامة إعجابه بالبرتقال الليبي، معددا أوصافه في تغريدة على موقع "تويتر"، الأمر الذي أثار دهشة سياسيين ليبيين، ودفعهم للتعليق على ذلك بالقول إن سلامة "تمكن من حل المعضلات الليبية واتجه للتغزل في البرتقال"!
وقال سلامة: "لقد أعاد البرتقال الليبي الأنيق القوام، الجميل اللون، واللذيذ الطعم، مذاقاً عرفته في طفولتي وكدت أنساه، (أبو صره) طبعاً، و(الشموطي) خصوصاً، وقد احتفظ في ليبيا بتلك النكهة الفريدة التي فقدها في غيرها من البلدان". في غضون ذلك، عقد السفير البريطاني لدى ليبيا فرانك بيكر، لقاءات عدة بأطياف مختلفة في البلاد، بدأها بنائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، ووزراء الخارجية والداخلية والحكم المحلي بحكومة الوفاق، وأعضاء من المجتمع المدني.
وقال بيكر في تغريدة على حسابه بـ"تويتر": "تعلمت الكثير خلال الأسابيع الأولى لي في طرابلس حول الانقسامات، التي تسبب في معاناة عظيمة للشعب الليبي... والتقيت بشباب رائعين، وتعهدت لهم بأن أبذل ما في وسعي لدعم التوصل إلى حلٍ سياسي في ليبيا. لكن القرارات المهمة التي تخص المصالحة وتقديم التنازلات، لا بد أن تأتي من الليبيين أنفسهم".
وتولى بيكر مهام عمله على رأس البعثة الدبلوماسية البريطانية لدى ليبيا مطلع فبراير/شباط الجاري، خلفا للسفير السابق بيتر ميليت. في شأن آخر، انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ما سماه "تصرفات دول حلف (الناتو) في الشرق الأوسط"، وقال في كلمة ألقاها في جامعة بلغراد، مساء أول من أمس، بحسب "نوفوستي"، إنها "لم تؤد سوى إلى انتشار التطرف في المنطقة".
وأضاف لافروف، الذي كان يتحدث عن "سياسة الغرب الهادفة إلى جر دول البلقان إلى الناتو" أن "تحركات دول الحلف في العراق وليبيا، وسائر دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تولد التطرف وتزرع الفوضى، وتوفر أرضية خصبة لظهور إرهابيين جدد".
وعلى صعيد غير متصل، دانت منظمة العفو الدولية عمليات الاعتداءات والاختفاء قسرياً، المرتكبة ضد الصحافيين، والنشطاء، والمدافعين عن حقوق الإنسان في ليبيا من قبل من سمتهم بـ"الجماعات المسلحة، والميليشيات الموالية لسلطات مختلفة تابعة للحكومات المتنافسة" في ليبيا.
واتهمت المنظمة في تقرير أصدرته أمس، وتناقلت وسائل إعلام محلية مقتطفات منه، قوة "الردع الخاصة" بأنها ارتكبت سلسلة من عمليات الاعتقال، مستهدفة بعض الأشخاص بسبب ممارستهم لحقهم في حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، وغيره من الحقوق، بطريقة سلمية، محذرة "من انتشار التعذيب في السجون"، وقالت إن هناك الآلاف محتجزون من دون تهمة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر