الحديدة - حسام الخرباش
أكّد مصدر دبلوماسي، أن بريطانيا قدّمت مشروع بيان رئاسي إلى مجلس الأمن يدعو لنشر مراقبين دوليين في موانئ اليمن، خصوصاً الحديدة، وفتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية لأغراض إنسانية، لكن روسيا عطّلت صدور البيان بسبب ما تضمّنه من مطالب تنتقد انتهاكات الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي صالح وتفرض عليهم التزامات سياسية.
واعترضت روسيا، وفق مصادر المجلس، على فقرة في مشروع البيان تدعو الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح إلى وقف إطلاق الصواريخ الباليستية على المملكة العربية السعودية وتهديد السكان المدنيين، وسعت روسيا إلى شطب فقرات تطلب من تحالف الحوثي- صالح الانخراط في بحث المقترحات الأخيرة التي حملها المبعوث الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، في شأن ميناء الحديدة وتسوية مشكلة دفع الرواتب، وهو ما شكل عقبة إضافية أمام صدور البيان.
وتمسكت مصر بإصدار إدانة واضحة في البيان للانتهاكات التي يرتكبها تحالف الحوثي- صالح، والإبقاء على الفقرات التي تلزم هذا التحالف بحث المقترحات الأممية، ومن بينها نشر مراقبين دوليين في ميناء الحديدة، وفق مصادر المجلس التي رجحت أن يستغرق بحث مشروع البيان أياماً إضافية "مع استبعاد التوصل إلى توافق في شأنه".
ويحدد مشروع البيان خريطة طريق لترتيبات جديدة كان اقترحها إسماعيل ولد الشيخ، ورفض تحالف الحوثي– صالح بحثها، وبينها "نشر آلية مراقبة إضافية للأمم المتحدة في الحديدة ومرافئ أخرى، لتسهيل تدفق البضائع والمساعدات، والمساهمة في تجنب أعمال التهريب للمواد غير المشروعة"، كما يشدد مشروع البيان على ضرورة إجراء تحالف الحوثي– صالح تحقيقاً في الاعتداء الذي تعرض له موكب ولد الشيخ في صنعاء "ومحاسبة مرتكبيه" ويدين هذا الاعتداء بقوة، ويطلب من كل الأطراف في اليمن "ضمان وصول المبعوث الخاص إلى كل مناطق اليمن من دون معوقات"، ويدعو مشروع البيان "كل الأطراف إلى الانخراط في شكل بنّاء في بحث مقترحات المبعوث الخاص الأخيرة، لزيادة وصول شحنات البضائع عبر موانئ البحر الأحمر، والترتيبات الجديدة لإدارة ميناء الحديدة".
ويعتبر أن هذه المقترحات ستكون بمثابة إجراءات بناء الثقة بين الأطراف، تسهل العودة إلى المحادثات السياسية، كما يؤكد المجلس أنه سيواصل دعم جهود المبعوث الخاص إسماعيل ولد الشيخ أحمد لجلب الأطراف إلى طاولة المفاوضات بهدف التوصل سريعاً إلى اتفاق نهائي شامل ينهي النزاع في اليمن، ويدعو الأطراف إلى الموافقة فوراً على أسس وقف دائم للأعمال القتالية. كما يجدد دعوة الأطراف إلى الانخراط في محادثات السلام بطريقة مرنة وبناءة ومن دون شروط مسبقة.
ويذكّر المجلس بأن "المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن تشكل أسس مفاوضات شاملة للتوصل إلى تسوية سياسية، ويعرب عن القلق تجاه الاستمرار في عدم تطبيق هذه القرارات"، وتحول ميناء الحديدة غربي اليمن إلى عقدة رئيسية في طريق حل الأزمة اليمنية، فالمرفأ الاستراتيجي، بات بوصلة هامة في رسم مستقبل البلد، قد ترسوعليه سفينة السلام المنتظرة منذ عامين، أو يكون سببا لاندلاع معركة جديدة على سواحل البحر الأحمر، وخلال الأيام الماضية، حمل المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، خارطة سلام جديدة لليمن مفتاحها الميناء الخاضع لسيطرة الحوثيين منذ أواخر 2014، وأكبر المرافئ اليمنية في الساحل الغربي على البحر الأحمر.
وظل التحالف العربي يلوح مرارا باستعادة الميناء من أجل تأمين ممرات الملاحة الدولية، فيما كانت الأمم المتحدة تقف كحائط صد للحيلولة دون اندلاع تلك المعركة لما لها من تبعات انسانية كبيرة على البلد المنهك، وتخلت الأمم المتحدة عن"انسحاب الحوثيين من صنعاء" كشرط لتوقيع اتفاق سلام، واستبدلته بميناء الحديدة، وارتكزت خارطة ولد الشيخ حول الميناء على شقين، الأول "عسكري" ينص على تشكيل لجنة من قيادات عسكرية محايدة مقبولة من طرفي النزاع ولم يكونوا طرفا في الحرب يتولون ضبط الأمور الأمنية والعسكرية، والثاني "اقتصادي"، ينص على تشكيل لجنة اقتصادية مالية توكل إليها التعامل مع كل ما يصل الميناء من مداخيل، وستقوم اللجنة الاقتصادية، بتسهيل دخول البضائع والإغاثات، وتضمن إيصال الإيرادات إلى البنك المركزي من أجل ضمان صرف الرواتب وعدم استخدام تلك الإيرادات في الحرب أو في منافع شخصية، وفقا لما ذكره المبعوث الأممي أمام مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي.
ويعتقد المبعوث الأممي أن خارطته وازنت بين مطالب طرفي النزاع، فالبنسبة للتحالف، تضمن الخطة أن الميناء لن يستخدم في تهريب السلاح وتهديد الملاحة، وبالنسبة للحوثيين، لن يسلّم الميناء لخصومهم من التحالف والقوات الحكومية من أجل إدارته.
وقوبلت خارطة ولد الشيخ بامتعاض من قبل الحوثيين وخصوصا ما ورد في إحاطته أمام مجلس الأمن، لكنها في المقابل وجدت ترحيبًا كبيرًا من التحالف العربي المساند للحكومة الشرعية والذي تقوده السعودية، إذ اعتبر التحالف أن الدعوة إلى "تسليم ميناء الحديدة لجهة محايدة" تؤكد مطالبه السابقة التي نادت بضرورة "تسلم الأمم المتحدة مسؤولية الإشراف على الميناء من أجل حماية اليمنيين من عمليات تهريب الأسلحة من قبل الحوثيين ومصادرة المساعدات الإنسانية"، وتسببت إحاطة ولد الشيخ في مجلس الأمن، وحديثه عن إيرادات ميناء الحديدة المستخدمة حاليًا في تمويل الحرب والمصالح الشخصية، بتعرّضه إلى هجوم جديد من قبل الحوثيين الذين يتهموه بعدم الحياد.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر