أثار مقتل طفل سوداني وإصابة شقيقه برضوض وكسور خطيرة جراء دهسهما بسيارة دفع رباعي أمنية، غضباً شعبياً واسعاً في السودان، وهو ما اعتبره معارضون امتداداً لاستخدام القوات الأمنية للعنف غير المسؤول تجاه المواطنين، ما دعا "تجمع المهنيين السودانيين" والقوى الحليفة المواطنين الى الاستعداد ليوم جديد من المواكب والمظاهرات في معظم أنحاء البلاد.
وأوضح مصدر مطلع أن طفلاً قتل وأصيب شقيقه إصابة بليغة، إثر دهسهما بسيارة دفع رباعي من طراز "لاند كروزر بك آب" تتبع لجهة أمنية حكومية، وهروب سائقها.
أقرأ أيضًأ :الخرطوم تؤكد بيان"الترويكا" تدخلاً فى الشؤون الخاصة للسودان
وحدثت عملية الدهس في ضاحية "السامراب" شمال الخرطوم، منتصف ليل الثلاثاء، واصطدمت العربة التي كانت تسير بسرعة جنونية، بعمود كهرباء، قبل أن تدهس الطفلين أمام منزلهما، ثم ولى سائقها الأدبار.
ولم يقتنع كثير من النشطاء بأنه حادث سير وقضاء وقدر، وذلك استناداً إلى حوادث سابقة تم دهس متظاهرين خلالها، وشوهدت خلال حملات قمع المظاهرات سيارات "لاند كروزر بك آب" دون لوحات، وعليها رجال ملثمون بثياب رسمية ومدنية، وهم يطاردون المتظاهرين في وسط الأحياء بهدف الدهس.
وتداول النشطاء صوراً وفيديوهات لعربات من طراز "لاند كروز" رباعية الدفع، ويطلقون عليها اسماً محلياً "تاتشر"، وهي تطارد متظاهرين في حي بري شرق الخرطوم، كادت تزهق أرواح بعضهم، ما أدى لاصطدامها بعربة ثانية كانت تطارد المتظاهرين هي الأخرى، وتداولوا فيديو لعربة من الطراز ذاته يقودها سائقها بتهور لافت، وكادت تتسبب في مقتل عدد من المتظاهرين، لكنها سقطت في أحد المجاري وفرّ قائدها هارباً.
ونقل بيان صادر عن "تجمع المهنيين السودانيين" أن الطفل مؤيد ياسر جمعة البالغ 5 سنوات قُتِل دهساً بسيارة "تتبع لميليشيات النظام"، فيما نقلت صفحة المكتب الصحافي للشرطة، أن الحادث نتج عن اصطدام عربة عسكرية من طراز "لاند كروزر" بعامود كهرباء، ثم انحرفت إلى المنزل ودهست الطفلين.
وذكر البيان أن الشرطة ألقت القبض على الجناة، وقامت بتسليمهم لشرطة مرور منطقة بحري، تمهيداً لمحاكمتهم وفقاً لقانون الطوارئ، وأن الحادث فردي ولا علاقة له بالاحتجاجات هو حادث مروري فقط، ولم يكن من يستغلون العربة العسكرية في مهمة رسمية.
ونقلت لجنة الأطباء المركزية (معارضة) أن الطفل مؤيد ياسر توفي متأثراً بإصابته، فيما أصيب شقيقه محمد البالغ من العمر 6 سنوات، بإصابات خطيرة في الصدر سببت له نزفاً في الرئتين.
وذكر البيان أن الحادث فردي ولا علاقة له بالاحتجاجات، وقال: "هو حادث مروري فقط، ولم يكن من يستغلون العربة العسكرية في مهمة رسمية".
وأدان "تجمع المهنيين السودانيين" الحادث، واعتبره استمراراً لما أطلق عليه "الجرائم التي تنتهجها الحكومة"، ودعا المواطنين للتجمع أمام المستشفى حيث يرقد الطفل الجريح لإسناد ومؤازرة أسرته، وفور الدعوة هرع المئات للمكان، بيد أن الأجهزة الأمنية سارعت إلى تفريقهم.
وغير "تجمع المهنيين السودانيين" تكتيكاته في التظاهر؛ فبعد أن كان يخصص "يوم الخميس" من كل أسبوع لموكب موحد، كثف دعواته لتسيير مظاهرات ومواكب في الأحياء والمدن تمام الساعة الواحدة ظهر اليوم. وذكر في بيان أن "مواكب التحدي" ستتحرك من 5 مناطق في مدينة الخرطوم بحري، و5 مناطق في شرق النيل، ومن 11 موقعاً في مدينة أم درمان بما في ذلك منطقة سوق البوستة، وأكثر من 15 موقعاً في الخرطوم، بالإضافة إلى عدد من المدن والولايات، ومن بينها أحياء بري والعباسية التي ظلت تشكل هاجساً أمنياً للسلطات منذ اندلاع الاحتجاجات.
وأعلن التجمع في بيان آخر أن عدداً من المؤسسات والمناطق نظمت كثيراً من الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات، أمس، في أنحاء البلاد المختلفة، رفعوا خلالها لافتات تطالب بسقوط نظام الحكم، ورددوا هتافات مناوئة لحالة الطوارئ طالبوا خلالها بتنحي الرئيس عمر البشير وحكومته.
وقال رئيس الوزراء الجديد محمد طاهر أيلا، في تصريحات عقب لقائه الرئيس البشير بالخرطوم أمس الأربعاء، إنهما اتفقا على عدد من الإجراءات والقرارات ستُتخذ في الأيام المقبلة، تتعلق بقضايا اقتصادية تتضمن "إزالة الثغرات والجوانب التي أدت، وستؤدي، إلى الإضرار بالمسار الاقتصادي في البلاد".
وتعهد أيلا بمراجعة الرسوم والضرائب المفروضة على السلع، وضمان تفعيل إجراءات انسياب وصول الخبز والدواء والوقود والتمويل وصناعة الأدوية.
وقال إيلا إنه وبالتشاور مع الرئيس البشير، سيعملان على تشكيل "حكومة كفاءات قادرة على معالجة قضايا الوطن، وتلبية احتياجات المواطنين".
وعلى الرغم من فرض الرئاسة السودانية لأحكام الطوارئ لمدة عام في البلاد، الجمعة الماضي، فإن التظاهرات والوقفات الاحتجاجية والمواكب لم تتوقف، وتعهد تجمع المهنيين السودانيين والقوى المتحالفة معه باسم "قوى الحرية والتغيير" بمواصلة التظاهر والاحتجاج والإضراب، حتى سقوط نظام حكم الرئيس عمر البشير.
وقالت الرئاسة السودانية، أمس، إن "حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس عمر البشير، يوم الجمعة، هي من أجل مواجهة تخريب الاقتصاد وليست لقمع الاحتجاجات، على الرغم من تأكيد الرئيس وقتها أنها تستهدف التجمهر والتظاهر بطريقة غير مرخصة، وعد التقليل من هيبة الدولة، جريمة عقوبتها السجن بما لا يقل عن عشر سنوات والغرامة.
وأوضح النائب الأول للرئيس عوض بن عوف، بعد لقاء مع الرئيس عمر البشير، أمس، أن "حالة الطوارئ فُرِضت بعد الأزمة وليس أثناءها"، وأنها "فُرِضت لوقف تخريب الاقتصاد وضياع الموارد وتسرب المال"، وأن حالة الطوارئ ليس مقصوداً بها قمع المظاهرات، وأضاف: "فرض حالة الطوارئ جاء استجابة لدواعي فرض الأمن والأمان، وتطبيق الأحكام، وإشاعة العدالة والاستقرار البلاد".
وفي وقت لاحق، أصدرت وزارة الخارجية السودانية بيانا أكدت فيه ان البيان الذي نشرته السفارة الأميركية في الخرطوم على موقعها الإلكتروني باسم دول "الترويكا" يعتبر في مجمله "تدخلاً فظاً في الشؤون الخاصة للسودان".
وقالت الخارجية إن "البيان تجاهل أن إعلان حالة الطوارئ وما أعقبه من أوامر تم وفقاً لدستور البلاد، كما تجاهل بيان الترويكا:" تأكيدات الرئيس البشير بالحرص على حماية الحقوق والحريات وتحقيق العدل. كما تجاهل البيان أن "الأوامر التي صدرت بموجب حالة الطوارئ لم تعلق أي من الحريات أو الحقوق وإنما هدفت بالأساس للتأكيد على الالتزام بالقانون عند ممارسة هذه الحقوق واستهدفت الممارسات الاقتصادية الضارة بالاقتصاد الوطني والفساد".
وقد يهمك أيضًا :البشير يقيّد الحركة الاحتجاجية ومسؤول في حزبه يصفه بانقلاب أبيض
تقرير دولي يفضح خطورة انتهاكات حقوق الإنسان في جنوب السودان لا يمكن تصديقها
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر