بعد أربعة أعوام من الحرب الأهلية في اليمن تعين الأمم المتحدة المبعوث الأممي الثالث على التوالي إلى البلاد، بعد فشل المبعوثين السابقين في الوصول الى حل سلمي للأزمة اليمنية التي اندلعت مطلع العام 2015، عقب انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية، بدعم من الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، والسيطرة على المحافظات اليمنية.
ووافق مجلس الأمن الدولي، الخميس على تعيين البريطاني مارتن غريفيث مبعوثا أمميا خاصا إلى اليمن خلفا للموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ليكون بذلك ثالث وسيط خلال سبع سنوات يكلف بملف النزاع اليمني، وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قد أبلغ مجلس الأمن، الثلاثاء، في رسالة بقراره تعيين غريفيث مبعوثًا أمميًا خاصًا إلى اليمن، خلفًا لولد الشيخ أحمد، الذي رفض البقاء في منصبه بعد انتهاء ولايته.
وكانت لدى أعضاء مجلس الأمن الدولي مهلة، تنتهي الخميس في الساعة العاشرة ليلاً، بتوقيت غرينتش للاعتراض على هذا التعيين، وقد وقع الخيار على الوسيط البريطاني بعد أسابيع من المشاورات، وقال غوتيريش في رسالته إلى مجلس الأمن، إن غريفيث -الذي يدير مؤسسة "المعهد الأوروبي للسلام"، ومقرها في بروكسل- يتمتع "بخبرة طويلة في حل النزاعات والتفاوض والتوسط والشؤون الإنسانية"، وسيؤدي مهمته الجديدة في بلد يعاني "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، بحسب تقييم الأمم المتحدة.
ولم يتوصل المبعوث الأممي السابق اسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي عيّن في أبريل/نيسان 2015 إلى أي نتيجة لإنهاء النزاع بين الحوثيين والحكومة اليمنية الشرعية المدعومة، من التحالف العربي بقيادة السعودية، وقد أبلغ الأمم المتحدة أنه لا ينوي البقاء في منصبه، بعد انتهاء ولايته الحالية في فبراير/شباط 2018.
وكان المغربي جمال بن عمر سلف المبعوث الموريتاني، استقال في أبريل/نيسان 2015 بعد فشل جهود دامت أربع سنوات للتوصل إلى عملية سياسية انتقالية، ويعتبر المبعوث الاممي الجديد من روّاد الوساطة الدولية، ويمتلك خبرات كبيرة في العمل بالأمم المتحدة بمجال الشؤون الإنسانية والسياسية، وغريفثت وسيط دولي من الطراز الأول، وهو أول مدير تنفيذي للمعهد الأوروبي للسلام، من 1999 إلى 2010، وكان المدير المؤسس لمركز الحوار الإنساني في جنيف (hd) حيث تخصص في تطوير الحوار السياسي بين الحكومات والمتمردين في مجموعة من البلدان في آسيا وأفريقيا وأوروبا، وبين عامي 2012 و2014، عمل في مكاتب المبعوثين الثلاثة للأمم المتحدة في سورية، كمستشار للوساطة لكوفي عنان ونائب رئيس بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سورية.
كما كان مارتن أيضا أحد المؤسسين لشركة إنترميديات، وهي مؤسسة خيرية مقرها لندن تعمل على حل النزاعات والتفاوض والوساطة، وشغل منصب منسق الشؤون الإنسانية الإقليمي للأمم المتحدة في منطقة البحيرات الكبرى والمنسق الإقليمي للأمم المتحدة في البلقان برتبة أمين عام مساعد للأمم المتحدة.
(آمال اليمنيين في المبعوث الأممي الجديد)
يضع الشعب اليمني أماله في المبعوث الأممي الجديد لحل الازمة اليمنية التي تبدو الاكثر تعقيدا على الاطلاق بحسب دبلوماسيين غربيين، أكدوا أنه لاتوجد أي مؤشرات لحل الأزمة اليمنية قبل عام 2022، بعد تفاقم الصراع المسلح بين جماعة الحوثي المدعومة ايرانياً وقوات الحكومة الشرعية، مسنودة بقوات التحالف العربي المشترك الذي تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وغيرها من الدول العظمى لاستعادة السيطرة على الاراضي اليمنية، في وقت اعتبر الكثير من المحللين السياسيين الحرب في اليمن، انها حرب بالوكالة بين ايران والسعودية.
ويقول الناشط السياسي مبارك الراعي أنه يأمل أن يجد المبعوث الاممي الجديد مارتن غريفيث حلا سياسيا للازمة اليمنية للحد من موجات القتل والموت التي تحيط باليمنيين على مر الايام السابقة، واضاف مبارك ل"العرب اليوم" أن سبب فشل ولد الشيخ في حل الازمة اليمنية هو تمسك اطراف الصراع بشروطهم المطروحة وعدم تقديم اي تنازلات من اجل الوصول إلى حل سياسي.
وأعلن إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الأممي إلى اليمن أن خليفته «سيجد خريطة طريق مبلورة وواضحة وهي مبنية على أسس محددة»، وأضاف ولد الشيخ أن المبعوث المقبل «سيقوم بالتحضير لجولة جديدة من المحادثات تبدأ بلقاءات ومشاورات جديدة بين (الحوثيين) و«حزب المؤتمر الشعبي العام» الذي كان يتزعمه الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وتستضيفها سلطنة عمان، مع التأكيد على الحل السلمي والسياسي بين الأطراف وضرورة تقديم تنازلات من الطرفين للوصول إلى تسوية سلمية موجهاً دعوته للشعب اليمني وكافة الأطراف للحل السلمي والرجوع لطاولة المباحثات».ع الجارية هناك.
(تعنت الحوثيين )
فيما عزت الحكومة اليمنية إلى أن السبب الوحيد لفشل ولد الشيخ في احلال السلام هو تعنت الحوثيين، وأفاد: الناطق باسم الحكومة الشرعية "راجح بادي" في تصريحات صحفية" ان «الشرعية اليمنية قدمت كل التسهيلات والتنازلات لإنجاح مهمة اسماعيل ولد الشيخ»وأوضح أن أن «تعنت الحوثيين منع ولد الشيخ من إحراز أي تقدم في حل الأزمة اليمنية».
وكانت جماعة الحوثيين قد تراجعت عن إجراء أية مفاوضات مع الأمم المتحدة، حتى انتهاء فترة المبعوث الأممي الحالي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، رغم موافقتها السابقة على ذلك، بهدف إحياء مشاورات السلام اليمنية.
وذكرت وسائل اعلامية إن وفد جماعة الحوثي، المتواجد في العاصمة العمانية مسقط، رفض عقد أي مفاوضات مع ولد الشيخ ونائبه، معين شريم، واشترطوا التفاوض مع المبعوث الجديد البريطاني، مارتن غريفثت، وتجدر الإشارة أن غريفثت من المقرر أن يتسلم مهامه رسميا مطلع مارس/آذار المقبل.
ونهاية يناير الماضي، أبدت الجماعة في رسائل بعثها وزير خارجية حكومتها، غير المعترف بها دوليا، هشام شرف، للأمم المتحدة، استعدادها للتفاوض مع المنظمة الدولية.
التفاوض كان من المقرر أن يتم في مسقط من طرف واحد، وبدون مشاركة الحكومة اليمنية، خلال فبراير الجاري، وجاءت الموافقة الحوثية، آنذاك، عقب زيارة قام بها نائب المبعوث الأممي معين شريم ، إلى صنعاء، في 5 يناير/كانون ثان الماضي، ولقاءه عددًا من قيادات الجماعة، وقبل أن يعلن ولد الشيخ اعتزامه عدم مواصلة مهامه في الملف اليمني.
وقال المبعوث الأممي لدى اليمن إسماعيل ولد الشيخ بأن جماعة الحوثيين أبدت ترحيبها لاستئناف عملية السلام في البلاد، خلال أقرب فرصة ممكنة، وكان معين شريم، نائب المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ،قد زار العاصمة اليمنية صنعاء، مطلع يناير/كانون ثان الماضي لبحث سبل استئناف المفاوضات، مع قيادات “الحوثيين” والتقى بمسؤولين في حكومة الحوثيين لبحث سبل استئناف المشاورات ،وقال ولد الشيخ في تغريدات له على صفحته الرسمية بموقع «تويتر»، إن نائبه معين شريم «اجتمع في صنعاء مع مسؤولين سياسيين في حركة أنصار الله، والمؤتمر الشعبي العام وجهات سياسية أخرى فاعلة وقادة من المجتمع المدني»، وقال إن شريم ، رحّب بالتشجيع الذي لقيه، من التزام الحوثيين وتعاونهم لاستئناف عملية السلام في أقرب فرصة ممكنة، وأضاف «أدعو الأطراف الى اعتماد خطاب يعلي مبادئ المصالحة والشراكة والسلام والتوافق وحسن الجوار، وهذا أمر أساسي لمساعدة الشعب اليمني على تحقيق ما يصبو اليه من حياة آمنة ومستقرة وكريمة» لكنه لم يكشف عن الحلول والشروط التي وضعتها الجماعة لاستئناف المفاوضات مع الحكومة الشرعية.
(يمن يكاد ان يكون ولى عن الوجود)
وقال تقرير لجنة الخبراء التابع للأمم المتحدة اليوم امس الخميس، إنه وبعد قرابة ثلاث سنوات من النزاع، يكاد، يكون اليمن قد ولى عن الوجود، وأفاد التقرير إنه "بدلاً من دولة واحدة هناك دويلات متحاربة،واكد التقرير إن الحوثيين احكموا قبضتهم على صنعاء وشمال اليمن، بعد مواجهات استمرت عدة أيام أعدموا في نهايتها حليفهم صالح.
أما في الجنوب، فإن حكومة الرئيس هادي أصابها الضعف جراء انشقاق عدد من المحافظين وانضمامهم إلى المجلس الانتقالي الذي شكل مؤخراً ويدعو إلى إنشاء "جنوب يمني مستقل"، واشار التقرير فإن الحكومة تواجه تحد، وهو وجود قوات تعمل بالوكالة تسلحها وتمولها الدول الأعضاء بالتحالف الذي تقوده السعودية وتسعى إلى تحقيق أهداف خاصة بها في الميدان، وقال "مما يزيد ديناميات المعركة تعقيداً هو وجود جماعات إرهابية، كتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية و"داعش"، وكلاهما يواجهان ضربات بصورة روتينية ضد أهداف حوثية وحكومية وأهداف تابعة للتحالف الذي تقوده السعودية.
وذكر التقرير إن انتهاء تحالف الحوثيين وصالح، وضع فرصة أمام التحالف والقوات الموالية لحكومة اليمن لاستعادة الأرض، وتابع "من غير المتحمل أن تستمر هذه الفرصة السانحة فترة طويلة أو أن تكون كافية بحد ذاتها لإنهاء الحرب" مؤكدا إن "إطلاق قذائف على السعودية من شأنه أن يغير مجرى النزاع من محلي إلى نزاع إقليمي أوسع نطاقاً".
واتهم التقرير جميع الأطراف في اليمن، طوال ٢٠١٧ انتهاكات على نطاق واسع للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان"، وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (أوشا)، فإن حوالي 22.2 مليون يمني (76% من السكان) بحاجة لمساعدة، في حين يواجه 8.4 ملايين خطر المجاعة، وتوفي أكثر من 2200 شخص بسبب وباء الكوليرا الذي يضرب اليمن منذ أبريل/نيسان 2017، بحسب منظمة الصحة العالمية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر