أثارت تصريحات للمبعوث الأميركي إلى اليمن تيم لندركينغ (الخميس) حول «مشروعية» الحوثيين استياء واسعا في الأوساط اليمنية بعد أن فهمت خارج سياقها في مقابل حفاوة أظهرتها الجماعة الانقلابية، وذلك قبل أن تسارع الخارجية الأميركية أمس (الجمعة) لتدارك الموقف والتأكيد على أن واشنطن مثلها مثل بقية العالم لا تعترف سوى بالحكومة اليمنية الشرعية.
وكان المبعوث الأميركي لندركينغ قال في ندوة بخصوص اليمن أثناء إجابته عن أحد الأسئلة «من خلال خبرتي من التعامل مع الحوثيين فإنهم تحدثوا عن التزامهم تجاه السلام في اليمن وأعتقد أن هنالك عوامل ضمن منظومة القيادة الحوثية تدعم هذا الاتجاه، وأعتقد أن استمرار الانخراط معهم من قبل العمانيين ومن السعودية ومن لاعبين آخرين ومن قبلنا هو شيء أساسي».
وأضاف «أعتقد أنه يجب علينا أن نحفزهم. لقد تحدثت في عدة مرات حول شرعية الحوثيين وأن الولايات المتحدة تعترف بهم كلاعب شرعي وأننا نعترف بأنهم مجموعة حصلت على مكاسب مهمة لا يستطيع أحد أن يلغيهم أو يزيحهم من إطار الصراع».
وفي حين سارعت وسائل إعلام بفهم تصريحات المبعوث الأميركي على أنها اعتراف من قبل واشنطن بالمتمردين الحوثيين، لاقى ذلك اللبس استياء واضحا في الأوساط اليمنية المؤيدة للشرعية إذ اعتبروا ما قاله لندركينغ نكوصا عن مواقف الولايات المتحدة المؤيدة للحكومة الشرعية.
وفي معرض تعليق مستشار الرئيس اليمني ووزير الخارجية الأسبق في الحكومة اليمنية عبد الملك المخلافي على هذه التصريحات قال «مع الأسف لا يفهم الحوثي تقديم الحوافز للقبول بالسلام. هذه اللغة البراغماتية التي برر بها لندركينغ تصريحه تصلح مع جماعة سياسية وليس مع جماعة دينية عقائدية إرهابية عنصرية لا تختلف في المنطلقات والممارسة عن (داعش) إن لم تكن أسوأ وستكشف الأيام ذلك لمن لم يكتشف بعد».
وأضاف المخلافي في سلسلة تغريدات على «تويتر» «ما يريده الحوثي ليس الاعتراف به كمكون ولا حتى كشريك في الوطن ولكن الاعتراف بانقلابه وهيمنته العنصرية على اليمن وهو ما لن يمنحه اليمنيون له ولن يحصل عليه من العالم طالما الشعب اليمني يقاوم ويرفض هذا الانقلاب».
وتابع بالقول «قبل الأمريكان اعترفت الشرعية والقوى السياسية عام 2011 بالحوثي كمكون رغم تمرده الطويل وتم إشراكه في الحوار الوطني والسلطة وعقدت معه اتفاقات والنتيجة أنه واصل الحرب والقتل وقام بالانقلاب وبعد الانقلاب جرى الحوار معهم بموجب القرار 2216 ولكن المحصلة هي استمراره في الحرب والدمار».
وفي معرض تقليله من أهمية تصريحات المبعوث الأميركي قال المخلافي «الاعتراف بالحوثي طرفًا شرعيًا» كما قيل لا يقدم ولا يؤخر في توصيف انقلابه الذي سيبقى غير شرعي كما لا يحل المشكلة اليمنية لكنه يرضي أوهام الحوثي ومن يقدمه للعالم، ويدخل من أعلن هذا الاعتراف في دوامة إمكانية جلب الحوثي إلى السلام والتخلي عن الانقلاب وهو ما سيتبين سريعا أنه مجرد وهم.
وتابع قائلا «الشرعية والقوى السياسية وغالبية اليمنيين مع السلام دائما، من اختار الانقلاب والحرب هو الحوثي ويجب عدم القلق من أي موقف يظن أنه سيقدم حوافز للحوثي لجلبه إلى السلام، إن نجح هذا الموقف رغم التجربة التي تجعل ذلك مستحيلًا تحقق السلام الذي ننشده وإن ثبت العكس فستتعزز الجهود لفرض السلام».
في السياق نفسه قال وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية إن «التراخي الدولي في التعامل مع ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، وتجاهل تصعيدها العسكري الواسع في مأرب، وجرائمها وانتهاكاتها اليومية بحق المدنيين، واعتداءاتها على دول الجوار، وتهديد خطوط الملاحة، اعتقاد خاطئ بإمكانية دفعها للانخراط في جهود التهدئة وجلب السلام لليمن والمنطقة».
وأضاف الإرياني في تصريحات رسمية أمس (الجمعة) بالقول «ميليشيا الحوثي تعتبر هذه المقاربة الدولية للملف اليمني تشجيعا لسلوكها العدواني، وضوءا أخضر لاستمرار تصعيدها العسكري، وقتل اليمنيين، ومواصلة جرائمها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، ومضاعفة أنشطتها الإرهابية المهددة للأمن والسلم الإقليمي والدولي، ونسف جهود التهدئة، وتوسيع رقعة الحرب والمعاناة الإنسانية».
وأشار الوزير اليمني إلى أن «ميليشيا الحوثي اعتبرت قرار الإدارة الامريكية رفع تصنيفها منظمة إرهابية ضوءا أخضر لمزيد من الإرهاب، وتوجهت بإيعاز إيراني لتصعيد عملياتها العسكرية، ورفع وتيرة هجماتها الإرهابية في المناطق المحررة والسعودية، الأمر الذي ضاعف الخسائر البشرية بين المدنيين وفاقم المأساة الإنسانية في اليمن».
وانتقد الإرياني الفهم الدولي لطبيعة الحوثيين وقال «هذه المقاربة تؤكد جهل المجتمع الدولي بحقيقة وتاريخ ميليشيا الحوثي وارتباطها العضوي بالحرس الثوري، وارتهانها كأداة لتنفيذ الأجندة الإيرانية، وأن ممارساتها لا تختلف عن التنظيمات الإرهابية، وأن الطريق الوحيد لإجبارها على إنهاء الحرب والرضوخ للسلام هو عبر تكثيف الضغوط السياسية والعسكرية».
واستطرد الإرياني قائلا «التجارب التي خاضها الشعب اليمني مع ميليشيا الحوثي منذ نشأتها أثبتت أن عقيدتها ونهجها قائم على القتل والدمار، وأنها غير مؤهلة للعب أي دور في بناء السلام، وأنها لا تفهم إلا لغة القوة، وكذا عدم اكتراثها بدعوات وجهود التهدئة، ولا بالمعاناة الإنسانية المتفاقمة لليمنيين».
وحذر وزير الإعلام اليمني مما وصفه بمخاطر شرعنة الميليشيات والإقرار بالعنف والقوة المسلحة كطريق وآلية للوصول للسلطة، وتحقيق مكاسب سياسية، باعتبارها تحفيزا للتنظيمات الإرهابية لمحاولة فرض أمر واقع على الأرض، ومؤشر لعجز المجتمع الدولي عن القيام بمسئولياته في تنفيذ القرارات الدولية وحماية الأمن والسلم الدوليين.
ودعا الإرياني الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي لإعادة النظر في أسلوب التعاطي مع ميليشيا الحوثي، وتبني نهج الضغط السياسي والعسكري، وتصنيفها ضمن قوائم الإرهاب، ومحاكمة قياداتها كمجرمي حرب، ودفعها للانخراط بجدية في جهود التهدئة وإحلال السلام، ووضع حد للمعاناة الإنسانية المتفاقمة لليمنيين.
وعلى وقع هذه الردود اليمنية المستاءة من تصريحات لندركينغ، قالت الخارجية الأميركية في بيان على «تويتر» لقد رأينا بعض التقارير الإعلامية الخاطئة حول التصريحات الأخيرة للمبعوث الأميركي الخاص لليمن، بشأن الحوثيين والصراع في اليمن.
وأضافت «الولايات المتحدة، مثل بقية المجتمع الدولي، تعترف بحكومة اليمن، وهي الحكومة الشرعية الوحيدة المعترف بها دولياً في اليمن».
وفيما يبدو أنه محاولة من الخارجية الأميركية لشرح وجهة نظر المبعوث إلى اليمن بخصوص الحوثيين، تابعت بالقول «يسيطر الحوثيون على الناس والأراضي في اليمن، - كما أوضح المبعوث الأمريكي الخاص لليمن - لا يمكن لأحد إبعادهم أو إخراجهم من الصراع عبر التمنّي فقط، لذلك دعونا نتعامل مع الحقائق الموجودة على الأرض».
وفي حين أكدت خارجية واشنطن أن الحوثيين سيحتاجون إلى «أن يكونوا جزءاً لا يتجزأ من أي عملية سلام في اليمن» استدركت بالقول «مع ذلك ما زلنا نشعر بالقلق إزاء تركيز الحوثيين على شن الحرب وتفاقم معاناة المواطنين اليمنيين أكثر من كونهم جزءًا من حل الصراع».
وكان مؤيدو الميليشيات الحوثية مع قادة في الجماعة تلقفوا التقارير الإعلامية حول تصريحات المبعوث الأميركي، بحفاوة وترحيب، مع تلميحهم إلى اقترابهم من تحقيق أجندتهم في السيطرة على اليمن.
وقال القيادي في الجماعة المعين من قبلها نائبا لوزير خارجية الانقلاب حسين العزي في تغريدة على «تويتر» «الخطاب الواقعي دائما مهم ومطلوب وكل تعديل إيجابي في مواقف الدول تجاه صنعاء (الجماعة الحوثية) سيكون لا شك محل ترحيبنا».
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر