عبّر السفير الأميركي في اليمن ماثيو تولر عن إحباطه من أداء الحكومة اليمنية وقال إنها ضيعت خلال الفترة الماضية الكثير من الفرص التي كان بإمكانها الإستفادة منها، وأوضح أنه كان هناك أمام الحكومة اليمنية فرص كثيرة لتثبت نفسها في المناطق المحررة لكنها لم تستغلها وأضاف "أنا أفهم العقبات التي واجهتها وكثير من أسباب الفشل التي زرعت في طريقها لكن ذلك لا يعفيها.. أداء الحكومة كان محبطًا جدًا لي خلال الأعوام الماضية التي عملت فيها في اليمن".
وقال السفير الأميركي إن المبعوث الأممي مارتن غيريفث لم يطرح أي أفكار جديدة للحل السياسي في اليمن وأنه خلال الجولة التي قام بها الأسابيع الماضية واللقاءات التي سيعقدها خلال الأيام المقبلة كلها مكرسة للاستماع من الأطراف اليمنية لمعرفة رؤاهم وتوجهاتهم لتحقيق السلام "قبل أن يفرض رؤية معينة"، وأكد أن المبعوث الأممي لن يبدأ من الصفر "وهو يدرك أهمية التقدم الذي تم إحرازه في الماضي في مشاورات جنيف والكويت، وسنبني على ما سبق وسنمضي للأمام".
وأشار السفير الأميركي ماثيو تولر إلى أن الحكومة الأميركية ترغب في وجود حكومة يمنية قادرة على تحقيق مصالح اليمن واليمنيين، وأضاف "نعتقد أن لدينا مصالح مشتركة كافية لأن يكون هناك تعاون مشترك بين الأميركيين واليمنيين، وعندما أتحدث عن مصالحنا الإستراتيجية فإن وجود إيران في الممرات المائية التي تهدد الإقتصاد الدولي يشكل خطراً وبالتالي فإن علينا أن نلعب دوراً لضمان سلامة هذه الممرات المائية".
وأفاد تولر أن من بين المصالح التي تدافع عنها الولايات المتحدة هو الأزمة الإنسانية "التي نراها تنكشف في اليمن، فاليمن كانت تعاني حتى قبل الأزمة، وكان هناك مناطق يعاني سكانها من سوء التغذية ومن الأمراض، وبعد استمرار الحرب ثلاث سنوات هناك تدمير اقتصادي ونحن نعتبر في الخطوط الأمامية لإعادة بناء مؤسسات الدولة، لكن لن نتمكن من التعاطي مع هذه الجوانب إلا بعد توقف الصراع".
وأوضح أن هناك تدمير ممنهج لمؤسسات الدولة تقوم به جماعة الحوثيين من خلال تسريح الكوادر التي كانت تعمل في القطاع الحكومي واستبدالهم بعناصر من أعضاء الجماعة"، وأضاف الدبلوماسي الأمريكي "هناك طرف يمكنه أن يعمل شيئاً لرفع المعاناة وهم الحوثيون إذا وافقوا على إعادة مؤسسات الدولة للدولة ومكنوا الكوادر التي عملت خلال السنوات الماضية في مختلف الظروف وسمحوا لعائدات الدولة أن تورد إلى البنك المركزي فإن ذلك قد يحدث تحولاً جذرياً"، وقال إنه التقى بمحافظ البنك المركزي ومسؤولين آخرين وممثلين عن القطاع الخاص ولمس عندهم رغبة في العمل وعلق قائلاً "سندعم أي يمني يرغب في خدمة بلده".
وأشاد السفير الأمريكي بما حققه مؤتمر المانحين في جنيف، الذي انعقد أمس الثلاثاء، من نتائج تمثلت في تعهدات بتقديم قرابة ملياري دولار لتوفير المساعدات لليمنيين، مشيراً إلى أن حكومة بلاده ساهمت ب (84 مليون دولار) ليرتفع إجمالي ما قدمته الولايات المتحدة إلى (840 مليون دولار) منذ منتصف العام 2016، حسب المعلومات التي أوردها السفير.
ورغم إشادته بما تم تحقيقه لصالح توفير مساعدات لليمنيين المتضررين من الحرب إلا أنه عاد وأكد أن الأزمة لن تحل إلا بحل سياسي.
وعن الدور الأمريكي في الضغط على الحوثيين للقبول بحل سياسي ينهي الصراع قال السفير الأمريكي "نحن بعثنا إشارات مباشرة وغير مباشرة للحوثيين أنهم سيكونون جزءاً من الحل القادم فهم جزء من اليمن وبالتالي حتى تكون البلد مستقرة لا بد أن يكون هناك أنظمة وقوانين لا تفرق بين المواطنين على أساس المذهب والمعتقد والقبيلة"، وأضاف "نحن في المجتمع الدولي جاهزون لتقديم الضمانات للحوثيين أنه سيتم التعامل معهم على حد سواء مع بقية الأطراف وأن لا يتم تهميشهم كما كان في الماضي، بالمقابل لا يمكنهم أن يستخدموا هذا التاريخ (في إشارة إلى ما قال إنه تهميش تعرضوا له في الماضي) ليمارسوا هذه الأعمال، فإذا قبلوا بمشاطرة السلطة مع بقية الأطراف نعتقد أن مستقبلهم سيكون أفضل من الإستمرار في الحرب"، وعن الكيانات الجديدة التي أفرزتها الأحداث قال السفير الأمريكي إن هناك كيانات شرعية ولديها الرغبة أن تكون جزءاً من الحل المستقبلي، "فالمؤتمر الشعبي يفترض أن يظل موجوداً ويشارك في المفاوضات القادمة، وأحزاب أخرى مثل الإصلاح الذي كان جزءاً من تكتل اللقاء المشترك، كل هذه الأطراف يجب أن يتم تمثيلها على طاولة المفاوضات"، وتعليقاً على سؤال عن تمثيل الحراك الجنوبي في المفاوضات القادمة قال تولر إن المشكلة أن هناك أطراف تدعي أنها وحدها تمثل الجنوب وهذا غير صحيح وأضاف "احتكار فئة محددة لتمثيل الجنوب هو بذور للفشل المستقبلي".
ورغم تهرب السفير الواضح من سؤال تكرر عن الدور السلبي للولايات المتحدة تجاه ما تتعرض له الحريات في اليمن وما يواجهه الصحفيون من تنكيل أورد تولر تعليقاً مقتضباً قال فيه إن الحوثيين الذين قدموا أنفسهم ثوريين جدد أخذوا أسوأ أساليب النظام السابق ثم طبقوه على خصومهم السياسيين والصحفيين. وتحدث السفير عن الفساد المالي والإداري الذي قال إنه تضاعف وأن "قادة المليشيات أصبحوا أكثر ثراءً وهذا أمر كارثي".
تولر أشار إلى الصورة المجتزأة التي تنتشر في الإعلام الغربي حيث قال إن "تسعين في المئة من التقارير الصحفية التي تنشر في الإعلام الخارجي عن اليمن تتناول الضحايا المدنيين نتيجة الغارات الجوية السعودية ونادراً ما أقرأ عن ما يفعله الحوثيون بخصومهم السياسيين ونادراً ما أقرأ عن الأطفال الذين تبتر أطرافهم بسبب الألغام التي يزرعها الحوثيون"، وأضاف "إن الحرب كلفتها عالية جداً لكن لا أود المساواة بين أطراف تساعد اليمن وأطراف لا يهمها غير استمرار الحرب".
وعن طبيعة الأزمة في اليمن قال إنها أسهل من الأزمات الأخرى في المنطقة كون اليمن لديها جيران لديهم استعداد للمساعدة على عكس سوريا مثلاً التي ليس لديها من الجيران من يعبر عن التزامه بتقديم مساعدات لها وأضاف "في شبه الجزيرة العربية لا بد أن تكون هناك دولة قادرة على تحقيق الإستقرار لكل دول المنطقة" وعبر عن تفاؤله بمستقبل اليمن الذي قال إنه يمكن أن يكون جزءاً من منطقة هادئة ومستقرة مضيفاً "لدي قناعة أن السعودية إذا حصلت على ضمانات بحدود آمنة وشريك جيد في اليمن فلديها استعداد أن تغير علاقتها مع اليمن وهذا السبب يمنحني تفاؤلاً بمستقبل اليمن".
وعن علاقة الحوثيين بإيران والدور السلبي الذي تلعبه إيران في اليمن قال تولر إن إيران تسعى للعب دور في اليمن، "ومع أن الحوثيين أنكروا هذا في السابق لكنهم اليوم يقللون من هذا الدور ويبررونه، وهذا يجعل من الصعوبة الثقة بهذه العناصر التي تقلل أو تنكر أو تبرر الدور الإيراني".
وأشار إلى أن اليمنيين لا يرغبون بأي طرف خارجي يتدخل في شؤونهم لا إيران ولا السعودية ولا الأميركيين ولا البريطانيين "ونحن نحترم رغبة الناس في استقلاليتهم".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر