تستمر المظاهرات والاحتجاجات المُطالبة بتحسين الخدمات في حين لا تزال تقتصر على محافظات الوسط والجنوب، فإن الإشارة الأولى إلى إمكانية امتدادها إلى المحافظات الغربية من البلاد، جاءت من صلاح الدين، إذ في تطور لافت، أعلن مجلس المحافظة الذي كان طالب قبل نحو خمس سنوات بتحويلها إلى إقليم، أنه أرسل 23 طلبًا إلى رئاسة الوزراء فيما يتعلق بمختلف القضايا الخدمية والإدارية في المحافظة، محذّرًا في الوقت ذاته من اندلاع مظاهرات كبيرة.
وقال رئيس المجلس أحمد الكريم في بيان له الخميس،إنه "تقرر إرسال طلب يمثل كل أهالي صلاح الدين إلى الحكومة المركزية في بغداد لغرض تنفيذ مطالب المتظاهرين في المحافظة أسوة بالمحافظات الأخرى تجنبًا لمظاهرات كبيرة تزيد من تأزم وضع البلاد بشكل عام".
وكانت أهم المطالب هي "إعادة النازحين وإخراج مقار وتشكيلات الحشد الشعبي من داخل المدن وتسليم الملف الأمني والسيطرة للشرطة والجيش لكي تكون تشكيلات الحشد على أطراف المدن فقط".
و تضمنت المطالب الإفراج عن المبالغ المخصصة لأربعة مستشفيات في عموم المحافظة وإعادة المفصولين من الشرطة المحلية إلى الخدمة البالغ عددهم 4104 وتفعيل التعيينات في المحافظة.
و تكشف مطالب أهالي صلاح الدين عن تطابق مع مطالب المحافظات الوسطى والجنوبية من البلاد، و تعكس عمق الخلاف في العلاقة الإدارية بين المركز والمحافظات، بخاصة على صعيد نقل الصلاحيات بموجب الإدارة اللامركزية التي يقرها الدستور العراقي، بالإضافة إلى الحق في المطالبة بتحويل أي محافظة أو أكثر إلى إقليم فيدرالي.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وجه أصابع الاتهام إلى مجالس المحافظات وحكوماتها المحلية بالتقصير. وقال خلال مؤتمره الصحافي مؤخرًا إن "كثيرًا من المديريات الخدمية نقلت صلاحياتها إلى المحافظات خلال السنتين الماضيتين وهي الصحة والتربية والبلديات والزراعة والشباب والرياضة والرعاية الاجتماعية، وهذه المديريات نقلت مع كامل تخصيصاتها المالية إلى المحافظات". وأضاف: "حذرنا المحافظات من أن نقل الصلاحيات إليها سيسبب مشكلة لها لأنها لا تمتلك الهيكلية الكاملة لإدارة هذه المؤسسات، لكنهم قالوا إنهم يستطيعون إدارتها وهذا ما خلق المشكلة".
وأضاف أن "نقل الصلاحيات إلى المحافظات تسبب بخلق مشكلة أخرى هي المحاصصة بين الأحزاب في مجالس المحافظات حتى على مستوى مديري المدارس بعيدًا عن المهنية والعمل الصحيح وهذا انعكس بشكل سلبي على المواطنين". ولفت العبادي إلى أن "بعض المحافظات لديه المخصصات المالية الكافية ولكن هناك سوء إدارة"، منوها إلى أن "أكبر فساد يواجهنا هو سوء الإدارة وهدر موارد الدولة في مشاريع غير صحيحة، لكننا نوجه الأموال إلى ما يخدم المواطن بشكل مباشر".
وأكد حميد الغزي رئيس مجلس محافظة ذي قار أن "مجلس المحافظة ناقش مطالب المتظاهرين وأوصلها إلى الحكومة، وفي هذا السياق، شكلنا خلية أزمة لتنفيذ توجيهات رئيس الوزراء وبخاصة فيما يتعلق بالدرجات الوظيفية الناتجة عن حركة الملاك,بخاصة الدوائر التي تم نقل الصلاحيات إليها وعددها 5000 درجة وظيفية".
وبيّن أن "بعض الدرجات ليس لديها تخصيص مالي وفاتحنا رئاسة الوزراء بذلك وقد تم تخصيص أموال لها لأنها ليست من صلاحياتنا حيث تم تحديد مدة أسبوع لحسم هذه الآلية".
وقال الغزي إن "أهم المشاريع وأهمها الصحية بالإضافة إلى دعم إدارة الصحة وهناك مشاريع أخرى ضمن أولويات رئاسة الوزراء، وهي مشاريع الماء والكهرباء والطرق وغيرها حيث تم الاتفاق على آليات محددة لتنفيذها".
وأوضح الغزي أن "مجلس المحافظة رفع الطلبات الأخرى مثل قطع الأراضي وغيرها إلى رئاسة الوزراء وهو قيد الدراسة بالإضافة إلى إعفاء القروض الزراعية من الفوائد حيث أحيلت إلى الأمانة العامة لرئاسة الوزراء".
وأوضح الغزي أن "لدى المحافظة مطالب أخرى وهي حصتها من الكهرباء والحصة المائية حيث طالبنا بحصة مائية مناسبة وعدم التجاوز من قبل المحافظات الأخرى على حصة محافظتنا". وفيما يتعلق بصلاحيات المحافظة في الإقالات وغيرها قال إن "هذا يتطلب إجراءات قانونية وتوقيتات واستجواب وهو ما حصل في مسألة إحالة مدير عام صحة المحافظة من منصبه حيث تم وفق الضوابط القانونية في ضوء صلاحيات الحكومة المحلية بموجب القانون".
تصاعد مطالب المحافظات
وكان على صعيد أزمة الصلاحيات بين المركز والحكومات المحلية ورفع سقف مطالب بعض المحافظات وصولًا إلى إعلان الفيدرالية، فإن شعلان الكريم عضو البرلمان العراقي السابق عن محافظة صلاح الدين وفي ضوء المطالب التي قدمها مجلس المحافظة إلى الحكومة الاتحادية، والتي تلت مطالبته قبل يومين تحويل المحافظة إلى إقليم إداري، قال إن "المشكلة الأساسية على صعيد الصلاحيات هي ليست فقط في عدم قدرة بعض مجالس المحافظات على تنفيذها أو إدارتها بل بسبب تلاعب كثير من الوزارات بهذه الصلاحيات، حيث إنها تعطي بعضها وتؤخر أخرى أو أنها تمنحها من دون غطاء مالي بحيث تبقى الصلاحيات المالية التي هي الأهم بيد المركز".
وأضاف الكريم أن "ذلك أدى إلى خلق هوة أو أزمة ثقة بين الطرفين وهو ما انعكس على حركة الاحتجاجات الحالية". و تعاطت بعض المحافظات مثل ذي قار مع مطالب المتظاهرين بالتنسيق مع الحكومة المركزية، فإن محافظات أخرى لم تتمكن من التعاطي مع الحكومة المركزية بسبب رفض لجان التنسيق التي تقود المظاهرات إجراء مباحثات أو لقاءات مع رئيس الوزراء حيدر العبادي. وفي محافظة الديوانية، رفضت اللجنة التنسيقية للمظاهرات
تحديد موعد لمقابلة رئيس الوزراء حيدر العبادي وذلك بعد مفاتحة اللجنة بشأن تسمية وفد من الناشطين والمدنيين وشيوخ العشائر، مؤكدين الاستمرار في المظاهرات.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر