توقع محللون أن ترتفع شهية المستثمرين في بورصات المال الخليجية في مستهل العام الجديد وذلك بعد هدوء النزاع التجاري العالمي والارتفاعات القياسية للأسهم العالمية، وإدراج أسهم عملاق النفط السعودي على مؤشرات الأسواق الناشئة والنجاح الذي حققه طرحه، والسعي لاكتتابات حكومية أخرى لجذب المزيد من أنظار مديري صناديق الاستثمار الدولية.
ومنذ نهاية تعاملات عام 2018 وحتى نهاية جلسة أمس الأحد الموافق 22 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، سيطر اللون الأخضر على مؤشرات الأسواق الخليجية.
وخلال تلك الفترة، ارتفع مؤشر بورصة السعودية بنسبة 6 بالمائة، إضافة إلى صعود مؤشر السوق الأول لبورصة الكويت أكثر من 16 بالمائة وارتفاع مؤشر بورصة البحرين نحو 14 بالمائة، وبورصة أبوظبي بنحو 3.6 بالمائة، وطالت المكاسب مؤشر بورصة دبي الذي ارتفع 9.4 بالمائة وبورصة قطر بنسبة 2 بالمائة، فيما تراجع مؤشر بورصة مسقط طفيفاً.
وقال إبراهيم الفيلكاوي المستشار الاقتصادي إن الارتفاعات الجيدة التي سجلتها الأسواق الخليجية في العام أتت بشكل رئيسي في النصف الثاني من 2019 ولا سيما بالشهريين لأخيريين حيث شهدا نجاح طرح "أرامكو" هدوء الحرب التجارية.
وأوضح أن نجاح طرح "أرامكو" وهدوء الحرب التجارية والأوضاع الجيوسياسية بالمنطقة وخصوصاً بعد الحادثة التي تعرضت لها حقول نفط سعودية من العوامل الرئيسية في دفع المؤشرات في تسجيل ارتفاعات قوية في الربع الأخير من العام الجاري.
وشهد الأسبوع الماضي أيضاً وتحديداً في جلسة الأربعاء الموافق 11ديسمبر/كانون الأول 2019 استقبال أسهم عملاق النفط السعودي "أرامكو" وذلك بعد أن سجلت عملية الطرح مجموع طلبات اكتتاب من قبل المؤسسات المكتتبة مبلغاً 106 مليارات دولار، ليبلغ إجمالي قيمة الاكتتاب 446 مليار ريال ما يعادل 119 مليار دولار أمريكي، بإضافة طلبات الاكتتاب من قبل المكتتبين الأفراد في الطرح.
مكاسب متتالية
وتوقع إبراهيم الفيلكاوي أن يستكمل السوق السعودي ارتفاعاته المتتالية التي حققها خلال الجلسات الأربعة الماضية تزامناً مع ترقب المستثمرين لإدراج سهم "أرامكو" بمؤشر فوتسي للأسواق الناشئة.
وستبدأ اليوم مؤسسة "فوتسي راسل" ضم عملاق النفط السعودي وفقاً لبيانات صحفية سابقة. لتأتي تلك الخطوة الثانية حيال الأسهم السعودية حيث ضمت بعضها إلى مؤشراتها في مارس/آذار الماضي، كما أضافت إم إس سي آي السوق السعودية، وهي الأكبر بالمنطقة، إلى مؤشرها للأسواق الناشئة في أغسطس/آب الماضي بوزن قدره 2.8 بالمائة.
وأوضح الفيلكاوي أنه بانضمام أسهم أرامكو لتلك المؤشرات، تتاح فرصة للصناديق الاستثمارية لشراء المزيد من الأسهم، وزيادة الطلب؛ ومن ثم عودة الزخم والارتفاعات القوية فوق مستويات 37 ريالاً.
وتأتي تلك الخطوة بعد أن قامت مؤسسة "إم إس سي آي" أكبر مزود للمؤشرات بالعالم "موجان ستانلي - سابقاً" الأسبوع الماضي بإضافة سهم "أرامكو" ضمن مؤشراتها بعد نهاية جلسة 17 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
وأشار إلى أن التوزيعات النقدية التي تعتزم شركة "أرامكو" جيدة وسط التقلبات التي تشهدها أسواق المال وبعض الشركات في قطاع الطاقة عالمياً؛ ومن ثم فإن ذلك يدعم النظرة الإيجابية للسوق السعودي في مستهل العام المقبل.
وبحسب بيان سابق، تعهدت شركة "أرامكو" بدفع توزيعات أرباح عادية في 2020 يصل حجمها إلى 75 مليار دولار، مؤكداً أن توزيعات الأرباح لن تهبط عن تلك المستويات إلا بعد 2024.
وقالت الشركة إن من يحتفظ من المتداولين بالأسهم لمدة 180 يوماً من تاريخ بداية تداولها، بصورة مستمرة غير منقطعة، سيحصل على سهم مجاني نظير كل 10 أسهم اكتتاب.
700 مليون
ومن جانبه، أكد مدير التطوير ثانك ماركتس أنه بإدراج "أرامكو" على مؤشر إم إس سي آي يمكن دخول سيولة تتجاوز 700 مليون دولار من المستثمرين حول العالم.
وأشار جون لوكا إلى أن الإدراج على "فوتسي" من المتوقع أن يكون سبباً رئيساً في تدفق نحو 400 مليون دولار للسوق السعودي.
ووفق بيان صحفي، ستتاح أسهم أرامكو اليوم الاثنين على مجموعة مؤشرات فوتسي للأسهم الدولية، وهي: مؤشر فوتسي العام العالمي، ومؤشر فوتسي الدولي للشركات الكبيرة، ومؤشر فوتسي للأسواق الناشئة.
وأوضح أن دخول أسهم "أرامكو" في موجة تصحيح جاء بسبب جني الأرباح، والاستفادة من السيولة الضخمة بعد الإدراج على المؤشر العام، ومؤشر إم إس سي آي للأسواق الناشئة.
وتراجع سهم أرامكو في نهاية جلسة يوم أمس الأحد للجلسة الرابعة على التوالي بنسبة 0.6%، عند 35.3 ريال ما يعادل 9.41 دولار.
وعلى الصعيد العالمي، أكد جون لوكا لـ"مباشر" إن هدوء الحرب التجارية أو التوصل لاتفاق نهائي بشأنها مطلع العام المقبل سيكون محفزاً رئيسياً في دخول أسواق الأسهم العالمية والمنطقة في مرحلة صاعدة ستسمر لفترة كبيرة.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الولايات المتحدة والصين ستوقعان اتفاقاً تجارياً أولياً "قريباً جداً". وأُعلن عن ما يعرف باتفاق المرحلة واحد في وقت سابق من الشهر الجاري في إطار مساع لإنهاء الحرب التجارية.
وبموجب الاتفاق وافقت الولايات المتحدة على خفض جزء من الرسوم الجمركية على السلع الصينية مقابل زيادة كبيرة في مشتريات الصين من المنتجات الزراعية الأمريكية، بحسب "رويترز".
ولفت جون لوكا إلى أن العام المقبل من المتوقع أن يشهد المزيد من جذب سيولة الصناديق العالمية للمنطقة حال استقرار الأوضاع الجيوسياسية في ظل سعي بعض الحكومات في الكشف عن طرح مماثل لـ"أرامكو" أو على خطها.
وفي مطلع ديسمبر/ كانون الأول من العام الجاري، قال محمد الرمحي وزير النفط بسلطنة عمان إن شركة النفط العمانية المملوكة للدولة تتوقع إدراج ما بين 20 و25 بالمائة في طرح عام أولي بحلول نهاية العام 2020.
وستصبح شركة النفط العمانية ثاني شركة نفط وطنية في منطقة الخليج تطرح أسهمها للاكتتاب العام بعد الإدراج العام الأولي لشركة أرامكو في وقت لاحق من الشهر الجاري للمساعدة في تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط، بحسب "رويترز".
رادار المستثمرين
وعن التوقعات لعام 2020 بصفة عامة، توقع الخبير الاقتصادي محمد راشد وأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة بني سويف أن يكون عاماً استثنائياً ببورصات الخليج في ظل الزخم الذي أعطاه طرح شركة "أرامكو" وجذب سيولة جديدة للبورصة السعودية.
وأكد أن ذلك سيكون له انعكاس إيجابي على كافة البورصات الخليجية الأخرى لأنه سيكون على رادار المستثمرين الأجانب ولا سيما فيما يتعلق بالصناديق السيادية وصناديق الاستثمار التي ستزيد استثماراتها في الأسهم المحلية خلال عام 2020.
وأوضح راشد أن ذلك يعود بالأساس إلى التحسن المتوقع نسبياً في أسعار البترول في ظل قرارات أوبك الأخيرة بخفض الإنتاج وضبط سوق الذهب الأسود علاوة على ظهور بوادر لحل الأزمة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما سيكون له انعكاس إيجابي على النمو الاقتصادي العالمي وارتفاع أسعار النفط.
ومنذ نهاية العام الماضي وحتى جلسة الجمعة الماضية ارتفعت أسعار نفط خام برنت عالمياً بنسبة 16 بالمائة لتتجاوز مستوى 66 دولاراً بعد أن أنهت العام الماضي عند مستوى 57.06 دولار للبرميل.
ولفت محمد راشد إلى أن الارتفاع المتوقع في أسعار البترول سيكون له انعكاس إيجابي على أسهم شركات البتروكيماويات والصناعات المرتبطة بها بجانب انعكاسه على دعم موازنات الدول الخليجية وزيادة إنفاقها الاستثماري ولا سيما على مشاريع البنية التحتية.
وأكد أن ذلك سينعكس إيجاباً على أسهم قطاعات التشييد والبناء وكذلك القطاع العقاري وهو نفس الأثر الذي سينتج عن بيع أسهم شركة أرامكو حيث سيدعم الموازنة السعودية وخفض ما بها من عجز وزيادة قدراتها الاستثمارية؛ مما سيكون له أثر إيجابي النمو الاقتصادي وعلى صعود أسعار الأسهم عموماً.
عوائد نفطية
ومن جانبه، قال فرج عبدالله، مدرس الاقتصاد بمدينة الثقافة والعلوم المصرية إن نشاط الأسواق الخليجية عادة ما يرتبط بتطورات المالية العامة لديها وهو ما يعكسه تطور مستقبل أسعار النفط والغاز من جهة أخرى.
وأوضح أن اقتصادات الخليج تعتمد بشكل عام على العوائد النفطية بالأساس، وعلى سبيل المثال نجد أن الاقتصاد السعودي وهو أكبر الاقتصادات الخليجية حساسية بتغيرات أسعار النفط إلى جانب اتجاه الموازنة العامة السعودية الانكماشي خلال العام المقبل 2020.
وأشار إلى أن التحول وبشكل كبير إلى تعزيز تلك الأسواق لقطاعات أخرى أهمها تدشين شركات تهتم بنظم المعلومات والذكاء الاصطناعي كطوق نجاه للخروج من الاعتماد الكامل على العوائد النفطية خاصة في ظل التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة من جهة والنزاعات المتوقعة بسبب الصراع في منطقة المتوسط حول الاكتشافات النفطية والغاز من جهة أخرى.
وأوضح أن مستقبل تلك الأسواق بشكل عام يرتبط نشاطه بمدى التزام تلك الدول بخططها التنموية والتحول نحو اقتصاد غير الريعي المعتمد على النفط كما تشير خطة السعودية التنموية 2030.
وبين أن من أهم المتغيرات التي ستتحكم في مجريات اقتصاديات دول الخليج الصراع بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية حيث يعد من أهم المتغيرات المؤثرة على نشاط التجارة الدولية؛ ومن ثم حجم الطلب العالمي على النفط ومن ثم تأثر اقتصادات الخليج ككل.
وتشير البيانات إلى أنه رغم تراجع أسعار النفط إلى مستويات تدور حلول 65 دولاراً للبرميل مدفوعاً بنمو الاحتياطي الأمريكي فإن نمو الطلب العالمي الناتج عن بوادر الاتفاق الصيني الأمريكي دفع بعدم تراجع أسعار النفط أكثر من ذلك.
وأشار فرج عبدالله إلى أن من تلك العوامل التزام أعضاء أوبك بتخفيض الإنتاج حيث إن ذلك الاتفاق من قبل أعضاء أوبك والمنتجين الرئيسيين من خارج أوبك يعزز أسعار المواد البترولية؛ ومن ثم تعزيز قدرات تلك الاقتصادات النفطية بالخليج ومن ثم نشاط أسواق المال مع بداية 2020.
وأوضح أن تلك المؤثرات الخارجية على أسواق الخليج حجم السيولة المتوقعة خلال الأعوام المقبلة التي تستهدف الطروحات الجديدة المتوقعة مثل زيادة نسبة طرح أسهم "أرمكو" على سبيل المثال أو طرح أسهم من شركات مشابهة.
وبين فرج عبدالله أن من تلك العوامل التي ستعزز السيولة بالأسواق دخول شركات نظم المعلومات وتحليل البيانات والذكاء الاصطناعي كما جاء في العديد من المؤتمرات والمنتديات الاستثمارية (دافوس الصحراء) فضلاً عن تعزيز شركات الصناعات التحويلية التي تستهدفها سوق الإمارات باعتباره ثاني أكبر أسواق الخليج نشاطاً وتحولاً.
5مليارات
ومن جانبه، قال إيهاب رشاد خبير أسواق الأسهم، ونائب رئيس مجلس إدارة مباشر كابيتال هولدنج، إن الترقية التي تمت على بورصة الكويت وأسهم "أرامكو" من الأحداث الكبرى التي ستعزز الأداء الإيجابي للأسواق في العام المقبل.
وتوقع حدوث تدفقات نقدية بقيمة لا تقل 5 مليارات دولار غير نشطة للأسواق الخليجية وخصوصاً بالكويت والسعودية وسط تلك الترقيات، وقيمة أكبر للتدفقات النشطة، على أن يستمر الزخم على الشركات التشغيلية.
وتم يوم الخميس الماضي انضمام بورصة الكويت على مؤشرات مؤسسة مورجان ستانلي "إم إس سي آي" للأسواق الناشئة بعد الجاهزية التي أبداها مسؤولو أسواق المال هناك.
وأشار إيهاب رشاد إلى أن التوقعات إيجابية على المصارف الكويتية وخصوصاً أسهم بنك الكويت الوطني وبيت التمويل الكويتي، لافتاً إلى أن أسهم البتروكيماويات تنتظر مكاسب كبرى في ظل إقبال المؤسسات الدولية على ضم سهم "أرامكو" بمؤشرات الأسواق الناشئة.
ولفت رشاد إلى أن الأنظار بأسواق الخليج بدأت تتجه إلى أسهم البنوك التي تتميز بالتوزيعات السنوية الجيدة، إضافة إلى النتائج المستقرة، مؤكداً أن أسعار الأسهم ما تزال عند مستويات مغرية ومكررات ربحية منخفضة.
ومؤشر مكرر الربحية للأسهم يعد من أهم المؤشرات التي يعتمد عليها مديرو محافظ الاستثمار وكبار المستثمرين إلى جانب مؤشر مضاعف القيمة الدفترية إلى السوقية، وذلك قبل اتخاذ قرارهم بالاستثمار في الأسواق المالية.
وأكد أن المستثمرين في أسواق الخليج بعد الانتهاء من اكتتاب أرامكو السعودية، أصبحت لديهم الفرصة متاحة للعودة إلى ضخ السيولة في الأسواق الإماراتية التي وصلت أسعار أسهمها إلى مستويات متدنية ولا سيما العقارية وبعض البنوك.
وأكد أن ما يعزز تلك النظرة التفاؤلية للأسواق الإماراتية العام المقبل اقتراب معرض إكسبو دبي 2020 إضافةً إلى الكشف عن اندماجات مهمة منحت إيجابية بخاصة في القطاع المصرفي. ومؤخراً، استحوذ بنك دبي الإسلامي أكبر مصرف إسلامي بالإمارات على نور بنك.
قد يهمك أيضًا:
انخفاض أسعار النفط ومكاسب أسبوعية لخامي القياس وتوقعات بنمو الاقتصاد العالمي
الأسهم الأوروبية تصعد لمستويات قياسية خلال التعاملات
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر