عمان-اليمن اليوم
يبحث الأهل دائمًا عن الأفضل، وبخاصة عندما يحين وقت اختيار مدرسة لأبنائهم، ويميل كثيرون في الأردن إلى المدارس الخاصة وقد رأوا أنّها تؤمّن تعليمًا مناسبًا لصغارهم بخلاف المدارس الحكومية، فيسجّلونهم فيها على الرغم من أنّ تكاليفها تفوق في أحيان كثيرة قدرتهم.
أيام قليلة تفصل الأردنيين عن بداية العام الدراسي 2019 - 2020 الذي ينطلق في الأوّل من سبتمبر/أيلول المقبل، فتستقبل المدارس الحكومية والخاصة نحو مليونَي تلميذ، من بينهم 200 ألف يلتحقون بالمدرسة للمرّة الأولى.
ويُسجّل سعي إلى إلحاق الأبناء بالمدارس الخاصة، نظرًا إلى قناعة لدى الأهل بأنّ التعليم في القطاع الخاص أفضل ممّا هو عليه في القطاع العام. والمدارس الخاصة في الأردن أساسية في العملية التعليمية، علمًا أنّ عدد تلاميذها بلغ في العام الدراسي الماضي نحو نصف مليون، أي ما نسبته 28 في المائة من إجمالي عدد التلاميذ في البلاد، فيما يمثّل مدرّسوها نحو ثلث المدرّسين في الأردن. يأتي ذلك على الرغم من أنّ ثمّة هجرة واضحة من المدارس الخاصة الى تلك الحكومية في العامَين الماضيَين، على خلفية الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها الأردنيون وتراجع قدرة أولياء الأمور على سداد تكاليف التعليم المرتفعة.
إقرأ أيضا:
الإمارات تُعرب عن قلقها إزاء استغلال الأطفال والمدارس والمراكز التعليمية من الحوثيين
حمزة أحمد والد طفلَين، أحدهما في الصف الخامس والثاني في الصف الأول، يقول : "سجّلتهما في إحدى المدارس الخاصة بتكلفة سنوية تبلغ 2600 دينار أردني (نحو 3600 دولار أميركي)، وهو مبلغ مرهق بالنسبة إليّ على الرغم من أنّ دخلي الشهري جيّد جدًا بالمقارنة مع عدد كبير من الأردنيين". يضيف: "عمدت إلى نقل ابني الأكبر إلى المدرسة الجديدة بعدما كان العام في الماضي في مدرسة حكومية، فأنا لم أشعر أنّه حقّق النتائج المرجّوة"، مشيرًا إلى أنّ "المدارس الخاصة أكثر اهتمامًا بالتلاميذ على الصعد كافة من المدارس الحكومية المكتظة".
أمّا محمد المناصير وهو أب لطفل في الصف الثالث، فيقول: "سجّلت ابني في إحدى المدارس الخاصة في مقابل 1600 دينار (نحو 2250 دولارًا) بالإضافة إلى أجرة المواصلات"، لافتًا إلى أنّ ذلك "يستهلك جزءًا كبيرًا من دخلي ودخل زوجتي، لكنّني أريد لابني أن يحصل على تعليم مميّز يساعده لمواجهة المستقبل". يضيف المناصير أنّ الأمر "يتطلب التقشّف، لا سيّما أنّ ثمّة مصاريف كثيرة متوجّبة علينا، منها قسط شهري للشقة وفواتير الكهرباء والمياه وتكاليف بطاقات الهاتف. كذلك فإنّ التكاليف اليومية تنهك أيّ عائلة في ظل ارتفاع أسعار الخدمات والسلع"، مؤكدًا أنّ ذلك كله "يضطرني إلى الاستدانة في بداية العام الدراسي".
في السياق، يقول نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني إنّ "المؤسسات التعليمية الخاصة تواجه منذ خمسة أعوام تحديات كثيرة ناجمة عن قرارات وزارة التربية والتعليم الأردنية"، مشيرًا إلى أنّ "العام الماضي وحده شهد انتقال أكثر من 55 ألف تلميذ من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية، بسبب عدم قدرة أولياء الأمور على تحمّل التكاليف".
ويوضح الصوراني أنّ "ثمّة كلفة تشغيلية عالية تترتّب على المدارس الخاصة"، مضيفًا أنّه "بحسب تقديرات وزارة التربية، فإنّ التلميذ في المدارس الحكومية يكلّف الحكومة نحو 1500 دولار سنويًا، ورسوم عدد كبير من المدارس الخاصة قريبة من هذا الرقم". ويلفت إلى "عدم وجود حدّ أدنى أو أعلى للرسوم في المدارس الخاصة، الأمر الذي يجعل المنافسة أحيانا غير عادلة"، متابعًا أنّ "ثمّة مدارس خاصة جديدة تُفتَح في كل عام في وقت يواجه الاستثمار في هذا القطاع أزمة". ويطالب الصوراني بإعادة النظر في نظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والأجنبية المعمول به حاليًا، بهدف تنظيم الأمور بشكل واضح وعادل".
من جهته، يتحدّث مدير التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم الأردنية سالم خليفات عن "عدم توفّر أيّ أسس لتحديد الرسوم التي تتقاضاها المدارس الخاصة"، مشيرًا إلى أنّ "الوزارة ممثلة بإدارة التعليم الخاص لا تتدّخل بالرسوم المدرسية، فكلّ مدرسة تحدد رسومها في ضوء الخدمات التي تقدّمها لتلاميذها، من تعليم وزيّ مدرسي ومواصلات". يضيف أنّه "يُمنع على المدارس الخاصة رفع الرسوم التي أعلنتها إلا بموافقة لجنة خاصة في الوزارة تدرس الطلبات المقدّمة من المدرسة".
يُذكَر أنّ نظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والأجنبية لعام 2018 كان قد حظر في أبرز بنوده زيادة الرسوم الدراسية في أثناء عام دراسي جارٍ، وكذلك زيادتها في بداية عام دراسي جديد بما يتجاوز معدّل التضخّم للعام السابق ووفق تعليمات يصدرها الوزير لهذه الغاية. تجدر الإشارة إلى أنّ الرسوم السنوية في المدارس الخاصة تتراوح ما بين 700 دينار (نحو ألف دولار) في عدد من مدارس محافظات الأطراف وبين 10 آلاف دينار (14 ألف دولار) في بعض المدارس الخاصة بالطبقة الغنية في عمّان الغربية.
وإذ يلفت خليفات إلى "عدم وجود رقابة مباشرة على المدارس الخاصة"، يؤكد أنّ "تلك الجيّدة هي التي تستطيع استقطاب التلاميذ". ويوضح أنّ "العلاقة مع المدارس الخاصة هي علاقة تشاركية وليست تنافسية، فهي تستوعب عددًا كبيرًا من التلاميذ. لكنّ أبرز المشكلات، في عدد قليل منها فقط، هي عدم دفع رواتب مدرّسيها من خلال المصارف، علمًا أنّ ثمّة مدارس خاصة تمنح مدرّسيها رواتب أعلى من تلك التي تمنحها وزارة التربية والتعليم". في سياق متصل، حظر نظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والأجنبية لعام 2018 على المؤسسات التعليمية فتح شعب أو صفوف دراسية جديدة أو تبديل شعب أو إضافة ساحات قبل الحصول على موافقة الوزارة وعند تجديد ترخيصها السنوي، كذلك منع النظام تجاوز عدد التلاميذ في الشعبة الواحدة ثلاثين تلميذًا.
ويُشار إلى أنّ المدارس الحكومية تشهد في الأعوام الأخيرة اكتظاظًا على خلفية انتقال تلاميذ كثيرين إليها من المدارس الخاصة، بالإضافة إلى عدد التلاميذ الأكبر نتيجة الزيادة الطبيعية في عدد السكان، وكذلك التحاق عدد من تلاميذ مدارس وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بالمدارس الحكومية إلى جانب عشرات آلاف من التلاميذ السوريين.
قد يهمك أيضا:
"التعليم" المصرية تُعلن الشروط والقواعد المنظمة للقبول بـ"المدارس المصرية اليابانية"
وزارة التربية والتعليم الإماراتية تُطبق مناهج اللغة الصينية في المدارس اعتبارًا من أيلول
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر