آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

لأنه ليس لديهم تاريخ سياسي واجتماعي كاف للقيام بمثل هذه الخطوة

الشعب الفرنسي يغار من قرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي

اليمن اليوم-

اليمن اليوم- الشعب الفرنسي يغار من قرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي

الرئيس إيمانويل ماكرون و تيريزا ماي
باريس ـ مارينا منصف

كانت القناة الإنجليزية أو ما يعرف بـ"بحر المانش" تمثل دائمًا لدى الفرنسيين رمزية كبيرة من الإحساس بترابط الأمة، ولكن اليوم تمثل هوة سياسية دائمة الاتساع. خصوصًا بعدما تعهدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي باحترام نتائج الاستفتاء العام الماضي واستعادة دور بريطانيا كدولة مستقلة. ولكن في باريس وفي يوم 7 مايو/أيار، احتفل الرئيس إيمانويل ماكرون بفوزه الانتخابي على صوت النشيد الأوروبي، بدلا من النشيد الوطني الفرنسي "مرسيلياز"، ودعا بعد ذلك إلى تكاملٍ أعمق في الاتحاد الأوروبي.

ولكن ما الذي يكمن في قلب هذه الرؤى المتعارضة جذريا؟ الإجابة على هذا الأمر بالغة الأهمية مع تزايد قتامة الغيوم التي تُخيم على مفاوضات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي "بريكسيت" والعواصف السياسية التي تثيرها هذه الخطوة. وكجزء مهم من الجواب هو أنه من الأسهل بكثير على الرجل الفرنسي العادي تسليم سيادة بلاده إلى الاتحاد الاوروبي في بروكسل مقارنة بنظيره البريطاني. ويعتبر ذلك لأن مؤسسات بريطانيا لديها أصول أعمق، وبالتالي قيادة الولاء أكبر؛ وليس لديهم أصل أطول بكثير فحسب بل لا يمكن فصلهم عن تطورنا كأمة.

ومن السهل أن ننسى أن المؤسسات السياسية والدستورية في فرنسا هي اختراعات حديثة نسبيًا، لم تنقسم إلا في القرنين التاسع عشر والعشرين. وأدت تشنجات الثورة عام 1789 إلى تمزيق الصلة التاريخية بين الأمة الفرنسية ومؤسساتها، وعانت فرنسا بعد ذلك من سلسلة من التجارب الدستورية، التي كان الكثير منها قصير الأجل وغير ناجح. وقد تأسس دستورها الحالي، الجمهورية الخامسة، فقط في عام 1958، ويظهر عمرها المستمر 59 عامًا، حسب المعايير الفرنسية، طول العمر النسبي. بيد أن أمتنا لم تنج من صدمة الثورة، وبالتالي أصبحت لا يمكن تمييزها عن مؤسساتها التقليدية.

وكل من البرلمان والنظام الملكي لديهما أصول قديمة، نشأت في الدستور القديم من العصر "الساكسوني" الذي كان في وقت لاحق يعتز بها البرلمانيون مثل السير إدوارد كوك. وثم تطور هذا إلى التسوية الدستورية لعام 1688 التي بقيت كما هي إلى حد كبير حتى يومنا هذا.

ولا يوجد تباين أوضح بين البلدين من دور برلماناتهما الوطنية. ففي فرنسا، قبل الثورة، اجتمعت هيئة تمثيلية وطنية فقط في عامي 1614 و1789. وفي وقتٍ لاحق، لم يكن لدى الجمعية الوطنية الفرنسية سوى ناخبين مقيدين، وبالنسبة لكثير من المواطنين، بدا أن الانتخابات المحلية أكثر أهمية من الانتخابات الوطنية. وحتى ظهور الجمهورية الثالثة في عام 1870، كانت تهددها وتقوضها باستمرار مخاطر مثل الاستفتاء والسلطات العامة وتزوير الأصوات.

وحتى ذلك الحين، كانت السلطة الحقيقية في كثير من الأحيان تقع على عاتق البيروقراطيين غير المنتخبين الذين قدموا بعض العقبات أمام الاستقرار في البحار الفرنسية القاسية التي عانت من الفوضى السياسية شبه المستمرة. ويمكن للفرنسيين اليوم أن يستسلموا أكثر من ذلك بكثير عبر تسليم مؤسساتهم إلى الاتحاد الاوروبي في روكسل.

ولكن بغض النظر عن ماهية هذه الأصول بالضبط، فإن التباين عبر القنوات مع اصطناع المؤسسات الدستورية الفرنسية واضح؛ مقارنة بـ"الثبات غير القابل للتغيير"، وكما قال المفكر السياسي، إدموند بورك، يمارس برلماننا إرادته السيادية عبر العصور مع الاتساق وأن حرم الآخرين من ذلك. والبرلمان، مثل المنحدرات البيضاء في دوفر، علامة لا لبس فيها وفريدة من نوعها بالنسبة للبريطانيين.

وعلى النقيض من ذلك، فإن السطحية النسبية للمؤسسات الفرنسية تتجلى في جميع الطرق؛ فقد أظهر الفرنسيون تاريخيا يميل أكثر وضوحا للثورة والأناركية وليس سيادة القانون؛ والحراك بدلا من الحوار؛ وللانقلابات العسكرية، الحقيقية كما في 1851 أو المخطط لها كما في عام 1961 - بدلا من التفاوض؛ والتطرف على الاعتدال. ولا توجد مثل هذه التشابهات في قصة في بريطانيا.

وإذا أرادت بروكسل تعزيز سلطاتها وإدماج الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشكل أوثق، فستظل بحاجة إلى حساسية تاريخية حقيقية. وليس من قبيل المصادفة إن الأمة الفرنسية قد بنيت على خوف جماعي واستياء وغيرة، وأن نجاح مؤسسات بريطانيا وطول أمدها لا يزال اليوم يثير إعجاب وحسد العديد من المواطنين الفرنسيين.

alyementoday
alyementoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشعب الفرنسي يغار من قرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي الشعب الفرنسي يغار من قرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي



إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:44 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

أجواء عذبة عاطفياً خلال الشهر

GMT 01:05 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة هند صبري تكشف تفاصيل إنتاجها لأفلام الإنترنت

GMT 10:33 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

روما يهزم برشلونة الثلاثاء عن طريق اللاعب دجيكو

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 04:25 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

كاتي بيري تلفت الأنظار إلى فستانها البني الأنيق

GMT 21:10 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

يوفنتوس سيجاري عرض أرسنال الخيالي لضم مبابي

GMT 01:57 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

حنان ترك تظهر في عيد ميلاد توأم زينة وتخطف الأضواء

GMT 15:40 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

دينا راغب بإطلالة فرعونية تتخطى 150 ألف دولار

GMT 03:21 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تستعمل الأغاني بدلًا من أصوات المحركات المزعجة

GMT 21:31 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

"غوغل" تحدث ميزات جديدة للمستخدمين في15 دولة العالم العربي
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen