تقع محافظة حجة في الجزء الشمالي الغربي من الجمهورية اليمنية، وتبعد عن العاصمة، صنعاء، نحو 127 كيلومترًا، وتحدها من جهة الشمال محافظة صعدة، والمملكة العربية السعودية، ومن الشرق محافظة عمران، ومن الجنوب محافظتي الحديدة والمحويت، ومن الغرب البحر الأحمر، وجزء من محافظة الحديدة الساحلية .
وكُتب لمحافظة حجة أن تكون في قبضة جماعة "الحوثي"، وأنصار الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، حيث يعيش سكانها ظروفًا اقتصادية صعبة، وفاقم ذلك استقبالها آلاف النازحين من مناطق الحرب، كما تفرض عليها جماعة "الحوثي" وصالح قيودًا، وتمارس انتهاكات يومية في حق السكان، وتعد حاضنًا كبير لـ"الحوثيين".
ويبلغ عدد سكان حجة، وفقًا لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت لعام 2004، مليون و497 ألفًا و568 نسمة، فيما يبلغ معدل النمو السكاني فيها 4.3%، وتبلغ مساحتها 8227 كيلومترًا مربع.
وتتضمن تضاريسها سلاسل مرتفعات، مثل سلسلة جبال الشرفين وحجور ووشحة، وسهول ساحلية واسعة في مديرية بني قيس، ومديرية عبس السهلية، التي تمتد إلى سواحل البحر الأحمر غربًا. وتضم منفذ الطوال البري، التابع لمديرية حرض، والذي يربط الجمهورية اليمنية بالجارة السعودية، ويعتبر من المنافذ المهمة للبلاد، والذي أغلق منذ اندلاع الحرب.
وأفادت مصادر محلية في حجة بأن المواجهات العسكرية بين مليشيا "الحوثي" وصالح وقوات الشرعية، المدعومة من قوات التحالف العربي، تتركز في مديريتي ميدي وحرض الحدوديتين مع السعودية، حيث أعلنت القوات الحكومية اليمنية، قبل أيام، تمكن قوات الشرعية من السيطرة على مركز مديرية ميدي الساحلية، ودحر مليشيا "الحوثي" فيها، فيما تسيطر أيضًا على منفذ جمرك الطوال، وتقترب من مدينة حرض. وأوضحت مصادر ميدانية أن المواجهات متواصلة، في ظل التقدم المستمر لقوات الشرعية.
وأشارت المصادر إلى أن بقية مديريات المحافظة تحت سيطرة جماعة "الحوثي" وصالح، التي تبسط قبضتها عليها، وتفرض الجبايات على المواطنين، وتعاقب من تراه لا يقبل بوجودها. ومن حيث الحاضن والتصنيف، فسكانها، وفق التركيبة الاجتماعية والفكرية، ينقسمون إلى قسمين رئيسيين ، وهما سكان المرتفعات الجبلية، وجميعهم ينتهجون المذهب الزيدي، القريب نوعًا ما من المذهب الشيعي، الذي ينتهجه "الحوثيون" وأتباعهم، وفي تلك المناطق توجد حاضنة شعبية كبيرة لهم ولمشروعهم, فهي تزودهم بالمقاتلين والمال، وانضم معظم أبنائها إلى صفوفهم، باستثناء القليل، ومنهم الذين رفضوا "الحوثيين"، وغير راضين بانقلابهم على السلطة الشرعية في البلاد.
ويتبع سكان المناطق الساحلية للمحافظة المذهب الشافعي، الذي يتعارض كليًا مع المذهب الشيعي، ولذلك غالبية سكان تلك المناطق يرفضون الوجودد الحوثي في مناطقهم، التي تشهد العديد من الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها المليشيا في حق أبناء تلك المناطق، من قتل وتشريد واعتقالات، وفرض مبالغ مالية كبيرة بالقوة على سكانها، تحت مسمى المجهود الحربي.
ةتحظى هذه المحافظة بأهمية ورمزية عقائدية لدى قادة الحركة الحوثية، لأنهم يعتبرونها الثانية بعد صعده من الناحية الفكرية والمذهبية، وسقوطها هو سقوط لمشروعهم . وتشهد المحافظة حالة من الفوضى والانقلات الأمني، خاصة بعد سيطرة "الحوثيين" على المحافظة، في ظل ضعف أداء الجهات الرسمية، وظهور تشكيلات المليشيا التابعة لطرفي الانقلاب، بديلة عن الجهات الرسمية، تتولى إدارة المحافظة في كل المجالات، وهو ما تسبب في انفلات أوضاع المحافظة أمنيًا وتنامي معدلات الجريمة فيها، كحوادث النهب والسلب والثأر، وحوادث الاغتيالات التي تستهدف المناهضين لتلك الحركة، إضافة إلى ما يقوم به تحالف الانقلاب من انتهاكات، كالاختطافات التي تطال المواطنين، والزج بهم في المعتقلات التي يقيمها في أماكن مجهولة، وممارسة أبشع أنواع التعذيب في حق المعتقلين.
وقال السكان في هذه المحافظة إنهم يعيشون أوضاعًا أمنية سيئة، تتمثل في الخوف والفزع بصورة دائمة من البطش والتنكيل، حيث تعيش العديد من الأسر حالة قلق وترقب لأي اقتحام لمنازلها، بعد أن تعرض عدد من المساكن لحالات اقتحام، واعتقل العديد من سكانها.
وكشف ناشطون في حجة عن ارتكاب مليشيا "الحوثي" وصالح مئات الجرائم في حق المواطنين، وقتل عدد من الناس، وكان آخرها جريمة قتل المواطن أحمد كزبر، بائع الدجاح في منطقة اللوحة، في مديرية بني قيس، الشهر الماضي، وذهب دمه هدرًا، ومازالت تحجز شخصين آخرين لأنهم كانوا شاهدين على جريمة القتل.
وأضاف الناشطون أن سلطة الأمر الواقع في المحافظة ترفض الإفراج عنهم، وهو أسلوب همجي يتنافى مع النظام والقانون وحقوق الإنسان. وأوضح سكان في حجة أن المحافظة شهدت حالة نزوح كبيرة لسكان مديرتي حرض ميدي، الحدوديتين مع المملكة العربية السعودية، جراء الحرب الدائرة هناك، ويتركز وجودهم في مدينة حجة، وعدد من مديرتها الآمنة.
ويعيش النازحون حالة من البؤس والفقر والحرمان، معتمدين على بعض الإغاثة الإنسانية، كما أن هناك قصورًا في العمل الإغاثي لدى المنظمات الإغاثية، التي لم تقدم الرعاية الكاملة للمتضرين من الحرب، والمشردين من ديارهم، وما تقدمه لهم كل شهرين أو ثلاثة أشهر يكفي احتياجات الأسر النازحة لأسبوع أو أسبوعين فقط، ما يعني أن هناك قصورًا واضحًا في عمل المنظمات، التي لا تكترث لمعاناة النازحين والفقراء بشكل عام . ويدل دلالة واضحة على أن المعونات الغذائية ينهبها "الحوثيون"، لتمويل ما يسمى بـ"المجهود الحربي"، متناسين معاناة المواطنين الذين يتضورون جوعًا .
وانتشرت الأمراض والأوبئة في المحافظة بشكل كبير، ومنها انتشار وباء الكوليرا وحمى الضنك، في مديريات أفلح الشام، وكشر، ووشحة، إضافة إلى انتشار مرض الملاريا في أغلب مديريات المحافظة، ما أسفر عن وفاة طفلتين، جراء إصابتهما بالمرض، وفق تأكيدات مكتب الصحة في مديرية بني قيس .
ويعيش القطاع الصحي في المحافظة حالة موت سريري، لعدم قدرته على القيام بواجباته الإنسانية تجاه المواطنين، الذين أصبحوا ضحايا الفقر والمرض والحرب. وأدت ظروف أبناء حجة القاسية والمؤلمة، في ظل توقف مرتبات الموظفين منذ شهور، إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بين سكانها، الفقراء أصلاً، وفقدت العديد من الأسر مصادر دخلها، وأصبح وضعها المعيشي أكثر سوءًا من ذي قبل، بسبب تداعيات الانقلاب على السلطة الشرعية للبلاد، ونهب الانقلابيين ومصادرتهم مقدرات البلاد، والقضاء على مقومات الحياة الاقتصادية لتمويل حروبهم العبثية، التي دمرت البلاد ومزقت نسيجها الاجتماعي، وأوجدت حالة من العداء والفرقة بين أبناء الوطن الواحد، مخلفة وضعًا مزريًا يعيش ويلاته المواطن اليمني المغلوب على أمره، والذي أصبح يدفع حياته ثمنًا لنزعات تحالف "الحوثي" وصالح، الذي أراد لليمن أن يكون كذلك.
وأكد مهتمون بالوضع اليمني أن المجاعة أضحت واقعًا يلازم كل أسرة، دون استثناء، والجميع فيها يعاني ويلات الجوع والفقر، ما يستدعي تدخلاً عاجلاً للمنظمات الإغاثية، ومضاعفة جهودها الإنسانية لإنقاذ حياة الناس من الهلاك الذي بات ينتظرهم.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر