انتظرت "سعاد" موافقة والدها على طلب الزواج من الشاب الذي تعلق قلبها به، وحلمت أن يجمعهما عش الزوجية، لكن لم تدرِ أن تلك الزيجة ستكتب الفصل الأخير من حياتها مطلع العام الثاني في جريمة شغلت اهتمام أهالي مركز البدرشين، جنوب محافظة الجيزة.
في بداية الأمر رفض والد الفتاة، تزويجها للشاب "سيد ع." الشهير بـ"خيري" الذي يصغرها بـ5 أعوام، قبل أن تتمسك به وتقنع أسرتها بالزواج منه، إلا أن تم عقد قرانهما في حفل حضره الأهل والأحباب بقرية ميت رهينة.
ولم يمر على زواج صاحبة الـ24 عامًا، شهرين حتى اكتشفت تعاطي زوجها للمواد المخدرة، فأبقت الأمر سرًا ولم تبلغ والدها للحفاظ على "عش الزوجية"، لجأت بعدها إلى تحذيره من خطورة تعاطيه للمخدرات سواء على صحته أو مصروفات المنزل، وراحت الزوجة تزف له الخبر السعيد "أنا حامل.. ولازم نحضر نفسنا"، ليؤكد لها أنه سيعمل جاهًدا على توفير "كل قرش" لتوفير حياة جيدة لطفلهما المنتظر.
وعود الزوج الزائفة تكشفت حقيقتها لـ"أم ولي العهد" بعد عثورها على أقراصٍ مخدرة داخل بنطاله أثناء نومه، فما كان منها إلا سؤاله في صباح اليوم التالي عما إذا كان يعاني من أي أمراض فأجابها بالنفي، وطالبته بضرورة إخبارها عن سبب حمله لتلك العقاقير "دي بتساعدني في الشغل".
واضطرت الزوجة لتصديق رواية زوجها، متمنية أن يكون صادق تلك المرة خاصة مع دخولها الشهر التاسع من الحمل، خاصة أن الطبيب المتابع لحالتها نصحها بضرورة الابتعاد عن الانفعالات الزائدة، ومساء إحدى الليالي، فوجئت "سعاد" بزوجها يطرق الباب، لم يكن بمفرده "روحي باتي النهاردة عن أبوكي هقعد مع أصحابي"، تركت على إثرها المنزل ولسان حالها "إزاي ده هيبقى أبو عيالي!"، لكنها لم تخبر والدها بحقيقة الأمر، وأكدت أنها شعرت بحالة إعياء، مفضلة البقاء إلى جوار والدتها لرعايتها.
ووضعت "سعاد" مولودها، فرح زوجها بالطفل الذي حلم به، وأكد أنه لن يعود إلى تناول الأقراص المخدرة مجددًا لتوفير طلبات "ولي العهد"، لتغمر السعادة الأم التي شعرت بأنها هدية إلهية ستساهم في عودة الاستقرار إلى أركان المنزل، وكعادته، لم يلتزم الزوج بوعوده، واستمر في تناول عقار الترامادول، وراح ينفق أمواله عليها، بل ووصل به الحال إلى الانقطاع عن عمله، وفاض الكيل بالزوجة المغلوبة لأمرها.
وفي شهر رمضان الماضي، تفاقمت الأمور بين الزوجين مع تكرار شكوى "سعاد" من حال الزوج، فوقعت بينهما مشادة كلامية حادة بعد آذان المغرب، هددته بترك المنزل، وإخبار والدها بحقيقة الأمور، والمعاناة التي تعيشها منذ الأشهر الأولى من الزواج، فجنَّ جنون الزوج، وتعدى على "سعاد" بالضرب المبرح، وطرحها على الأرض، وأمسك بإيشارب ترتديه، واستخدمه في خنقها غير عابئ بصرخات استغاثتها، ولم يتركها إلا عقب التأكد من وفاتها، وراح يجلس بجوار جثتها وتمنى لو أن الأمر "كابوس".
ودخل الزوج في نوبة بكاء هستيري محاولًا استيعاب ما اقترفته يداه، لكن صرخات الطفل الذي لم يكمل عامه الأول، كانت كفيلة بأن تخبره بالحقيقة الموجعة مع ارتفاع أصوات طرق الباب من الجيران محاولين اكتشاف مصدر الصراخ.
وفوجئ النقيب عبدالعزيز حامد، رئيس مباحث نقطة مزغونة، بعجوز يمسك شابًا مقيد اليدين، أخبره "يا بيه.. ابني قتل مراته"، فتم اقتياده إلى ديوان القسم للتحقيق، وأمام العميد خالد فهمي، مأمور القسم، أقر المتهم بجريمته، وأدلى باعترافات تفصيلية قائلًا: "كنت عايش في جحيم"، متهمًا المجني عليه بحرمانه من الاستمتاع بطفله الذي طالما انتظر قدومه، مرددًا: "لو صحيت تاني هقتلها ألف مرة".
وانتقل فريق من المباحث إلى مسرح الجريمة، وعُثر على جثة الزوجة مسجاة على ظهرها بها آثار خنق، ولا توجد ثمة إصابات ظاهرية "طلقات نارية – طعنات"، ترتدي ملابسها كاملة، وتم نقلها إلى المشرحة تحت تصرف النيابة العامة، فيما أكد الجيران أن الزوجين كانا دائمي الشجار، وأن أصوات الصراخ لم تنقطع عن منزلهما منذ قدومهما للعيش فيه، موضحين أنهم تدخلوا عدة مرات للصلح بينهما "مراته جابت آخرها منه وأعماله بسبب المخدرات".
وحُرر محضر بالواقعة، واصطحبت قوة من القسم المتهم رفقة النيابة العامة والأدلة الجنائية لتمثيل جريمته، أحيل بعدها إلى المحاكمة الجنائية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر