نجحت لجنة وساطة حكومية يمنية في مدينة تعز في إخماد موجة جديدة من المواجهات المسلحة في أحياء المدينة القديمة استمرت أيام عدة بين قوات أمنية محسوبة على حزب التجمع اليمني للإصلاح، وأخرى على تيار السلفيين بقيادة العقيد عبده فارع المعروف بـ«أبي العباس».
وأدت المواجهات التي استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة إلى مقتل وجرح العشرات بينهم مدنيون حسب ما أفادت به مصادر طبية، قبل أن تنجح اللجنة في نزع فتيلها، وحسب مصدر في لجنة الوساطة التي يقودها القيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» الشيخ عارف جامل، قضى الاتفاق على خروج نحو 500 مسلح من كتائب أبي العباس السلفية المحسوبة على اللواء 35 مدرع إلى جبهة «الكدحة» في مديرية المعافر جنوب غربي تعز، مع تولي قوات اللواء الخامس حرس رئاسي بقيادة العميد عدنان زريق تأمين عملية الانسحاب وتأمين أحياء المدينة التي شهدت المواجهات.
ولاقى نزع فتيل الأزمة المسلحة ارتياحا كبيرا بين سكان تعز وقيادة الأحزاب التي رحب أمس بانتهاء المواجهات وخروج مسلحي أبي العباس من وسط المدينة الذين قالوا في بيان إنه تم الاعتداء عليهم من قبل ما أسموه قوات الحشد الشعبي التابعة لحزب الإصلاح، وهو ما ينفيه الأخير، مؤكداً أن القوات الأمنية تتبع أجهزة الدولة الرسمية.
وغادر محافظ تعز نبيل شمسان مدينة تعز بعد نحو أسبوع من وصوله إليها حيث استقر به المقام في عدن، وسط أنباء سربها مقربون منه أنه يواجه تمرداً من القيادات الأمنية والعسكرية التي رفضت توجيهاته أكثر من مرة بوقف العملية الأمنية التي تستهدف قوات أبي العباس المرابطة وسط المدينة.
وتقول القوات الأمنية المحلية إن الحملة التي تستهدف مطلوبين متهمين في تنفيذ اغتيالات بحق قوات الأمن والجيش انطلقت بتوجيه من المحافظ في البداية، غير أن توجيهاً آخر تابعته «الشرق الأوسط» كان أمر بوقف الحملة الأمنية حقناً لدماء المدنيين، على أن يتم إلزام كتائب أبي العباس بتسليم المطلوبين.
ويتهم ناشطون حزبيون في تعز حزب «الإصلاح» بأنه يحاول أن يستأثر بالقرار الأمني والعسكري في المدينة تحت غطاء الدولة ومؤسساتها، فيما يتهم الموالون للحزب كتائب أبي العباس المحسوبة على قوات اللواء 35 مدرع الذي يقوده العميد عدنان الحمادي بأنهم يحاولون تشكيل إمارة خاصة بهم في وسط المدينة خارجة عن سلطات الأمن الرسمية.
وذكرت المصادر في لجنة الوساطة أن نحو 500 مسلح خرجوا مساء الجمعة رفقة رئيس لجنة الوساطة على متن نحو 40 عربة عسكرية باتجاه منطقة الكدحة، في مديرية المعافر، حيث كانت أغلب قوات الكتائب غادرت إلى ذات المنطقة في وقت سابق بعد أن سلمت العديد من الأحياء والمواقع الخاضعة لها.
وندد ناشطون وسياسيون يمنيون بالصراع الذي يتجدد كل مرة بين رفاق السلاح، مشيرين إلى أن الجماعة الحوثية هي المستفيدة من هذه المعارك الجانبية، حيث لا تزال تحاصر المدينة وتحتل مناطق واسعة في تعز وأهمها منطقة الحوبان شرق المدينة.
وقالت كتائب أبي العباس في بيان تابعته «الشرق الأوسط» إن ما حدث لهم هو نوع من عملية التهجير الظالمة «بعد عشرة أيام من استهداف المدينة القديمة بالسلاح الثقيل من قبل ميليشيات الحشد الشعبي التابع للإصلاح». وبحسب البيان فإن المهجرين من عناصر الكتيبة السلفية هم من سكان المدينة وليس من خارجها، وأفاد البيان بأن «الكتائب غير مسؤولة عن أي مطلوبين أمنيين، وبعدم تلقيها أي مذكرات قانونية بأسماء مطلوبين أمنياً، وبأنها سلمت كل مشتبه به أولاً بأول ولا تتستر على أحد». وحملت كتائب العقيد أبو العباس الحكومة الشرعية مسؤولية توفير السكن والمواصلات والتأثيث اللازم والإعاشات والتموين وكامل الاحتياجات اللازمة لنقل أسر أفرادها المهجرين إلى المنطقة الجديدة.
وبارك تحالف القوى السياسية في تعز تنفيذ الاتفاق الذي رعته لجنة التهدئة وإنهاء الوضع، وانتقال أفراد الكتيبة الخامسة التابعة للواء 35 مدرع إلى مسرح عملياتها في منطقة الكدحة، وتحمل الأجهزة الأمنية المسؤولية الكاملة في حفظ الأمن والاستقرار وحماية الأهالي والممتلكات الخاصة والعامة في كافة المناطق والأحياء بمدينة تعز، ومتابعة المطلوبين أمنياً وإلقاء القبض عليهم وبدون استثناء.
ودعا التحالف في بيان إلى إنهاء أي مسميات أو تشكيلات مسلحة ودمجها بالجيش الوطني بصورة كاملة ومهنية طبقا للأصول العسكرية في بناء القوات المسلحة الوطنية، كما وجه التحالف الشكر للجنة التهدئة وعلى رأسها الشيخ عارف جامل وعبدالحكيم عون واللواء الركن عبد الكريم الصبري والعميد عدنان رزيق، رئيس عمليات محور تعز، قائد اللواء الخامس حرس رئاسي.
وهاتف الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، محافظ تعز مساء الجمعة «للوقوف على أوضاع المحافظة وتداعيات الأحداث الأخيرة التي تشهدها ووجهه ببذل كل الجهد وبالتعاون مع مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية ذات العلاقة وكافة أبناء تعز الشرفاء لتجاوز أي مشكلات»، طبقاً لما ورد على وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ).
وشدد هادي على أهمية التلاحم وحقن الدماء وتوحيد الإمكانات والجهود لمواجهة قوى التمرد والانقلاب من الميليشيات الحوثية الإيرانية ومن يواليها والعمل على تعزيز مؤسسات الدولة والقيام بواجباتها المختلفة لما فيه مصلحة استقرار المحافظة وتطبيع الأوضاع فيها.
ودعا الرئيس اليمني إلى استكمال التحرير في تعز وبسط نفوذ الدولة وأجهزتها الأمنية والإدارية في المحافظة وبصورة فاعلة وعاجلة، مشدداً على أهمية وقف التصعيد والاختلالات والالتزام التام لتوجيهات قيادة السلطة المحلية.
قد يهمك ايضا:
بدء عمليات إعمار المناطق المحررة من الميليشيات الحوثية في اليمن
مصادر محليةتؤكد العثور على ثلاث جثث متفحمة للمسلحين الذين اقتحموا مقر حزب التجمع اليمني للاصلاح
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر