ذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن مقاتلي تنظيم "داعش" يحتجزون نساء وفتيات عربيات سنيات ضمن المناطق الخاضعة لسيطرتهم في العراق بشكل تعسفي، ويسيئون معاملتهن ويعذبوهن ويتزوجوهن قسرا ويغتصبوهن.
وقالت المنظمة في تقرير لها، أنه رغم وجود شهادات عن حالات عنف قائم على الجنس في المناطق الخاضعة لسيطرة داعش، تُعتبر هذه أول حالات ضد نساء من العرب السنة في العراق تتمكن من توثيقها"، مشيرة إلى أن باحثيها قابلوا "6 نساء في كركوك كن قد فررن من بلدة الحويجة، 125 كم جنوب الموصل، والتي لا تزال تحت سيطرة داعش".
من جهتها قالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، لمى فقيه، "يُعرف القليل عن الاعتداءات الجنسية ضد النساء العربيات السُنيّات اللاتي يعشن تحت حكم داعش، نأمل بذل السلطات المحلية والمجتمع الدولي كل ما في وسعهم لتقديم الدعم اللازم لهذه الفئة من الضحايا".
وأشارت المنظمة أنها قابلت " 4 نساء قلن أن داعش اعتقلهن في 2016 لفترات تتراوح بين 3 أيام وشهر، فيما قالت امرأة خامسة إن أحد مقاتلي داعش، ابن عمها، أجبرها على الزواج منه، ثم اغتصبها، وأكدت سادسة أن مقاتلي داعش دمروا منزلها كعقاب على هرب زوجها منهم وحاولوا الزواج منها قسرًا، كما أوضحت 5 من 6 نساء أن مقاتلي داعش ضربوهن".
ونقلت المنظمة عن امرأة قولها أنها "حاولت الفرار من الحويجة مع أطفالها الثلاثة ومجموعة كبيرة من العائلات الأخرى في أبريل/نيسان 2016، أمسك مقاتلو داعش بالمجموعة واحتجزوا 50 امرأة منهم في منزل مهجور"، متابعة
واكملت المرأة بالقول أن "مقاتلًا اغتصبها بشكل يومي طيلة الشهر التالي أمام أطفالها، موضحة أن نساء عدة أخريات محتجزات تعرضن على الأرجح للاغتصاب".إلى ذلك قال خبراء من 4 منظمات دولية، منها منظمتن طبيتن، تعمل مع ضحايا الاعتداءات الجنسي شمال العراق، بحسب المنظمة أنه "من الصعب تقييم مدى أنتشار العنف القائم على الجنس الذي مارسه داعش ضد النساء الفارات من أراضٍ واقعة تحت سيطرته"، مضيفين أن "الضحايا وأسرهن يُفضلن الصمت لتجنب الوصم وتشويه سمعة المرأة أو الفتاة".
من جهتها أكدت عاملة إغاثة أجنبية أنها "شهدت حالات زواج قسري واغتصاب متعددة، لكنها تعتقد أن عددًا قليلًا جدًا من الضحايا النازحات اللاتي عملت معهن تحدثن عن ذلك علنا"، مضيفة أن "بعض النساء يحاولن إخفاء الحادث عن عائلاتهن، خوفًا من التعرض للعار أو للعقاب من الأهل أو المجتمع، مشيرة أن الأطفال نتاج الاغتصاب أو الزواج القسري قد يواجهون الوصم بدورهم".
وتابعت العاملة أن "تقديم الدعم النفسي والعلاج الطبي طويل المدى لهن يجب أن يكون مشغلًا أساسيًا، فيما أكد عامل إغاثة آخر في منظمة دولية تقدم خدمات في 3 مخيمات للنازحين من المناطق التي يسيطر عليها داعش، أن طاقمهم وثق 50 حالة لنساء وفتيات تعرضن لعنف نفسي وجسدي على يد داعش، ويحصلن على دعم من المنظمة حاليًا.
من جانبها قالت المنظمة أن "هناك منظمات محلية ودولية عدة تقدم الدعم لضحايا العنف القائم على الجنس"، لكن قال موظفون طبيون ومقدّمو خدمات في كركوك إنه "لم تُبذل جهود كافية لمعالجة الوصم الذي يتسبب فيه العنف الجنسي، ولا يوجد وعي بالخدمات المناسبة والدعم الصحي النفسي أو العقلي، وأن الاحتياجات تفوق الخدمات المقدمة".
بدورها أوضحت طبيبة نفسية في منظمة دولية تقدم الدعم النفسي والاجتماعي في أحد أكبر مخيمات النازحين في إقليم كوردستان العراق، أن هناك جهود قليلة جدًا لتوعية الرجال بكيفية دعم النساء ضحايا العنف القائم على الجنس، مشيرة إلى أنه غالبًا ما تُمنع المرأة من الحصول على المشورة والتدريب المهني من قبل أقاربها الذكور، حتى لو كأنت ترغب في هذه الخدمات، كما أشارت المنظمة إلى أن كل النساء اللاتي قابلناهن يتلقين علاجا في مركز كركوك، الذي يوجد فيه 12 موظفًا يقدمون المشورة النفسية والسلوكية للنساء والأطفال.
من جانبه أكد، مدير المركز، الدكتور عبد الكريم الخليفة، أن المركز يعالج وقتها 30 مريضًا، منهم 15 طفلًا، يعانون من صدمات متصلة بتجاربهم التي عاشوها في ظل داعش، موضحًا أن مركزه عالج في عام 2016 نحو 400 مريضًا هربوا من أراض خاضعة لسيطرة داعش، وأضاف أن مقاتلي داعش اغتصبوا مريضتين على الأقل من مرضاه الحاليين، وأنه يعرف منظمة أخرى في كركوك توفر الخدمات لضحايا الاعتداء الجنسي، وأنه يوجد دعم ضئيل للغاية فيما يتعلق بتقديم الرعاية الصحية العقلية اللازمة للنازحين الذين عاشوا في ظل داعش.
وقالت المنظمة أنه تمت المقابلات الاتية بعد الموافقة الكاملة والواعية بالعربية وبدون ترجمة، قمنا بإجراءات من أجل ضمان خصوصية الضحايا وأجرينا المقابلات في أماكن تؤمن أكبر قدر ممكن من الخصوصية، متابعة أن جميع الحالات اتخذت اجراءات لعدم إصابة الناجيات بالصدمة مجددًا، وأوقفت المقابلات عندما سببت الضيق، بغية حماية الضحايا والشهود، تم تغيير أو حجب أسماء الأفراد ومعلومات أخرى تكشف هويتهم.
قالت سعاد (21 عامًا) من قرية قرب الحويجة، أن قريبها الذي يكبرها بعام التحق بداعش بعدما سيطر مقاتلوه على المدينة في 2014، كانت عائلتاهما تنويان تزويجهما، لكن بعدما صار مقاتلا مع داعش أبلغته سعاد وعائلتُها بأنهم لم يعودوا يريدون عقد القرآن، لكنه جاء مع أخيه وقريبه إلى منزلهم في صباح أحد أيام يناير/كانون الثأني 2016 وطلب تزويجه من سعاد وإلا قتل أهلها، فرضخت العائلة للتهديد، وأخذها قريبها إلى منزله حيث أجبرها على الزواج منه واغتصبها، فحملَتْ منه، موضحة أنها فرّت بعد 8 أشهر في منتصف الليل مع أهلها إلى كركوك، وأنجبت طفلها بعد شهر ولكنه توفي بعد 4 أيام.
أما فوزية (45 عامًا) من داقوق، فأكدت أنها كانت تسكن في الحويجة في بدايات العام 2015، عندما تقرّب مقاتلو داعش من زوجها وطلبوا منه التجسس على الحي، ورفض فاحتُجزَ 10 أيام ابتداء من 7 فبراير/شباط 2016 في قرية خارج المدينة وفرّ بمجرّد فكّ حجزه، مشيرة أن 3 من مقاتلي داعش احتلوا المنزل 3 أيام خلال هذه الفترة، ووضعوا ولديها تحت الإقامة الجبرية، وأجبروهما على البقاء في غرفة واحدة، حيث قالت إنها رأت مقاتلي داعش يجلبون فتاة جديدة كل يوم إلى الغرفة المجاورة لمدة ساعة تقريبا، وكانت ترى الفتيات عندما يكون باب الغرفة مفتوحًا، تقدّر أنهنّ كنّ 16 وسمعتهن يبكين من خلال الحائط، وتعتقد أن المقاتلين اعتدوا جنسيًا على الفتيات.
بعد 3 أيام، قالت أنها طلبت من الجنود التوقف عن جلب الفتيات إلى منزلها، ضربها أحدهم بكفه وبعقب البندقية وقال لها أن قائدهم سيأتي ويتزوجها، وهددوها بأنها إذا حاولت الفرار إلى كركوك سيجدها أفراد داعش العاملين هناك ويقتلونها، في اليوم الرابع وأثناء صلاة الساعة الخامسة صباحا كان مقاتلو داعش جميعًا في الجامع المحلي، ففرّت فوزية مع ولديها إلى كركوك.
أجهشت بالبكاء وهي تكمل القصة: "عندما وصلت إلى أول حاجز لـ "البشمركة" كنت خائفة أن يجدني (داعش) فلم أسجل نفسي، أنا خائفة جدًا في كركوك لذا أمضيت العام الماضي داخل منزل أقاربي، لم أكن أذهب حتى إلى الدكان، وعندما أضطر للخروج كنت ألتفت حولي خائفة، فقد يعرفون أين أعيش ويأتون لقتلي".
وقالت مريم (25 عامًا) أن زوجها فرّ من الحويجة في مارس/آذار 2016، خوفاً من احتمال إعدامه لأنه شرطي سابق؛ وبعد 3 أيام وجدها نحو 20 من مقاتلي داعش في المنزل مع بناتها فجرّوهنّ إلى الخارج وضربوها على رأسها وكتفيها، ثم فجّروا منزلها وأجبروها على المشاهدة معاقبة على فرار زوجها، موضحة أنها أنتقلت للسكن مع أخ زوجها ولكن بعد بضعة أيام جاء مقاتلان من داعش وقالا لها أنها مرتدة بسبب فرار زوجها ولكن مازالت صغيرة وعليها أن تتزوج أحدهما، فوافقت وقالت لهما أن يعودا في اليوم التالي، لكنها واختبأت في مكأن آخر بنفس الليلة، موضحة أنها تنقلت كثيرا خلال الأشهر الثلاثة اللاحقة، أخفقت 3 مرات بالفرار من المنطقة قبل أن تتمكن من الوصول إلى كركوك مع طفلتها البالغة 3 أعوام.
أما قالت حنان (26 عامًا) فأوضحت أنها حاولت الفرار من الحويجة في 21 أبريل/نيسان 2016 مع أولادها و50 امرأة و4 رجال من عدة عائلات سنية، وكأن زوجها قد فرّ قبل بضعة أسابيع، مشيرة أن مقاتلي داعش أوقفوا المجموعة في القيارة، 65 كم شمالا، وأخذوهم إلى منزل مهجور حيث احتجزوا النساء والأطفال.
وأضاف أن حارسًا من داعش أخذها في اليوم الأول مع ابنتها (8 أعوام)، وابنيها (6 و3 أعوام) إلى غرفة منفصلة، قال لها مقاتلو داعش أنها مرتدة بسبب فرار زوجها من المنطقة التي يسيطر عليها داعش، وأن عليها الزواج من قائد داعش المحلي، قالت: "اقتلوني، لأني أرفض ذلك"، فعصب المقاتلون عينيها وضربوها بأسلاك بلاستيكية وعلقوها من ذراعيها لبعض الوقت – لا تعرف كم بقيت معلقة – أمام أطفالها، ثم أنزلوها ورفعوا العصابة عن عينيها، واغتصبها أحد المقاتلين أمام أولادها، حيث قالت :"اغتصبني نفس الشخص يومًيا على مدى شهر، بدون عصابة العينين، ودائما أمام أطفالي، تعاني طفلتي من إعاقة ذهنية ولذا لم تفهم فعلًا ما كان يحدث ولكن غالبا ما يستعيد ابني الأكبر الأحداث، لا أعرف ما العمل".
وأكدت أن النساء كنّ يُنقَلْنَ من الغرفة المشتركة، أحيانًا يوميا وأحيانًا بوتيرة أقل، وأن إحداهن، من قرية حاج علي مع طفلة عمرها 11 شهرا، قالت لها أن مقاتلا ًآخرًا كان يغتصبها وأنه كأن ينوي إجبارها على الزواج منه، وتعتقد أن جميع النساء اغتُصِبنَ أيضا، مشيرة إلى أن والدها عرف مكانها بعد شهر على احتجازها فأعطى داعش سيارة ودفع 500 دولار للإفراج عنها؛ أُجبِر على التوقيع على تعهد أنه يُقتَل في حال فرارها من المنطقة التي يسيطر عليها داعش، فأوضحت أن المقاتل الذي كان يغتصبها قال أنه يريد الزواج منها ولكنها رفضت ووالدها، مشيرة أنها فرّت في يناير/كانون الثأني 2017 مع بقية عائلتها إلى كركوك، وأنها لم تعرف ماذا حصل للنساء الأخريات ولكنها سمعت من الامرأة من حاج علي أنها أُجبِرت على الزواج من مغتصبها.
أما كريمة (17 عامًا) فأوضحت أنها فرّت من الحويجة إلى كركوك مع 16 فردا من العائلة في يونيو/حزيران 2016، أثناء مغادرتهم الحويجة أطلق قناص النار على والدتها فأصابها برقبتها وماتت، بينما تمكن معظم أفراد العائلة من الفرار ولكن مقاتلي داعش اعتقلوا كريمة وإخوتها (6 و11 و13 عاما) واحتجزوهم في منزل مهجور قرب الحويجة بدون طعام ومع قليل من الماء، استجوبوهم عن والدهم الشرطي السابق الذي تمكن من الفرار، ضربها محتجزوهم وأخاها البالغ 13 عامًا، بعقب البندقية على أكتافهم، مرة كل واحد، خلال الاستجواب، أُفرِج عنهم بعد 3 أيام وفرّوا إلى كركوك.
وروت عائشة (25 عامًا) أنها حاولت الفرار من الحويجة مع عائلتها وعائلتين في أكتوبر/تشرين الأول 2016، فقالت إنه عندما كانوا بانتظار أن يدلهم المهربون على طريق آمنة، ظهر مقاتلو داعش وفتحوا النيرأن عليهم فأصابوا ابنها البالغ 6 أعوام في ظهره، موضحة أن الرجال في مجموعتهم تمكنوا من الفرار ولكن مقاتلي داعش أحاطوا بالنساء الخمس، وضربوا عائشة بعقب البندقية على كتفها، نقل مقاتلو داعش ابنها إلى مستشفى في الحويجة واحتجزوا النساء في غرفة في منزل مهجور يبعد 30 دقيقة بالسيارة قالت أن حارسات من داعش أَتَيْنَ وجلدْنَ كل امرأة منهن 65 مرة بعصا رفيعة، وهددنهن أنه في حال تحركن ستُجلَدنَ أكثر، مشيرة إلى أنها احتُجزت 12 يومًا وأُفرج عنها.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر