كشف وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون، أسباب فشل بريطانيا في وضع خطة للخروج من الاتحاد الأوروبي، مرجعًا ذلك إلى تهاون الحكومة البريطانية، مما شجع الاتحاد الأوروبي على ممارسة دوره الحالي ورفض خطة رئيسة الوزراء تيريزا ماي للخروج.
وقال جونسون في مقال نشرته صحيفة "دايلي تيلغراف" البريطانية، "حين نأتي الآن إلى الأشهر الأخيرة من مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سنصل في النهاية إلى لحظة الحقيقة، ولا يقتصر الأمر على أننا يجب أن نقرر نوع العلاقة التي نريدها مع الاتحاد الأوروبي، حيث يجب أن نقرر من نحن، إذا كنا نؤمن حقا بأهمية مؤسساتنا الديمقراطية، يجب أن نقرر ما إذا كان لدينا الشجاعة للوفاء بتعليمات الشعب، لمغادرة الاتحاد الأوروبي واستعادة السيطرة على قوانيننا وحياتنا".
وأضاف "الأسابيع القليلة المقبلة حرجة، إذا ما واصلنا السير على الطريق الحالي، أخشى الخيانة التي ربما تمتد لعقود، فمن تطور الديمقراطية البرلمانية إلى الثورة الصناعية، كان البريطانيون أول من تحركوا، لقد كانوا أكثر استعدادا لتحدي الحكمة المستقبلة، وكشف المصالح المكتسبة ووضع قادتهم على المحك، لذلك لم يكن من المدهش في يونيو/ تموز 2016 التصويت لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي، لأن لديهم نظرة واضحة على الطريقة التي تعمل بها هذه المؤسسة وأخطاءها الواضحة، لقد رأوا جسدا تطور إلى ما هو أبعد من "السوق المشتركة"، حيث تمت دعوتهم للانضمام".
وأشار "تم إخبار البريطانيين أنه من الضروري سياسيا بالنسبة لهم البقاء في الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك، فقد رأوا مؤسسة تستجيب لكل مشكلة بدعوة لمزيد من التكامل إلى درجة أن لديها الآن خمسة رؤساء، تم تحذير البريطانيين من أنه من الضروري اقتصاديا بالنسبة لهم البقاء في الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك لاحظوا أن مشروع الاتحاد الأوروبي الاقتصادي، وهو اليورو، قد دفع الملايين من الشباب إلى بؤس البطالة في جميع أنحاء البحر المتوسط، حيث لا يزال 21% من سكان اليونان في حالة من الحرمان المادي الشديد حسب يوروستات".
وأوضح "وأشاروا إلى أن حجم واحد يناسب جميع نماذج الاتحاد الأوروبي للتنظيم، وفقا للخزانة نفسها، ربما يكلف ذلك نحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن الاتحاد الأوروبي هو منطقة نمو منخفض وذات مستوى منخفض من الابتكار، وأن مؤسسات الاتحاد الأوروبي نفسها هائلة والثروات الباهظة لأموال دافعي الضرائب".
ولفت "وفي التصويت على المغادرة، أظهر البريطانيون حكما جيدا حول الاتحاد الأوروبي، ولكن أيضا حول أنفسهم، فقد فهموا بشكل غريزي العلاقة بين الحرية السياسية البريطانية والتقدم الاقتصادي، ورأوا في اقتصاد العولمة كيف يمكن أن يكون للمملكة المتحدة مستقبل مجيد، وقرروا أن هذه هي الفرصة، لاستعادة السيطرة على نظام الهجرة الخاص بهم، بحيث يمكن للمملكة المتحدة جذب المزيج الصحيح من المواهب من الخارج، وهكذا لن يكون لدى الشركات البريطانية عذرا لعدم الاستثمار في مهارات الشباب أو المعدات الرأسمالية".
لن يدعم بوريس جونسون الاستفتاء الثاني
وذكر جونسون "كانت هذه لحظة استعادة السيطرة على المبالغ الضخمة التي يتم تقديمها أسبوعيا إلى الاتحاد الأوروبي، ولإنفاقها على الأولويات البريطانية مثل نظام الصحة، لقد حان الوقت لاستعادة السيطرة على كل ديمقراطياتهم، لضمان أن القوانين لم تكن فقط تصب في مصلحة الشعب البريطاني والأعمال التجارية، ولمساندة الابتكار في المملكة المتحدة، ولكن أن الشعب البريطاني سيكون قادرا على إزالة المشرعين من السلطة بالطريقة الديمقراطية العادية".
وقال "أظهرت استطلاعات الرأي أنه ليس الهجرة، ولكن القلق بشأن تقرير المصير الوطني، وهذا هو الاعتبار الوحيد الأكثر أهمية الذي شجع الناس على التصويت، باختصار، رأوا خيارا بين الاتحاد الأوروبي المتصلب، وفرصة القيام بالأشياء بشكل مختلف، بين البقاء في الداخل، والاحتجاج على الدوام، والذي دائما ما يتم تنفيذه من خلال عملية الفيدرالية، واغتنام الفرص المتاحة لاقتصاد متغير وإجراء صفقات جديدة للتجارة الحرة حول العالم، صوتوا لصالح الحرية، ولكن يجب الاعتراف للأسف، أنه على هذا المعدل لن تتحقق آمالهم".
فشل المفاوضات حتى الآن
وأضاف وزير الخارجية السابق "من المقبول على نطاق واسع أن المملكة المتحدة تعد الآن في موقف ضعيف في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، ولا شك أن اقتراحات خطة تشيكرز لا تحظى بشعبية لدى جمهور الناخبين في المملكة المتحدة، وتم رفضها رسميا على الأقل من قبل أصدقاء الاتحاد الأوروبي، وإذا كان لنا أن ننجح في المحادثات، فعلينا أولا أن نفهم كيف وصلنا إلى هذا الموقف".
وأوضح "كان من الواضح منذ بداية أن حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، كانت في قبضة عدم اليقين القاتل حول ما إذا كانت ستترك الاتحاد الجمركي أم لا، ولا يزال الوزراء والمسؤولون يتأثرون إلى حد كبير بمنطق مشروع الخوف، الذي تم الإعلان عنه في العديد من الحالات في سياق حملة الاستفتاء، لقد زعموا أنه سيكون هناك عطل كبير، وكانت النتيجة هي أنه منذ البداية كانت الحكومة البريطانية قد عمت عجزا واضحا عن الهدف، وهو إحجام عن اتخاذ أي نوع من الإجراءات لإيصال أهم متطلبات عملي لخروج بريطانيا".
وألمج جونسون "وسرعان ما اكتشف شركاؤنا هذه العصبية الأساسية، سواء في بروكسل والأهم في دبلن، أدركوا أن بعض الأصوات الأكثر أهمية في حكومة المملكة المتحدة، ولا سيما وزارة الخزانة، احتفظت بالكراهية السابقة للاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ورأوا على وجه الخصوص أن المملكة المتحدة لم تكن لديها الإرادة السياسية في ابتكار ودفع الحلول الصارمة من أجل توفير حدود جمركية ناعمة غير مزعجة في إيرلندا الشمالية، وبدلا من ذلك، أدرك المفاوضون الأوروبيون أن لديهم طريقا لتحقيق النصر في نهاية المطاف في المفاوضات".
ويرى "قدموا حلاً مختلفا، حيث يجب أن تظل الأنظمة في أيرلندا الشمالية كما هي حاليا، بحيث لا تكون هناك حاجة لإجراء فحوص من أي نوع، وأثار هذا بالطبع شبح الحدود في البحر الايرلندي، وبالتالي تهديدا للاتحاد بين بريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية، وكانوا يعلمون أن هذا غير مقبول لأي حكومة بريطانية، وأن لندن ستضطر بدلا من ذلك إلى الضغط من أجل بقاء المملكة المتحدة بأكملها في الاتحاد الجمركي، وأجزاء كبيرة من الجهاز التنظيمي للاتحاد الأوروبي".
ويوضح "هذا ما حدث بالضبط، هذا هو الطريق الفكري الذي تعثرنا به وتعرضنا للوهلة الأولى في مساندة 8 ديسمبر/ كانون الأول الإيرلندية الشمالية، والآن في مقترحات خطة تشيكرز. وكان من بين الأعراض الأخرى الافتقار التام إلى الإدانة التي شرعت بها المملكة المتحدة في هذه المحادثات التي قبلنا بها بخنوع بالتسلسل المقترح من الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني أننا وافقنا فعليا على دفع 40 مليار جنيه إسترليني كرسوم خروج دون أي ضمانات فيما يتعلق بالعلاقة المستقبلية، ثم كانت هناك الانتخابات، والتي من المؤكد أنها لم تساعد في إضعاف الحكومة إلى حد كبير فقط في الداخل، ولكن في نظر شركائنا من خلال هذا الخطأ الاستراتيجي الخطير، الذي كلف المحافظين الأغلبية".
وقال "ولكن الفشل الأعظم الوحيد هو التأخير المروع الذي لا يمكن تفسيره للحكومة في تحديد رؤية لماهية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومع نفاد الوقت المتاح لبريطانيا، تم نقل المبادرة إلى نظرائنا على الجانب الآخر من الطاولة، وبشكل مخزٍ، لم يتم القيام بأي استعدادات مناسبة للمغادرة بشروط منظمة التجارة العالمية".
وأوضح "كانت النتيجة الصافية للمفاوضات التي دامت سنتين هي ضمان حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي كان من الممكن ويجب القيام به في اليوم الأول من جانب واحد، لدفع أكثر من 40 مليار جنيه استرليني مقابل لا شيء في المقابل، والتفاوض على فترة انتقالية ستبقى بها المملكة المتحدة فعليا في الاتحاد الأوروبي لمدة عامين آخرين وتحت الشروط الأكثر إهانة، دون أن يكون لها رأي في القوانين أو الضرائب التي يجب على هذه البلد احترامها. وإذا ما انقسمت المفاوضات بشأن اتفاق التجارة في المستقبل لسبب ما، فقد وافقنا كذلك على البقاء في الاتحاد الجمركي إلى أجل غير مسمى، من أجل الحدود الإيرلندية مما يجعل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عديم المعنى".
وأكد "كان هناك فشل جماعي للحكومات، وانهيار للإرادة من قبل المؤسسة البريطانية، لتنفيذ ولاية الشعب، صحيح أن الاتحاد الأوروبي قد أجرى المفاوضات وكأنه يتعامل مع خصم وليس بلدا صديقا يريد ببساطة أن يحكم نفسه، لكن موقف الاستسلام في المملكة المتحدة هو الذي مكن الاتحاد الأوروبي من الإفلات والتصرف على هذا النحو".x
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر