دفع تراجع اليوان، الخميس الماضي، الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى انتقاد قوة العملة الأميركية أمام الصينية، فهبط الدولار وارتفع الذهب، مع تأثر عملات دولية أخرى، الأمر الذي أثر في أسعار النفط، وقبع الدولار دون أعلى مستوى في عام في جلسة أول من أمس (الجمعة)، آخر تعاملات الأسبوع، بعد أن عبّر ترامب عن خشيته من صعود العملة، على الرغم من أن تراجع اليوان الصيني حدّ من الإقبال على المخاطرة.
وصعدت عوائد السندات الحكومية الأميركية مع تكرار ترامب انتقاداته التي وجهها يوم الخميس إلى سياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي لزيادة أسعار الفائدة، قائلًا إنها تحرم الولايات المتحدة من "ميزة تنافسية كبيرة". واتهم الاتحاد الأوروبي والصين بالتلاعب بعملتيهما.
ورغم انتقادات ترامب للدولار وهبوطه، فإن العملة الأميركية مهيأة لتسجيل مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي، وزاد الدولار بالفعل أكثر من 5% خلال الأشهر الثلاثة الماضية بفعل التوقعات بأن يستمر البنك المركزي الأميركي في رفع أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة، لكن ترامب قال في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" يوم الخميس، إن قوة الدولار تجعل الولايات المتحدة عرضة للضرر، وإن اليوان الصيني "يهوي كالصخرة".
وتراجعت العملة الصينية إلى أدنى مستوى لها منذ عام، ما أشاع ارتياحًا في صفوف المصدّرين، بيد أن هذا التراجع يؤجج غضب ترامب في الحرب التجارية الدائرة بين الصين والولايات المتحدة، ومنذ أبريل (نيسان) خسرت العملة الصينية 10% من قيمتها أمام الدولار ما يعطي أفضلية للسلع الصينية في الأسواق الأميركية. ويعد توقيت هذا التراجع ممتازًا في حين فرضت واشنطن للتوّ رسومًا جمركية على 7% من المنتجات المستوردة من الصين سنويًا.
وفي السادس من يوليو (تموز) فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية بـ25% على السلع الصينية توازي 34 مليار دولار من الواردات السنوية. وردّت الصين باستهداف قيمة الواردات الأميركية نفسها. لكن الرئيس الأميركي أعلن، الجمعة، أنه مستعدّ لشمول كل الصادرات الصينية، أي 500 مليار دولار.
ومقابل سلة عملات، قبع الدولار عند 95.19. وهو مستوى يقل قليلًا عن الأعلى في عام، الذي بلغ 95.62 في الجلسة السابقة. لكن الإقبال على المخاطرة ظل ضعيفًا بعد أن سمحت الصين لعملتها بالهبوط.
- الذهب
ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة، آخر تعاملات الأسبوع، من أدنى مستوياتها في عام الذي هوت إليه في جلسة الخميس، وقفز البلاتين أكثر من 3% بعد أن انتقد ترامب قوة الدولار وسياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي لزيادة أسعار الفائدة، وهو ما دفع الدولار إلى الهبوط بشكل حاد.
وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.73% إلى 1231.37 دولار للأوقية (الأونصة) في نهاية جلسة التداول بالسوق الأميركية، لكنه ينهي الأسبوع على خسارة 1% تقريبًا دون أن تظهر علامات تُذكر على نهايةٍ لاتجاه نزولي أفقد المعدن النفيس 10% من قيمته منذ منتصف مايو (أيار).
ولامس المعدن الأصفر في جلسة الخميس 1211.08 دولار للأوقية، وهو أدنى مستوى منذ يوليو/تموز من العام الماضي. وارتفعت العقود الأميركية للذهب تسليم أغسطس (آب) 0.6% لتبلغ عند التسوية 1231.10 دولار للأوقية.
- النفط
ارتفعت أسعار النفط مع حصول السوق على دعم من تراجع الدولار الأميركي، وتوقعات بأن تنخفض صادرات السعودية من الخام في أغسطس/آب، وهو ما غطى على القلق بشأن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وزيادات في المعروض.
وزاد الخام الأميركي مكاسبه في أواخر الجلسة مع هبوط مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى في أربعة أيام بعد تصريحات ترامب عن قوة الدولار وسياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي، التي تشير إلى أنه سيزيد أسعار الفائدة مرتين في النصف الثاني من العام الحالي.
وأنهت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط لأقرب استحقاق جلسة التداول مرتفعة دولارًا، أو 1.44%، لتبلغ عند التسوية 70.46 دولار للبرميل، فيما زادت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 46 سنتًا، أو 0.68%، لتسجل عند التسوية 73.07 دولار للبرميل.
- أميركا تراقب اليوان الصيني
ووجّه وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، يوم الجمعة، تحذيرًا إلى الصين بشأن ضعف عملتها اليوان، قائلًا إن وزارته تراقب عن كثب اليوان بحثًا عن أي علامات على تلاعب بالعملة، وقال منوتشين إن ضعف اليوان ستجري مراجعته في إطار أحدث تقرير نصف سنوي لوزارة الخزانة بشأن التلاعب بالعملة والذي سيصدر في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) على أساس النشاط في الأشهر الستة الأولى من 2018، وأضاف "لا شك أن ضعف العملة يخلق ميزة غير عادلة لهم... سنُجري مراجعة بعناية بالغة للوقوف على ما إذا كانوا قد تلاعبوا بالعملة".
- ترامب والاحتياطي الفيدرالي
ويوم الجمعة صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، انتقاده لسياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) في زيادة أسعار الفائدة، قائلًا إنها تقلل "الميزة التنافسية الكبيرة" للولايات المتحدة، ونادرًا ما وجه الرؤساء الأميركيون انتقادات إلى البنك المركزي الأميركي في العقود القليلة الماضية لأن استقلالية مجلس الاحتياطي الاتحادي يُنظر إليها على أنها مهمة للاستقرار الاقتصادي، لكن ترامب يعطي أولوية لخفض العجز التجاري الأميركي، بينما تشكل زيادات أسعار الفائدة وقوة الدولار مخاطر على نمو الصادرات.
وزاد ترامب الرسوم الجمركية على سلة من الواردات مما دفع شركاء تجاريين رئيسيين، مثل الصين والاتحاد الأوروبي، إلى الرد بفرض رسوم انتقامية.
وكتب ترامب "الصين والاتحاد الأوروبي وآخرون يتلاعبون بعملاتهم وأسعار الفائدة بدفعها للانخفاض، بينما ترفع الولايات المتحدة أسعار الفائدة في حين يزداد الدولار قوة مع كل يوم يمر، وهو ما يقلل ميزتنا التنافسية الكبيرة".
وبعد تغريداته، واصل الدولار الأميركي خسائره مقابل اليورو واليوان الصيني والين الياباني، فيما امتنع مجلس محافظي الاحتياطي الاتحادي عن التعقيب. ويزيد المركزي الأميركي أسعار الفائدة منذ 2015 ورفعها بالفعل خمس مرات منذ تولى ترامب منصبه في يناير (كانون الثاني) 2017.
وفي وقت سابق هذا الشهر، قال جيروم باول الذي عيّنه ترامب ليقود مجلس الاحتياطي، إنه غير قلق من ضغوط السياسيين الأميركيين. وأضاف قائلًا في مقابلة إذاعية "لا نضع الاعتبارات السياسية في الحسبان"، بينما يعتقد معظم الخبراء الاقتصاديين أن المناخ الاقتصادي الحالي، مع انخفاض معدل البطالة في أميركا إلى مستويات تاريخية ووصول معدل التضخم إلى المستوى الذي يستهدفه مجلس الاحتياطي الاتحادي والبالغ 2%، يبرر الزيادات في أسعار الفائدة في الآونة الأخيرة وقوة الدولار.
وانتقد ترامب بالفعل سياسة المركزي الأميركي بشأن أسعار الفائدة في مقابلة مع تلفزيون "سي إن بي سي" قائلًا إنه قلق من أن أسعار الفائدة المرتفعة قد تؤثر على الاقتصاد الأميركي، وقال جيمس بولارد رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في سانت لويس إن تعليقات ترامب لن يكون لها تأثير على قرارات أسعار الفائدة.
وأضاف بولارد، الذي ليس له حق التصويت هذا العام على قرارات السياسة النقدية لكنه يشارك في مناقشات اللجنة المعنية بها: "الناس يمكنهم أن يُدلوا بتعليقات، بمن فيهم الرئيس والسياسيون الآخرون... لكن الأمر يرجع إلى اللجنة لمحاولة اتخاذ أفضل الإجراءات التي يمكننا اتخاذها".
وقال رئيس مكتب الميزانية بالبيت الأبيض يوم الجمعة، إن الرئيس دونالد ترامب لا يحاول التأثير على صنع القرار في مجلس الاحتياطي الاتحادي بانتقاداته الأخيرة لسياسة أسعار الفائدة للبنك المركزي الأميركي، لكنه أضاف أن هواجس ترامب لها ما يبررها.
وفي أثناء مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" التلفزيونية سُئل ميك مولفيني مدير مكتب الإدارة والميزانية، عما إذا كان ترامب قد حاول بأي طريقة التأثير على عملية صنع القرار في مجلس الاحتياطي الاتحادي، فأجاب قائلًا: "لا. في الوقع أنا أسمع ذلك للمرة الأولى"، وأضاف "الرئيس غير سعيد. أنا غير سعيد. هناك خبراء اقتصاديون كثيرون يشعرون بإحباط شديد لاعتقادهم أن مجلس الاحتياطي الاتحادي... سيضغط دائمًا على المكابح في نفس الوقت الذي تبدأ الأمور في التحسن".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر