واصل الطيران الروسي والسوري قصف مناطق في شمال غربي سورية، في وقت حشدت فيه موسكو ضد مناطق المعارضة، بالتزامن مع زيارة وزير الدفاع السوري علي أيوب الهبيط التي سيطرت عليها القوات الحكومية السورية أول من أمس الأحد.
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن أيوب زار “بلدة الهبيط الاستراتيجية بريف إدلب شمال سورية، بعد ساعات من تحريرها من المجموعات المسلحة” وإنه “التقى الجنود الذين شاركوا في عملية تحرير البلدة من المجموعات المسلحة بعد أن ألحقوا خسائر كبيرة في صفوفهم، مهنئًا الجميع بعيد الأضحى المبارك وبالانتصارات التي تتحقق على التنظيمات الإرهابية وداعميها”.
واستمع العماد أيوب من القادة الميدانيين إلى شرح مفصل عن سير المعارك وخطوط التمركز الجديدة بعد تطهير الهبيط، واطلع بشكل ميداني ومباشر على واقع البلدة التي حولتها المجموعات المسلحة إلى شبكة من الأنفاق والدشم والتحصينات.
من جهته، أفاد مركز المصالحة السورية التابع لوزارة الدفاع الروسية بأن مسلحين هاجموا مواقع للقوات الحكومية السورية يومي السبت والأحد “ما أسفر عن مقتل 27 جنديًا وإصابة سبعة آخرين”.
وقال المركز: “القوات الحكومية السورية صدت جميع الهجمات التي شنها مسلحون من الجماعات الإرهابية. تكبد المسلحون خسائر فادحة. قُتل ما مجموعه 23 من جنود الجيش العربي السوري وجُرح سبعة غيرهم أثناء صد الهجمات”.
في وقت سابق، ذكر المركز الروسي للمصالحة السورية أن ما لا يقل عن 10 من جنود الجيش السوري قتلوا وجرح 21 أثناء صد هجوم شنه مسلحون في منطقة التصعيد في إدلب. وطبقًا للمركز، شن مسلحون من عدة جماعات مسلحة غير شرعية هجومًا على وحدات الجيش السوري بالقرب من مستوطنة أبو دالي في وقت مبكر من يوم الجمعة الماضي بعد قصف مواقعهم بقذائف الهاون.
وكانت القوات الحكومية السورية السوري سيطرت على بلدة الهبيط الاستراتيجية في إدلب، وذلك إثر معارك بينها وبين فصائل مقاتلة ومعارضة أوقعت أكثر من 60 قتيلًا من الطرفين وشكّلت أول تقدّم ميداني للنظام داخل المحافظة الواقعة في شمال غربي البلاد منذ بدء تصعيده العسكري قبل أكثر من ثلاثة أشهر، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال المرصد إنّ “العمليات العسكرية المتواصلة بريف محافظة إدلب” أوقعت 61 قتيلًا من الطرفين هم 40 قتيلًا في صفوف الفصائل المناهضة للنظام: “بينهم 30 من الجهاديين (...) قضوا وقتلوا جراء قصف جوي وبري واشتباكات، و21 من القوات الحكومية السورية والميليشيات الموالية لها”.
من جهة ثانية، تصدّت المضادّات الجوية في قاعدة حميميم العسكرية الروسية في محافظة اللاذقية المجاورة لطائرات مسيّرة أطلقتها فصائل جهادية باتجاه القاعدة الروسية، بحسب ما أفاد التلفزيون السوري والمرصد.
وقال المرصد: “سمع دوي عدة انفجارات في مدينة جبلة بريف اللاذقية ناجمة عن هجوم بطائرات مسيرة استهدف القاعدة الروسية الأكبر في سورية (مطار حميميم) وسط تصدي الدفاعات الجوية الروسية لها، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية”.
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ “القوات الحكومية السورية سيطرت فجر الأحد على بلدة الهبيط في ريف إدلب الجنوبي بعد معارك شرسة ضد هيئة تحرير الشام والفصائل”.
وتتعرّض محافظة إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة منذ نهاية أبريل (نيسان) لقصف شبه يومي من طائرات سورية وأخرى روسية، تزامنًا مع معارك عنيفة تركزت خلال الأسابيع الماضية في ريف حماة الشمالي الملاصق لجنوب إدلب.
وفقًا لمدير المرصد فإنّ الهبيط “هي أول بلدة تسيطر عليها القوات الحكومية السورية في ريف إدلب الجنوبي منذ بدء التصعيد” الذي دفع غالبية سكانها إلى النزوح.
وجاءت السيطرة على البلدة، التي كانت تحت سيطرة الفصائل منذ العام 2012 بعد تنفيذ القوات الحكومية السورية وروسيا عشرات الغارات الجوية، تزامنًا مع قصف بري وبالبراميل المتفجرة من القوات الحكومية السورية ، طال خصوصًا ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي.
وأفاد عبد الرحمن عن “دمار هائل لحق بالبلدة جراء اشتداد القصف والغارات” منذ السبت.
وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) على الجزء الأكبر من المحافظة، وتوجد فيها فصائل إسلامية ومعارضة أقل نفوذًا.
ووفقًا لـ”المرصد”، فإنّ القوات الحكومية السورية باتت على بُعد تسعة كيلومترات فقط من مدينة خان شيخون الاستراتيجية وكبرى مدن ريف إدلب الجنوبي.
وبسيطرتها على الهبيط بات باستطاعة القوات الحكومية السورية “إطباق الحصار على كبرى بلدات ريف حماة الشمالي وهي اللطامنة ومورك وكفرزيتا التي تعرضت في اليومين الأخيرين لقصف جوي وبري مكثف”، وفق عبد الرحمن.
وكانت المعارك بين الطرفين أوقعت السبت 70 قتيلًا.
وإضافة إلى القتلى الـ61 الذين سقطوا الأحد في صفوف المقاتلين، فقد قتل في اليوم نفسه مدنيان في ريف إدلب الجنوبي، أحدهما بغارة روسية والثاني، وهو طفل، بقصف سوري.
ومنطقة إدلب مشمولة باتفاق توصلت إليه روسيا وتركيا في سوتشي في سبتمبر (أيلول) 2018، نصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مناطق سيطرة القوات الحكومية السورية والفصائل. كما يقضي بسحب الفصائل المعارضة أسلحتها الثقيلة والمتوسطة وانسحاب المجموعات الجهادية من المنطقة المعنية، إلا أنه لم يتم استكمال تنفيذه.
ونجح الاتفاق في إرساء هدوء نسبي، قبل أن تبدأ دمشق تصعيدها منذ نهاية أبريل وانضمت إليها روسيا لاحقًا. وتسبب التصعيد وفق المرصد بمقتل أكثر من 810 مدنيين، كما قتل أكثر من 1200 من مقاتلي الفصائل مقابل أكثر من ألف من القوات الحكومية السورية والمسلحين الموالين لها.
ودفع التصعيد أكثر من 400 ألف شخص إلى النزوح في شمال غربي سورية، بحسب الأمم المتحدة.
وأعلنت دمشق مطلع الشهر الحالي موافقتها على وقف لإطلاق النار استمر نحو أربعة أيام، قبل أن تقرر استئناف عملياتها العسكرية، متهمة الفصائل بخرق الاتفاق واستهداف قاعدة حميميم الجوية التي تتخذها روسيا مقرًا لقواتها في محافظة اللاذقية الساحلية.
وتشهد سورية نزاعًا داميًا تسبب منذ اندلاعه في 2011 بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وأحدث دمارًا هائلًا في البنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
قد يهمك ايضا:
"الدفاع الروسية" تصرح نفذنا 383 طلعة جوية في دير الزور
شركة الطيران الروسية "بوبيدا" تبحث تنظيم رحلات سياحية إلى مصر
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر