خصصت الأمم المتحدة هذا الأسبوع لنزع السلاح، غير أن نزع السلاح في اليمن أضحى من المستحيل، بعد أن تعمق كثقافة متجذرة في الشعب اليمني، وجزءا من القبيلة اليمنية، فظاهرة حمل السلاح في اليمن، تتفرد عن العالم.
ويرى الكثير من سكان اليمن أن حمل السلاح عادة قبلية لا يجوز التخلي عنها ويعتبرها من أهم رموز القبيلة اليمنية ومن الموروثات الشعبية التي يجب التمسك بها والدفاع عنها مهما كانت الأخطار التي تؤثر على المجتمع اليمني .
وتعد ظاهرة حمل السلام في اليمن من العادات التي لا تمنعها الدولة ولم تستطع مواجهاتها لكثرة امتلاك المدنيين السلاح الشخصي حيث لم يتخلوا عنه أبدًا. ويحصل المدنيون على قطع السلاح من الأسواق الخاصة ببيع السلاح وتنتشر بكثافة في المحافظات اليمنية ويتم بيع قطع السلاح بكل حرية وأمان أمام عيون الدولة اليمنية.
محمد عبدالرب يرى في سلاحه رجولته وعزته وكرامته، فهو لا يفارقه لحظة واحدة، ولا ينام إلا إذا وضعه عند رأسه، ويقول محمد (18عامًا ) إن سلاحه (الآلي) أصبح شيئًا من جسده لا يستغني عنه، بل أكثر من صديقه، ولا يأبه محمد لقانون الدولة، ويرى ثقافة حمل السلاح فوق الدولة والقانون.
وأكد أنه تربى مع السلاح منذ نعومة أظافره وأصبح جزءًا لا يتجزأ منه، ويوافقه أحمد عوض الذي يسكن أحد المناطق القبلية في محافظة الجوف شمال شرق البلاد، حيث لا يحضر للدراسة في مدرسته الإعدادية إلا وسلاحه على كتفه، وكذلك يفعل زملاءه ومعلموه ، ويبررون ذلك بسبب الثأر .
ويرى أحمد سعيد أن السلاح في اليمن أصبح في كل منزل وأصبح أغلب السكان اليمنيين يمتلكون أكثر من قطعة سلاح، مؤكدًا أن ظاهرة حمل السلاح من الظواهر التي يصعب استئصالها والتي ستكلف الحكومة الشرعية مئات المليارات للتعامل مع المدنيين، ونزع السلاح منهم .
وتنشر ميليشيا الحوثي ظاهرة العنف والقتل ببن المجتمع اليمني، وتوزع قطع السلاح، بين الأطفال والشباب كما تسمح بالتنقل به بين العامة معتبرة ذلك من أساليب الدفاع عن النفس.
وتدرب المليشيات الحوثية المئات من الأطفال على حمل السلاح واستخدامه، في معسكراتها، ومن ثم استخدامهم في جبهات القتال ضد القوات الحكومية.
يقول صلاح سعيد 13عامًا أنه تدرب على حمل السلاح على يد مليشيات الحوثيين في مديرية نهم شرق العاصمة صنعاء من أجل الذهاب الى جبهة القتال ضد قوات الجيش الوطني، وأكد أنه تعلم على كل الأسلحة الخفيفة وأصبحت بالنسبة له روتينًا يوميًا .
وتنتشر أكثر من 60 مليون قطعة سلاح في اليمن وفق آخر احصائية دولية لعام 2008وتزداد أعدادها ارتفاعًا يومًا بعد اخر حيث تتجاوز أضعاف أعداد السكان خصوصًا بعد الاستيلاء على المعسكرات من قبل المدنيين بعد دخول الحوثيين صنعاء في عام 2015، ويرى الناشط المدني محمد محمود أن السلاح في اليمن يزداد ارتفاعًا يومًا بعد آخر وقد يكون ضعف الأعداد عن الأعوام السابقة، وأضاف أن ظاهرة حمل السلاح في اليمن، وكانت قد بدأت تختفي في عهد الرئيس اليمني إبراهيم الحمدي 1978 م ، والذي عمل على معاقبة كل من يحمل السلاح، ومنع إطلاق الأعيرة النارية في كل البلاد، وبعد اغتياله عادت الأسلحة إلى متناول المدنيين بشكل كبير، حيث يشترونها معظم الأحيان من البقالات .
ولم يكن أحمد الراشدي يعلم أن السلاح الذي في يده مليئًا بالرصاص بعد إبعاد مخزن الرصاص منه، وبقت طلقة رصاص في قلب سلاحه وظل أحمد ينظف سلاحه ثم وجهه نحو أذنيه ولكن كانت المفاجئة أن خرجت رصاصة اردته قتيلا على الفور بحسب أسرته .
يقول الناشط والكاتب الصحفي مالك قايد ان تزايد عمليات الاغتيال جاءت بسبب حمل السلاح وسط المجتمع المدني حيث اصبح المظلوم يصفي حسابه بنفسه بدون الرجوع الى الدولة في وقت تشهد اليمن ضياع الأمن والقانون العادل او المنظومة القضائية العادلة، وأضاف مالك أن نسبة القتل الخطأ في اليمن تشهد ارتفاعًا كبيرًا بسبب توفر السلاح بيد صغار السن وعدم قدرتهم على استخدامه وتوجيهه الى أصدقائهم وأهلهم بنوع من المزاح، كما أن السلاح السبب الوحيد وراء زيادة معدلات الجريمة في البلاد، مؤكدًا أنه لا تكاد يخلو يوم في اليمن من القتل الخطأ او العمد أو الاغتيال وسط أفراد المجتمع اليمني، وذلك بسبب تفشي ظاهرة حمل السلاح الذي أصبح شراؤه متوفرًا بأسعار لا تتجاوز ثلاثمائة دولار .
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر