يبدو أن المضاربين بدأوا يقتنعون بما يقوله وزير الطاقة السعودي خالد الفالح وباقي زملائه في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" عن أن السوق النفطية في طريقها إلى التوازن، والدليل على التغيير في عقليات المضاربين واضح، حيث يكمن في كمية المراكز الطويلة للعقود التي اتخذوها الأسبوع الماضي، فحتى يوم 1 أغسطس "آب" الجاري رفع المضاربون مراكزهم الطويلة للعقود الآجلة للنفط الخام سواءً لبرنت أو خام غرب تكساس الوسيط، إضافة إلى زيادة المراكز الطويلة للبنزين وزيت التدفئة في الولايات المتحدة والديزل في أوروبا.
ورفع المضاربون مراكزهم بواقع عقود آجلة تعادل 95 مليون برميل، ليصبح إجمالي المراكز الطويلة 951 مليون برميل، وهو أعلى مستوى منذ أبريل "نيسان"، وفق البيانات التي تنشرها بورصات التداول في لندن ونيويورك، وفي الوقت ذاته خفضوا مراكزهم القصيرة في هذه العقود بواقع 40 مليون برميل، لتصبح 239 مليون برميل وهو أقل مستوى للمراكز القصيرة منذ أبريل/نيسان، ما يعني أن المضاربين يريدون التمسك بعقود النفط الآجلة لفترة أطول، إيمانًا منهم بتحسن الأسعار في الأشهر المقبلة.
وارتفعت المراكز الطويلة في عقود النفط الآجلة لخام برنت وغرب تكساس، على سبيل المثال، بواقع 99 مليون برميل إلى 649 مليون برميل، ومن الأمور التي تؤكد مدى ثقة المضاربين في تحسن السوق مستقبلًا هو أن جزءًا كبيرًا من الزيادة في المراكز الطويلة كان نتيجة دخول مضاربين في مراكز جديدة، وليس من خلال تحويل المراكز القصيرة إلى طويلة، وهذه هي المرة الأولى منذ أشهر التي يحدث فيها هذا الأمر، ولكن ما دفع السوق لتغيير مراكزها بهذه الطريقة أن هناك عوامل كثيرة من بينها تباطؤ نمو الإنتاج الأميركي في الأسابيع الأخيرة وتراجع أنشطة الحفر مع انحسار المخاوف بشأن نمو المعروض في ليبيا ونيجيريا وتوقعات بنمو الطلب بنحو كبير في النصف الثاني من العام، ومن بين الأمور الأخرى كذلك، هو التعهدات التي قدمتها السعودية بشأن خفض إنتاجها بنحو كبير في أغسطس/أب وسبتمبر "أيلول".
وتجري السعودية كذلك جهودًا كثيرة مع المنتجين في أوبك من أجل زيادة تخفيضاتهم لتسريع التوازن بنحو أكبر، الأربعاء، تحدثت تقارير إعلامية عن مغادرة وزير النفط العراقي جبار اللعيبي إلى السعودية من أجل التباحث بشأن السوق النفطية، ولا تزال السعودية تواصل جهودها المنفردة من أجل تسريع سحوبات المخزونات بعد أن نقلت مصادر الأربعاء أن المملكة تنوي تخفيض المخصصات إلى عملائها بما لا يقل عن 520 ألف برميل يوميًا في سبتمبر/أيلول، وهذه هي المرة الثالثة التي يتم الإعلان فيها عن تخفيضات شهرية في الصادرات منذ اجتماع أوبك الأخير في مايو "أيار".
وقال مصدر مطلع في قطاع النفط لـ"رويترز" الأربعاء إن شركة النفط الحكومية أرامكو السعودية ستخفض مخصصات النفط الخام إلى عملائها في أنحاء العالم في سبتمبر/أيلول بما لا يقل عن 520 ألف برميل يوميا للوفاء بالتزامها بكبح تخمة الإمدادات العالمية، وأنها ستخفض الإمدادات لمعظم العملاء في آسيا بنسبة تصل إلى عشرة في المائة في سبتمبر/أيلول التزامًا باتفاق المنتجين لخفض الإمدادات.
ويأتي التوسع في خفض الإمدادات من السعودية في ظل شكوك بشأن فعالية اتفاق خفض الإنتاج الذي تقوده منظمة أوبك بعد أن سجل إنتاج المنظمة خلال يوليو "تموز" أعلى مستوى في 2017،
وجاءت معظم الزيادة في الإمدادات من نيجيريا وليبيا، وهما مستثناتان من اتفاق خفض الإنتاج.
وساهم اتفاق خفض الإنتاج في صعود أسعار الخام فوق 58 دولارًا للبرميل في يناير "كانون الثاني"، لكنه تراجع فيما بعد لنطاق بين 45 و52 دولارا للبرميل، إذ استغرقت جهود سحب المخزونات العالمية وقتًا أطول من المتوقع. كما أن ارتفاع إنتاج النفط الصخري قوض تأثير تخفيضات الإنتاج وكذلك زيادة إنتاج ليبيا ونيجيريا، وقال المصدر الأول إن مخصصات الخام لشركات النفط الكبرى وبعض العملاء في أوروبا ستنخفض بواقع 220 ألف برميل يوميًا في سبتمبر/أيلول، بينما تتقلص الإمدادات للولايات المتحدة بنحو 1.1 مليون برميل إجمالًا الشهر المقبل.
وقبل أيام، قال مصدر في قطاع النفط في السعودية لـ"رويترز" إن صادرات السعودية للولايات المتحدة ستقل عن 800 ألف برميل يوميًا في ذلك الشهر مع تقليص المملكة الصادرات العالمية خلاله إلى 6.6 مليون برميل يوميًا، وبموجب اتفاق أوبك تلتزم السعودية بخفض الإنتاج بواقع 486 ألف برميل يوميًا.
ومن بين تسع مصاف آسيوية شملها مسح رويترز قالت ست مصاف إنها أُبلغت بأول خفض للإمدادات منذ اتفاق منظمة أوبك وروسيا ومنتجين آخرين على خفض الإمدادات بنحو 1.8 مليون برميل يوميًا من أول يناير/كانون الثاني حتى مارس "آذار" 2018.
وأوصت السعودية ومنتجون آخرون في الشهر الماضي ببحث ما إذا كان ينبغي أن تركز مراقبة مستوى الامتثال بتخفيضات الإنتاج على الصادرات أو الإنتاج، وساهمت نسبة الامتثال المرتفعة من السعودية والكويت في استمرار مستويات التزام مرتفعة من جانب أوبك بتخفيضات الإنتاج تتجاوز 90 في المائة، وقال أحد المصادر إن المخصصات السعودية للصين ستنخفض بواقع مليوني برميل ككل في سبتمر/أيلول، وستنخفض إمدادات النفط السعودية للصين في الأغلب بين 5 و10 في المائة وفق ما ذكر أحد المصادر، إلا أن عميلًا واحدًا رئيسيًا على الأقل ذكر أنه سيحصل على المخصصات كاملة، وقال آخر إن الخفض أقل من 5 في المائة.
وتابعت مصادر كثيرة إن مخصصات مصفاتين في جنوب شرقي آسيا خفضت بين 10 و13 في المائة بينما خفضت المخصصات لمصفاة في كوريا الجنوبية 10 في المائة، وقال المصدر الأول إن الخفض في مخصصات كوريا الجنوبية تجاوز مليوني برميل للشهر كاملًا، بينما تتجاوز التخفيضات للهند مليون برميل، وأكد المصدر أن خفض مخصصات اليابان يقترب من مليوني برميل في سبتمبر/أيلول.
وخفضت "أرامكو السعودية" الإمدادات إلى الولايات المتحدة وأوروبا، ولكن نسب الخفض كانت أقل في آسيا خلال الشهور الماضية من أجل حماية حصتها في السوق في المنطقة التي تشهد أسرع نمو للطلب، وقال متعامل كبير طلب عدم نشر اسمه عملًا بسياسة الشركة: "أرامكو" ما زالت حريصة على حصتها في السوق الآسيوية، وأضاف: "من المتوقع أن تبقى السعودية على التخفيضات للولايات المتحدة لأن استراتيجيتها لخفض المخزونات الأميركية نجحت".
ويحسن خفض الإمدادات لآسيا من المعنويات في سوق الخام في الشرق الأوسط، إذ قد تتحول المصافي للسوق الفورية لتعويض النقص في إمدادات السعودية في حين تتقلص التدفقات من حوض الأطلسي، وقال مصدر في مصفاة في آسيا: "قد يدعم ذلك الخام الفوري في الشرق الأوسط"، وقالت مصادر إن معظم التخفيضات السعودية من الخامات الخفيفة مثل الخام العربي الخفيف أو الخام العربي الخفيف جدًا، إذ إن "أرامكو" تخطط لأعمال صيانة حقل صغير ستتسبب في خفض إمدادات الخام الخفيف في سبتمبر/أيلول.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر