تستكشف الكاتبة كارولين يونغ، في كتابها الجديد "بطلات هيتشكوك"، العلاقة المعقدة بين المخرج ألفريد هيتشكوك، والفنانات اللاتي عمل معهن، وكذلك الدور الحيوي الذي لعبته الأزياء في أفلامه، خاصة مع الممثلة الأميركية تيبي هيدرين، ويناسب لون الممثلة كيم نوفالك الرمادي مع لون الضباب في سان فرانسيسكو، في فيلم فيرتيغو، وكذلك أزياء غريس كيلي، كونها امرأة مثالية في فيلم " النافذة الخلفية"، وأيضًا مجموعة الملابس الداخلية باللونين الأبيض والأسود، للممثلة جانيت لي، في إشارة إلى الخير والشر في عالم النفس، هذه بعض تفاصيل الموضة التر ركزت عليها أفلام ألريد هيتشكوك، وكلها شُيدت بعناية فائقة، كما أنه ركز في أفلامه على الفنانات الشقراوات.
وكان هيتشكوك دقيقًا للغاية فيما يخص المؤثرات البصرية، حيث الشعر الناعم للممثلات، وخزانة الملابس، والمكياج، كل ذلك لإضفاء مظهر مثالي على أعماله، ومع تطور مهنته، أصبح أكثر تحديداً، مثل الرسام، فقد عمل على إرسال رسائل مموهة من خلال وسائل عالم الموضة والأزياء.
أظهر ألوان الملابس في مشاهد أفلامه
وكانت النظارات موضة شائعة، واستخدمتها سيدات مثل الممثلة إنغريد بيرغمان، في فيلم "سبيلبند"، وكذلك جوان فونتان في فيلم الشكوك، وبعدها ظهر بروش الطائر الذي كان يوضع على الصدر، في إشارة إلى أفلامه القوية، وظهرت أول ممثلة شقراء في فيلم "ذا لودغر" 1927، لهتشكوك، وهي جون تريب، التي لعبت دور ديزي في الفيلم، وهي امرأة حيوية عكست أزياءها الحيوية الرائجة في عالم الموضة في عام 1926، وحين كان يخرج فيلم "ريبكا" و"الشكوك" للنجمة جوان فونتان، وغيرها من الأفلام التي كانت في بداية مسيرته الفنية، تمكن من خلق خزانة ملابس ذات إحساس بصري رائع، فقد تمكن من إظهار الملابس والألوان في نص المشاهد الفنية.
وعلى الرغم من أن الأفلام كانت باللونين الأبيض والأسود، تمكن من إظهار ألوان الملابس الحقيقة في كل المشاهد، وكذلك التأثيرات المختلفة، ففي الملابس ذات النقوش ظهر ذلك، وفي الملابس السادة ذات اللون الواحد كذلك، وبالتالي أصبحت ملابس المرأة أكثر أهمية في أفلامه الإبداعية، وبدأ تركيزه يتجه إلى الممثلات ذوات الشعر الأسود في العديد من أفلامه بداية من الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين، مثل النجمة مارغريت لوكود، في فيلم "ذا ليدي فانشيس"، وتيريزا ورايت، في فيلم "شادو أوف دوبت"، أما في الخمسينات، وهو العصر الذهبي لهتشكوك، عادت النجمات الشقراوات الأنيقات، مثل غريس كيلي، والتي أصبحت البطلة المُهيمنة على أفلامه.
هيتشكوك صانع النجمة جريس كيلي
بدأ هيتشكوك العمل مع جريس كيلي، لأول مرة في فيلم " ديال إم فور مردر"، وخطط لاستخدام العديد من الملابس ذات الألوان المشرقة، ولكن بعد ذلك اعتمد على الألوان الداكنة وفق أحداث الفيلم، بداية من الرمادي وصولًا إلى الأسود، ويتضح التناقض بين البطلة مارغو، والتي تحولت من زوجة إلى زانية، حيث الانتقال من سترة باللون الوردي إلى التنورة اللامعة والفستان الدانتيل الأحمر.
وكانت كيلي متلهفة للعمل مرة أخرى مع هيتشكوك، في فيلم "النافذة الخلفية"، ومع وصولها إلى لوس أنجلوس في أوافر نوفمبر/ تشرين الثاني؛ لتجهيز خزانة الملابس، أصدر هيتشكوك التعليمات إلى إديث هيد، بشأن الألوان وأنماط الملابس المناسبة للفيلم، وتمكن هيد من تكوين خزانة ملابس متنوعة وأنيقة، حيث الفستان الزهري الذي تم اختياره ليتناسب مع الصيف الحار في نيويورك، ويعكس تطور الأحداث في الفيلم.
وبعد أن غادرت كيلي هوليوود؛ للتزوج من أمير موناكو، رينييه، والتي صممت فستان زفافها هيلين روز، لم يتمكن هيتشكوك من مقاومة جاذبية رينيه، وبدأ يبحث عن ممثلة أخرى شقراء لتحل محل كيلي، ووقع اختياره على اثنين فيرا مايلز، وتيبي هيردن.
وقع اختياره على ممثلة أخرى شقراء
وجه هيتشكوك تعليماته لكيم نوفاك، في فيلم فيرتيغو، لتركز على اللونين الأبيض والأسود، حيث الشخصية الغامضة مادلين، وارتدت وقتها بدلة رمادية مع حذاء ذو كعب عالي باللون الأسود، وقال لهيد إن الفتاة يجب أن تتناسب إطلالتها مع الضباب الرمادي لسان فرانسيسكو، وعلى حفل العشاء قالت هيد له" أنظر السيدة نوفاك ترتدي ما طلبته في القصة.
وبالنسبة للمثلة إيف مارس سانت، طلب منها هيتشكوك أن تكون أكثر جرأة في اختيار ملابسها، وذهب معها للتسوق من متجر بيرغدورف الفاخر في نيويورك، حيث الموديلات والأثواب المختلفة، ومن بين الملابس الأكثر إثارة والتي وقع عليها الاختيار، فستان أسود بأكمام طويلة، مطبوع عليه زهور حمراء، ارتدته في مشهد المزاد الشهير في فيرتيغو.
وحرص هيتشكوك على اختيار ملابس جانيت ليغ، في فيلم "بيزيشو" حيث أراد أن تظهر الشخصيات بواقعية في كل الجوانب حتى الملابس حتى أنه ركز على الملابس الداخلية للمثلة، لتتركز على اللونين الأبيض والأسود، في جمع بين الشخصيتين السيئة والجيدة.
وأصدرهيتشكوك تعليمات جديدة لهيد، حيث مرافقة تيبي والتي جسدت شخصية ميلاني دانيلز في فيلم "الطيور"، والمساعدة في اختيار خزانة الملابس الأنيقة، ووقع الاختيار على فستان صوف باللون الأخضر الفاتح، وتم صناعة 6 نسخ من الفستان نتيجة لمشهد الطيور الذي يهاجم الممثلة في الفيلم، ولإكمال الإطلالة الأنيقة، أعطى ميلاني محفظة مصنوعة من جلد التمساح باللون الييج، ومعطف فرو، ولا تزال أفلام هيتشكوك تحمل الكثير من السحر، حيث الإطلالات الرائعة للنجمات والملابس الأنيقة، والتصميمات المصممة خصيصًا لبطلاته، وحين مرة قال هيتشكوك "التشويق مثل المرأة، كلما ترك مساحة للخيال، كان هناك إثارة".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر