عدن - صالح المنصوب
اثناء الحرب في اليمن، تنامت ظواهر عدة حتى انها أصبحت خطرًا على تطبيق القانون، وظلت مستمرة حتى بعدالحرب من هذه الظواهر الإعدام خارج القانون وبشكل عرفي ، دون النظر الى تداعياتها وأطرها الاجتماعي في المستقبل ، هذا كان يحدث في اليمن سابقا بين اطراف قبليه ، لكنه اليوم تعاظم واصبح عادة وبإسرع وقت دون الرجوع الى التحقيق وجمع الادلة ، والأدهى ان يتم بساحه عامه اشبة بالتعزير.
بين فترة واخرى تتجدد هذه الظاهرة ولم تتوقف في محافظة الضالع جنوب الخاضعة لسلطة الشرعية المتمثلة بالرئيس هادي ومثلها في محافظات اخرى، لكنها شهدت خلال اسابيع اكثر من عملية اعدام عرفي ، وهذا يهدم دور مؤسسة الامن والنيابة والقضاء وينسف اسم القانون، وهذه واقعة لم تكن مألوفة من قبل، وأثارت ردود أفعال وتساؤلات عديدة وجدلا واسعا. وتجازف أسرة قتيل وتُلقي القبص على متهم بقتل ابنها بعد بحث استمر لثلاثة أيام، وفي صباح اليوم التالي تقود أسرة القتيل الجاني إلى وسط المدينة في الضالع لتنفذ فيه حق القصاص الشرعي عرفيا، أمام جماهير غفيرة من المواطنين، القضية كان سببها شجار عادي لكنها أثارت تعاطفا كبيرا، فالقتيل لقي حتفه برصاص مسلح على خلفية نقاش .
هكذا حدث الاعدام أمام مرأى من الناس في ساحة عامة بمدينة الضالع قام أهالي القتيل بتنفيذ عملية إعدامه رميا بالرصاص. كانت حادثة الچحافي قبل اسابيع الحادثة الثالثة التي تشهدها محافظة الضالع، منذ تحريرها قبيل عامين، وأثارت جدلا واسعا في أوساط الشارع بين مؤيد ورافض. محامون وناشطون حقوقون عبروا عن سخطهم لاستمرار تعطل أعمال النيابات والمحاكم، وبطء سير إجراءاتها، إضافة إلى دور السلطة الأمنية في تنامي الظاهرة، مطالبين برفع الوعي وسبل التغلب على كل الصعوبات، وحل الإشكاليات التي أدت لتنامي ظاهرتي العنف وأحكام الإعدام عرفيا.
المحامي عبدالعزيز المأني يقول أن غياب الدولة، وعدم نزاهة القضاء، واستمرار التقاضي لسنوات تصل 15 سنة، وظاهرة الرشوة وأتعاب التقاضي الأخرى، كل ذلك أسباب دعت المواطنين للجوء إلى القصاص بأنفسهم. لكن الناشط عبدالرحمن الفهد يرى أن تصاعد أعمال العنف والإعدامات خارج إطار القانون، في الضالع، نتيجة طبيعية لغياب المؤسسات القضائية، وتكدس الملفات الجنائية في مكتب نيابة الضالع، إضافة إلى فشل المؤسسات الأمنية في القيام بدورها في فرض الأمن وحماية الناس في أسواقهم وطرقاتهم.
ويؤكد عبدالرحمن ان تمكن عدد من نزلاء السجن والمتهمين بقضايا قتل من الفرار سابقا من محبسهم، وربما كان هناك تواطؤ مع بعضهم، وهو ما أفقد المواطن ثقته بالأمن وألجأه ذلك إلى طرق أخرى غير قانونية. واضاف الفهد حين تزور نيابة الضالع الاستئنافية، ستشاهد حجم الكارثة، وتعلم يقينا أن المجتمع لم يلجأ إلى هذه الوسائل إلا حين فقد ثقته بالمؤسسات القانونية التي أصبحت عاجزة عن تنفيذ أحكامها وفرض قراراتها.
اما الباحث الدكتور عبدالملك باعباد فيقول إن تنامي ظاهرة العنف المتزايدة لها أسباب كثيرة، ويسرد عددا منها والتي يأتي في أولويتها غياب الدولة والفوضى في التجنيد، والتي يرى أنها كانت من نصيب بعض الأفراد الذين كانوا ملاحقين أمنيا بجرائم ينكرها أبناء الضالع وكل عاقل، كما يقول. واشار الى إن إعطاء هؤلاء الأشخاص الثقة المطلقة في إصدار القرارات أثار شعورهم بأن ما يفعلونه من العنف والبلطجة هي الحل لأي مشكلة تقف في طريقهم، فارتأوا أن يستخدموا هذه الطريقة لأخذ ما يريدون من المواطنين بالقوة والعنف، في إشارة إلى عدد من الانتهاكات وحوادث القتل التي قام بها جنود من الأمن والجيش بحق مواطنين في الضالع.
ويؤكد باعباد أن المواطن نتيجة لذلك فقد ثقته بالأمن والقضاء، وفضل اللجوء إلى الأحكام العرفية لاستعادة مظلمته. ويضيف باعباد ان من الأسباب الى لجوء المواطنين إلى الأحكام العرفية، ضعف الأجهزة الأمنية وانعدام الخبرة الكافية. ومن الاسباب وراء ذلك التعصب والانتماءات السياسية الموجودة في الساحة، باتت تشجع أن يتحول ضحية الأمس إلى جلاد اليوم، وسعيه لإقصاء بعض الأطراف المتواجدة في الساحة، على حساب أخرى، وهذا سيوسع البؤرة ويزيد من مساحة العنف مستقبلا، ومنها التحريض الإعلامي للجماهير ضد أطراف معينة ربما سيجرها في نهاية المطاف إلى المزيد من العنف، ويسبب ضرر على الناس ويفقد الطرف الآخر ثقته برجال الأمن وأحكامهم، لأن الحكم هنا سيكون بحسب الانتماء. واوضح باعباد إلى أن اي انتماء أو تعصب بعض الأفراد لأشخاص معينين بدلا من الانتماء للوطن، وإدارة البلاد بجماعات مسلحة تابعة لفلان أو علان وعصابات متعارضة، كل ذلك ساهم في زيادة تعصب الأفراد لقياداتهم، فتنعدم الثقة وتنتشر العداوة فيما بينهم فيلجؤون إلى العنف.
كما يرى المحامي عبدالعزيز المأني أن الحل لهذه الظواهر يكون بتشكيل هيئة قضائية مستقلة بالمحافظة للقضايا الجنائية خاصة القتل، إضافة إلى تحديد فترة التقاضي، من سته أشهر إلى سنة إلا إذا استدعت القضية ولا يتجاوز إلى عام ونصف. حقوقين ومهتمين اعتبروا من يخالف القانون ويتهرب من القضاء، ويقوم بالقصاص بنفسه يعتبر مجرما، في جريمة منفصلة عن الجريمة التي ارتكبت بحق قريبه، وفي حال لم يتم إنشاء هذه الهيئة فيجب تفعيل القضاء المعمول به.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر