عدن- صالح المنصوب
تعدّ الحوطة عاصمة محافظة لحج جنوب اليمن، والقريبة من العاصمة المؤقتة عدن، أحد أهم المدن اليمنية، سماها البعض بأنها أيقونة الأرض، والإنسان حباها الله بموقع جغرافي، غاية في الروعة، أكسبها نعمة الخضرة، ووفرة المياه، والأرض الصالحة للزراعة، وكانت سابقا واليوم مطعمًا ومغنمًا لكثير ممن حكموها قديمًا.
وظلت الحوطة على حالها لم يتغير شيئا، ويلاحقها التهميش، حتى أصبحت هامشية لدى من حكموها بالأمس واليوم، على الرغم من خيراتها الوفيرة، حسبما يطرح السكان. وجاءها العبادلة وكونوا منها سلطنة اسموها السلطنة العبادلة، التي يقول السكان إن السلاطين همشوا الحوطة ولحج عامة، وصنعوا من أهلها عبيد.
وقال مهتمون إن الحوطة تعتبر عاصمة للثقافة والشعر، فكان أميرها الشاعر والفنان والمؤرخ أحمد فضل القمندان، حيث أنها أصبحت تذكر بلون غنائها المتميز، الذي إثراء الغناء اليمني كثيرًا، ومنها الفنان الشعبي فيصل علوي. والخضرة رمز للحوطة، والتنوع الزراعي يميزها بتربتها الخصبة، فتتلاقى دلتا تبن الذي يعتبر رمز الخصوبة الخضرة، والحياة لأبنائها، حتى الفل والكاذي بروائحه تجده يصدر من لحج، والبخور اللحجي، فحدودها الشرقية تحتضن قرى جميعها زراعية، منها الحمراء والثعلب وعبر بدر والمجحفة التي تعتبر بلاد آل سلام، وايضا العليبة وجول اليماني، فكلها تعتبر حزام زراعي جميل، وحزام غربي زراعي تمثل في قرى بيت عياض والدباء، وعبر السلوم، والنوبة والشظيف والحاسكي، والحبيل، والصردوح والكدمة، وينتهي بصحراء تترامى إلى شواطئ الطريق البحري الجديد المنطلق من الوط، وينتهي بالحديدة، مرورًا بطور الباحة.
وتمثل الحوطة عاصمة لحج، لكن جراحها حسبما يحي السكان كبيرة جدًا، ومازالت مستمرة في التهميش، لم تر النور في الخدمات، وتبقى حبيسة المعاناة، ووضعها المزري، على الرغم من توفر الأرض والمياه، لكنها لم تلق التشجيع، والدعم والالتفات لحالها ومعاناة أبنائها الموجعين.
وفي شمال الحوطة، تجد قاعدة العند الأكثر أهمية وزائدة ووكيم، تجد العند بسوقها القديم والحلويات المنتشرة، والشهيرة الجيدة المذاق، الذي منها تجب الهدايا لمن يغادر عدن، أو ينشدها للتسوق، فيجد أنواع الحلويات المختلفة.
وسكان الحوطة أشخاص تسكنهم الطيبة، وقيم أخلاق رفيعة، يصنعون البسمة، ويحتفلون على الرغم من جراحهم ومعاناتهم، بسماع الأغاني نسيجا اجتماعي متناسق، فتجد معظمهم من ذوي الدخل المتوسط، يعتلون وظائف حكومية خدمية كالأطباء والمعلمين والفلاحين البسطاء، يلتقون جميعا على بساط الطيبة، والابتسامة وحفاوة الاستقبال، للضيوف المارين بالطريق العام بين صنعاء وعدن.
وتهم كثيرة تلاحق الحوطة، وما جرى من تفجير في مقر السلطة المحلية أثر عليها، والقت تلك التهم بظلالها على حياة الإنسان، الذي يعيش فيها، فمره تأتيها صفة الإرهاب، بسبب من ذهبوا إلى أفغانستان، وعادوا محملين بأفكار متطرفة، فقرى بعدد الأصابع من تحمل هذه الصبغة، منها قرى بيت عياض والحمراء وأجزاء من حواري الحوطة هي ما يشار اليها بالانتماء لتنظيم القاعدة، ويرى السكان أن من تأثروا بتلك الأفكار المتطرفة، أصبح السكان يشعرون منهم بالخوف، وأصبحت الحوطة تتهم بسبب هؤلاء البضع نفر، الذين يسعون إلى تحويلها إلى بؤرة للقتل والإرهاب.
وتوالت على الحوطة حكومات عدة، وتولى أمورها كثيرون، لكنها ظلت مهملة ومظلوم أبنائها، فقد سادها التهميش والإقصاء ولامبالاة بها، على الرغم من أهميتها وما تقدم للبلد من خضرة متنوعة، فقد ظلت شوارعها مهملة ومستوى، الخدمات الصحية والتعليمية، والبريدية وغيرها لم تتحسن وتعود إلى الزمن القديم، ومباني قديمة وبالرغم من قدمها فلم تسلم من آلة الدمار والخراب في الحرب الأخيرة.
هذه هي الحوطة في محافظة لحج جنوب اليمن، منتجة الفل والكاذي والبخور، ومعظم أنواع الخضر، كتب لها أن تبقى في قائمة النسيان وأن تتحول إلى بؤرة للإرهاب.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر