أصبحت إيران الآن أقرب من أي وقت مضى لتأمين ممر بري يثّبت أقدامها في المنطقة العربية ، وربما يغير حضور الجمهورية الإيرانية وذلك بعد 12 عاماً من الصراع في العراق والفوضى في سورية.
ويُزعج هذا كل الزعماء الغربيين والحلفاء الإقليميين لأن هذا سيجعل إيران أكثر جرأة في الاستمرار في التوسع، إلى دول الخليج على الأرجح، وهو هدف قد صرّحوا به بوضوح وبتكرار، فلماذا قد نتوقع أن يتوقفوا عن اللعب إذا كانوا قد ظلوا عقداً كاملاً يضاعفون أرباحهم مراراً وتكراراً؟. وفي تصريحات لأحد المسؤولين الأوروبيين الذي كان يرصد دور إيران في جميع الحروب على مدار السنوات الخمس الماضية، أكد أنهم كانوا يعملون من أجل هذا الهدف بجد.
واضاف أن الأمر بالنسبة لهم أيضا يعد مسألة فخر، حيث سيكونون قادرين على نقل الناس والإمدادات بين البحر الأبيض المتوسط وطهران في أي وقت يريدون. وتابع التقرير، أن اللقاءات مع المسؤولين الإقليمين وذوي النفوذ العراقيين وسكان شمال سورية خلال الأشهر الأربعة الماضية أوضحت، أن الممر البري يتشكّل ببطء منذ عام 2014، موضحا أنه طريق معقد يقطع الجانب العربي من العراق مارا بشمال سورية، وحتى شمال شرق سورية، مارا بشمال حلب، حيث تنتشر إيران وحلفاؤها على الأرض.
ويبدأ الممر من نقاط الدخول التي استخدمتها إيران لإرسال الإمدادات والقوة البشرية إلى العراق على مدار الـ 12 عاماً الماضية، وهي نفس الطرق التي استخدمها فيلق القدس في شن حرب شوارع ضد القوات الأميركية عندما احتلت العراق، وهي الحملة التي حاربتها نفس الميليشيات العراقية التي انخرطت بعدها في قتال "داعش".
ويمر الطريق بـ"بعقوبة" عاصمة محافظة ديالى، حوالي 60 ميلاً إلى شمال بغداد، أصبحت ديالى وهي منطقة مختلطة من السنة والشيعة منذ مئات السنين، واحدة من مناطق الصراع الطائفي الرئيسية خلال الحرب الأهلية في العراق، ويستمرّ الطريق على طول الطرق التي أمنتها الميليشيات، والتي تعرف محلياً باسم "وحدات الحشد الشعبي"، بعد ذلك يتجه إلى الشمال الغربي إلى المناطق التي كانت تحتلها "داعش" في الشهور الماضية. بحسب تقرير الصحيفة البريطانية.
كما توجد الميليشيات الآن بأعداد كبيرة في بلدة الشرقاط وتستعد للتحرك نحو الطرف الغربي من الموصل، إلى نقطة تبعد حوالي 50 ميلاً إلى جنوب شرق سنجار، وهي في هذه المرحلة المحطة القادمة في الممر، وقال أحد المسؤولين الكبار في الاستخبارات، أن المحطة بين تلعفر وسنجار ضرورية للخطة، بحسب التقرير.
وأوضح التقرير على لسان علي الخضيري، الذي كان مستشاراً لكل سفراء الولايات المتحدة في العراق ولقادة القيادة المركزية الأميركية الأربع بين عامي 2003 و2011، أن تأمين رابط البحر الأبيض المتوسط سيعد انتصاراً استراتيجياً في إيران. وأشار، "فهو يبرز تعزيز سيطرة إيران على العراق والشام، وهو ما يؤكد بدوره طموحاتهم للهيمنة الإقليمية".
وفي الشأن ذاته يقول أبو محمود أحد أفراد قوة يغلب عليها العرب السنة مؤلفة من 2500 مقاتل تم إعدادها لشن هجوم على تنظيم "داعش" في مدينة الموصل العراقية وقد سمع من أقاربه أن التنظيم يهدد بقطع رأس من يتكلم عن "التحرير" ، ولم يردعه هذا التهديد لكن ما يقلقه هو غياب الدعم من الحكومة المركزية التي يقودها الشيعة.
وقال أبو محمود (42 عاما) ، أهم شيء نحتاجه هو السلاح والدعم الحكومي." وامتنع عن ذكر اسمه بالكامل شأنه شأن كل من تحدثت رويترز معهم في معسكر للتدريب في بعشيقة، ويأمل أبو محمود الذي يغطي وجهه حتى لا يتعرف عليه مسلحو "داعش" ويستهدفون أسرته أن يتمكن مع غيره من المقاتلين في قوة الحشد الوطني من انتزاع السيطرة على الموصل من التنظيم وإنقاذ سكانها وذلك في عملية يتوقع أن تبدأ في غضون أسابيع.
وسيقود الجيش العراقي مع مقاتلي البيشمركة الكرد الهجوم الذي يعد من أهم العمليات العسكرية في العراق منذ سنوات بهدف إخراج مسلحي "داعش" من آخر معقل رئيسي لهم وتهيئة الوضع لتحقيق الاستقرار في الأجل الطويل. غير أن شكاوى المقاتلين والقادة في قوة الحشد الوطني من نقص السلاح من حكومة بغداد تسلط الضوء على الخلافات الطائفية التي قد تضعف الهجوم وكذلك فرص تحقيق الوفاق الطائفي والعرقي.
وتولّى محافظ الموصل السابق أثيل النجيفي تجميع القوة التي تتدرب نحو خمس ساعات يوميا في المعسكر وهو من ساسة الطائفة السنية وذلك عام 2014 بعد فترة غير طويلة من اجتياح تنظيم "داعش" شمال العراق دون أن يلقى مقاومة من الجيش. وقال عدد من قادة القوة أن النجيفي اشترى أسلحة مستعملة للمقاتلين من الأسواق.
وبعد أن تعرّض المعسكر لقصف صاروخي مكثف من جانب تنظيم "داعش" نشر المدربون الأتراك ست دبابات على امتداد المعسكر في مايو/ آيار عام 2015. ورغم أن الرجال استفادوا من التدريب فقد حذّر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من أن الوجود العسكري التركي في العراق قد يطلق شرارة حرب إقليمية. وفي الأسبوع الماضي وافق البرلمان التركي على تمديد أجل الوجود العسكري في العراق عاما آخر للتصدي لمنظمات وصفها بأنها "منظمات إرهابية".
وترك آخرون مواقعهم خلال الهجوم الخاطف الذي شنه مقاتلو "داعش" على الموصل وبقية محافظة نينوى وكاد يهدد العاصمة بغداد ذاتها. ووجّه المدرب مشعان الجبوري حديثه إلى مجموعة من الرجال الجالسين أمامه ينصتون له "هناك نوعان من الصواريخ. وهذا ما تفعلونه إذا انحشر. وبين الحين والآخر تتردّد بين جنبات الجبال القريبة أصداء انفجارات قذائف المورتر التي تطلق أثناء التدريب في جو ريفي يمتطي فيه رعاة دون العشرين الحمير وهم يوجهون قطعان الأغنام.
وقد قدّم الأتراك التدريب الأساسي غير أن التركيز انصب على حرب المدن. وقال القادة العراقيون أن الولايات المتحدة قدمت أيضا تدريبا في وقت سابق من العام الجاري وشاركت في بضع هجمات مشتركة على أهداف لـ"داعش". وقال العميد محمد يحيى قائد المعسكر أن 2500 مقاتل جاهزون للمعركة وإنه يمكنه بالحصول على الدعم المناسب حشد مثلي هذا العدد من المقاتلين.
وما زال يحيى (59 عاما) يشعر بالمرارة لقيام الولايات المتحدة بتسريح الجيش العراقي عام 2003. وهو يعتقد أن تلك كانت الخطوة الأولى في إضعاف السُّنة الذين كانوا يهيمنون على مراكز السلطة في عهد صدام. وقال متحدث باسم الحكومة في بغداد “الحكومة لا تقدّم دعما مباشرة للحشد الوطني لأنه ليس جزءً من الحشد الشعبي ولا يوجد تنسيق بين الاثنين." ومن الناحية النظرية يخضع الحشد الشعبي الذي يقوده الشيعة ويحظى بدعم إيران لقيادة رئيس الوزراء العبادي.
وأضاف المتحدث "رغم أن الشيعة يمثلون أغلبية في الحشد الشعبي فهو يضم السُّنة في صفوفه." ونفى الاتهامات بأن الحكومة تدعم الشيعة فقط ولا تدعم السنة. وقال إن قوات الحشد الشعبي مؤلفة من 110 آلاف رجل ما بين 25 ألفا و30 ألفا منهم من السنة. وقد عرّضت القوة السنية نفسها للخطر فأقامت المعسكر على مسافة 13 كيلومترا من الخط الأمامي مع "داعش".
وتمت تغطية عدة فجوات نتجت عن شظايا القنابل في جدران غرفة القيادة في المعسكر بالجبس لتظل تذكرة بسلسلة الهجمات الصاروخية التي شنها تنظيم "داعش" هذا العام. وفي أرض التدريب رفع ضابط بندقية هجومية من طراز ايه كي 47 بينما كان المقاتلون الجالسون على الأرض يتابعونه. ويتولّى المعسكر تدريب العرب السنة في الغالب لكن بعض المتدربين فيه من الكرد والشيعة والايزيديين الذين اختص تنظيم "داعش" طائفتهم باضطهاد شديد دون غيرهم.
وتم إعدام المئات من الايزيديين ووقعت كثير من النساء اليزيديات في الأسر وتعرضن للاغتصاب أو عوملن معاملة السبايا. ويصف أبو مراد القناص الايزيدي نفسه بأنه صائد "داعش". وقال إن التنظيم قطع رأس أحد أبناء عمومته وألقى بآخر من أعلى مبنى في الموصل. ويعتقد كثير من المقاتلين أن لهم المصلحة الكبرى في المعركة لأنهم من الموصل ولهم أصدقاء وأقارب قتلوا بأيدي مقاتلي التنظيم.
ويقول علي أحمد أن هذه المصلحة الشخصية يجب أن تضع القوة في صدارة الهجوم وأن تتولّى السيطرة على الموصل وذلك في مؤشر على احتمالات تفجر صراع طائفي. وأضاف "نحن نريد البقاء في المحافظة رغم كل شيء ولن نتخلى عنها حتى الموت. وسنسوي حساباتنا. لن نتركهم على قيد الحياة. ونود أن نذبحهم".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر