كثّفت الميليشيات الحوثية منذ يومين أنشطتها الطائفية في صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لها ابتهاجا بالذكرى السنوية للطقس الإيراني المتمثل في "الصرخة الخمينية"، التي تتخذ منها شعارا لها منذ أن نقلها مؤسّس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي إلى اليمن وبدأ بترديدها وسط أتباعه في 2002.
وتنفق الجماعة أموالا طائلة على مناسبتها "الطائفية" في خُطوة استفزت مشاعر موظفي الدولة بمواقع الميليشيات الذين لم يستلموا مرتباتهم منذ 20 شهرا.
وفي الوقت الذي تحرص الجماعة الحوثية على الإنفاق بشكل سخي على فعالياتها الطائفية المتعددة واحتفالاتها المتكررة من خلال تخصيص مبالغ ضخمة تقدّر بمليارات الريالات، دون أن يلقي قادتها أي بال لمعاناة مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين الذين أوقفت دفع رواتبهم منذ 20 شهرا.
وعلى وقع مشاعر الكراهية المتصاعدة التي يكنها للميليشيات الحوثية أغلب السكان الخاضعين لها لا سيما في صنعاء والمدن الرئيسية، تصاعدت مؤخرا مخاوف الجماعة من خطر انفلات الأوضاع الأمنية في ظل احتمالات بتفجر انتفاضات مناهضة واندلاع أعمال انتقامية مسلحة، وهو ما دفعها إلى زرع المئات من الجواسيس من أتباعها في الأحياء والقرى والأسواق والأماكن العامة.
وأكد ناشطون في صنعاء لـ"الشرق الأوسط" أنهم رصدوا نشاطا مرتفعا لمخبري الجماعة وجواسيسها في الأماكن العامة، حيث المقاهي والمطاعم والاستراحات، فضلا عن حرصهم على حضور جميع المناسبات الاجتماعية، سواء أكانت صالات للأفراح أو مجالس للعزاء.
وذكر الناشطون أن النشاط التجسسي لعناصر الميليشيات، وصل إلى الاستعانة بعناصرها من النساء ممن يطلق عليهن "الزينبيات" لاختراق الجلسات النسائية المتنوعة، لترصد أنشطة السكان ومعرفة العائلات المناهضة أو الأشخاص الذين يذكرون الوجود الحوثي بسوء.
وبسبب القمع الحوثي والرقابة المشددة على الاتصالات والتنصت على الهواتف، أفاد عدد من الناشطين بأنهم يتجنبون في اتصالاتهم أي حديث يمس الجماعة وقادتها، وأنهم يلجأون لتبادل الآراء والمعلومات وتناقل الأخبار، إلى مواقع التواصل الاجتماعي أو تطبيقات المراسلة الفورية عبر الإنترنت، خشية أن ينالهم بطش الجماعة الطائفية.
وذكر أحد الناشطين أن مالك أحد المقاهي في جنوب العاصمة لفت انتباهه إلى عدم رفع صوته مع أصدقائه عند التعرض لذكر الميليشيات، نظرا لوجود عناصر أمنية تابعة للجماعة ترصد حديث رواد المقهى.
ويرجح مراقبون للأنشطة الحوثية أن لجوء الجماعة مؤخرا إلى رفع وتيرة أعمالها التجسسية ومراقبة السكان وتحركات الناشطين والصحافيين، جاء على إثر التطورات الميدانية في الساحل الغربي، فضلا عن تكرر حوادث يقف خلفها مناهضون مجهولون قاموا خلالها بتمزيق شعارات الجماعة أو مسحها من على الجدران وتعليق شعارات تتوعد الميليشيات، في صنعاء والحديدة وإب.
ويبدو أن الجماعة الحوثية تخشى أن ينجح السكان في كسر حاجز الخوف، من خلال المجاهرة بمعارضتها والنيل من أفكارها وشعاراتها الطائفية، وهو الأمر الذي قد يمهد إلى تفجر انتفاضات مسلحة للانتقام من الجماعة بخاصة في أوساط العسكريين السابقين والناشطين الحزبيين.
وجّهت الميليشيات الحوثية أوامر لملاك الفنادق والمقاهي بإلغاء القنوات التلفزيونية التابعة للشرعية اليمنية أو للتحالف الداعم لها، وحذرت المخالفين بالإغلاق والحبس والغرامة المالية، بل وصل الحال بها في مدينة عمران إلى اقتحام منازل عدد من المواطنين للتأكد من عدم مشاهدتهم لهذه القنوات التي ترى فيها الجماعة خطرا يعري فكرها الطائفي وتبعيتها لطهران ويفضح انتهاكاتها بحق المدنيين، فضلا عن رصد هزائمها الميدانية وخسائرها المهولة.
بدأت الجماعة الحوثية منذ يومين تكثيف أنشطتها الطائفية في صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لها في سياق احتفالها السنوي بذكرى استقدام "الصرخة الخمينية" والمشروع الطائفي إلى اليمن، وهي المناسبة التي تسعى الجماعة إلى تكريسها في أذهان أتباعها وكأنها حدث تاريخي غير مسبوق، ونقطة مفصلية على الساحة الوطنية.
وشوهدت في شوارع صنعاء المئات من اللافتات الطائفية الجديدة التي علقتها الجماعة على لوحات الدعاية وواجهات المباني، متضمنة عبارات تبجل "الصرخة الخمينية" وتحض السكان على ترديدها باستمرار، باعتبارها كما تزعم "أحد أقوى الأسلحة الفاعلة في تحصين المجتمع من الاختراق الأميركي
وشوهدت الملصقات الحوثية المحتفية بالصرخة الطائفية الإيرانية على مداخل وبوابات المؤسسات الحكومية الخاضعة للجماعة، وعلى جدران المساجد والمدارس، بالتزامن مع تسيير سيارات تجوب الشوارع بمكبرات الصوت، لبث مقاطع صوتية لمؤسس الجماعة الأول، حسين الحوثي، وأخرى لشقيقه عبدالملك الزعيم الحالي لها، تتضمن الفوائد المزعومة للصرخة الإيرانية.
وأمرت الجماعة أتباعها والقيادات الموالية لها في المؤسسات الحكومية، بما فيها الجامعات والمعاهد التعليمية، بإقامة الندوات والفعاليات المختلفة لإحياء المناسبة، في الوقت الذي أمر وزير الميليشيات للصحة والقيادي البارز طه المتوكل، الموظفين الخاضعين له بالحضور إلى إحدى قاعات المناسبات في حي الجراف، للاحتفال بترديد "الصرخة" والاستماع إلى محاضرة طائفية له بشأن الموضوع نفسه.
ويثير إنفاق الجماعة الحوثية على فعالياتها الطائفية المتعددة على مدار السنة، غضبا مكبوتا في أوساط الموظفين الحكوميين، الذين توقفت عن دفع رواتبهم، فضلا عن إنفاقها غير المسبوق على طباعة صور قتلاها وقادتها الصرعى في شوارع المدن.
وعادة ما تلجأ الميليشيات إلى تمويل الفعاليات من إيرادات المؤسسات الخاضعة لها، كما تجبر التجار على دفع مبالغ ضخمة للمشاركة في تغطية النفقات ودفع المكافآت لعناصرها الذين تحرص على عدم وقوعهم في فخ الحاجة كما هو حال أغلب السكان والموظفين.
واستغلت الجماعة الحوثية المناسبة الطائفية التي تستمر في الاحتفال بها أسبوعا كاملا، يختتمه عادة زعميها الحوثي بإلقاء خطابه المعتاد، من أجل التحشيد في أوساط السكان ومحاولة استمالتهم للقتال في صفوفها.
وفي خضم الاحتفال الطائفي للجماعة بذكرى صرختها الإيرانية واصلت انتهاكاتها بحق اليمنيين، في أكثر من محافظة، إذ أعدم عناصرها أرملة أمام أطفالها الثلاثة في البيضاء، مع سائق سيارة كان يقلهم بعد أن ادعوا أنه تجاوز نقطة التفتيش بقليل. وبحسب مصادر محلية وشهود، أقدم مسلحو النقطة الحوثية، الثلاثاء، على قتل المرأة وتدعى زينب حمزة فاضل، أثناء عودتها من صنعاء باتجاه محافظة شبوة حيث يسكن زوجها المتوفى، كما أقدموا على قتل السائق الذي كان يقلها بسيارته، وذلك بعد ساعات فقط من اعتقالهم امرأتين أخريين، واقتيادهما إلى أحد سجونها، والحيلولة دون سفرهما برفقة أطفالهما.
اقتحمت الميليشيات في مدينة إب، سكن الأطباء التابع إلى مستشفى ناصر المعروف بـ"سكن الصينيين" في مدينة إب، وذَكَرَت المصادر أن الجماعة حوّلت السكن الطبي إلى مقر خاص بمشرفها في المحافظة ويدعى صالح حاجب.
وأفاد ناشطون في محافظة الحديدة، بأن قياديا في الجماعة يتولى منصب المشرف التربوي لها في مديرية بيت الفقيه، جنوب الحديدة ويدعى حسن داود دهل، أقدم على قتل أربعة من أقاربه، في قرية المداهلة بمنطقة الحسينية، بعد أن أطلق عليهم الرصاص من رشاشه الآلي، لجهة رفضهم التخلي عن قطعة أرض يملكونها في المنطقة لصالحه.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر