تعيش محافظة الحديدة، المحافظة الأفقر في اليمن، أوضاع إنسانية صعبة، وتتفاقم الأوضاع الإنسانية يومًا بعد اخر، إثر استمرار الصراع بين القوات الحكومية، مسنودة بالتحالف العربي من جهة، ومسلحي جماعة الحوثيين، المدعومة من ايران من جهة أخرى. وبعد نحو شهرين على إطلاق القوات الحكومية، عملية" النصر الذهبي" لتحرير محافظة الحديدة ومينائها الاستراتيجي، لم تحقق أهدافها بسبب ضغوطات الأمم المتحدة، ودول اخرى لها مصالح ، من استمرار الصراع في البلاد.
ارتفاع وتيرة النزوح الجماعي للمدنيين
ومع اقتراب القوات الحكومية، من مركز المحافظة، ترتفع وتيرة النزوح الجماعي للمدنيين بحثا عن أماكن امنة إما في المحافظة ذاتها او داخليا، إلى المدن اليمنية المجاورة لها. وفيصل عبدالله اب لخمس بنات، وولدين ، غادر مدينة الحديدة، عقب اقتراب القوات الحكومية، من مركز المدينة.
وفيصل نزح إلى مدينة اب وسط البلاد، مع اسرته، وظل عند أحد اقربائه، نحو أسبوعين حتى تمكن من إيجاد منزل، في المدينة المكتظة بالسكان . ويعمل فيصل عبدالله سائق لباص أجرة .
وقل فيصل، " املك صيدلية في محافظة الحديدة ، وكنت أعمل بها واجني الكثير من المال ، ولكنني الان، لا أكاد أحصل على القوت اليومي لي ولأسرتي من أجرة الباص ". وتابع " بالكاد تمكنت من الحصول على منزل لي ولأسرتي، مشيرًا إلى انه يدفع 100دولار إيجار المنزل".
وقال "ربما لن استطيع أن أجمع إيجار الشهر المقبل، لأن العمل على متن الباص لايكاد يكفي، لشراء الاحتياجات الأساسية لي ولأسرتي". والأمم المتحدة، أعلنت نزوح 350 ألف مدنيًا من محافظة الحديدة غربي اليمن، اثر استمرار الصراع فيها.
تقديم مساعدات إنسانية إلى اليمن
وتابع نائب المتحدث الرسمي بإسم الأمين العام فرحان حق، أن تصاعد النزاع منذ 1 يونيو/حزيران 2018م، إلى تشريد أكثر من 350 ألف نازح ونازحة ، ظل معظمهم في مناطق مجاورة لمناطق الاشتباكات ، والبعض الآخر غادر إلى المحافظات المحررة". وأوضح "فرحان حق" أن الشركاء في مجال العمل الإنساني والتعاوني ، قدموا بالفعل مساعدات إغاثية طارئة لأكثر من 90% من هؤلاء النازحين . وتقول الأمم المتحدة، إن الشركاء تمكنوا من تقديم مساعدات إغاثية وإنسانية لـ90%من نازحي محافظة الحديدة، فيما الواقع يشهد عكس ذلك.
والالاف من نازحي محافظة الحديدة يفتقرون لوجبة واحدة يوميا تقيهم الموت جوعا، في ظل استمرار المعارك في المدينة، بالإضافة، إلى ارتفاع أسعار المواد الغدائية، وتدهور الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد ككل. وتعمل مليشيا الحوثي، على إعاقة السفن القادمة إلى ميناء الحديدة، من الرسو في الميناء، وتتعمد تأخيرها، في محاولة منها لإيجاد مبرر لإحداث أزمة في المواد الغذائية، لأجل رفع أسعارها.
الحوثيون يحتكرون استيراد الوقود عبر التجار
وقال مصدر حكومي "إن مليشيا الحوثي تحتكر عبر تجار موالين لها استيراد الوقود وتتفرد باتخاذ القرارات خارج الأطر الرسمية لمؤسسة موانئ البحر الأحمر الحكومية الخاضعة لسيطرتهم". وكشف أن الجماعة الحوثية هي المتسبب في زيادة أسعار السلع الغذائية بسبب الجبايات غير القانونية التي تتم في نقاط التفتيش المنتشرة على الطرق وبين المدن، فضلا عن وجود تواطؤ بين قيادات الجماعة وبين كبار التجار من أجل التلاعب بحركة الأسواق وفرض زيادات غير منطقية على أسعار السلع.
ويستمر الصراع بين القوات الحكومية، والحوثيين، وسط سقوط قتلى وجرحى من الطرفين. وقوات الجيش اليمني أعلنت مقتل 130 من مليشيا الحوثي بينهم قيادات وإصابة المئات خلال أسبوع في جبهات الساحل الغربي .
وقال موقع "سبتمبر نت" التابع لوزارة الدفاع اليمنية، إن أكثر من 130 قتيلًا، فضلا عن مئات الجرحى من عناصر المليشيا الحوثية سقطوا خلال معارك ضارية مع قوات الجيش الوطني، بالإضافة إلى ضربات مقاتلات التحالف العربي، خلال الأسبوع الماضي. وتدور المعارك بين قوات الجيش اليمني، مدعومة بالتحالف العربي الذي تقوده السعودية، وميلشيات الحوثي في اطراف مديرية والدريهمي ، حيث تقول القوات الحكومية، إنها تمكنت من تحرير مواقع واسعة منها، وأنها اصبحت على مسافة قليلة من مركز المديرية .
والناطقة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت قالت إن " للمملكة العربية السعودية بالتأكيد الحق في محاولة القضاء على بعض اللاعبين السيئين". وتابعت "لقد رأينا ما حدث في ميناء الحديدة، وعدم القدرة على التدفق الحر للبضائع القادمة". وأضافت "أن الولايات المتحدة تسعى إلى صفقة جديدة، ستعالج بشكل شامل سلوك النظام الإيراني المزعزع للاستقرار - ليس فقط برنامجها النووي، بل برنامجها الصاروخي ودعمها للإرهاب وسلوكها الإقليمي التي وصفته بالخبيث"
الحوثيون يشنون الهجمات ضد الشعب اليمني
وأكدت هيذر نويرت "أن لدى الولايات المتحدة مخاوف بشأن ما يفعله المتمردون الحوثيون، مشيرًا إلى أنهم قاموا بالعديد من الهجمات ضد الشعب اليمني". ويعتبر تصريحا هيذر إعطاء الضوء الأخضر للقوات الشرعية، والتحالف العربي ، باستكمال تحرير مدينة الحديدة ومينائها الحيوي. وبعد ست جولات للمبعوث الأممي، مارتن غيريفت أثبت فشله في حل أزمة الحديدة، وإقناع أطراف الصراع بالانسحاب من المحافظة، والعودة للمفاوضات المباشرة.
وقال السفير اليمني في واشنطن والمندوب الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، أن "مقترح الحديدة مات"، معللاً ذلك بـ3 نقاط؛ أولها أن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث لم يحصل على شيء من الحوثيين باستثناء فقرة واحدة من مقترحه رغم ملاحظاتنا عليه؛ وهي - بحسب بن مبارك- سماحهم للأمم المتحدة بدور في إدارة الميناء، ولم يتجاوبوا معه مطلقاً. وأكد أن الحوثيين لم يقدموا أي تنازل في الحديدة. ولقد روجوا مقترحه وزعموا بأنهم معه. ويتوقع مراقبون أن تشهد المحافظة أزمة هي الاسوء في العالم ، اذا استمر النزاع، بين القوات الحكومية، والحوثيين، وبقيت المدينة تحت سيطرة المليشيا الانقلابية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر