القاهرة ـ اليمن اليوم
كان لافتًا لفوج سياحي من الأوروبيات خلال الأسبوع الماضي، أن مرافقتهن في الرحلة التي ستمر بدروب سيناء سيدة بدوية تدعى أم سالم، وكان الملفت أكثر أن أم سالم تشرح لهن بسهولة ويسر وبلغة إنجليزية واضحة كافة التفاصيل عن الطرق والوديان والمعالم السياحية والأثرية التي يقصدنها.
وتعمل أم سالم التي تنتمي لإحدى قبائل جنوب سيناء مرشدة سياحية، أو ما يسمونه البدو "دليل" ترافق السائحات فقط، وليس الرجال، خلال جولتهن بالمنطقة التي تربت وعاشت فيها، وتقدم لهم نبذة كاملة عن طبيعتها كما تقوم بتعريفهن بالأكلات التي يتناولونها، مثل "الفراشيح" وغيرها، حيث تشارك كممثلة عن قبيلتها فيما عرف بمبادرة "درب سيناء"، وهي مبادرة تعيد إحياء فكرة بدأت قبل 1120 عاما، حيث كانت قبائل المنطقة تقوم بتأمين رحلات الحجاج من مصر وشمال أفريقيا إلى الأراضي المقدسة لتأدية فريضة الحج، وتقدم للحجاج كل ما يحتاجونه من خدمات، وترشدهم للطريق السليم والآمن للوصول في فترة زمنية قليلة.
وصاحب فكرة إحياء المبادرة، وهو الشيخ البدوي أحمد راشد الجبالي يروي الفكرة ويقول إن الفكرة كانت تطبق حتى العام 1800 أي قبل أكثر من 219 عاما، وتتضمن محاكاة لطريق الحجاج القديم الذي كان يبدأ من خليج السويس غربا، وحتى خليج العقبة شرقا، ويمر بوديان ودروب جبلية، كما يمر على عدة معالم أثرية وتاريخية مثل معابد "سرابيت الخادم"، ودير سانت كاترين، والطريق الذي خرج منه نبي الله موسى من مصر، وخلال الرحلة يطلع السائحون على تفاصيل يومية في حياة البدو من سكان المنطقة، ويركبون الجمال، ويشاهدون الطقوس التي يمارسها سكان المنطقة في حياتهم، مضيفا أن السائحات ترافقهن سيدة بدوية وهي أم سالم التي تعمل كدليل سياحي لهن لأول مرة.
أقرأ أيضاً :
أربعة وجهات سياحية لم تُكتشف بعد في باريس
ويقول الجبالي إن القبائل وافقت على عمل أم سالم في هذا المجال الذي كان حكرا على الرجال، مع الاكتفاء بمرافقتها للسائحات فقط، وتعريفهن بمعالم المنطقة، وشواهدها التاريخية، وتقدم لهم الوجبات البدوية والمشروبات التي يتناولها سكان المنطقة، مشيرا إلى أن النساء البدويات يعملن في مجالات المشغولات اليدوية التي تباع للسائحين، لكن مع دخول أم سالم مجال العمل كدليل سياحي فهذا قد يفتح المجال لعمل أخريات يمتلكن ثقافة تاريخية واسعة عن معالم وتراث المنطقة، ويُجدن اللغات الأجنبية في المجال السياحي.
تنشيط المنطقة سياحيا بعد سنوات من التوقف بسبب الأحداث السياسية هو هدف المبادرة كما يقول الشيخ الجبالي، ويضيف أن القبائل التي تقيم في المنطقة ، تشارك فيها، سواء من خلال تقديم الدعم اللوجيستي والبشري ، وتزويد الرحلات بما يحتاجه السياح من جمال للركوب، وطعام ومشروبات، ومرشدين سياحين وخيام للنوم ، وبيوت بدوية للإقامة، مضيفا أن الرحلة الواحدة تستغرق 40 يوما للمرور في الطريق الذي يبلغ طوله نحو 200 كيلومتر ،ويعمل بها أكثر من 60 شخصا من أبناء القبائل يرافقون السائحين، ويجهزون لهم الطعام والشراب والمأوى طيلة مدتها، ويتابع أن المبادرة تهدف كذلك لتنشيط الحالة الاقتصادية لسكان المنطقة وخلق فرص عمل لشباب القبائل، وإثراء المنطقة سياحيا وترويجها بالشكل الأمثل لجذب المزيد من السياح.
قد يهمك أيضًا:
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر