طرابلس- اليمن اليوم
طرحت السلطات الليبية في العاصمة طرابلس، برنامجًا يستهدف إصلاح بعض تشوهات اقتصاد البلاد المعتمد على النفط، من خلال فرض رسوم على المعاملات بالعملات الأجنبية، وسمح البرنامج لكل مواطن بتحويل مبلغ 10 آلاف دولار سنويًا بالوسائل المتاحة ، ولم يسلم البرنامج، الذي أعلنه رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، المدعوم من الأمم المتحدة ويتضمن 11 بندًا، من انتقادات حادة من الفرقاء السياسيين، لكن كثيرًا من الاقتصاديين استقبلوه بتفاؤل نادر.
وأعلن السراج خلال اجتماع ضم محافظ مصرف ليبيا المركزي الصدّيق الكبير، "المعترف به دوليًا" ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ونائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق، الخطوات التنفيذية لتحقيق البرنامج، الذي يتضمن تعزيز سعر صرف الدينار عبر فرض رسوم على مبيعات النقد الأجنبي للأغراض التجارية والشخصية.
و تستهدف الرسوم الجديدة الحد من الدين العام وتوفير التمويل لصيانة المرافق ودعم الخدمات العامة، كالتعليم والصحة والمواصلات، على أن يتولى رئيس المجلس الرئاسي ومحافظ مصرف ليبيا المركزي تحديد مقدار الرسم الذي يُفرض ، ويهدف هذا القرار وفقًا للخبراء، إلى تقليص الفجوة بين سعر الصرف الرسمي للعملة المحلية البالغ 1.4 دينار للدولار والسعر في السوق الموازية الذي يتجاوز سبعة دنانير من وقت إلى آخر.
ورأى الرئيس الأسبق للمؤسسة الليبية للاستثمارمحسن الدريجة، أن الرسوم الجديدة "يمكن اعتبارها خطوات من مجموعة خطوات يحب أن تتخذ لإصلاح الاقتصاد البلاد"، لكنه قال إن "السوق الموازية في ليبيا اعتادت البيانات والقرارات التي لا تنفذ ولهذا ، سيكون تعامله مع القرار حذرًا" ، ورأى الدريجة في حديث إلى "الشرق الأوسط"، أنه "في حال تفعيل القرار سينخفض سعر الدولار في السوق الموازية ، مما يترتب عليه توفر السيولة، وتحسن الحياة اليومية للمواطنين".
وتطرق الخبير الليبي للحديث عن بعض الجوانب التي قد تكون لها آثار سلبية، وتتمثل في "عودة جزء كبير من الرسوم إلى تصرف الحكومة، وهذا قد يرفع الإنفاق ، وهو الأمر الذي سيزيد من عرض الدينار، ويحول دون انخفاض سعر الصرف تدريجيًا نحو السعر الرسمي 1.4" ، وانتهي دريجة إلى أنه "يمكن خفض الرسوم تدريجيًا على المعاملات بالعملات الأجنبية، إذا ما ضُبطت سياسة إنفاق الحكومة، وتوقف تمويل ميزانية حكومة البيضاء في شرق البلادمن المصارف التجارية، وما ينتج منه من نمو للدين العام".
وتتصارع حكومتان على السلطة في ليبيا، الأولى في طرابلس برئاسة السراج وتحظى بدعم أممي، والأخرى في مدينة البيضاء "شرق البلاد" منبثقة عن مجلس النواب المنتخب سنة 2014،بالإضافة إلى مصرف مركزي منقسم بين المقر الرئيسي، المُعترف به دوليًا، في العاصمة ، الذي تذهب إليه إيرادات النفط، ويترأسه الصدّيق الكبير، وآخر موازٍ ويديره علي الحبري، في البيضاء ، واستثنى قرار المجلس الرئاسي من الرسوم المفروضة على مبيعات النقد الأجنبي "مخصص أرباب الأسر"، وأكد على أنه تسري أحكامه "على طلبات شراء النقد الأجنبي كافة التي لم يتم البت فيها من قبل مصرف ليبيا المركزي قبل صدور قرار قرض الرسوم ، كما تسري على حوالات العاملين المغتربين بالنسبة لمرتباتهم المستحقة بعد صدور هذا القرار".
ويسمح القرار "لكل مواطن بتحويل مبلغ 10 آلاف دولار سنويًا بالوسائل المتاحة، عملًا بالضوابط والأعراف الدولية"، مع "رفع سقف الحوالات لأغراض العلاج والدراسة، على أن يتم التحويل إلى حساب المستشفيات والجامعات والمدارس مباشرة".
وقال نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق، إن قرار الإصلاحات الاقتصادية جاء "بعد جهود مضنية استمرت أكثر من عامين إلى أن وفقنا لتوقيع الحزمة الأولى منها"
وأضاف معيتيق في تصريحات صحافية "نأمل أن يكون ذلك بداية لقرارات أخرى تتخذ في الأيام المقبلة لرفع المعاناة عن المواطن، وانخفاض أسعار السلع الأساسية وقطع الطريق أمام السماسرة" ، غير أن الرئيس السابق لسوق الأوراق المالية، سليمان الشحومي، قال إن قرار المجلس الرئاسي، الذي تضمن بشكل أساسي فرض رسوم علي مبيعات النقد في شكل حوالات "لم يحدد مقدار الرسم، وسيتم ذلك بقرار لاحق بالتنسيق بين المحافظ ورئيس المجلس الرئاسي"، منوهًا إلى أن "التوقعات تشير إلى أن سعر صرف الدولار وفق قرار فرض رسوم على مبيعات النقد الأجنبي يتراوح من 4.2 إلى 4.5 للدولار كبداية، ثم يتقلص تدريجيًا".
وأضاف الشحومي عبر حسابه على "فيسبوك"، "بغض النظر عن التحفظات بشأن قانونية إصدار هذا القرار واحتمال تعثره ، فإنه تظل هناك بعض الملاحظات على القرار، منها، أن "القرار يطبق على مرتبات العاملين الأجانب في ليبيا بالسعر الجديد"، لافتًا إلى أن رفع مخصصات الأسرة بالسعر الرسمي "1.4 للدولار" بمقدار 500 دولار عن العام الحالي، "سيعمل على استمرار ازدهار السوق الموازية ويمولها بدولارات رخيصة، وقد يجعلها بسعر أقل من السعر الجديد في البنك في المراحل الأولى".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر