تعاني كثير من المستشفيات الحكومية في حضرموت من الإهمال، بسبب وضعها في مراتب متأخرة من الاهتمام، لذا سارعت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية لتقديم أوجه الدعم للتغلب على تلك المشاكل، وذلك في إطار جهودها لتوفير المعدات والأجهزة الطبية الحديثة وتغطية النقص في كافة المجالات الصحية والإنسانية ومساعدة الأهالي عبر دعم وتوفير أهم الاحتياجات الطبية في المستشفيات الحكومية وإعادة تأهيلها وتوفير الأجهزة الحديثة لها، ويعد الجانب الصحي من أهم الجوانب التي نالت اهتمام هيئة الهلال الأحمر الإماراتية، نتيجة للوضع الصحي بعد طرد عناصر تنظيم "القاعدة" من المكلا، إذ لم تمض سوى ساعات قليلة على النصر الكبير لقوات التحالف العربي وجيش النخبة الحضرمي على فلول التنظيم وخروجه مهزومًا من مدينة المكلا وبقية مديريات ساحل حضرموت، حتى أعلن عن العمل الكبير المنتظر لتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وتطبيع الحياة وعودة الأمن والاستقرار.
ويلقي رياض الجريري، مدير عام مكتب الصحة والسكان بحضرموت الساحل، الضوء على الوضع الصحي في المحافظة، ويؤكد أن الخدمات الصحية في حضرموت في تطور ملحوظ، بفضل تدخل ودعم السلطة المحلية أولاً وعلى رأسها المحافظ اللواء الركن فرج البحسني، ثم تدخلات الأشقاء في دول التحالف العربي، عبر الهلال الأحمر الإماراتية، ومركز الملك سلمان، واللجنة الكويتية، وكذلك المنظمات المحلية والدولية، مشيدًا بدور الكادر الصحي في المحافظة سواء الفني او الإداري، والمجتمع الحضرمي المساهم في تحسين الخدمة واستقرارها.
وفي إطار الدعم الإماراتي للشعب اليمني، استكملت اللجنة الطبية القادمة خصيصًا من دولة الإمارات زيارتها الميدانية إلى عدد من المستشفيات بمحافظة حضرموت، يرافقها أعضاء هيئة الهلال الأحمر الإماراتية العاملين في حضرموت، وذلك تنفيذًا لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بزيادة وتعزيز الدعم الطبي المقدم لحضرموت.
وضع المستشفى إجمالاً:
تحدد مديرة مستشفى المكلا للأمومة والطفولة وضع المستشفى للالتفات إليه، موضحة إنه يعمل بأقل من السعة الاستيعابية المتوقعة منها، نظرًا لخروج قسم الأطفال الرئيسي عن العمل بعد انهيار أجزاء منه، وتم نقله إلى موقع قسم الطوارئ، لافتة إلى أن المكان صغير جداً، إذ توجد به غرفتان فقط للترقيد، ومجموع الأسّرة 14 سريراً فقط، مبينة أن المشكلة الكبيرة أيضاً في أن الغرفتين تم تقسيمهما بشكل جزئي، وهذا يؤدي إلى ضعف السيطرة على العدوى فيها.
ومن المشكلات الأخرى التي يعانيها المستشفى، أن الأقسام دون أبواب، وهو يعرّض الأطفال لتيارات الهواء البارد والغبار التي تأتي من خارج المستشفى، مستدركة فتصميم القسم قديم يعود لما قبل خمسينات القرن الماضي أيام السلطنة القعيطية، تمضي مديرة مستشفى المكلا للأمومة والطفولة في حديثها عن المشكلات البارزة أمامها، وتحد من إيجابية العمل، وتضيف مجدداً أن هناك مشكلة التيار الكهربائي، وضعفه وبعض الاختلالات الأخرى تؤدي إلى ضعف الأجهزة ويعرضها للتلف السريع، وقالت: "حاولنا مراراً إصلاح المشكلة، ورفعنا دراسة مستفيضة في ذلك لمكتب وزارة الكهرباء، وأيضاً لمنظمة الصحة العالمية، ونأمل أن يكون هناك تدخل سريع لحل هذه المشكلة، حفاظاً على الأجهزة، وعملنا حلولا بشكل مؤقت بأن وفرنا أجهزة خازنة و منظمة للتيار الكهربائي لتقليل عملية تلف الأجهزة".
وقال مسؤول المختبر إن هناك أجهزة قديمة جداً تعمل بنصف الكفاءة مثل بنك الدم، والغريب أنه البنك الوحيد في المحافظة، وتفيد أبهاء باعويضان بأن ثلاجة البنك دخلت الخدمة في المستشفى منذ عام 1959م، وهي تعاني من مشكلة عدم التحكم بدرجات البرودة، مما يعرض خزن الدم للتلف قبل المدة المحددة، مشيرة إلى أن الإدارة تمكنت من توفير ثلاجتي بنك دم جديدة عبر مكتب الصحة العامة والسكان الذي لم يتأخر ووفرها للمستشفى.
وتلفت مسؤولة قسم الطوارئ إلى مشكلة أخرى، وتتمثل في موقع قسم الطوارئ، إذ إن المكان ليست له التهوية الكاملة، إضافة إلى مشكلة السعة، السريرية، التي تقول إنها ضعيفة ولا تتناسب مع عدد الحالات المرضية الوافدة، التي تضعهم في موقف حرج أمام المرضى وذويهم، وتضيف: أكثر ما يوجعنا عندما نرى بعض الحالات تتلقى العلاج في ساحة المستشفى، لعدم قدرتها على الانتظار، نقف عاجزين ومكتوفي الأيدي عن حل مثل هذه الإشكاليات، وذلك كونها تحتاج لتدخلات في البنية التحتية وهذا يتطلب تكلفة مالية كبيرة.
الوضع العام بالمستشفى، يحتاج لتدخلات جوهرية في البنية التحتية، وفي إصلاح المجاري، ووضع الكهرباء، وتوفير بعض الأجهزة والأدوات التي تحتاج لها الأقسام المختلفة، ويعمل المستشفى في ظل ميزانية محدودة جدا، لا تقارن بمقدار الجهد الذي يقدمه، ومن ابرز احتياجاته: ترميم قسم الأطفال، إصلاح المجاري، إصلاح الكهرباء، توسعة قسم الطوارئ، إنشاء قسم عناية مركزة للأطفال، إنشاء قسم التعقيم والغسيل، إدخال أنظمة العمل الإلكترونية بالمخازن والاستقبال والإحصاء للحفاظ على بيانات المرضى.
وعلى الرغم من معاناة مستشفى المكلا للأمومة والطفولة، فإن د. رياض الجريري، مدير عام مكتب الصحة العامة والإسكان، بساحل حضرموت، أشاد بالتفاعل الذي أبداه أبناء زايد الخير، وهم يستمعون لهمومهم واحتياجاتهم ويقول: "كان الإخوة الإماراتيون متفاعلين وجادين في تقديم الدعم والمساهمة لانتشال الوضع الصحي والرقي به إلى أعلى المستويات، وهذا ليس بغريب عليهم فهم يقدمون دماءهم جنباً إلى جنب مع أبناء اليمن المخلصين، فلهم منا كل الشكر والتقدير".
مبادرة إماراتية:
وقال رياض الجريري، عن الدعم الإماراتي المقدم للقطاع الصحي في حضرموت إن "إخواننا الإماراتيين ساهموا معنا في دعم القطاع الصحي والحفاظ على استقراره وتطوره في الوقت الحالي من خلال دعم إعادة تأهيل العديد من المرافق الصحية في كثير من المديريات ودعم المستشفيات الرئيسية بتجهيزات طبية، كما ساهموا معنا في دعم سلسلة التبريد للحفاظ على لقاحات الأطفال ودعم حملات التطعيم وأيضاً حملات مكافحة الأوبئة من الكوليرا، وحمى الضنك. وعن زيارة اللجنة الطبية الإماراتية إلى حضرموت، لتقييم احتياجات المستشفيات، ووضع التصورات لتطويرها، أشاد، مدير عام مكتب الصحة العامة والسكان بتلك البادرة التي تأتي في إطار حرص القيادة الإماراتية على دعم القطاع الصحي بحضرموت، ومختلف القطاعات التنموية لأبناء المحافظة ومن أجل معالجة مشكلات الكهرباء وقطاع الصحة، مبيّناً أن الوفد الإماراتي جاء لاستطلاع الوضع الصحي في المحافظة، وتقييم الاحتياجات، وتحديدها، وتوقع أن الأيام المقبلة سيتضح حجم ذلك الدعم واتجاهاته من قبل اللجنة المختصة التي زارت المحافظة مؤخراً وأطلعت عن قرب لأبرز المعضلات التي تواجه المستشفيات وتعيقها عن أداء أدوارها المناسبة. وكان محافظ حضرموت، اللواء فرج سالمين البحسني، قائد المنطقة العسكرية الثانوية، قام بزيارة ناجحة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، التقى خلالها عدداً من المسؤولين في قطاعات الطاقة والصحة والبتروكيماويات إلى جانب رجال المال والأعمال والشخصيات الاجتماعية والوجهاء من أبناء حضرموت المقيمين بالإمارات.
وكشف بهاء باعويضان، مديرة مستشفى المكلا للأمومة والطفولة، عن الدعم الإماراتي المقدم للمشفى أن ذلك الدعم كان متواجداً منذ وقت مبكر لتحرير المكلا، وقدمت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية دعمها المتعدد للمستشفى، حيث منحته جهازاً للعلاج الإشعاعي للأمراض الجلدية، وتم افتتاح عيادة الأمراض الجلدية من قبل محافظ المحافظة وتم تدشين العمل في هذا الجهاز، كما تم توفير بعض الأدوية التي صرفت للمواطنين مجاناً، وتوفير جزء من الأجهزة لتحسين العمل في المستشفى.
وواصلت أن فريق الشؤون المدنية بالقوات السعودية أنشأ قسماً خاصاً بعزل الحالات الوبائية، كما دعمت منظمة الصحة العالمية قسم التغذية العلاجية لحالات سوء التغذية الوخيم والحاد، وتوفير مادة الديزل التي لتشغيل المولد الكهربائي الخاص بالمستشفى، كما توفر حوافز لعدد من الفنيين لتحسين جودة الخدمة. تقدم دولة الإمارات عديدا من خدماتها للقطاع الصحي في اليمن في إطار شراكة استراتيجية مع منظمة الصحة العالمية، لتقوية وإنعاش النظام الصحي، من خلال دعم وتأهيل 20 مستشفى، وتقوية نظام الإحالة في مختلف مناطق اليمن. وأشارت باعويضان إلى إنه كان مخططاً لوفد اللجنة الإماراتية زيارة المستشفى، بحسب برنامج الزيارة، إلا أن الوفد لم يقم بالزيارة، نظراً لتغيير برنامج زيارتهم وانشغالهم، ومع هذا تم رفع الاحتياجات العاجلة للمستشفى إليهم لتحسين كفاءة العمل بالمستشفى وتطويره.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر