عدن_صالح المنصوب
ماتت الطفلة افتكار الحالمي في إحدى مشافي عدن، ووالدها خالد علي الحالمي يبحث عن العلاج للسم الذي نفثته افعى في جسمها، لكن العنصرية اعمت الكثير، ولأنه من ابناء الشمال فقد رفضوا استقبالها. وبعد التنقل من مشفى لآخر ويقابل بالرفض، فقد اختارت حضن والدها قبل أن تقتلها "الجغرافيا" كمرقد أخير لتلفظ أنفاسها الأخيرة وأسلمت عيونها إلى السماء متحاشية النظر إلى جرحها النازف من جهة ومتجاهلة النظر الى عيون والدها التي تنهمر بالدموع.
والدها المواطن خالد علي الحالمي كان يسابق الزمن متنقلا بين مستشفيات العاصمة المؤقتة عدن ليوقف الموت عن افتراس طفلته بعد أن لدغتها أفعى سامة، غير أن الاقدار شاءت مشيئة أخرى لم تخطر على بال أحد فالموت كان لها بالمرصاد ولكن بطريقة أخرى فلم يقبض روحها بسبب سم الأفعى القاتل . كانت طريقة موت الطفلة مغايرة لما توقع الوالد ـحيث سم الأفعى ومغايرة أيضا لطريقة موت الكثير من أقرانها وقريناتها الأطفال في محافظات اليمن المختلفة خلال قرابة ثلاثة أعوام من الحرب الطاحنة، الذين قضوا نحبهم بسبب غارات لطائرات التحالف حينا وبمدافع وقناصات الحوثة أحيانا أخرى.
واختلفت افتكار عن غيرها في أسلوب الجريمة وفاعلها وسببها إذ قتلت في حضن والدها بعد أن رفضت المستشفيات التي تنقل بينها إعطاء طفلته مصل مضاد للسم أما من ارتكب الجريمة هذه المرة فهم مجرمون يتنفسون العصبية والعنصرية المناطقية تحولوا من ملائكة للرحمة إلى شياطين للعذاب . وكما اختلفت مع أقرانها الضحايا في الطريقة والفاعل فقد اختلفت عنهم أيضا في المبرر والسبب فإذا كانت قوات التحالف وقوات الحوثي تؤكدان – في كل عملية قتل لأطفال معترف بها- بأنه خطأ ، فإن من قام بقتل افتكار فيؤكد بأنه فعل متعمد والتهمة الموجهة لها هي خيانتها "للجغرافيا" إذ تنتمي الى إحدى مديريات محافظة الضالع التي كانت تتبع سابقا محافظة إب ، وعليه فإن الطفلة استحقت الموت لأن منطقتها الجغرافية كانت ذات يوم شمالية قبل ان تتحول بقرار حكومي عقب الوحدة الى محافظة الضالع الجنوبية.
وقبل أن تقتل الطفلة افتكار كانت رائحة العنصرية المناطقية تفوح في كل مكان وبسببها تنقل بطفلته بين عدد من المستشفيات، بحثا عن مصل مضاد للتسمم ولم يحصل عليه والسبب أنهم كانوا يرون اسم منطقته المعروف بأنها شمالية سابقا فيرفضون إعطاءه الدواء . وبمرارة بالغة من الأسى والحزن والصدمة والفيجعة ايضا يتحدث الحالمي عن مصيبته بصوت متقطع متهدج وحروف تخرج من فمه حارة مكلومة تذيب الكلمات المقهورة، فيقول "بعد أن لدغت أفعى سامة قمت على الفور بالتوجه إلى العاصمة المؤقتة عدن لإسعافها بمضاد للسم وهناك تنقلت بين مستشفى الوالي والبريهي ومشافي أخرى وكلها عندما تلاحظ كلمة "العود"، وهي المنطقة التي ينتمي إليها المنحدرة من مناطق شمالية ترفض إعطاء المصل، ويضيف "فارقت الحياة بين احضاني ،وكل لحظة اشعر بأنني ميت لأن العنصرية قتلت طفلتي، ويتحسر الحالمي بالقول "حتى انتمائي للشرعية والمقاومة الشعبية لم يشف لابنتي"، ويطالب الرئيس هادي ورئيس الحكومة وجميع المنظمات الإنسانية المحلية والدولية الإنتصار لقضية طفلته ومحاسبة من قاموا بهذا العمل الإجرامي.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر