استنفرت الميليشيات الحوثية في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة إليها أتباعها ومسؤوليها المحليين لتكثيف الفعاليات الطائفية بمناسبة ما تسميه "يوم الولاية" في سياق حشد المجندين والدفع بهم إلى جبهات القتال , وجاء ذلك في وقت تسعى الجماعة فيه إلى فرض نسخة خاصة بها من "هيئة مكافحة الفساد" في صنعاء عبر فتح باب الترشيح إلى عضوية الهيئة من قبل النسخة الخاصة بها من مجلس الشورى، الذي تواصل الجماعة خطتها لإحلال عناصرها في عضويته بشكل غير رسمي.
وقالت مصادر مطلعة في صنعاء لـ"الشرق الأوسط"، إن زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي أمر قادة الميليشيات ومسؤولي الجماعة في سلطة الانقلاب بتكثيف إقامة الفعاليات الطائفية بمناسبة ما تسميه الجماعة "عيد الولاية"، وهو اليوم الذي تزعم أن الرسول الكريم حصر فيه أمر الولاية والحكم في الإمام علي بن أبي طالب وذريته من بعده، حيث يدعى زعيم الجماعة أنه من سلالته وأن حكمه لليمن أمر إلهي لا جدال فيه، على حد إدعائه.
وبدأ قادته استجابة لأوامر الحوثي، تنظيم الفعاليات على مستوى العاصمة صنعاء والمديريات في مختلف المحافظات، متضمنة إقامة الندوات الطائفية والفعاليات الثقافية وتعليق الشعارات التابعة إلى الجماعة في شوارع المدن وعلى الطرق الرئيسية.
وتسعى الجماعة من خلال هذه الفعاليات إلى استقطاب مزيد من المجندين وتعبئتهم طائفيًا للزج بهم في جبهات القتال من أجل إطالة أمد الحرب وتثبيت وجودها الانقلابي الخارج عن إرادة اليمنيين , وتخصص الجماعة أموالًا ضخمة لإحياء مناسباتها الطائفية المتعددة على مدار العام ، بما في ذلك إقامة الفعاليات والمهرجانات والندوات، وطبع الملصقات والشعارات المستمدة من "الملازم الخمينية" وتعليق الصور الضخمة لزعيمها وقتلى الجماعة , ووفق مصادر محلية في محافظتي إب وعمران، أقامت الجماعة في اليومين الماضيين أكثر من فعالية طائفية بحضور قادتها المحليين ومشرفيها الطائفيين، حيث تضمنت الفعاليات فقرات خطابية تحض على الالتحاق بالجبهات، باعتبار ذلك أمرًا إلهيًا واجب التنفيذ.
ويرفض المجتمع اليمني سلوك الجماعة الطائفي، إلا أن ميليشياتها تفرض إقامة مثل هذه الفعاليات التي تشمل المدارس والمساجد والجامعات بالقوة، بالإضافة إلى إجبارها التجار ورجال الأعمال على المساهمة المالية في تمويل هذه الاحتفالات الطائفية , وذكرت المصادر أن الجماعة شدّدت على أتباعها المحليين في صنعاء وعمران وإب وذمار وعلى أعضاء حكومتها غير المعترف بها، من أجل الإعداد إلى الاحتفال بيوم الولاية في سياق سعيها إلى إضفاء الصبغة الطائفية على المجتمع وتجريف هويته الوطنية.
وكانت الجماعة بدأت هذه الفعاليات الطائفية قبل نحو أسبوع في مدينة الحديدة، ضمن مساعيها إلى استقطاب أبناء المدينة إلى صفوفها المتهاوية، عبر ما تتضمنه الفعاليات من أنشطة متنوعة تحاول تصوير الجماعة في هيئة المخلص الوطني كما تحاول تقديم زعميها الحوثي على أنه صاحب الحق الحصري في الحكم.
وحشدت الجماعة إلى العاصمة صنعاء عشرات من خطباء المساجد في محافظة الحديدة، وأخضعتهم إلى دورات طائفية، قبل أن تعيدهم إلى مديريات المحافظة الساحلية لتولي مهام إلقاء الفتاوى الطائفية المحرضة على الالتحاق في صفوف مقاتليها وجمع الأموال لتوزيعها على عناصر الميليشيات.
واستمرت الجماعة في إجبار السكان في مديريات ذمار وعمران والمحويت وصنعاء، على تقديم التبرعات المالية من أجل تمويل مجهودها الحربي، إذ أفادت مصادر محلية بأن الجماعة سيرت من هذه المحافظات في الأيام الماضية عددًا من القوافل الغذائية التي جمعتها من السكان ومما نهبته من الدعم المقدم من المنظمات الدولية، باتجاه الساحل الغربي , في غضون ذلك، واصلت الجماعة الحوثية سعيها إلى استكمال نسختها الخاصة من مجلس الشورى بالتوازي مع سعيها إلى فرض نسختها الخاصة من "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد" , وذكرت المصادر الرسمية للجماعة أن رئيس مجلس حكمها مهدي المشاط استقبل 14 شخصية من أتباع الجماعة السلاليين والقبليين وأدوا أمامه يمين الولاء للجماعة بمناسبة تعيينهم أعضاء في مجلس الشورى الخاضع إلى الجماعة.
وأعلنت المصادر الحوثية أن النسخة التابعة إليها من مجلس الشورى التي يترأسها الموالي للجماعة محمد العيدروس فتحت باب الترشح أمام الراغبين في التقدم إلى عضوية هيئة مكافحة الفساد التي تحاول الجماعة استنساخها بعيدًا عن الهيئة التابعة إلى الحكومة الشرعية.
وتأتي هذه المساعي وفق المراقبين - لجهة محاولات الجماعة الرامية إلى التأسيس لأركان حكمها الانقلابي بما يشمل كل مؤسسات الدولة، وبما يضمن لها إحلال عناصرها على رأس هذه المؤسسات، ضمانًا لولائهم وعدم الانشقاق عنهم , ومنذ أن تسلم مهدي المشاط منصبه خلفًا لرئيس مجلس حكم الجماعة السابق صالح الصماد الذي قتل في عملية للتحالف الداعم للشرعية في 19 أبريل / نيسان الماضي، أقدم على تعيين أكثر من مائة شخصية من أتباع الجماعة وعناصرها الطائفيين في عضوية مجلس الشورى الذي تحاول الجماعة أن تجعل منه ذراعًا لشرعنة سلوكها الانقلابي.
وأفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأن الجماعة دعت كبار قادتها العسكريين في صنعاء وذمار وتعز والبيضاء وإب إلى اجتماع سري ترأسه القيادي المنتمي إلى سلالة زعميها عبد اللطيف المهدي، بهدف البحث عن مزيد من المقاتلين لإسناد جبهاتها المتهاوية في تعز والبيضاء , وذكرت المصادر أن المهدي أخبر القادة الموالين للجماعة بخطورة الوضع الميداني الذي باتت فيه عناصر الجماعة , بخاصة بعد تقهقرهم في جبهات البيضاء وبخاصة في مديرية الملاجم التي تتقدم فيها القوات الحكومية باتجاه قطع طرق الإمداد الرئيسية للميليشيات.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر