رغم أن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي يطلق عليها "صفقة القرن" لم تنشر بعد فإن المعارضة للخطة تتصاعد لتصل إلى حد رفضها مسبقا بعد القرارات والإجراءات الأميركية المنحازة للاحتلال الإسرائيلي في ما يتعلق بقضية القدس والمستوطنات واللاجئين.
وحسب التسريبات المتعلقة بـ"صفقة القرن" ستزيل من جدول الأعمال جميع القضايا المطروحة للتفاوض منذ مؤتمر مدريد للسلام في عام 1991: الأرض، والمستوطنات الإسرائيلية، والقدس، واللاجئين، والدولة الفلسطينية، ولن يكون هناك انسحاب إسرائيلي آخر من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، كما ستواصل إسرائيل النشاط الاستيطاني وستكون القدس عاصمة إسرائيل الحصرية.
ودعت الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية لبناء رؤية وطنية جامعة لمواجهة صفقة القرن، مؤكدين ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية لحماية القضية الفلسطينية والتصدي للمخططات الإسرائيلية والأميركية.
وأجمعت جميع الفصائل الفلسطينية على رفض الموقف الأميركي الإسرائيلي، وأكدت على إفشال المشروع الأميركي الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وتحطيم ثوابتها، كحق العودة، والدولة والحدود.
وقالت الفصائل الفلسطينية إن الإدارة الأميركية نفذت خطوات رئيسة من صفقة القرن على أرض الواقع قبل الإعلان عنها، ومن أهمها: ضم القدس والجولان، ورفض الدولة الفلسطينية، والاستيطان، وتصفية الأونروا، وفصل الضفة عن غزة، وتحريك قطار التطبيع العربي مع دولة الاحتلال، كما وحذّرت الفصائل الفلسطينية الرئيسية، من
ورشة العمل الاقتصادية التي تنظمها البحرين بالشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية، أواخر يونيو/حزيران المقبل.
وقالت الفصائل، في بيان صدر عن لجنة المتابعة (تضم القوى والفصائل الفلسطينية الرئيسية): "مؤتمر المنامة، ورشة عمل تصفوية تحت عنوان مضلل وهو (السلام من أجل الازدهار)، في محاولة من الإدارة الأميركية لتمرير المرحلة الأولى من مؤامرة صفقة القرن".
واعتبرت الفصائل، ومن ضمنها حركات "فتح، وحماس، والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية، والجبهة الديمقراطية"، أن مؤتمر المنامة يهدف لـ"إشغال المنطقة بالقضايا الاقتصادية والإنسانية، والفتن الطائفية، على حساب حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني".
وأكّدت الفصائل على رفضها لعقد هذا المؤتمر، معتبرةً أن أي مشاركة عربية أو فلسطينية سواء كانت رسمية أو شخصية، ستكون بمثابة "الطعنة لقضية الشعب ونضاله من أجل الحرية والاستقلال الوطني"، وثمّنت الفصائل مواقف الدول والجهات الشخصيات، خاصة الفلسطينية، الرافضة للمشاركة في المؤتمر.
وطالبت كل الجهات والدول التي تلقّت دعوات للمشاركة في الورشة الاقتصادية بالمنامة، بإعلان رفضها والامتناع عن المشاركة.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس الإثنين، إن من يريد حل القضية الفلسطينية عليه أن يبدأ بالقضية السياسية، وليس ببيع أوهام المليارات التي لا نعلق عليها آمالا ولا نقبل بها لأن قضيتنا سياسية بامتياز.
وأضاف الرئيس الفلسطيني: "قضيتنا تتقدم خطوة خطوة وسنصل بإذن الله إلى الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وستذهب صفقة القرن أو صفقة العار إلى الجحيم بإذن الله، وسيذهب المشروع الاقتصادي الذين يعملون على عقده الشهر المقبل ليقدموا لنا أوهاما كذلك إلى الجحيم".
وتابع الرئيس الفلسطيني: "نحن قلنا كلمتنا ونقولها في كل وقت وأصدرنا البيانات اللازمة بأننا لن نقبل بهذا الاجتماع ونتائجه لأنهم يبيعون لنا الأوهام التي لن يصل شيء منها اطلاقا، ونحن لسنا بحاجة لدعمهم لأننا بفضل جهود أبناء شعبنا الفلسطيني وجهود أمثالكم قادرون على أن نبني دولة عصرية حديثة بكل امتياز".
جاء ذلك خلال حفل التكريم للمتبرعين لمؤسسة محمود عباس، الذي أقيم في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، الإثنين، بحضور عدد من كبار المسؤولين والشخصيات الاقتصادية.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إن "أي خطة أو مقترح أو صفقة لا تبنى على أساس حل الدولتين، مصيرها الفشل ومزابل التاريخ، وسيتم رفضها جملة وتفصيلا فلسطينيا وعربيا وإسلاميا وأوربيا ودوليا"، وأضافت أن "فريق ترامب يواصل حملته الدعائية المضللة للرأي العام العالمي والمسؤولين الدوليين والعالمين العربي والإسلامي"، وشددت على أن "مصلحة واشنطن كما تراها إدارة ترامب تتطابق تماما مع مصلحة إسرائيل كدولة احتلال"، وحذرت من أن فريق ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يعملون للقضاء على المشروع الوطني الفلسطيني.
وشددت على أن الخطة تستهدف تقويض أية فرصة لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، والقدس الشرقية عاصمة لها.
ولا يعترف المجتمع الدولي باحتلال إسرائيل للقدس الشرقية منذ عام 1967، ووصفت الخطة بأنها "محاولات لتجميل المشروع الاستعماري وتمكينه، والانقلاب على قرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي".
ويؤكد الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة أن أي خطة سلام لا تتضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها كامل القدس الشرقية على حدود عام 1967 سيكون مصيرها الفشل، واعتبر محاولة إيجاد أطراف إقليمية ودولية تتعاون مع بنود هذه الخطة هي محاولات فاشلة ستصل إلى طريق مسدود، لأن العنوان لتحقيق السلام العادل والدائم هو القيادة الفلسطينية التي تؤكد أن أي طروحات تتعلق بالمسيرة السياسية يجب أن تكون على أساس الشرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
من جهته عبر إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، عن موقف ثابت برفض "صفقة القرن" والتمسك بالمقاومة كخيار استراتيجي، وقال: "لن نسمح أن تمر صفقة القرن وشعبنا خياراته مفتوحة للدفاع عن مقدساته؛ وعلى رأسها المقاومة الشاملة ضد الاحتلال، والوقوف سدًا منيعًا ضد تصفية القضية الفلسطينية".
وتعهد هنية بالتصدي لمخطط لتهويد المسجد الأقصى أو تقسيمه زمانيًا ومكانيًا وانتزاع القدس من محيطها العربي والإسلامي" معتبرًا أن "هذه المرحلة هي الأخطر على القدس والمسجد الأقصى".
وفي السياق، تعهدت حركات الجهاد والجبهتان الشعبية والديمقراطية بإسقاط كل المؤامرات التي تتساوق مع صفقة القرن وتمسكت بالمشروع الوطني الفلسطيني، من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ولغاية اللحظة لم تطرح الإدارة الأميركية رسميًا خطتها "صفقة القرن"، بالرغم من الإعلان عن نيتها طرحها أكثر من مرة، واستمرت قراراتها وتوجهاتها بشأن القدس، واللاجئين، والمستوطنات، التي تشير إلى انتقالها إلى موقع الشريك لإسرائيل في سعيها لتصفية القضية الفلسطينية.
هذا وقال كبير موظفي البيت الأبيض وصهر الرئيس الأميركي ومستشاره، جاريد كوشنر، إن الإدارة الأميركية تعتزم الكشف عن تفاصيل الخطة الأميركية لتسوية القضية الفلسطينية، والمعروفة إعلاميًا بـ"صفقة القرن"، بداية حزيران/ يونيو المقبل، بعد انتهاء شهر رمضان.
وذكر كوشنر في تصريحات له خلال اجتماعه بمجموعة من سفراء للولايات المتحدة، أن الخطة تتطلب تقديم تنازلات من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مشددا على أنها "لن تعرض أمن إسرائيل للخطر".
ويتألف مقترح السلام من عنصرين رئيسيين: شق سياسي يتناول القضايا السياسية الجوهرية مثل وضع القدس وشق اقتصادي يهدف إلى مساعدة الفلسطينيين في تعزيز اقتصادهم، على حد تعبير كوشنر.
الجدير بالذكر أن السلطة الفلسطينية قطعت كل الاتصالات الرسمية مع إدارة ترامب، في كانون الأول/ ديسمبر 2017، على خلفية قرار ترامب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.
قد يهمك ايضا:
باتريك شاناهان يُحذر تركيا من شراء الصواريخ الروسية
وزير الدفاع الأميركي شاناهان يحمل رسائل غامضة في زيارته الأخيرة إلى العراق
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر