اقتحمت قوات كبيرة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي، فجر أمس الجمعة، الحرم القدسي الشريف، بعد صلاة الفجر واعتدت بشراسة على المصلين، ثم عادت واعتقلت عدداً من الشبان بعد صلاة الجمعة، ما اعتبرته حركة «فتح» في المدينة «محاولة تطهير عرقي ومساساً بحرية العبادة»، واستخدمت قوات الاحتلال الأسلحة النارية لقمع عدة مظاهرات في الضفة الغربية وتسببت في إصابة الكثيرين.
وروى شهود عيان أن المصلين في الأقصى، مثلهم كمثل بقية الفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة، خرجوا أمس في مسيرات سلمية تحت شعار «جمعة الكرامة»، وذلك ردا على الانتهاكات في الأقصى، باقتحاماته اليومية والاعتداء على المصلين وإبعادهم عنه، وامتلأت مساجد الأقصى «القبلي والقديم والرحمة» بالمصلين الذين لبوا النداء، وعقب انتهاء الصلاة جابت مسيرة من مصلى باب الرحمة باتجاه ساحة المسجد القبلي وهتف الشبان خلالها للأقصى والقدس، وقرر الاحتلال البطش بهم. فاقتحمت قوة كبيرة من جنود الاحتلال باحات الأقصى واعتدت على مئات المصلين بالضرب بالهراوات وبإطلاق قنابل الغاز والأعيرة المطاطية. وأدى ذلك إلى إصابة العشرات منهم بالرضوض والاختناق. ثم فروا نحو الخارج.
وأوضح أحد المصلين أن قوات الاحتلال بدأت بمضايقة المصلين وخلال توافدهم إلى الأقصى بالاعتداء عليهم وملاحقتهم وعرقلة دخولهم إلى الأقصى، كما منعت إدخال المياه والكعك والتمور إلى المسجد، واحتجزت هويات العشرات من المصلين خلال دخولهم إلى الأقصى، كما تعمدت قوات الاحتلال المتمركزة عند باب حطة بتفتيش المصلين وحقائبهم والأكياس التي كانت بحوزتهم. كما تمركزت وحدة القوات الخاصة من فرق الخيالة عند باب الأسباط، وأوقفوا الشبان وأخضعوا بعضهم للتفتيش. وقال أحد المصلين الذين تعرضوا للاعتداء: «كنت متوجها إلى الأقصى ومعي 10 كعكات لتناولها مع أبنائي بعد انتهاء صلاة الفجر في الأقصى، إلا أن القوات قامت بتوقيفي واعتدت علي بالضرب المبرح».
كما أجبرت المصلين المبعدين عن الأقصى بالابتعاد عن باب حطة، فأدى المبعدون من النسوة والرجال صلاة الفجر في الطريق بين بابي حطة والأسباط، وأكد المبعدون أن قرارات الاحتلال لن تثنيهم من الرباط والوصول إلى أقرب نقطة للأقصى. وادعت الشرطة الإسرائيلية أن قواتها اقتحمت الحرم القدسي بزعم حدوث «أعمال شغب» وإطلاق «هتافات وطنية»، وأن مئات المصلين نظموا مسيرة «وخرقوا النظام العام». فأصدر قائد الشرطة الإسرائيلية في لواء القدس، دورون يديد، أوامر بتفريق المصلين، وقال إن «شرطة إسرائيل لن تسمح بأعمال شغب وخرق النظام العام في جبل الهيكل (الحرم القدسي الشريف)، وستعمل من أجل منع كافة أعمال الشغب أو الهتافات على خلفية قومية»، على حد زعمه.
وعادت سلطة الاحتلال لتنفذ سلسلة اعتقالات، في صفوف المصلين ظهر الجمعة أيضا. ورغم ذلك فقد تجاوز عدد الفلسطينيين الذين أموا الأقصى، أمس، نحو 40 ألفاً من سكان الضفة الغربية لإقامة صلاة الجمعة في رحاب المسجد الأقصى المبارك، وفق تقديرات دائرة الأوقاف الإسلامية، رغم الإجراءات العسكرية الإسرائيلية المشددة، وانتشار عناصر شرطة الاحتلال على بواباته.
وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين في الحكومة الفلسطينية، اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي المسجد الأقصى، واعتداءاتها على المصلين. وقالت الوزارة في بيان لها، إن هذا تصعيد استفزازي مقصود، وتحد سافر لمشاعر الملايين من العرب والمسلمين وهو حلقة في مسلسل الاستهداف المتواصل للأقصى بهدف تكريس تقسيمه زمانياً، تمهيداً لتقسيمه مكانياً. وأوضحت الوزارة أنها ستتابع هذا الاعتداء مع الجهات الدولية المختصة كافة، بالتنسيق مع الأشقاء بالمملكة الأردنية الهاشمية.
وأكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح»، أن ما يجري من اقتحام من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى المبارك، هو استباحة علنية لمقدسات المسلمين بغطاء أميركي واضح، دون أي رادع. وقال الناطق بلسان الحركة، إياد نصر، إن «هذه حرب حقيقية، وتطهير عرقي ضد شعبنا الفلسطيني وأرضه ومقدساته، لكنها لن تنجح في سلب شعبنا إرادته بالبقاء، والصمود فوق أرضه. سنحمي أقصانا ومقدساتنا، ولن نسمح باستباحتهما وتمرير مخططات الاحتلال الهادفة إلى تقسيم المدينة المقدسة زمانيا أو مكانيا مهما كان الثمن».
ونقلت مصادر سياسية قولها إن وزير التنمية الاجتماعية في الحكومة الفلسطينية، أحمد مجدلاني، التقى ومحافظ محافظة القدس عدنان غيث، وتباحثا في سبل تعزيز صمود المواطن المقدسي، الذي يعاني 80 في المائة منهم من الفقر، في وجه الهجمة الشرسة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة لإفراغها من سكانها. وأكد مجدلاني، خلال جولة قام بها لمدينة القدس المحتلة، مواصلة القيادة الفلسطينية والحكومة مواجهة عملية الأسرلة والتهويد، موضحا أن القدس هي الأولوية الأولى بالنسبة للرئيس أبو مازن والحكومة الفلسطينية.
وفي أنحاء أخرى من الضفة الغربية، وقعت عدة اشتباكات. فقد أفيد عن إصابة ثلاثة مواطنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وآخرين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، أمس، جراء قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي، مسيرة قرية كفر قدوم الأسبوعية السلمية، المناهضة للاستيطان والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ 16 عاما. وقد هاجم الجنود المشاركين في المسيرة. وفي لواء بيت لحم، اعتقلت قوات الاحتلال، أمس، ثلاثة شبان، بينهم أسير محرر، من مناطق مختلفة في محافظة بيت لحم.
قد يهمك أيضًا:
إسرائيل تحرم الحكومة الفلسطينية من السيطرة على مواردها المالية
"الخارجية" الفلسطينية" تحذّر من "نتائج كارثية" لحفريات الاحتلال أسفل الأقصى
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر