تتواصل المعارك العنيفة في محوري المحمودية وجعبر شرقي في ريف مدينة الطبقة غرب الرقة، بين تنظيم "داعش" من جانب، وقوات سورية الديمقراطية المدعمة من طائرات التحالف الدولي من جانب آخر، وسط قصف متبادل بين الطرفين، ما أسفر عن خسائر بشرية مؤكدة في صفوف الطرفين، وتجددت الاشتباكات في محاور عدة في ريف مدينة الباب الواقعة في ريف حلب الشمالي الشرقي، بين تنظيم "داعش" من جانب، والقوات التركية وفصائل "درع الفرات" من جانب آخر، وسط تجدد القصف الصاروخي من قبل القوات التركية على أماكن في المنطقة، ومعلومات عن مزيد من الخسائر البشرية في صفوف الطرفين.
وتدور اشتباكات عنيفة في محيط مطار التيفور العسكري في ريف حمص الشرقي، بين قوات الحكومة والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم "داعش" من جانب آخر، تترافق مع قصف متبادل بين الطرفين، في حين خرجت مظاهرة في مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي طالب المتظاهرون من خلالها بالحرية وإسقاط حكم بشار الأسد، وخرجت مظاهرات في مدينة إدلب ومدن وبلدات وقرى أخرى في ريف المدينة، طالب المتظاهرون فيها بالحرية وإسقاط حكم بشار الأسد بالإضافة لتوحيد الفصائل، وقُتِل شخص متأثراً بجراح أصيب بها جراء سقوط قذائف أطلقها تنظيم "داعش" على مناطق في حيي الجورة والقصور، الثلاثاء الماضي، ليرتفع إلى 3 هم مواطنة وطفل ورجل عدد القتلى الذين قضوا في القذائف ذاتها.
ودارت خلال الـ 24 ساعة الفائتة اشتباكات وصفت بالعنيفة بين تنظيم "داعش" من جهة، وقوات "درع الفرات" والقوات التركية من جهة أخرى، في محيط منطقة الأزرق قرب مدينة الباب الواقعة في الريف الشمالي الشرقي لحلب، إثر هجوم للتنظيم على المنطقة، ما أسفر عن إصابة نحو 10 من جنود القوات التركية بعضهم جراحهم خطرة، فيما وردت معلومات عن خسائر بشرية مؤكدة في صفوف مقاتلي الفصائل العاملة ضمن "عملية درع الفرات"، فيما سمع دوي انفجارات في منطقة الباب ناجمة عن قصف تركي استهدافه المدينة صباح الجمعة، على مناطق في مدينة الباب، فيما قُتِل رجل وطفل وسقط عدد من الجرحى، جراء قصف الطيران الحربي على مناطق في قرية أم الكراميل في ريف حلب الجنوبي، بينما قصفت قوات الحكومة بعدد من القذائف، مناطق في قريتي البويضة وجبل المدور في الريف الجنوبي لحلب.
وسُمع دوي انفجار في ريف حماة الشمالي، تبين أنه ناجم عن انفجار لغم بسيارة يستقلها قائد عسكري في فرقة مقاتلة، ولم ترد معلومات عن الخسائر البشرية حتى اللحظة، وقصفت قوات الحكومة مناطق في قرية جنين الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش" في منطقة اللجاة في ريف درعا الشمالي الشرقي، ولا معلومات عن إصابات، وسمعت أصوات انفجارات في جرود وادي بردى، تبين أنها ناجمة عن قصف جوي وصاروخي استهدف جرود قرية بسيمة بوادي بردى، في حين خرجت مظاهرة في مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية، طالب المتظاهرون خلالها الفصائل بالتوحد.
وتدور اشتباكات في محاور عدة في ريف الرقة الشمالي الغربي، بين تنظيم "داعش" من جهة، وقوات سورية الديمقراطية مدعمة بطائرات التحالف الدولي من جهة أخرى، وسط استهدافات متبادلة بين الطرفين، ومعلومات عن خسائر بشرية في صفوفهما، ما إن غاب ذيل قضية عبد الرحمن شداد المعروف بلقب أبي نمر السوري الذي فخخ طفلته فاطمة وفجَّرها وسط العاصمة دمشق، في الـ 16 من كانون أول / ديسمبر الجاري، حتى أطلَّ برأسه إصدار لتنظيم "داعش" بعنوان "حدثني أبي"، يظهر جانبًا من زرع الفكرة والتدريبات العسكرية والقتالية لمقاتلين أطفال من جنسيات سورية وآسيوية، وانتهى بهم الشريط لأن يكون ضحايا الاستغلال هم منفذو الإعدامات.
والإصدار الذي اعتمد على الأطفال بشكل كامل، موجهًا الحديث على لسان أطفال، ينقلون ما أخبره بهم سابقاً، آباءهم -المنضمين في وقت سابق لصفوف تنظيم "الدولة الإسلامية"، قبل مقتلهم، كما أظهر الشريط قياديًا ميدانيًا من جنسية غير سورية، وهو يشرح للأطفال المنضمين إلى "أشبال الخلافة"، كيفية اقتحام ثكنة عسكرية، ومن ثم عرض إصدارات سابقة للتنظيم من عمليات ذبح وقتل وإعدام بحق معتقلين أو أسرى لدى التنظيم، وأظهر الشريط عددًا من الأطفال بأسماء "طلحة التركي، أمين الشيشاني، صلاح الدين التركستاني، عبد العزيز القرغيزي، مسلم القرغيزي، وأبو إسماعيل الحمصي"، كما أظهر أحد شرعييه ويدعى أبو زيد المغربي وهو يعطي "درساً شرعياً" لعناصر التنظيم الأطفال، فيما عبر أحد الأطفال المقاتلين في التنظيم عن رغبته في "التدرب كثيراً حتى يصبح انغماسياً مثل أبيه".
وانتهى الإصدار الذي حمل عنوان "حدثني أبي"، بمشاهد أظهرها الشريط لعملية تدريب أطفال على "اقتحام منزل"، حيث جرى توزيع 6 أشخاص من المعتقلين والأسرى لدى تنظيم "داعش"، وقام أولهم بإطلاق النار على رأس شاب يدعى حسين الإيراهيم بتهمة "العمالة لصحوات الردَّة"، وهو مقيد في حمام داخل المبنى، بينما أعدم الثاني وهو رجل متقدم في السن، بتهمة أنه "عميل لمرتدي القوات الكردية"، فيما جرى إعدام الثالث والرابع على أنهما "عنصران من الحكومة" بإطلاق النار عليهما من اثنين من الأطفال المقتحمين للمبنى، كل على حدا، كذلك جرى إعدام رجل يدعى صلاح خضر الحسن بتهمة "أحد جنود صحوات الرِّدَّة"، بإطلاق النار عليه من قبل أحد "أشبال الخلافة" في المبنى ذاته، في حين أعدم آخر ويدعى اسماعيل الهرفيل بتهمة أنه من "مخابرات الحكومة الأردنية المرتدة"، حيث أظهر الشريط على أنه يقوم برمي نفسه من على مبنى مرتفع ليسقط على الأرض ويفارق الحياة مباشرة، بعد ملاحقته من قبل طفلين مقاتلين.
ولا نكاد نرى أية جهة كانت تعمل على الأرض السورية، إلا وتستغل الأطفال أيما استغلال، فمن استغلالهم عبر تفخيخهم وتفجيرهم، إلى استغلالهم إعلامياً، عبر إظهار التضامن مع طفلة سورية، فيما نفس اليد التي تحتضنها تقتل عشرات مثلها في مناطق سورية أخرى، وصولاً لاستغلالهم عسكرياً وأمنياً، عبر تجنيدهم للقتال، وإلزامهم باتباع نهج عسكري، عبر ربطهم بنزعة عاطفية تبقيهم قريبين من خط سير الجهة التي جندتهم.
يُشار إلى أن المرصد السوري لحقوق الإنسان نشر في الـ 27 من كانون الأول / ديسمبر الجاري من العام 2016، تقريرًا عن الطفلة المفخخة المفقود إسلام عبد الرحمن شداد، وجاء في التقرير"تحولت الطفولة السورية لتجارة، حيث أثقل كاهل الأطفال، الجهل واستمرار زرعه في كل عقل جديد، والجوع والحرمان والتشرد والموت الذي يولد من آلة القتل التي لا تكف عن حصاد أرواح السوريين وإزهاقها، وكأن الطفل والمواطنة والشاب والرجل السوري، كتب عليهم الشقاء إلى أن تشبع الأرض من جثثهم وإلى أن لا يجد المطر مجرى ساقية لمياهه إلا وتختلط بدم مسفوك على أرض هذه البلاد"، فهذه الطفولة يكاد لا يخبو لهيب التجارة بها، إلا وتعود للنهوض من الرماد، فمن قتل الأطفال الشبه يومي بطائرات بشار الأسد وفلاديمير بوتين إلى قتلهم على يد طائرات التحالف الدولي والقوات التركية إلى تجنيدهم في صفوف القتال من قبل معظم الجهات الحركات والتنظيمات المقاتلة على الأرض السورية، لحين التجارة بهم، وتعدت هذه التجارة حدود المعروف، لتنقسم في وقت متزامن إلى تجارتين، الأول إخفاء وتعتيم على قضية طفلة سورية تم تفخيخها وتفجيرها، والثانية هي المتاجرة الإعلامية وتسليط الضوء على طفلة سورية خرجت من الحصار في مدينة حلب.
فلا تزال الطفلة ذي الأعوام الثمانية، إسلام عبد الرحمن شداد ابنة عبد الرحمن شداد المعروف بلقب "أبي نمر السوري"، القيادي الأمني الذي كان يعمل تحت عباءة جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام)، واغتيل الأربعاء في حي تشرين عند أطراف العاصمة دمشق، بطلقات نارية أصابته بشكل مباشر وقتلته، ليبقى الغموض يلف مصير ومكان تواجد ابنته إسلام وزوجته أم نمر التي أكدت مصادر موثوقة للمرصد السوري لحقوق الإنسان أنها هي من ساعدته في عملية تفخيخ طفلتيهما فاطمة التي جرى تفجيرها عند غروب شمس الـ 16 من كانون أول / ديسمبر الجاري من العام 2016، وإسلام التي أكدت المصادر أنه جرى تفخيخها هي الأخرى ليتم تفجيرها في مكان آخر في العاصمة دمشق، إلا أن جرى العدول عن قرار تفجير الطفلة الثانية لأسباب غير معروفة حتى الآن، رجحت المصادر أنها قد تكون بسبب عدم تمكنها من الوصول للهدف المحدد.
وهزَّ هذا الحادث كل من تبقى له ضمير وسمع بها في هذا العالم، لكنها لم تهز ضمير المجتمع الدولي الذي لم يتطرق ولو للحظة للحديث عن الطفلة السورية فاطمة شداد وشقيقتها مجهولة المصير "إسلام شداد"، بل التفت للطفلة السورية بانا العابد، الخارجة من الحصار مع عائلتها، بعد أن كانت تغرد على موقع التواصل الاجتماعي تويتر برفقة والدتها، لتغادر حلباً التي حوصرت فيها، وتترك آلاف المشردين معها من المتجرعين للمصير نفسه ـ وتصل إلى أحد القصور الرئاسية ويستقبلها ويحتضنها رجب طيب أردوغان، في وقت متزامن هو الآخر مع مجزرة أزهقت أرواح 26 طفلاً و13 مواطنة من ضمن 104 مدنيين قتلتهم صواريخ وقنابل طائرات نظام رجب طيب أردوغان، الإعلام ترك أشلاء فاطمة وفتح عدسات كاميراته على جسد بانا.
وبقيت إسلام مفقودة، مجهولة المصير، بين قتل شقيقتها عبر تفخيخها من قبل والديها، وبين بانا العابد التي احتضنها الرئيس التركي أردوغان بعد تغريدات على موقع تويتر، تماماً كما بقي أطفال مدينة الباب في مجزرة المئة شهيد مغيبين بين قصة بانا الخارجة من الحصار، واستمرار غفوة المجتمع الدولي وصمم وعميان الإعلام العالمي، الذي قاده الانحطاط إلى أن يدفن قضية الطفلة فاطمة عبد الرحمن شداد، التي يتخوف السوريون اليوم في وسط هذا الجهل المتعمد والذي ينشر بأيادٍ تدري ما تفعله اليوم وغداً ولمستقبل بلاد أنهكتها الحرب، يتخوفون من أن تصبح منهجاً وثقافة وتنتشر على نطاق واسع.
ففي الـ 16 من كانون أول / ديسمبر من العام 2016، وبعيد الساعة الرابعة بتوقيت دمشق، يهزُّ انفجار عنيف حًيا دمشقيًا يقبع في منتصف المدينة، إنه حي الميدان، وتتضارب المعلومات في البداية في طبيعة الانفجار بالضبط، الذي حدث داخل قسم شرطة الميدان، تمر الدقائق ولا تزال المعلومة الدقيقة مجهولة، من عبوة ناسفة، إلى تفجير شخص لنفسه بحزام ناسف إلى تفجير مواطنة متسولة لنفسها في قسم الشرطة، لتظهر جثة طفلة وليأتي الخبر اليقين في شريط مصور، وتعدّ فاطمة ابنة عبد الرحمن شداد الملقب بأبي نمر السوري، طفلة سورية تبلغ من السنوات تسعًا، تظهر في الشريط المصور الذي وردت منه نسخة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، مع أختها إسلام التي تنقصها بنحو سنة من العمر، وسيدة مخفية الوجه تقبلهم قبل أن تمضي الطفلتان في طريقهما الذي رسمه والدهما، بعد أن أحاط خصريهما بحزامين ناسفين.
ويوضح المرصد أن أبو نمر السوري هو من سكان المنطقة الواقعة بين حيي برزة والقابون الواقعين عند أطراف العاصمة دمشق، انضم في البداية إلى صفوف جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام)، ثم ترك الأخير لينضم إلى صفوف تنظيم "داعش" في غوطة دمشق الشرقية، قبيل المعارك التي دارت بين الفصائل العاملة في الغوطة الشرقية وتنظيم "داعش" وطرد الأخير من الغوطة، ليترك بعدها أبو نمر العمل التنظيمي مع تنظيم "داعش"، ويعود وينضم إلى حركة أحرار الشام الإسلامية"، ويعمل معهم في قطاع القابون في الأطراف الشرقية للعاصمة دمشق، كـ "قيادي أمني"، وأكدت المصادر للمرصد أن سبب عمله كأمني في حركة أحرار الشام، هو نتيجة لخبرته وعلاقاته داخل العاصمة دمشق.
وعاد أبو نمر السوري لفك ارتباطه بالحركة، والعمل بشكل مستقل تحت عباءة وحماية جبهة النصرة "جبهة فتح الشام" حاليًا، حيث أكدت مصادر مقربة من أبو نمر السوري، أنه لا يظهر إلا قليلاً، ولا يخرج من مكان تواجده إلا ليلاً، ويرتدي حزامًا ناسفًا بشكل دائم، وأن الشريطين المصورين جرى تصويرهما من قبل أبو نمر وزوجته، وهما الشريطان اللذان ظهر فيهما أبو نمر السوري وزوجته وطفلتيهما فاطمة التي فجرت نفسها بقسم شرطة الميدان، وإسلام التي كانت قد دُفعت لتفجير نفسها، إلا أن الخطة المرسومة لها لم تنجح فجرى العدول عن قرار تفجيرها لنفسها.
وما يحزننا في المرصد السوري لحقوق الإنسان، الآن أكثر من أي وقت مضى، وما صدمنا حقيقة الأمر، أن المجتمع الدولي لم يعد في موقف المتفرج، فهو بصمته المتواصل وصم آذانه عن صرخات السوريين وآلامهم، إنما يكون شريكًا أساسيًا في المجازر والجرائم والقتل والانتهاكات التي تسفك الدماء السورية البريئة على أرض وطنها، وساعد في ذلك الإعلام المتعامي ليس فقط عن قضية الطفلة فاطمة عبد الرحمن شداد، وإنما عن قضية شقيقتها إسلام وقضايا عشرات ومئات آلاف المشردين من الأطفال والنساء والرجال والمسنين، وقضية المئات من "أشبال الخلافة" و"أشبال" الحركات والجهات والمنظمات والجيوش المتواجدة على الأراضي السورية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر