لندن ـ كاتيا حداد
يعكس الهجوم الوزاري البريطاني على المصايف والقصور الأوروبية هذا الصيف الحالة المزاجية التي عليها مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد أسبوع من المحادثات المريرة في بروكسل، وعادةً ما يُنظر إلى إهانة الوزراء على أنها "هجوم سحري" دبلوماسي، لكن هذا سيكون تسمية خاطئة هنا: هناك فظاظة بلغة جيريمي هانت وفيليب هاموند ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي أثناء حثهم الاتحاد الأوروبي على التفكير في خطة خروجهم.
وحذّر هانت قائلا: "يتعين على فرنسا وألمانيا إرسال إشارة قوية إلى اللجنة مفادها بأننا بحاجة إلى التفاوض على نتيجة واقعية ومعقولة، ولا داعي لقراءة ما بين السطور هناك، ويجب على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن تعمل على حماية الوظائف على جانبي القناة، لأن كل وظيفة مفقودة في المملكة المتحدة، ستكون فى مقابلها وظائف مفقودة في أوروبا إذا حدث خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
إن نداء السيدة ماي هو لإنقاذ زملائها السياسيين الذين يدركون أهمية الناخبين والوظائف، والتي تتمثل مهمتها فقط في حماية القدسية القانونية للسوق الأوروبية الموحدة، وهناك تجاهل قوة اعتقاد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بأن هذين الهدفين مرتبطان ارتباطا وثيقا: فقط من خلال الحماسة التي تحمي عدم تجزئة "الحريات الأربع" للأسواق الواحدة، لضمان الأمن الاقتصادي الأوروبي في المستقبل.
وما تحتاجه ماي من ألمانيا وفرنسا هو إدراك الانفصال، حيث حُكم على كلا الطرفين بأن يعيشا بجوار بعضهما البعض إلى الأبد. ومهما حدث، فما زلوا جيرانا وشركاء تجاريين وزملاء ديمقراطيين. ويتعين على الاتحاد الأوروبي أن يقر بأن خطة لعبة الداما هي في جوهرها بيان نوايا يظهر أن المملكة المتحدة تفهم ذلك، وتعتزم البقاء على مقربة من أوروبا باعتبارها أكبر شريك تجاري وأمن في المستقبل المنظور.
توجّهات ميشال بارنييه تعكر صفو المفاوضات
وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يترك المملكة المتحدة عالقة بين مدارين تجاريين هائلين ومتكيفين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقرار السيدة ماي اعتماد "قواعد مشتركة" مع الاتحاد الأوروبي واتباع قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن مساعدات الدولة وسياسة المنافسة هو بيان واضح عن مكان المملكة المتحدة.
ونتيجة لذلك، فإن توجه السياسي ميشال بارنييه في هذه المحادثات، والذي يتجاهل حجم التنازل في المملكة المتحدة، يعقد المفاوضات بشكل لا رجعة فيه.
إن "الخطأ" البريطاني، كما يقول البعض في بروكسل، أن نتصور ذلك على أنه "تفاوض" للخروج. هذا الموقف إذا استمر لا يمكن أن يؤدي إلى اتفاق، وسترد أوروبا على أن السيدة ماي كانت أسوأ عدو لها، وفشلها في التواصل والتشبث بأفكار فاسدة، ومن المؤكد أن استقالة بوريس جونسون وديفيد ديفيز هي شهادة على حقيقة ذلك، ويتعيّن على الاتحاد الأوروبي أن يدرك ذلك.
وإذا تمكنت السيدة ماي من تسريح الجمهور من أنها تقدم خروجا سليما، فإنها ستفتح الباب أمام صفقة تحافظ على المملكة المتحدة في السوق الموحدة للسلع، لكنها لا تزال تقدم شكلا مهما من الخروج Brexit. والعمل البسيط لمغادرة الاتحاد الأوروبي في 29 مارس/ آذار 2019، دون عودة واضحة، هو جائزة لا يمكن الاستهانة بها من أجل Brexiteers، وعندما تسقط المقصلة القانونية ستتغيّر الحياة.
لكن الاتحاد الأوروبي يجب أن يساعد في ذلك وفي مقابل صفقة تبقي المملكة المتحدة على مقربة وتقلل من اضطراب التجارة في أوروبا (التي تحقق فائضًا كبيرًا في البضائع مع المملكة المتحدة)، يجب أن تعطي السيدة ما يكفي من "السيطرة" على الهجرة، لبيع الصفقة إلى البرلمان الذي لا يملك خيارات أفضل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر