وجّه صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، تنبيهًا قويًا إلى تركيا للالتفات إلى ثغرات "قد تؤدي إلى تدهور اقتصادها"، على الرغم من القفزة التي حققها خلال الفترة الأخيرة، بينما قررت بورصة إسطنبول التركية طرح رُبع أسهمها للاكتتاب العام بموجب تعليمات من الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقال همت كاراداغ، رئيس مجلس إدارة بورصة إسطنبول، في مؤتمر صحافي الثلاثاء، إن الرئيس أعطى أوامره بطرح 25 في المائة من أسهم البورصة للاكتتاب العام، وأضاف أن عمليات الطرح العام بالبورصة هذا العام لن تقل عن 10 مليارات ليرة (2.65 مليار دولار)، وأن عمليات الاستشارات والتقييم لا تزال جارية، وأن "التمويل الخاص بالربع الثاني من العام جاهز".
وفي سياق موازٍ، حذّر البيان الختامي لبعثة صندوق النقد الدولي إلى تركيا، التي أتمت عملها في تركيا في 16 فبراير (شباط) الجاري، من خطر تدهور اقتصاد البلاد، بعد الانتعاش السريع الذي تحقق أخيرًا، وطالب بمزيد من التشديد في السياسات النقدية والمالية، وأشار إلى أن النمو الاقتصادي في تركيا شهد انتعاشًا حادًا في العام الماضي بفضل التحفيز السياسي والظروف الخارجية المواتية.
وحقق الاقتصاد التركي نموًا بنسبة 11.1 في المائة في الربع الثالث من العام، في حين يتوقع أن يعلن المعدل الإجمالي للعام عند 7 في المائة، ورفعت بعثة الصندوق من توقعاتها لمعدل النمو في العام الحالي (2018)، من 3.5 في المائة إلى 4 في المائة، بينما ذكر البيان أنه على الرغم من الانتعاش القوي للنمو الاقتصادي في تركيا، فإن فجوة الإنتاج، وحقيقة أن معدل التضخم أعلى بكثير من المستهدف، إضافة إلى أن العجز في الحساب الحالي يظل على نطاق أوسع، تعد جميعها مؤشرات على ارتفاع مخاطر تدهور الاقتصاد. وأضاف أن كل ذلك يزيد من احتمال تعرض تركيا للظروف العالمية المتغيرة، ويؤكد الحاجة إلى معالجة نقاط الضعف.
ولتقليل الاختلالات الداخلية والخارجية، أوصت بعثة صندوق النقد "بمزيد من التشديد النقدي، والإدارة الدقيقة للسياسات المالية وشبه المالية، فضلًا عن تنفيذ الالتزامات الطارئة المرتبطة بها".
وتابع البيان أنه يجب أن تركز سياسات السلامة الاحترازية بشكل صريح على الحفاظ على الاستقرار المالي والمخزونات الكافية، فضلًا عن أن تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المستهدفة سيعزز النمو، وأشار إلى أن معدل التضخم لا يزال أعلى بكثير من المستهدف (بلغ نحو 13 في المائة)، ومن المتوقع أن يظل كذلك إذا لم يتم إدخال مزيد من التعديلات على السياسات النقدية والمالية.
وتوقّع الصندوق أن يظل العجز في الحساب الحالي أعلى من 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، لافتًا إلى أنه على الرغم من النمو القوي، واستعادة قطاع السياحة قوته، فمن المتوقع أن يؤدي استمرار قوة الطلب المحلي وارتفاع أسعار النفط إلى زيادة العجز في الحساب الجاري خلال العام الحالي، مع بقاء احتياجات التمويل الخارجي كبيرة، في حين لا تزال الاحتياطيات منخفضة نسبيًا، ولا تغطي سوى نصف احتياجات تركيا الإجمالية من التمويل الخارجي.
وأوضح التقرير أن أبز نقاط الضعف تتمثل في احتياجات التمويل الخارجي الكبيرة، واحتياطيات النقد الأجنبي المحدودة، وزيادة الاعتماد على التدفقات الرأسمالية قصيرة الأجل، والتعرض لمخاطر أسعار صرف العملات الأجنبية. كما تظهر علامات على زيادة العرض في قطاع البناء والتشييد، كما قد تسهم التطورات المحلية أو التطورات الجيوسياسية الإقليمية، أو التغيرات في تقديرات المستثمرين تجاه الأسواق الناشئة، في زيادة المخاطر على الاقتصاد التركي.
في غضون ذلك، ارتفعت قيمة القروض طويلة الأجل المقدمة للقطاع الخاص في تركيا بنهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى 220.6 مليار دولار، في حين بلغت القروض قصيرة الأجل نحو 18.3 مليار دولار، وفقًا لتقرير رسمي صادر عن البنك المركزي التركي، ووفقًا للتقرير، فإن قروض القطاع الخاص طويلة الأجل المعلقة من الخارج ارتفعت بمقدار 18.2 مليار دولار، بينما ارتفعت القروض قصيرة الأجل، باستثناء القروض التجارية، بمقدار 4 مليارات دولار، مقارنةً بنهاية عام 2016. وتتميز القروض قصيرة الأجل بطبيعة استحقاق لمدة سنة أو أقل، في حين تصل فترة استحقاق القروض طويلة الأجل إلى أكثر من سنة.
وبالنسبة للتقسيم القطاعي، فقد شكّلت قروض المؤسسات المالية ما نسبته 51.3 في المائة من إجمالي القروض طويلة الأجل بنهاية ديسمبر 2017، في حين ذهب نحو 48.7 في المائة منها كالتزامات لمؤسسات غير مالية، وأضاف تقرير المركزي أنه خلال الفترة نفسها، فإن قروض المؤسسات المالية شكلت 78.4 في المائة من إجمالي القروض قصيرة الأجل، في حين ذهبت نحو 21.6 في المائة منها إلى مؤسسات غير مالية.
وفيما يتعلق بعملات القروض، جاءت نحو 58.6 في المائة من إجمالي القروض طويلة الأجل بالدولار، ونحو 34.9 في المائة منها باليورو، ونحو 4.8 في المائة منها بالليرة التركية، و1.7 في المائة بالعملات الأخرى، وحسبما ذكر التقرير، فإن القروض قصيرة الأجل سجّلت نحو 47.6 في المائة بالدولار، ونحو 29 في المائة باليورو، و23.4 في المائة بالليرة التركية.
إلى ذلك، حافظ مؤشر ثقة المستهلكين في الاقتصاد التركي على استقراره في شباط الجاري، وانخفض بنسبة 0.1 في المائة، مقارنة مع شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. واستقر مؤشر ثقة المستهلك عند 72.25 نقطة في شباط الجاري، في حين كان 72.33 نقطة في كانون الثاني، بحسب بيان لهيئة الإحصاء التركية، أمس، كما حقق مؤشر ثقة المستهلك ارتفاعًا حادًا بنسبة 11.1 في المائة في يناير الماضي، من 65.1 نقطة في كانون الأول، وسجلت أعلى قيمة للمؤشر العام الماضي في مايو (أيار)، وهي 72.8 نقطة، في حين انخفضت ثقة المستهلك في الأشهر الخمسة الأخيرة من عام 2017.
وأظهر مؤشر توقعات المستهلكين في شباط الحالي تحسنًا في الوضع الاقتصادي العام خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة، إذ إن مؤشر التوقعات الاقتصادية العامة بلغ 96.8 نقطة، مسجلًا ارتفاعًا بنسبة 0.7 في المائة من 96.1 نقطة في كانون الثاني، كما أظهر مؤشر الوضع المالي للأسرة، الذي يوضح توقعات المستهلكين للحصول على وضع مالي أفضل للأسرة، في فترة الـ12 شهرًا المقبلة، ارتفاعًا بنسبة 0.2 في المائة، ليصل إلى 91.3 نقطة في شباط الحالي.
وأشار بيان هيئة الإحصاء التركية إلى أن مؤشر عدد العاطلين عن العمل انخفض بنسبة 0.9 في المائة في فبراير، مقارنة بشهر يناير، ليسجل 75.3 نقطة. وأرجع البيان هذا الانخفاض إلى انخفاض عدد المواطنين الذين يتوقعون انخفاضًا في عدد العاطلين عن العمل خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة، وبالنسبة لمؤشر الادخار، أوضح البيان أن اتجاهات المستهلكين لتوفير المال في فترة الاثني عشر شهرًا المقبلة انخفضت، ونتيجة لذلك، انخفض المؤشر من 26.2 نقطة في كانون الثاني الماضي، بنسبة 1.9 في المائة، إلى 25.7 نقطة في شباط.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر