كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة، إن سجالاً روسياً ـ غربياً دار في جلسة مغلقة عن تقرير لجنة العقوبات الأممية بشأن اليمن، في الوقت الذي كشف فيه دبلوماسيون عن دعوة المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، أعضاء مجلس الأمن إلى زيارة واشنطن في 29 يناير (كانون الثاني) الحالي، وترمي دعوة المندوبة الأميركية لإجراء لقاءات رفيعة المستوى، يتوقع أن تشمل اجتماعاً مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والاطلاع على المعلومات المتوافرة لدى الولايات المتحدة عن تورط إيران في تصدير الأسلحة، ومنها الصواريخ الباليستية، إلى جماعة الحوثي في اليمن، ودورها في زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، ولا سيما “حزب الله” اللبناني.
وقال دبلوماسي مطلع على التحضيرات الجارية لترتيب الزيارة: إن “هيلي تعتزم دعوة زملائها لمعاينة أجزاء وبقايا من الصواريخ الباليستية التي أطلقها الحوثيون على الرياض ومدن سعودية أخرى، والتي تظهر أن مصدرها إيران”، فضلاً عن “معلومات أخرى ذات صلة بهذا الملف”. ويتضمن برنامج زيارة أعضاء مجلس الأمن إحاطات من مسؤولين وخبراء في مجلس الأمن القومي بشأن تورط إيران في زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما عبر “حزب الله” اللبناني، فضلاً عن تنظيمات أخرى تدور في فلك طهران.
وتحظر القرارات الدولية 2140 و2216 و2231 الصادرة عن مجلس الأمن، على إيران تصدير الأسلحة وتطوير الصواريخ الباليستية التي يمكن أن تستخدم لحمل رؤوس حربية نووية.
وفي جلسة مغلقة شهدت سجالات بين ممثل روسيا من جهة والمندوبين الغربيين من الجهة الأخرى، بحثت لجنة العقوبات الدولية على اليمن بموجب القرار 2140 في التقرير الأخير الذي أصدره خبراء لجنة العقوبات، والذي تضمن معلومات موثقة عن مصادر الصواريخ الباليستية التي يستخدمها الحوثيون، وبالعودة إلى السجال الروسي ـ الغربي، قالت المصادر: إن ممثل روسيا تدخل خلال عرض تفاصيل التقرير الذي أعده خبراء لجنة العقوبات حديثاً، وما يتضمنه من أدلة جديدة على تورط إيران في إمداد جماعة الحوثي بالأسلحة والعتاد، ومنها الصواريخ الباليستية في انتهاك للفقرة 14 من القرار 2216.
وأضافت المصادر أن التدخل شمل اعتراض موسكو على بعض المضامين الواردة في التقرير والتشكيك بالأدلة الواردة فيه، ولا سيما لجهة أن “هناك مؤشرات قويّة على إمداد بمواد ذات صلة بالأسلحة المصنعة في، أو المصدرة من الجمهورية الإسلامية في إيران”، وأوضح فريق الخبراء، أنه “بعد التحقق من حطام صواريخ 22 يوليو (تموز) و4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، اتضح أن تصاميم الحطام مشابهة مع التصميم الإيراني لصواريخ قيام 1؛ مما يعني أن الصواريخ تم صنعها من المصنع نفسه”. كما أن “حطام الصواريخ وجد عليه علامات مشابهة لشعار شركة صناعات الشهيد باقري الإيرانية”. وأضاف أن “تحالف الحوثي - صالح تمكن من الحصول على تكنولوجيا صاروخية أكثر تطوراً من ذات مخزونهم في يناير 2015 (سكود سي) و(هواسونغ 6) ويصفون هذه الصواريخ باسم (بركان 2 هـ)”.
وخلص الخبراء إلى أن “استخدام صاروخ (بركان 2 هـ) ضد أهداف مدنية في السعودية يعتبر انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي”، ويفيد التقرير في فقرة منفصلة بأن “فريق الخبراء حدد من خلال حطام الصواريخ هذه، أن لديها علاقة بمعدات عسكرية وطائرات عسكرية من دون طيار ذات مصدر إيراني، وتم إدخالها إلى اليمن بعد فرض الحظر المفروض على الأسلحة”، مؤكداً أن “إيران لا تمتثل للالتزامات الواردة في الفقرة 14 من القرار 2216 لعام 2015؛ إذ إنها لم تتخذ التدابير اللازمة لمنع التوريد أو البيع أو النقل بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى تحالف الحوثي - صالح الصواريخ الباليستية (بركان 2 هـ) القصير المدى وخزانات تخزين ميدانية للأكسدة ثنائية الدفع السائل للصواريخ والطائرات من دون طيار من طراز (قاصف 1) و(أبابيل ت)”،
ومن المتوقع أن يصدر التقرير خلال الأيام القليلة المقبلة من دون إدخال أي تعديلات عليه، علماً بأن البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة كتبت رسالة غير رسمية إلى لجنة العقوبات تعترض فيها على ما أورده الخبراء الدوليون من معلومات، وكانت هيلي عرضت سابقاً بقايا صاروخ باليستي انطلق من اليمن في اتجاه السعودية، وأسقط بواسطة الدفاعات الصاروخية السعودية قبل سقوطه على مطار العاصمة الرياض في شهر نوفمبر الماضي. وأضافت أن بقايا الصاروخ “كان عليها ملصق صنع في إيران أيضاً”، مشددة على أن إيران “تنتهك قرارات الأمم المتحدة”. وأوضحت أن “التفاصيل التقنية الخاصة بالصاروخ تتضمن غياب زعانف التثبيت وسلسلة من الصمامات على الجانب؛ مما يشير إلى أن الصواريخ من صناعة إيرانية”.
وأكدت أن “تلك الصواريخ لديها القدرة على قتل مئات المدنيين”؛ مما يسلط الضوء على “حقيقة لا يمكن إنكارها أن سلوك النظام الإيراني يزداد سوءاً”. وأضافت إنه “يجب أن نتحدث جميعاً عن كشف ما يشكله هذا النظام، وهو تهديد السلام والأمن في العالم بأسره”. ولفتت إلى أنها اتخذت هذه الخطوة غير معتادة في رفع السرية عن المعلومات “عملاً بروح الشفافية والتعاون الدولي”، مشددة على أن “السلام والأمن الدوليين يعتمدان على العمل معاً ضد العدوان الإيراني”. وكشفت أيضاً عن أن الولايات المتحدة ستبني تحالفاً دولياً للرد على إيران، التي قالت: إنها “تشعل نيران” الصراع في الشرق الأوسط، وأكدت أن ذلك “سيتضمن إجراءات دبلوماسية”.
وأعلن الجيش اليمني أمس بدء عملية عسكرية واسعة مدعومة بطيران التحالف لتحرير بقية مناطق محافظة تعز (جنوب غرب) من قبضة ميليشيات جماعة الحوثيين الانقلابية وفك الحصار المفروض على المدينة منذ ثلاث سنوات. وتزامن إعلان العملية العسكرية الجديدة في تعز مع صد القوات الحكومية هجوما للميليشيات في جبهة صرواح غرب محافظة مأرب المحررة، ومع عقد الجماعة الانقلابية في صنعاء اجتماعا غير قانوني لنواب البرلمان، استباقا لاجتماعه الشرعي المرتقب في مدينة عدن.
ونقل المركز الإعلامي التابع للجيش اليمني في محور تعز عن قائد المحور واللواء 145 مشاة اللواء الركن خالد فاضل، تأكيده أن “خطة عسكرية شاملة أطلقت لتحرير مدينة تعز بالكامل، وفك الحصار الظالم المفروض منذ ثلاث سنوات، من قبل الميلشيات الانقلابية”، وأن “أياماً معدودة تفصلها عن التحرير، إلى جانب أيام سوداء بانتظار الميليشيات”، وقال فاضل إن “قوات الجيش الوطني مدعومة بمقاتلات التحالف العربي بدأت تنفيذ ضربات مركزة ودقيقة على مواقع ميليشيا الحوثي الانقلابية، شمال وغرب المدينة، دمرت خلالها دبابات ومخازن أسلحة وأدت إلى مصرع عدد من عناصر الميليشيات”، وشمل الهجوم مواقع الميليشيات في الجبهتين الغربية والشمالية لتعز، كما شهدت الجبهة الشرقية مواجهات عقب محاولة الانقلابيين التسلل إلى عدد من المواقع بما فيها معسكر التشريفات.
وتركز أعنف هجوم للجيش في منطقتي “الربيعي ومقبنة”، غربا، وحي “الزنوج وأطراف الدفاع الجوي والحوجل وجبل الوعش والأربعين، شمال غربي تعز”، وأكدت مصادر عسكرية في محور تعز أن قوات الجيش الوطني سيطرت على مزارع البيضاني بالدبح وقرية الخور شرق جبل المنعم، غرب المدينة، وبيّن نائب الناطق باسم محور تعز العسكري العقيد عبد الباسط البحر، أن “الجيش الوطني هاجم مواقع الميليشيا من عدة محاور أبرزها الزنوج وأطراف الدفاع الجوي والحوجلة وجبل الوعش والأربعين وسط انهيارات للميليشيا وتدمير دبابتين و3 أطقم عسكرية ورشاش 23 بإسناد جوي لمقاتلات التحالف العربي"، وأضاف البحر أن “المقاتلات استهدفت بسبع غارات تعزيزات وتجمعات للميليشيا الحوثية الإيرانية ما أدى إلى تفجير 3 مخازن أسلحة في مناطق الوعش والأربعين والزنوج ومقتل العشرات من عناصر الحوثي بالتزامن مع تقدم الميليشيات للسيطرة على شارعي الخمسين والستين وقطع إمدادات الميليشيا”.
وأكد المسؤول الإعلامي للمجلس التنسيقي لـ”المقاومة” في تعز، رشاد الشرعبي أن “قوات الجيش الوطني تواصل تقدمها المتسارع في جبهة تعز، إلى جانب تقدمها في البيضاء والجوف وصعدة والساحل الغربي وتعز، وسط حالة انهيار كبير وإرباك متواصل في صفوف الميليشيات على المستوى العسكري إلى جانب وضعها الاقتصادي المنهار تماما وتدهور حالتها السياسية بعد أن فقدت الغطاء السياسي والاجتماعي والحاضنة الشعبية القبلية والحزبية التي كان الرئيس السابق علي صالح وحزبه يوفرها لها خاصة في المناطق الوسطى وتعز وتهامة وغيرها”،
وأضاف الشرعبي أن “الميليشيات تلجأ للبحث عن انتصارات معنوية، عبر إطلاق الصواريخ الباليستية على المدن المحررة والأراضي السعودية وترتكب مزيدا من الجرائم والمذابح خاصة في تعز”.
وطالت غارات التحالف الجوية أمس “مركز قيادة الحوثيين في مفرق شرعب، وتبة الضنين، ومخزن أسلحة في تبة ياسين، شمال جبل الهان الاستراتيجي، وتجمعات في شارع الثلاثين وجوار مصنع السمن والصابون، غرب جبل الهان، وفي جبل المنعم في الربيعي، وتبة الزنوج، شمال الدفاع الجوي، وجبل الوعش ومحيط جولة القصر والأمن المركزي، شرقا” بحسب شهود محليين، وعلى صعيد متصل بالمواجهات، قتل 16 حوثيا على الأقل أثناء صد الجيش الوطني أمس هجوما للميليشيات الانقلابية في جبهة صرواح غرب مأرب، في وقت أكد موقع الجيش (سبتمبر نت)، أن القيادي في الجماعة محمد أحمد النعمي، قتل مع عدد من مرافقيه في مديرية ميدي جنوب غربي حجة، أول من أمس، في غارة للتحالف.
وترأس أمس رئيس مجلس انقلاب الميليشيات الحوثية صالح الصماد اجتماعا في صنعاء للنواب الموجودين في مناطق سيطرة الجماعة وأغلبهم موالون لحزب “المؤتمر الشعبي” والرئيس الراحل علي عبد الله صالح، وحضر الاجتماع الحوثي العشرات من النواب، إلا أنهم كانوا أقل من النصاب القانوني بحسب مصدر برلماني واعتبر الصماد في خطاب له اجتماع النواب انتصارا لجماعته وتأكيدا على شرعيتها، وكانت الجماعة هددت النواب بمصادرة ممتلكاتهم واعتقال أقاربهم إذا غادروا صنعاء والتحقوا بالحكومة الشرعية التي أعلنت أنها تحضر لانعقاد البرلمان رسميا الشهر المقبل، وأمرت حكومة الانقلاب غير المعترف بها أمس بتشكيل لجنة وزارية عليا تتولى الإشراف والإنفاق على مهرجانات الجماعة التي تبدأ مطلع الشهر المقبل إحياء لما تسميه “يوم الشهيد”، وأمرت الجماعة مسؤولي المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية بالحشد لإحياء المناسبة التي تحاكي بها أسلوب “حزب الله” في لبنان، وفي حين يهدر قادة الحوثي الأموال الطائلة على مثل هذه المناسبات، فلا يزال أغلب موظفي الدولة في مناطق سيطرة الجماعة دون رواتب منذ 16 شهرا، رغم ما يتم تحصيله من عائدات ضخمة للموارد المالية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر