في 23 سبتمبر 2018، غادر الملحق الثقافي في السفارة الإيرانية في الجزائر، أمير موسوي، منصبه بعد أن قضى أربع سنوات هناك، وأثارت أنشطته في الجزائر سجالات دارت رحاها حول اتهامه بنشر "التشيع" في بلد يشكل السنة فيه الأغلبية المطلقة.
وحينها ذكرت "صفحة الحملة الجزائرية لطرد الملحق الثقافي الإيراني" على فيسبوك عن أن "السلطات الجزائرية استجابت لمطالب الجزائريين لطرد هذا الملحق الثقافي وإنْ كان الطرد لم يكن معلناً بل بطلب قُدّم إلى السلطات الإيرانية حول أن موسوي غير مرغوب فيه ونشاطاته محرجة للدولة الجزائرية، وهو ما لا يمكن أن ترفضه طهران".
هذا ما تعلق بموسوي وملفه الذي تم إغلاقه بهدوء من قبل السلطات الجزائرية دون الإضرار بالعلاقات بين طهران والجزائر.
ملف آخر لأنشطة من نوع آخر
ولكن مؤخراً فتحت وسائل إعلام إيرانية ملفاً جديداً ذكر فيها اسم الجزائر وهذا الملف يتعلق بغسيل أموال في الجزائر من قبل إيرانيين مرتبطين بالسلطات في طهران وفتح هذا الملف في الوقت الراهن بالتحديد في سياق الصراع على السلطة في إيران، وذلك مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في البلاد.
وبهذا الشأن، سلط موقع "إيران واير" الناطق بالفارسية الضوء على قضية ترتبط بشكل غير مباشر بأحد أبرز مرشحي رئاسة البرلمان الإيراني وهو العمدة السابق لطهران والجنرال القادم من الحرس الثوري إلى عالم السياسة والاقتصاد والعضو المعين من قبل المرشد في مجلس تشخيص مصلحة النظام، "محمد باقر قاليباف" المتهم بالفساد.
ويتحدث التقرير بشكل مباشر عن "رضا مشير" وهو شقيق "زهراء مشير"، زوجة "محمد باقر قاليباف"، وهي أيضا المتهم الأول في ملف الفساد المعروف بملف "مؤسسة الإمام الرضا الخيرية" والتي أثارته صحيفة الشرق في نوفمبر 2016.
وكان "رضا مشير"، أحد أعضاء الحملة الانتخابية لقاليباف "الطموح" الذي سبق وأن رشح نفسه أكثر من مرة ولكن خسر المنافسة على منصب رئاسة الجمهورية في إيران.
"شقيق زوجة قاليباف يقيم منذ سنين في الجزائر"
وكتب أمير مقدم، المسؤول السابق في العلاقات العامة بمكتب رئيس الجمهورية والرابط البرلماني في المؤسسة الرئاسية الإيرانية في تغريدة له قائلا: "شقيق زوجة قاليباف يقيم في الجزائر منذ سنوات ووفقاً للأنباء يتردد بين الجزائر وأستراليا".
وأضاف في تغريدته "أن عدداً من الذين نهبوا أموال الإيرانيين يحتفظون بتلك الأموال هناك"، ثم تساءل، "هل يدير مشير قسما من أموال قاليباف هناك؟".
ولم يؤكد أمير مقدم ما إذا كانت السلطات الجزائرية على علم بهذه الأنشطة المالية المرتبطة بالجنرال السابق في الحرس الثوري الإيراني.
من هو رضا مشير؟
رضا مشير يعد من أقرب الناس إلى "محمد باقر قاليباف" وكان أبرز عضو في حملاته الانتخابية الماضية منذ 2013 ولا يزال على علاقات جيدة بالحلقة المرتبطة بقاليباف، ورغم أن الأخير لم يمنحه عندما كان عمدة طهران، مناصب عليا حتى لا يثير الشكوك، إلا أنه كان من المعلوم بأن من يريد أن يجد شغلا أو يحل مشكلة ما عليه أن يراجع رضا مشير.
وتتحدث الصحافة الإيرانية عن مشير بصفته الممثل غير المباشر لقاليباف للارتباط برجال الأعمال والمسؤولين الفاسدين وعمليات الرشى.
هل تحاول إيران الالتفاف على العقوبات؟
ويربط موقع "إيران واير" حضور رضا مشير في الجزائر بمحاولات طهران للالتفاف على العقوبات دون أن يؤكد معرفة السلطات الجزائرية بذلك ولكن يؤكد في الوقت نفسه أنه في السنوات الماضية فقد ترددت أسماء بعض الدول الإفريقية والأميركية الجنوبية في مجال الالتفاف على العقوبات وغسيل الأموال ولم يذكر اسم الجزائر من قبل، كما أن السلطات الإيرانية لم تكشف تفاصيل أنشطتها الاقتصادية في الجزائر، بل اكتفت بإطلاق معلومات عامة بهذا الخصوص، إلا أن بعض البنوك الخاصة الإيرانية وبعض رجال الأعمال الإيرانيين ينشطون في الجزائر.
العلاقات الاقتصادية بين إيران والجزائر
في يوليو 2019، أكد المدير العام لبنك إيران الوطني وسفير الجزائر في طهران على تطوير وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والمصرفية بين البلدين وأعلنا عن استعدادهما للتعاون. كما التقى مسؤولي البنك المركزي في البلدين في عام 2015.
وفي عام 2006، افتتحت إيران أول معرض تجاري وصناعي لها في الجزائر.
واستمرت العلاقات الاقتصادية بين البلدين على هذا المنوال، وفي عام 2016، وقع البلدان 19 مذكرة تفاهم، 15 منها في مجال إنتاج السيارات وصنع قطع غيار المركبات.
شكوك عن أنشطة سفارة إيران بالجزائر
وأضاف موقع "إيران واير"، بصرف النظر عن العلاقات الاقتصادية بين طهران والجزائر، يقال إن السفارة الإيرانية في الجزائر كانت مركزا لتنظيم "الجماعات الإرهابية".
وأعلن المغرب عام 2018 بعد قطع العلاقات مع إيران أنه حصل على وثائق مؤكدة تكشف أن السفارة الإيرانية في الجزائر مهدت لزيارة مسؤولي حزب الله وجبهة البوليساريو، وأن حزب الله اللبناني يسعى لدعم هذه "الحركة الانفصالية" التي تهدف السيطرة على الصحراء الغربية، حسب وصف "إيران واير".
ويقول الموقع أنه "تم استخدام الأراضي الجزائرية كوسيط للأنشطة الإيرانية لغسيل الأموال في مالطا" منها ما قام به علي صدر هاشمي نجاد مدير بنك "بیلاتوس" الذي اعتقل في الولايات المتحدة بتهمة الالتفاف على العقوبات الأميركية ونقل ملايين الدولارات إلى إيران.
ويؤكد تقرير إيران واير أن "الجزائر التي كانت ذات يوم محورا للوساطة بين إيران والولايات المتحدة وأيضا إيران والعراق ولعبت دورها في توقيع المعاهدات المهمة بين الجانبين، لكنها تحولت حسب المصدر إلى موقع للأنشطة السرية لعناصر قريبة من النظام الإيراني، لافتا إلى أن ما كشف عنه عينة صغيرة منها"، إلا أن التقرير مرة أخرى لم يؤكد علم السلطات الجزائرية بهذه الأنشطة، ويبقى السؤال مطروحا هل يقوم مسؤولون إيرانيون حقا بغسيل الأموال في الجزائر؟ وهل يعلم الجزائريون بذلك؟
قد يهمك أيضًا:
تركيا تستبق قمة برلين وتدعو أوروبا لاتخاذ"خطوة" لأجل السراج
أردوغان يغادر قمة برلين بشكل مفاجئ
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر