القدس المحتلة - اليمن اليوم
على أثر تجاوز حدود المنطق السليم في الدعاية الانتخابية التي يستخدمها المتنافسون على مقاعد الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) والحكومة، هبّ عدد من المسؤولين في الجيش الإسرائيلي والمخابرات والمربين ورجال الدين بحملة انتقادات واسعة، فيما تفنن الجمهور في نشر التعليقات الساخرة والكاريكاتيرات اللاذعة.
وقد بلغت الأمور حدًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تباهى بأن "العالم يعدّ إسرائيل ثامن أكبر قوة عسكرية في العالم". وفي سبيل كسب أصوات من المواطنين المسلمين في إسرائيل (فلسطينيي 48)، نشر نتنياهو على صفحته في "تويتر" آية قرآنية من سورة الحج، واخترع خبرًا قال فيه إنه يقوم بمساعٍ لتخفيض تكاليف رحلة الحج إلى مكة لكل منهم من 35 ألف شيكل (نحو 10 آلاف دولار) إلى بضعة ألوف قليلة، لأنه يعمل على تنظيم رحلة مباشرة من تل أبيب إلى مكة.
ولم يكترث نتنياهو لاحتمال أن يتلقى ردودًا تدحض أقواله في الحال، مع العلم بأن لجنة الحج والعمرة لفلسطينيي 48 نفت على الفور ادعاءاته، وقالت أولًا إن تكلفة رحلة الحج لا تصل إلى هذه الأرقام الخيالية وإن شيئًا لم يتغير على نظام سفر الحجاج من فلسطينيي 48 إلى الديار الحجازية المقدسة، وإنهم فحصوا ادعاءاته فكان الجواب أن الادعاءات بعيدة عن الحقيقة.
وعلى أثر ذلك، نشرت تعليقات ساخرة ورسوم كاريكاتير تظهر نتنياهو وزوجته مع مسبحة ولباس الحج. ونقل المراسلون العسكريون لوسائل الإعلام العبرية عن مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي والمخابرات، تعليقات غاضبة عن "تصريحات غير مسؤولة لقادة بارزين في مقدمتهم رئيس الحكومة، نتنياهو، ووزير الأمن، نفتالي بينيت، وغيرهم، الذين يكذبون في قضايا أمنية، لخدمة أغراضهم الانتخابية".
وكان ألكس فيشمان، معلّق الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الأكثر حدة، إذ كتب، أمس (الخميس)، أن "هناك عمليات تشويه وتزييف وقحة". وقال: "يقولون إسرائيل هي الدولة العظمى العسكرية الثامنة في العالم، و(حماس) تتطلع إلى تسوية مع إسرائيل ولم يتبقَّ لها سوى تحرير طرف خيط اقتصادي لـ(حماس)، كي يكون بالإمكان البدء في تفكيك الملاجئ في غلاف غزة. هذه عينة صغيرة من الأقوال السخيفة التي تصدر عن القيادة السياسية – الأمنية في الأسابيع الأخيرة، في إطار الدعاية الانتخابية. وهذه المؤشرات نفسها لتلك الغطرسة التي شهدناها عشية حرب يوم الغفران (1973) وعشية حرب لبنان". وتساءل فيشمان: "على أي أساس، على سبيل المثال، يقرر بينيت أن السيطرة الإيرانية في سوريا قد ضعفت؟".
ونقل فيشمان عن مصدر رفيع في الجيش الإسرائيلي قوله إن هناك خوفًا من أن تقود هذه التقديرات الشائهة إلى قرارات مغامرة. وإن "فيلق القدس يمر بعملية إعادة تنظيم في هذه الأيام. وفي مؤشر للمستقبل، عُيّن في منصب نائب قآني، محمد حجازي، قائد وحدة لبنان في (فيلق القدس)، وهو الشخصية المركزية في مشروع تحسين دقة صواريخ (حزب الله). لكن بينيت، وخلال شهر، غيّر بتصريحاته السخيفة الوضع في سوريا، تمامًا مثلما جعل غزة تهدأ".
وعدّ فيشمان توسيع الاحتلال مساحة الصيد إلى 15 ميلًا بحريًا وإضافة 2000 تصريح عمل للغزيين، ليصبح عددها 7000 تصريح، هو "نتيجة فنتازيا اخترعتها دولة إسرائيل لنفسها، وبموجبها أن (حماس) زُجّت في الزاوية ونشأت فرصة من أجل فرض تهدئة عليها".
ولكنّ فيشمان أشار إلى أن "الخدعة الكبرى هي من مدرسة نتنياهو، الذي قال إن إسرائيل الدولة العظمى الثامنة في العالم. وهذه جولة الانتخابات الثانية التي يُستخدم فيها هذا التضليل. وهو يستخدم معطى مأخوذًا من استطلاع رأي عام سنوي يجريه معهد "غالوب" بالتعاون مع جامعة بنسلفانيا، برعاية مجلة "US NEWS AND WORLD REPORT"، وتحت عنوان "الدولة الممتازة". وقال: "هذا الاستطلاع وضع إسرائيل في المرتبة الثانية في العالم، من حيث القوة العسكرية، بعد روسيا وقبل الولايات المتحدة والصين". إلا أن نتنياهو لا يستخدم هذا المعطى كي لا يجعل نفسه أضحوكة. وبعد أخذ القوة العسكرية بالحسبان إلى جانب معطيات أخرى مثل التأثير الدولي والاستقرار السياسي وما شابه، تتراجع إسرائيل إلى المرتبة الثامنة.
قد يهمك أيضًا:
احتجاجات "أحد الغضب" في لبنان تُحذِّر من تسمية رئيس حكومة تابع للسلطة وتجاهل الشعب
ميشال عون يطالب المتظاهرين بالحوار وتوحيد مطالبهم للقضاء على محاربة الفساد في بيروت
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر