"التذرع بالمرض وعدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة"، سمات باتت تلازم الطالب «مايد» دون أن تجد ولية أمره تفسيرًا لما يحدث مع ابنها، لا سيما وأنه متفوق دراسيًا ومحب للعلم والتعلم حتى جلست معه ليخبرها بأن هناك طالبًا يركله ويهينه أمام أقرانه بل ويتجاوز الأمر إلى حد مصادرة مصروفه منه"، فمايد ليس الطالب الوحيد التي يتعرض للتنمر أو ما يعرف باستقواء من هو أقوى منه عليه، فحالات التنمر التي يتعرض لها بعض الطلبة داخل أروقة مدارسهم من أبرز أوجه العنف الواقعة فيما ما بينهم، وهي أبواب مشرعة نحو فشل الطلبة سواء المتنمّرين أو الذين وقع عليهم التنمر، الأمر الذي بات يتطلب معالجة ومتابعة تتشارك في مسؤوليتها كل أطراف المجتمع التربوي من مدرسة وأسرة وهيئات تدريسية وإدارية ومؤسسات مجتمعية للمحافظة على البيئة المدرسية آمنة وجاذبة
ويشمل التنمر المدرسي العنف الجسدي مثل الركل أو الضرب أو الشتائم والاستهزاء أو التلاعب بالصور الشخصية للضحية بشكل غير قانوني ونشرها عبر مواقع التواصل، ويمكن لأي شخص أن يكون هدفًا لأعمال التنمر، ولا توجد أي أسباب فعلية على الإطلاق تبرر أعمال التنمر والترهيب داخل المدارس.
فيما يرى متخصصون تربويون أن قضية التنمر في المدارس أصبحت في طريقها لأن تتحول إلى ظاهرة، مشيرين إلى خطورتها وسلبيتها على الطلبة والمحيط المدرسي في حال لم يتم معالجتها، مشددين على أهمية تنفيذ حملات وقائية وعدم الاكتفاء بعلاج ضحايا التنمر، وطالب العديد منهم بتشكيل لجنة وطنية للوقاية من التنمر، وإجراء تحليل للوضع الأولي للبيئة المدرسية من خلال زيارة العديد من المدارس الحكومية والخاصة للبنات والبنين بمختلف المناطق التعليمية.
بينما ترى إدارات مدرسية أن سلوكيات العنف والاستقواء بين صفوف الطلبة تراجعت قليلًا لصالح الابتكار الذي بات يستحوذ على عقول عدد كبير منهم إلى جانب إيلاء المبادرات والأنشطة الترفيهية والتعليمية الموجهة حيزًا لشغل أوقات فراغ الطلبة بما ينفع، لافتين إلى أهمية بناء جسور من الثقة والمحبة والاحترام بين الهيئة الإدارية والتدريسية وأبنائهم الطلبة، مؤكدين أن الكثافة الصفية للطلبة تلعب دورًا في إثارة استياء وخنق بعض الطلبة الأمر الذي يؤدي بدوره إلى حدوث مشاجرات مفتعلة، ما يعني أن هناك علاقة طردية بين الكثافة الصفية وزيادة حالات التنمر الناتجة عن الضغوطات المترتبة على ذلك.
بدورها لم تقف وزارة التربية والتعليم مكتوفة الأيدي وسعت إلى وضع حلول لتطويق التنمر بالرغم من أنه لا يعد ظاهرة بإجماع من تم استطلاع آرائهم، حيث عمدت إلى تحجيم السلوك السلبي من خلال جملة من التشريعات الضابطة واللوائح، وتنفيذها لبرامج متخصصة مع جهات محلية ومؤسسات تعنى برعاية وتامين حقوق الطفل، إلى جانب المتابعة والتوجيه المباشر، كما عينت 180 اختصاصي ضابط سلوك في مختلف المدارس يشرفون على رصد سلوكيات الطلبة وتطبيق لوائح الوزارة السلوكية ودعم السلوكيات الإيجابية وتوجيه الطلبة نحو السلوكيات التي تعكس المواطنة والانتماء والولاء للقيادة والوطن، وتوعية الطلبة وحمايتهم من التنمر.
من جانبه، أكد مروان الصوالح، وكيل الوزارة للشؤون الأكاديمية للتعليم العام، أن لائحة إدارة سلوك الطلبة التي تطبقها وزارة التربية والتعليم في المدارس تعتبر آلية عمل يشترك بها كل مكونات المجتمع التربوي ابتداء من الطلبة والمعلمين والهيئات الإدارية وأولياء الأمور وصولًا إلى باقي المؤسسات المحلية والاتحادية المعنية وذلك للحفاظ على استقرار المجتمع المدرسي من خلال توحيد كل الجهود الكفيلة بتوفير بيئة تعليمية مثلى.
وبيّن الصوالح، أن بنود اللائحة وضعت بعد دراسة معمقة من قبل وزارة التربية بحيث تعالج وتصوب بعض السلوكيات الخاطئة لدى الطلبة وتوفر كذلك حاضنة مجتمعية للطلبة تتوخى المصلحة العليا لهم ومساعدتهم على تجاوز بعض العوارض التي قد تربك مسيرتهم التعليمية والأكاديمية، وأضاف «إلى جانب الجهود الكبيرة التي تبذلها الوزارة لتحسين وتجويد المنظومة التعليمية أدركت الوزارة أهمية وضع لائحة لإدارة سلوك الطلبة تعزز الممارسات والسلوكيات الإيجابية لدى طلبة المدرسة الإماراتية، بما يضمن توفير بيئة تربوية حيوية يتفاعل من خلالها الطلبة في إطار مدروس من شأنه الإسهام في تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية، إذ تضمنت اللائحة تقييمات للسلوك المتميز والإيجابي للطلبة وحددت كذلك أنواع المخالفات وأوزانها".
ولفت الصوالح إلى أن الوزارة عملت على تدريب كوادر تربوية مختصة لمتابعة تطبيق اللائحة في الميدان التربوي لتأهيلهم على كيفية التعامل مع الطلبة وتوجيه سلوكهم بشكل علمي لغرس قيم سامية في أذهانهم وبناء وعيهم الذهني والاجتماعي والعاطفي، إذ حددت اللائحة أدوار ومسؤوليات تقع على عاتق ضباط السلامة والسلوك والاختصاصيين الاجتماعيين في المدارس ومديري المدارس ومديري النطاق وأولياء الأمور والجهات المختصة في وزارة التربية والتعليم لمتابعة تطبيق بنود اللائحة، مشيرًا إلى أنه من خلال اللائحة يمكن تطوير برامج تأهيلية للطلبة تساعدهم على تجاوز بعض العقبات وتحفزهم على تبني ممارسات إيجابية تنعكس على أدائهم الأكاديمي، كما تتميز بالمرونة إذ أفردت خطط علاجية تربوية تتعامل مع الطالب كفرد وضمن مجموعة أيضًا.
وأبرز الصوالح، أن الوزارة وضعت عدة أهداف للائحة تتلخص في تعزيز مبدأ التنشئة المتكاملة القائم على تناغم الجوانب المعرفية والشخصية والاجتماعية للمتعلم، وتهيئة البيئة التربوية والتعليمية المناسبة لجميع الطلبة بمن فيهم أصحاب الهمم والعاملون بالمدرسة لممارسة أدوارهم بما يحقق أهداف العملية التربوية وكذلك الإسهام في تعزيز القيم الجوهرية لمجتمع الدولة وبناء السلوك الإيجابي لدى الطلبة داخل المجتمع المدرسي، والارتقاء بالسلوكيات الإيجابية والمتميزة وتكرارها.
ضباط سلوك
من جهتها، شددت فوزية حسن غريب، الوكيل المساعد لقطاع العمليات التربوية في وزارة التربية والتعليم، على أن الوزارة وجّهت ضباط السلوك الذين تم تعيينهم في المدارس بإعداد سجل خاص بسلوك كل طالب في المدرسة وأدرجت ذلك من مهام الاختصاصي، بحيث تتمكن المدرسة من الوقوف على جميع سلوكيات طلبتها، ويسهل استخراج أي شهادة من المدرسة تؤكد سلوك الطالب، حيث يوجد حاليًا في المدارس 180 اختصاصي ضابط سلوك.
ولفتت غريب، إلى أن الوزارة قامت أخيرًا باستحداث مبادرة لتعيين اختصاصي ضابط سلوك الطلبة ليقوم بمتابعة ومراقبة سلوك الطلبة وتنفيذ الأنشطة التي من شأنها توعية وتوجيه الطلبة نحو السلوكيات الإيجابية والحد من المظاهر السلوكية السلبية إن وجدت.
فيما طالب الخبير التربوي أحمد عبدالله، الجهات المعنية بالإشراف على المؤسسات التعليمية بتشكيل لجنة وطنية للوقاية من التنمر، وإجراء تحليل للوضع الأولي للبيئة المدرسية من خلال زيارة العديد من المدارس الحكومية والخاصة للبنات والبنين بمختلف المناطق التعليمية، للوقوف على أسباب حدوثه، وأضاف أنه لا بد من إعداد برامج متخصصة لأفضل الممارسات الدولية في هذا المجال على الإجراءات الواجب اتباعها لمواجهة حالات التنمر.
بدوره، أوضح العميد الدكتور جاسم خليل ميرزا، مدير إدارة الإعلام الأمني في الإدارة العامة، لإسعاد المجتمع في شرطة دبي وعضو مجلس إدارة جمعية توعية ورعاية الأحداث، أن الجمعية رصدت في حملاتها التوعوية خلال الأعوام الماضية انخفاض أعداد ظاهرة التنمر المدرسي عامًا بعد آخر، منوهًا بأن التنمر لا يشكل ظاهرة خطيرة في المجتمع الإماراتي إذا ما قارنا الحالات بآلاف الطلبة إلا انه يمثل أخطر شكل من أشكال العنف، وإن للأسرة دورًا وقائيًا في حماية أبنائها من العنف كما تتحمل في الوقت نفسه جانبًا كبيرًا من المسؤولية عن العنف الذي يتصف به أبناؤها، لافتًا إلى أن 95 % من الحالات تبين وجود عنف في الأسرة وانتقل إلى الطفل الذي نقله إلى أقرانه في المدرسة وتطور إلى مدرسيه.
وقال العميد ميرزا إن أهم أساليب الحد من التنمر المدرسي إعادة هيكلة الأنشطة الثقافية والرياضية واعتماد التحفيز لاكتشاف وتشجيع المواهب، والوقاية الاجتماعية بتحسين للظروف الاجتماعية القاسية التي تعيش فيها الجماعات المحرضة على العنف والانحراف، ونشر ثقافة التسامح ونبذ العنف، ونشر ثقافة الإنصات والتواصل بين الطلاب فيما بينهم وبين الأساتذة، وتنظيم لقاءات مع أولياء الأمور لبيان أساليب الحوار ومنح الطفل مساحة للتعبير عن رأيه وبالتالي الإنصات إليه، وتفعيل أكبر لدور المرشد الاجتماعي، بحصر التلاميذ أصحاب السلوك العدواني المتكرر لنتمكن من التعامل معهم، ومعرفة أسباب سلوكياتهم.
ونوه العميد جاسم بأن شرطة دبي وجمعية رعاية الأحداث رصدتا عدد الحالات التي وقعت في المدارس وتم التعامل معها عبر التوعية، مشيرًا إلى ضرورة الاهتمام بإعداد برامج وقائية للحد من هذه الظاهرة وتفعيلها عن طريق عقد ندوات ومحاضرات لتعريف التلاميذ بمفهوم العنف وأشكاله ومظاهره وكيفية التعامل معه، وتكثيف حصص الإرشاد الاجتماعي والتوعية الوقائية عبر المجلات المدرسية والملصقات الحائطية لحث الطلبة وتحصينهم من الميل إلى العنف.
وأردف العميد جاسم أن جمعية توعية ورعاية الأحداث عقدت العديد من الندوات لمناقشة التنمر المدرسي مع عدد من المتخصصين وخرجت بالعديد من التوصيات أهمها إرساء مجالس الأولياء لمدّ جسور التواصل بين الآباء والأسرة التربوية وللمتابعة الدائمة لحالات الغياب والتمارض ولتزويد الأولياء بصورة واقعية عن مستوى أبنائهم، وتعزيز الجانب الوقائي بالمدارس، من خلال تفعيل الحوار بين الطالب وهيئة التدريس.
"المعرفة" المدارس ملزمة بتوفير بيئة آمنة
أكدت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، أن عقد المدرسة وولي الأمر يتضمن أن تسعى المدرسة جاهدة لتوفر لطلبتها بيئة تعلم خالية من المخاطر وآمنة نفسيًا، على النحو الذي يتيح للطلبة تحقيق أقصى ما بوسعهم على صعيدي التقدم الدراسي والتطور الشخصي، وهي مسؤولية مشتركة من جميع أطراف المجتمع التعليمي بما فيهم الأسرة، كما ينص العقد على اعتماد المدرسة لسياسة عدم التهاون مع حوادث الإيذاء المتعمد بجميع أشكالها، وتعمل الهيئة على التنسيق مع الجهات الحكومية المعنية بشكل دوري على تنفيذ ورش عمل تعريفية من أجل تعزيز برامج حماية حقوق الطفل في قطاع التعليم الخاص في دبي.
صغار السن الحلقة الأضعف في التنمر
وذكرت هنادي صالح اليافعي، مدير إدارة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، رئيس اللجنة المنظمة لحملة سلامة الطفل «يعتبر الأطفال الحلقة الأضعف بين الفئات الأكثر عُرضة للتنمر، نظرًا إلى صغر سنهم، وقلة تجربتهم وخبرتهم في الحياة من ناحية، ولغياب الرقابة الأسرية الإيجابية في بعض الأحيان من ناحية أخرى، حيث تكمن الخطورة في ظل افتقاد الطفل للثقة بوالديه أو بمدرسيه، وبالتالي نسعى من خلال المبادرات والبرامج والدراسات التي نطلقها، إلى رفع الوعي لدى الأطفال بسبل الحماية والحماية الإلكترونية، وطرق التعامل مع التنمر والتصدي له، كما نسعى إلى توعية أولياء الأمور حول خطورة هذه القضية على أطفالهم، وضرورة تعزيز لغة الحوار والنقاش ومد جسور الثقة بينهم وبين أبنائهم حتى يكونوا قادرين على اللجوء إليهم ومشاطرتهم آرائهم وإشراكهم في عالمهم الواقعي والافتراضي".
وأضافت اليافعي «أطلقت حملة سلامة الطفل، أخيرًا، دراستين مسحيتين، تستهدف الأولى 12 ألف أسرة من مختلف مناطق الشارقة لقياس وعيهم بسلامة أطفالهم إلكترونيًا وسلامتهم في المركبات، وذلك حرصًا من الحملة على توفير قاعدة بيانات يمكن الاستناد إليها في إطلاق المبادرات والمشاريع المتعلقة بحماية ورعاية الأطفال"، وتابعت «أما الدراسة الثانية، تستهدف 6 آلاف طالب وطالبة من مدارس القطاعين الحكومي والخاص إلى قياس وعي طلبة المدارس بالأمن الرقمي ومفهوم التنمر الإلكتروني، وتعريفهم بالطرق القانونية لحماية أنفسهم من أشكال التنمر عبر وسائل الاتصال الحديثة وما ينص عليه قانون الجرائم الإلكترونية، بالإضافة إلى تنظيم عدد من الورش والأنشطة التفاعلية على مدار العام الدراسي".
وترى هبة الله محمد، متخصصة تربوية، أن التنمر يعد مشكلة تربوية واجتماعية خطيرة وإن من عوامل بروز المشكلة في المجتمع المدرسي هي تغافل البعض عن التعامل مع الحالات التي تظهر لديها، وقالت: التنمر شكل من أشكال السلوك العدواني ويكون إما لفظيًا أو جسديًا ويوجّه من طالب لآخر سواء من الذكور أو الإناث، لافتة إلى وجود شروط معينة، فالمتنمر يعتمد على مبدأ التكرار ومعرفته بضعف شخصية الطالب الآخر والقيام بذلك في الخفاء وليس على مرأى من الآخرين، مشيرة إلى وجود هذه المشكلة بين طلاب المدارس على مختلف المراحل الدراسية وتزداد نسبتها اكثر بين طلبة الحلقة الثانية والثانوية لمرورها بمرحلة المراهقة.
وبينت هبة الله، أن للمتنمر والمتنمر به خصائص ونشأتهم الأسرية هي السبب الرئيسي لما وصلوا له، مضيفة أن الطالب المتنمر يبحث عن شخصية الطالب الذي يشبع لديه جوانب الضعف ليشعر بالقوة، وعليه لا بد ان تكون هناك توعية للأبناء عندما يتعاملون مع الآخرين ولا يعطون فرصة لهم للنيل منهم من خلال الأنواع السابقة الذكر. وقالت إن التنمر مشكلة يجب التصدي لها كونها ستحمل آثارًا مدمرة على نفسية الطلبة في مراحل حياتهم اللاحقة، مؤكدة أهمية الإدارة المدرسية في الحد من التنمر.
استشارية نفسية: بعض الضحايا قد يفكرون بالانتحار
وأظهرت أسماء نزار إدلبي، استشارية علم النفس السلوكي المعرفي من مركز أفق الإبداع للتعليم وتنمية المهارات، بأن التنمر من الظواهر السلبية المألوفة على صعيد طلبة المدارس والتي لها آثار خطيرة على صحة وسلامة المتنمرين والضحايا على حد سواء حاضرًا ومستقبلًا، والتي من بينها فقدان الإحساس بالذنب، والقلق وفقدان الثقة بالنفس، والإصابة بأمراض مزمنة في المستقبل، وزيادة العدوانية لدى الضحايا وتدني المستوى العلمي وحتى التفكير بالانتحار.
وواصلت إدلبي، أن أخطر المراحل المتأثرة به حالياً هي الحلقة الثانية والمرحلة الثانوية، لذلك لا بد أن يتكاتف المرشدون الأكاديميون ومديرو المدارس والممرضون في المدارس للعمل على مفهوم التنمر وأنواعه وطرق اكتشافه وطرق التدخل ووضع الخطوط الوقائية والعلاجية لها وتطبيقها بالإضافة إلى تطبيق مجموعة من الأنشطة تساهم في الحد منها، وذلك لخلق بيئة مدرسية آمنة لأداء الطلاب واستكشاف طبيعة التنمر في المدارس وأهمية معالجته والتعرف إلى دوره بدء سلوك التنمر وكيفيه استمراريته ومساعدة الطلبة على فهم المصطلح، ولماذا يعتبر سلوكًا مرفوضًا .
بالإضافة إلى معرفة أعضاء المجتمع المدرسي أهمية وجود سياسة لمكافحة التنمر وشرح مبادئ تلك السياسة وكيفية تطبيقها ومساعدة أعضاء المجموعة على فهم الأدوار التي يلعبها الطلبة في المدرسة حسب سلوك كل منهم سواء كانوا متنمرين أم ضحايا أم متفرجين فضلًا عن توضيح كيف يمكن أن يتعامل المعلم مع حالات التنمر.
التطوع يحسّن سلوك الطلبة
قالت المستشارة التربوية محاسن يوسف، إن القيادة الرشيدة ساهمت في نشر ثقافة التطوع المجتمعي كونه يساهم في تعديل سلوكيات الطلبة كونها من اهم الرسائل التربوية الخاصة بنشر ثقافة العمل التطوعي التي تحوي الكثير من الإيجابيات التي تضيف قيمة نوعية في خدمة المجتمع وتعزيز الثقافة الإيجابية، كما أن هناك إيجابيات مباشرة تلمسها المؤسسة التعليمية من خلال تعديل السلوك وتقويمه لدى الطلاب من حيث نشر الثقافة الإيجابية المجتمعية داخل أسوارها وفصولها التعليمية التي تشيع المحبة والإخاء والتكافل والتلاحم كسلوك مسؤول ومقدر يمتد تأثيره ليقلل من السلوكيات السلبية لدى الطلاب استجابة لما يلمسونه من تغيير في الثقافة السائدة وتغيير للعقل الجمعية بصور إيجابية محببة.
وأكملت يوسف، أن المجتمع المدرسي اختلف بشكل كبير بعد دخول الابتكار والتكنولوجيا ساحات المدارس، وسطر عناوين جديدة لسد فراغ الطلبة وخاصة أن عددًا من المؤسسات والجوائز التربوية لديها العديد من البرامج التي تحفز الطلبة وتساعد على تنامي مواهبهم وأفكارهم، ما ساهم في تباطأ السلوكيات السلبية وعلى رأسها سلوكيات التنمر التي تظهر بين الطلبة.
ولفتت يوسف، إلى أن السلوكيات السلبية التي تظهر داخل المجتمع المدرسي هي دخيلة على مجتمعنا، ولكي تنجح المؤسسة التعليمية في رسالتها المجتمعية لا بد لها أن تعمل وفق منهجية وخطة لترجمة رسالتها ورؤيتها، من حيث إيصال الرسالة والرؤية والأهداف العامة التي تسعى إليها إلى جميع منسوبيها من معلمين وإداريين، وكذلك إعداد ورش عمل إدارية لإعداد اللوائح التنفيذية والأهداف الإستراتيجية لحماية طلبتنا.
دراســـة ميدانيـة: %33 مـن الطلبـة كانــوا طرفًا في واقعـة تنمر
هدفت دراسة ميدانية أجرتها مراكز التنمية الأسرية، التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة بشأن «التنمر بين طلبة المدارس في الإمارات» إلى التعرف على مدى انتشار التنمر بين صفوف الطلبة وتكرار وقوعه وأكثر أشكال التنمر أو الاستقواء على الطلبة انتشارًا، وخلصت الدراسة، إلى أن 33% من الطلبة كانوا طرفًا في واقعة تنمر 14% متسبب بالتنمر و19% طرف متلقٍ.
وأكد الدكتور أحمد العموش، أستاذ ورئيس قسم الاجتماع في جامعة الشارقة، أن الدراسة التي شارك في إعدادها الدكتورة سلامة الرحومي عميد شؤون الطالبات جامعة الشارقة، وموضي الشامسي مدير عام مراكز التنمية الأسرية، وأميمة العاني نفذت استبانة على عينة من الطلبة بلغت 1309 طلاب وطالبات في الحلقة الثانوية، حيث خلصت الدراسة إلى أن ثلث الطلبة كانوا طرفًا في واقعة تنمر، كما كشفت أن أكثر الأماكن التي يحدث فيها فعل التنمر هي «ممرات المدارس والأماكن المغلقة التي يعتقد غالبية الطلبة أنها غير آمنة».
وجاءت أشكال التنمر التي يتعرض لها الطلبة، وفقًا للدراسة، الشتائم في المرتبة الأولى، تلاها التنمر السيبيري عبر الإنترنت، فيما كشفت عن أن أكثر الطلبة عرضة للتنمر هم صغار السن والحجم لأن الحجم هو أحد أهم دوافع تعرض الطالب للتنمر، وأضاف الدكتور العموش أن الدراسات العالمية وصلت لهذه النتيجة أيضًا بأن صغار السن والحجم هم الأكثر استهدافًا وهم الضحايا الفعليين للتنمر.
وكشفت الدراسة أن الغالبية العظمى من الذين وقع عليهم فعل التنمر لا يعرفون الشخص الذي قام بالتنمر عليهم وأن الإناث أكثر معرفة بمن يقمن بالتنمر عليهن ولديهن وعي وإدراك بخطورة التنمر ومن يقوم بالفعل، وخلصت إلى أن 40 % من الطلبة يرون الهيئة التدريسية والإدارية على علم بواقعة التنمر ويعتقد الطلبة أن الإدارة المدرسية القوية تستطيع الحد من التنمر.
وأبرز الدكتور أحمد العموش أن الدراسة شملت عينة عشوائية من 7 مدارس هي ثلاث مدارس بالمدينة منها 2 حكومية وواحدة مدرسة خاصة، وفي الوسطى مدرستان حكوميتان بنين وبنات، وفي المنطقة الشرقية مدرستان واحدة بنين والثانية بنات وكلتاهما مدارس حكومية، وقال خلصت الدراسة إلى أن 54% من فعل التنمر يكون عبر ألفاظ وشتائم مسيئة و14% تنمر عبر الإنترنت الدفع أو التسبب بالتعثر والركل 10% فيما أخذ التهديد 9% من مجمل العينة والتجاهل 5 % وسرقة الممتلكات 4 %، وأظهرت أيضًا أن الأولاد هم الأكثر عرضة للتنمر بأشكاله من تهديد ركل سرقة ممتلكات ضرب، أما الإناث فإن الإساءة اللفظية هي الأكثر شيوعًا بينهن.
واستعرضت الدراسة وفقًا للدكتور العموش، دوافع التنمر وجاء أن حجم الطلاب يلعب 25 % وضعف القدرات 19 % وصغر السن 38 %، أما ردة الفعل فاتخذت عدة أشكال إذ تبين أن 26 % يخبرون شخصًا بالواقعة 22 % يتجاهلون الأمر و11 % يتجنبون الشخص الذي قام بالتنمر و32 يقومون بالمثل و2 % يبقون في المنزل، وأوضحت الدراسة أن أكثر من ثلثي فاعلي التنمر يتنمرون يوميًا وأن التنمر مستمر والذكور أكثر من يمارسون هذا الفعل بنسبة 51 % وأن الذكور يتنمرون على من هم أصغر سنًا.
وأشارت أميمة العاني، مدير إدارة البحوث الدراسات بالإنابة بمراكز التنمية الأسرية في الشارقة، إلى أن «التنمر» ظاهرة منتشرة في العالم أجمع إلا أنها في الإمارات لم تصل لمرحلة الظاهرة فهي في طور سلوك فردي يلجأ إليه بعض الطلبة، وخاصة في سن المراهقة، وقد لاحظنا تنامي هذه السلوكية بين بعض الطلبة، فشرعنا للوقوف على أسبابها والعمل على معالجتها قبل أن تصبح ظاهرة.
ولفتت العاني إلى أن إدارات المدارس لديها علم بهذه السلوكية وعليهم السعي إلى جهات الاختصاص؛ لعمل تشريعات وقوانين للحد من «التنمر» من خلال التوجيه الدائم للطلبة، وأن للأسرة دوراً ضالعاً في معالجة الأمر، بتعاون مع إدارة المدرسة، مشيرة إلى مقترح حول أهمية وجود الأمن داخل المدارس لا للعقاب وإنما للتوجيه والمعالجة.
ويعتبر التنمر أو الاستقواء سلوكًا عدوانيًا متكررًا يهدف إلى إيذاء شخص آخر جسديًا أو معنويًا من قِبل شخص واحد أو عدة أشخاص وذلك بالقول أو الفعل للسيطرة على الضحية وإذلالها لسبب ما، بمعنى أن يسلك الطالب الشرس سلوك النمر بالاعتداء على الآخرين، وهذه مشكلة تلقى اهتمامًا كبيرًا بين المهتمين بالتعليم عالميًا وليس محليًا، حيث إن هذه المشكلة تجعل عددًا ليس قليلًا من الطلبة يتعثرون في دراستهم والبعض قد يترك الدراسة وينعزل، لأنه ببساطة ليس هناك من يهتم كثيرًا بحالة التنّمر واعتداء بعض الطلبة الأقوياء على زملائهم الضعفاء وكذلك عدم التفات الأهل إلى الاضطرابات النفسية التي يعيشها الابن نتيجة للتنمر عليه وبالتالي عدم علاجها وتحولها إلى عقدة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر