نجح الفنان حميد الشاعري في ترك بصمته في عالم الغناء والموسيقى، رغم ما واجهه من فشل فى بداية مشواره الفني إلا أن عبقريته وإيمانه بموهبته دفعته للاستمرار وعمل ثورة على نمط الموسيقى الذي اعتادنا عليه حتى أصبحت أغاني حميد الشاعرى رمزًا من رموز جيل الثمانينات والتسعينات.
وتحل الثلاثاء، 29 نوفمبر/تشرين الثاني ذكرى ميلاد الفنان حميد الشاعري، والذي ولد في مثل هذا اليوم من عام 1961، واكتشف حميد الشاعري جيلًا كاملًا من المطربين وقدمهم إيمانًا بموهبتهم وأصبحوا فيما بعد نجومًا صنعوا طفرة في الموسيقى بشكل كامل. لم يكن حميد الشاعري مطربًا أو ملحنًا أو موسيقيًا تقليديًا ولكنه كان مرحلة لا يمكن أن ننساها ولا يمكن أن تمحو من تاريخ الغناء.
قدم حميد الشاعري، نوعًا من الموسيقى استطاع به أن ينتقل من مرحلة موسيقية إلى مرحلة آخرى، هو ليبي الأصل ولكنه أخذ الجنسية المصرية حيث أن والده ليبي وأمه مصرية نشأ في أسرة عريضة اتسعت رقعتها لتشمل خمسةَ عشرَ أخًا وأخت، إضافةً إلى ثلاثِ زوجات للأب بالإضافة إلى أمِه والتي كان لها أكبر الأثر في اكتشاف وإنماء موهبته الغنائية والموسيقية في مرحلة عمرية مبكرة، فهي أول من أهداه آلة أورج وآلة إكسيليفون لتستقبل أول لمسات حميد الموسيقية، وقد توفيت أمه وهو لم يتجاوز الثالثة عشر من عمره. وكان في أول مراحله هاويًا إذ اعتاد إقامة الحفلات في مدينة بنغازي، أما فيما بعد وفي الثلث الأخير من السبعينيات انضم حميد الشاعري إلى فرقة الإذاعة الليبية كعازف أورج ولكن لم يدم انضمامه إلى فريق الإذاعة طويلًا فقد فارق الشاعري الفريق إثر خلافات حادة في وجهات النظر نشبت فيما بين الجانبين.
وشارك أيضًا في إنشاء فريق غنائي تحت اسم أبناء أفريقيا بحيث ضم عددًا من المواهب الأفريقية والعربية، ولكن لم يكتب لمثل هذا الفريق الاستمرار لأسباب في أغلبها اجتماعية. بجانب هوايته للموسيقى كان حميد طالبًا في معهد الطيران حيث أرسله والده لاستكمال دراسته في بريطانيا، ورغم أن الدافع الرئيسي من وراء سفره هو الدراسة ولكن ذلك لم يمنعه من اختلاس بعض الوقت من أجل إيجاد المنطلق لطاقاته الإبداعية الكامنة، حيث أجّر ساعات في الاستوديوهات الإنجليزية لتسجيل بشائر أعماله الموسيقية والغنائية، وتبعًا لتصريحات الفنان حميد الشاعري: "هذه التسجيلات ما كانت إلا لغرض شخصي فقط ومن أجل إشباع حاسته الموسيقية"، ولكن لم يخطر على بال هذا الفنان الهاوي بأن تصبح هذه التسجيلات في يوم ما هي همزة الوصل فيما بينه وبين المنتجين المصريين المتحمسين لتقديم لون جديد من ألوان الموسيقى والغناء من بعد فترة الركود والكساد التي أصابت السوق المصري بل والعربي في فترة السبعينيات من القرن الماضي، خاصةً بعد رحيل عمالقة الفن من أمثال أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش.
وتعامل حميد مع أهم المنتجين منهم هاني ثابت صاحب شركة سونار والتي من خلالها قدم حميد أول أعماله الغنائية والموسيقية بعد فترة من انتقاله إلى مصر وبالتحديد إلى مدينة الإسكندرية حيث يستقر أبيه وأقاربه من جهة الأم، ولكن لم تخل هذه الفترة الانتقإلىة من خلافات حادة مع والده، والذي أصر من وجهة نظر قبلية على رفض عمل ابنه في المجال الموسيقيِ، وقد وصلت حدة هذا الخلاف يومًا ما إلى تحطيم والد الشاعري محبوبة حميد قيثارته. ولكن القدر لم يتوان عن طرق أبواب المستقبل لهذا الفنان الهاوي، فقد أقدم أحد أصدقائه (وهو الفنان وحيد حمدي) على أخذ تسجيلات حميد والتي سبق وسجلها في استوديوهات الخارج "بلا علم مسبق منه" وعرضها على أصحاب الشركات المصرية المنتجة ونخص بالذكر المنتج المصري هاني ثابت ليصبح فيما بعد من أشد المتحمسين والمؤمنين بموهبة هذا الفنان الشاب، وكان وحيد حمدي أحد أعضاء فريق أبناء أفريقيا وقد شارك في غناء ألبوم عيونها، والذي يعد الألبوم الغنائي الأول لحميد الشاعري، وقد ظهر جنبًا إلى جنب مع الشاعري في غلاف الألبوم.
لم يوفق حميد الشاعري في أول تجاربه الموسيقية والغنائية على الساحة المصرية بحيث لم يحقق ألبومه الأول والذي أطلقته شركة سونار أي نجاح على الإطلاق وبدعابته المعتادة صرّح حميد الشاعري بأن عدد النسخ التي تم إعادتها إلى الشركة المنتجة من قبل الموزعين قد فاق عدد النسخ التي أنتجتها الشركة، كدليل قاطع على فشل أول ألبوماته "عيونها".
وأصاب هذا الفشل الذريع حميد الشاعري بالإحباط الشديد إذ لم تتقبل الأذن المصرية هذا اللون من الغناء والموسيقى، وكاد هذا الإحباط أن يُثني هذا الموسيقيِ الشاب عن مساره الفني، فقد صارح شركة سونار بما يجول في نفسِه وأنه يفضل العودة إلى دار أبيه واستكمال عدد ساعات إضافية في معهد الطيران ولكن إيمان من حوله به وإصرارهم على استكماله لما شرع فيه كان له أكبر الأثر في إثناء حميد عن قراره، ولعل حب الموسيقى الذي بثته فيه أمهُ منذ الصغر كان الدافع الأقوى وراء استمرار هذا الفنان في العطاء.
لم يمر زمن طويل حتى تم إصدار ألبوم ثانٍ لحميد الشاعري وهو ألبوم رحيل ليحقق هذا الألبوم نجاحًا مدويًا خاصةً على الساحة المصرية، ويخص الفنان حميد الشاعريبالذكر أغنية "وين أيامك وين" من الفلكلور الليبي والتي تبناها الشباب في ذاك الوقت لتصبح محبوبتهم، سرعان ما تلاها في ألبوم ثالث ألبوم سنين، ومن هنا تستمر مسيرة حميد الشاعري بألبومات أخرى من أمثال ألبوم جنة وألبوم شارة وألبوم حكاية.
* أدخل مصطلح " موزع موسيقي" للألبومات الغنائية، ويعتلي التوزيع الموسيقي قائمة الأولويات في حياة حميد الشاعري الفنية، فقد أبدع هذا الفنان في هذا المجال وقد أعطى في مجال التوزيع الموسيقي كما لم يعطي ويبدع في أي مجالٍ أخر، ولعل ارتباط حميد الشاعري بالآلات الموسيقية منذ الصغر كان الدافع الأقوى وراء تعلقه بتلك الأصوات الصادرة عن كل آلة موسيقية، فقد شاركت الآلات الموسيقية في تكوين وجدان حميد الشاعري ليشب وَلِعًا بالإحاطة بكيفية توظيف مثل هذه الآلات المتنوعة في الأغنية العربية، ليُعد فيما بعد حميد الشاعري كأشهر موزع موسيقيِ عرفته المنطقة العربية. وقبل بزوغ نجم حميد الشاعري لم يكن التوزيع الموسيقي في الأذهان ظاهرًا، وإنما تواجدَ في الأذهان باهةً ملامحه رغم أهميته القصوي في صناعة الأغنية، فعلي سبيل الذكر الموزع الموسيقي المصري علي إسماعيل ورغم أنه أحد عناصر نجاح الأغنية في فترة الستينيات إلا أنه لم يحظي بالشهرة الإعلامية الكافية، وكذلك لم يحظي التوزيع الموسيقي كمصطلح علمي في عهده علي الانتشار الواجب، دليلاً علي أن التوزيع الموسيقي في تلك الفترة لم يكن ينل من الاهتمام ما نالته الكلمة وما ناله اللحن، فقد كان الصوت الطربي يُعد الألة الأهم والتي يعزف عليها الملحن وتَنشُد لسماعِها الجماهير. أما مع قُدوم حميد الشاعري وبزوغ نجمه في فترة الثمانينيات أخذ التوزيع الموسيقي وزناً لم يعهده من قبل، فقد أصبح من المقومات الأساسية الظاهرة والطافية علي سطح صناعة الأغنية، مضاهياً بذلك قدر الكلمة وقدر اللحن، بل وفي أحيانٍ كثيرة امتد التوزيع الموسيقي ليصبح العنصر الأهم في صناعة الأغنية، وبذلك قد ساهم حميدالشاعري بالقدر الأكبر في فتح بابٍ جديد لمهنة جديدة تحمل اسم التوزيع الموسيقي، لم تكن من قبل مهنة بقدر ما كانت علم ودراسة لا يقترب منها إلا أقل القليلين.
واعتادت أعين المستمعين لشرائط الكاسيت في فترة الثمانينيات والثلث الأول من التسعينيات، علي تصفح أغلفة الألبومات لتُصادْف أعينهم بعنصرٍ جديد يضاف إلى عنصري الكلمة واللحن، وهو عنصر التوزيع الموسيقي الذي أصبح لا يخلو من تواجده القدر الأكبر من أغلفة الألبومات، فقد وَلـّد هذا التواجد المكثف والمتوإلى لهذا المصطلح رغبةً عند المستمعين في معرفة ما هية هذا المصطلح؟ وما هي أبعاده؟ وبذلك أصبحت ثقافة التوزيع الموسيقي أكثر شيوعاً بمراحل عدة مما كانت عليه قبل تواجد حميد الشاعريعلى الساحة .
لم يكن التوزيع الموسيقي هو العنصر الوحيد الجديد والذي ظهر علي أغلفة الألبومات في هذه الفترة، بل هناك عنصر أخر لطالما عانق اسمه التوزيع الموسيقي، وهذا العنصر ما هو إلا حميد الشاعري الموزع الموسيقي، فقد قام الشاعريبالتوزيع الموسيقي الكامل لأغلب الألبومات الغنائية الصادرة في الفترة التي امتدت من أوائل الثمانينات إلى أن تم إيقافه عن ممارسة العمل الموسيقيِ في العام 1991 حيث كان حميد في ذروة نجاحاته.
* أول أغنية لحنها كانت للكينج " محمد منير" : أما على صعيد التلحين فقد خص الفنان حميد الشاعري أغنية "الطريق" والتي تغنى بها الفنان محمد منير، لتكن أول أغنية يتم طرحها في سوق الغناء المصري من ألحانه، التقى حميد ومنير أول مرة في ذات إلىوم الذي صادف تعاقد كلاهما فيه مع ممثلي شركة سونار للإنتاج الفني، وهذا لم يكن اللقاء الوحيد بين حميد الشاعري ومحمد منير، فقد تبعه لقاءٌ آخر يكاد أن يكون الأخير بين الطرفين، وقد تم هذا اللقاء على ساحة ألبوم أكيد للفنان حميد الشاعري والذي صدر في عام 1986، بحيث كان اللقاء في الأغنية الرئيسية للألبوم والتي حملت عنوان أكيد، من كلمات الشاعر عبد الرحمن أبو سنة وألحان وتوزيع حميد الشاعري.
وولدت هذه الأغنية أثناء جلسة خاصة في العام 1986 جمعت بين عدد من الفنانين من بينهم محمد منير والشاعر عبد الرحمن أبو سنة وحميد الشاعري حيث كانت الأغنية نتاج تفاعل مع حدث من أسوأ أحداث التاريخ البشري الحديث وهو حادث انفجار في المفاعل النووي السوفيتي (سابقا) تشيرنوبل، مما أدي إلى تسرب مواد اشعاعية قاتلة، ما زالت أثارها مستمرة حتي يومنا هذا. وصرّح الفنان حميد الشاعري حديثًا : بتواجد نية متوفرة لدى الفنانين لتصوير هذه الأغنية مواكبة منهم لسباق التسلح النووي المشتعل في مناطق عدة من العالم حيث يرى الفنان حميد الشاعري بأن الضعف هو أهون على الأمم من أن تشارك في صناعة الدمار.
واعتاد الوسط الغنائي لسنوات على غزارة ألحان حميد الشاعري سواء كانت ألحانًا لأغنياته الخاصة أو لمغنيين آخرين اعتادت ألبوماتهم على تواجد حميد فيها بكثرة كملحن، ولكن ومع تغير المناخ الغنائي وتغير معطيات السوق في السنوات التي تلت قرار الإيقاف بحق هذا الفنان، عاد حميد الشاعري بشيءٍ من الحذر إلى الساحة الفنية وخاصة كملحن، فقد أخذ اسم حميد الشاعري الملحن بالتلاشي من على أغلفة الألبومات سنةً بعد أخرى لتصل إلى ذروة تلاشيها في ألبومه الأخير"روح السمارة"، والذي أصدره في عام 2006، فقد خلي هذا الألبوم تمامًا من أي عملٍ يحمل بصمات حميد التلحينية. ولكن وبعد عدة أشهر وفي عام 2007 عاد حميد الشاعري بلحنين جديدين لمناسبتين سنويتين، الأولى هي عيد الأم والتي أصدر فيها لحن أغنية أمي ثم أمي للشاعر الغنائي أيمن بهجت قمر، أما المناسبة الثانية فكانت أعياد سيناء ليصدرحميد فيها لحنًا ثانيًا بعنوان سينا وأيضًا من كلمات الشاعر الغنائي أيمن بهجت قمر, والعملان كانا بتكليف من وزارة الإعلام المصري وبالتإلى من إنتاجه.
* حميد الشاعري وفن إكتشاف النجوم : تُعد صناعة النجوم واكتشافهم من أحد المهن الأخرى والتي احترفها الفنان حميد الشاعري، ولعله قد نجح في إظهار جانب أخر من جوانب شخصيته، وهي قدرته على اكتشاف المواهب الشابة ومن ثم تسليط الضوء عليهم بتقديمهم إلى شركات الإنتاج ومن ثم إلى الجماهير العربية ليصبح العدد الأكبر منهم فيما بعد من أسطع النجوم على الساحة العربية. لم يمتلك حميد الشاعري عصًا سحرية ولكنه امتلك موهبة ربانية تم إطلاق العنان لها فيما بعد لتثمر عن تقديم وتبني ومشاركة نجاحات الكثيرين من المطربين والمطربات علي الساحة الغنائية من أمثال: عمرو دياب، مصطفى قمر، إيهاب توفيق، حنان، حكيم ، أميرة، هشام عباس، علي حميدة، حمادة هلال، علاء عبد الخالق، فارس، منى عبد الغني، محمد حماقي، هيثم شاكر، بسمة ، سيمون . القائمة لا تكاد أن تنتهي حيث ما زال هذا العائد بشراهة للساحة الفنية من بعد غياب طال فقارب السنوات الست بألبوم روح السمارة ما زال يمارس مهنته في صناعة النجوم، وقد كان المطرب الشاب إسلام عبد العزيز وظهوره في أغنية جو تاني والتي قام حميد الشاعري فيها بمهمة التوزيع الموسيقي، وأخيرا اشتراكه مع المطرب محمد قماح في دويتو يعتبر عودة حميد الشاعري للغناء وهي أغنية " ويلي " . ولعل من أهم الأسباب التي ساعدت هذا الفنان على النجاح في هذه الصناعة إلى جانب حسه الموسيقي وعلاقاته الجيدة بشركات الإنتاج هي روحه المسالمة وصدره الرحب الذي يتجلى بوضوح في تقبل الأخرىن وتدعيمهم سواء فنياً معنوياً أو مادياُ مما أثمر عن تقديم مواهب عدة أثرت الساحة الفنية علي مدي فترات طِوالْ
وكان اسم حميد الشاعري في النصف الثاني من الثمانينيات وحتى أوائل التسعينيات يمثل جواز سفر لعالم الشهرة حيث تقبع أحلام شباب المطربين، فقد كان يكفي تواجد اسم حميد الشاعري أو فرقته علي غلاف أي ألبوم لتحقق هذه الألبومات نجاح مؤكد سواء للمطربين أو المطربات أصحاب الألبومات أو شركات الإنتاج المختلفة والتي جنت الملايين من وراء التعاون مع حميد الشاعري، حيث نجح الشاعري بروح موسيقاه الجديدة علي مدي عدة سنوات في كسب ثقة الجماهير ومن ثم تواجد في أغلب البيوت العربية مما جعل اسمه يرتبط بالجودة وبأحلام الشباب، وقد وصل الأمر لذروته في أحد ألبومات المطرب علاء سلام حيث ظهرت صورة حميد ولأول مرة علي غلاف الألبوم في هيئة طابع بوسطة ليدل هذا الأمر وفي أوضح صوره علي مدي الشعبية الواسعة والثقة التي تمتع بها حميد الشاعري بين الجماهير العربية في ذاك الوقت.
ولكنه رغم كل هذا لم يسلم حميد الشاعري من النقد وخاصة اللاذع منه، وإذا ما جاز التعبير فإن النقد اللاذع لم يسلم من حميد الشاعري فأصبح الاثنان كما لو كانا رفاق الطريق، فقد امتدت لذاعة النقد طوال عقد الثمانينيات لتصل إلى ذروتها في الثلث الأول من التسعينيات مع صدور قرار الإيقاف والذي امتد لثلاثة سنوات ليعود من بعدها حميد الشاعري في هدوء مؤقت إلى الساحة الفنية يتلمس طريق النجاح من جديد.
لم يكد يخلو أي لقاء تلفزيوني أو صحفي دون التطرق إلى الإتهامات الموجهة لحميد الشاعري من إفساد للذوق العام إلى التعدي على التراث انتقالًا إلى إغراق الساحة الغنائية بأصوات شابة غير صالحة للغناء، بل ولم يسلم حتي المظهر الخارجي لحميد الشاعري من التهكم فقد اعتاد الشاعري الظهور بالملابس الرياضية سواء في حفلاته أو حتي في اللقاءات التلفيزيونية المتكررة وقد برر هذا الشأن بأن مسألة الملبس لم تكن لتشغل ذهنه الموسيقيِ فهو لم يأتي ليشاهد الجماهير ملبسه ولكنه قد أتي من أجل تقديم موسيقي وغناء يستمع إلىهم الجماهير وبذلك كان أمر الملبس يمثل لهذا الفنان أمرًا عفويًا تلقائيًا وغير معبيء بأغراض بعينها كما يصرح حميد الشاعري فلم تخلو فترة زمنية أو بيئة ما من تميزها بزي معين وبذلك قد توالت مظاهر عدة علي أهل الغناء من عباءة إلى جلباب لتأتي فيما بعد البذلة الرسمية لتحتل موقع الريادة بين المطربين، أما بعد فيتجه أمر الملبس إلى منحيً أخر وهو الملابس الرياضية مسيطرةً بذلك علي مظهر المغنيين من أمثال حميد الشاعري وعمرو دياب وعلاء عبد الخالق لفترة لا بأس بها من الزمن.
وقوبل صوت حميد الشاعري بعاصفة من النقد تصف صوته بالضعف وتتهمه بأنه ليس مطرباً، وقد قابل الشاعري هذا النقد العاصف بتبني فلسفة بسيطة مفادُها أن الطرب هو أحد الأشكال الغنائية المتعددة والمتواچدة علي الساحة العالمية وبذلك فهو لا يُعِد نفسه مطرباً قادراً علي غناء الموشحات ولكنه مؤديٍ چيد قادر علي الأداء بحسٍ عالٍ.
من أشد المخالفين لحميد الشاعري وأشدهم معارضةً له والذي قد طفت معارضته على المستوى الإعلامي بشكل ظاهر وبينْ هو الملحن المصري حلمي بكر والذي قد مثل في ذاك الوقت فريق المدافعين عن التراث الموسيقي العربي ضد القادمين الجدد والذين مثلهم حميد الشاعري، بحيث تعددت أسباب رفض حلمي بكر لتواجد حميد علي الساحة منطلقاً من أن حميد الشاعري هو موسيقيِ غير أكاديمي (غير دارس)، ولكن وعلي الجانب الأخر فقد رأي حميد الشاعري بأن فطرته الموسيقية هي أهم ما يميزه لتنتهي هذه المعركة الإعلامية الضارية والتي طالت بلقاء شهير جمع بين الطرفين في أوبريت الحلم العربي والذي جمع بين العديد من النجوم العرب في ذاك الوقت.
* حميد الشاعري وعمرو دياب ثنائي ناجح :
تاريخ طويل يجمع بين عمرو دياب وحميد الشاعري، فالنجاح عرف طريق دياب مع بداية تعاونه مع الشاعري.
وعلى الرغم من أن أغنية "ميّال" من توزيع فتحي سلامة، إلا أن الألبوم نفسه والذي نجح بشدة وقتها ظهر فيه اسم حميدالشاعري للمرة الأولى في مشوار عمرو دياب، لتكون تلك هي البداية لرحلة طويلة استمرت 11 عام، نتج عنها 53 أغنية، عبر 8 ألبومات، وإلىك محطات هذه الرحلة:
التعاون الأول بين عمرو دياب وحميد الشاعري نتج عنه 4 أغاني، وهي "من غيرك"، و"توبة"، و"إزيك"، و"أول ما أقول". التجربة يزداد نجاحها، فكانت النتيجة أن يوزع حميد 7 أغاني من أصل 8، في ألبوم "شوّقنا" بالتأكيد. كانت بداية ظهور اسم حميد كموزع وحيد للألبوم بالكامل، وهو دليل على مدى تأكد عمرو دياب من أن حميد هو خلطة النجاح المطلوبة. فقد وزع حميد الشاعري جميع أغاني ألبوم " متخافيش " لعمرو دياب . بعد ابتعاد تام في ألبوم "حبيبي" وأغان فيلم "أيس كريم في جليم"، يعود "الثنائي" حميد وعمرو للتعاون مجددا في ألبوم "أيامنا"، وللمرة الثانية يسند عمرو مهمة توزيع الألبوم بالكامل لحميد الشاعري، والذي ظهر للمرة الأولى والوحيدة في مشواره مع عمرو كملحن، إذ شارك في تلحين أغنية "طبع الحياة". ابتعاد آخر بين "الثنائي" عمرو دياب وحميد الشاعري، فكانت نتيجته ألبومين لم يظهر فيهما اسم حميد، وهما "يا عمرنا" و"ذكريات"، ولكن كالمعتاد تأتي العودة وللمرة الثالثة بألبوم كامل، يظهر فيه حميد كموزع منفرد للألبوم " ويلوموني " . للمرة الثالثة، يبتعد "الثنائي" فيخرج ألبوم "راجعين" خاليًا من اسم حميد الشاعري، ثم يأتي ألبوم "نور العين" ليحمل توقيع حميد منفردًا، وكأن حميد يظهر وحيدًا أو لا يظهر تمامًا. أما في ألبوم " عودوني " للمرة الأولى، يحافظ "الثنائي" على ظهورهما سويا في ألبومين متتالين دون ابتعاد، إذ يظهر اسم حميد وحيدًا في هذا الألبوم، للمرة الخامسة في مشوار الثنائي. الفصل الأخير في مشوار "الثنائي" عمرو دياب وحميد الشاعري كان في ألبوم "قمرين"، والذي يظهر الشاعري فيه كموزع للمرة الأخيرة في مشوار دياب، من خلال أغنية "بتوحشني"، وأغنية "ولسة بتحبه يا قلبي". والأيام الأخيرة شهدت حالة من الجدل حول عودة تعاون الفنان عمرو دياب مع الفنان حميد الشاعري، في الألبوم الأول الذي يعده حاليًا.
وأكد مصدر مقرب من الفنان عمرو دياب أن جميع الأخبار التي تم نشرها عن تنفيذ عمرو دياب لأغنية مع الفنان حميدالشاعري لا أساس لها من الصحة. وأوضح المصدر أن حميد وعمرو التقيا منذ ما يقرب من شهرين في إحدى المناسبات، وتحدثا عن إمكانية عودة التعاون بينهما، وإعادة تقديم أعمال جديدة لهما، ولكن ظل المشروع مجرد فكرة، ولم تدخل في حيز التنفيذ إلى الآن.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر